مضت نحو 10 سنوات منذ آخر زيارة إلى الصين .. ذلك البلد العملاق الذى يواصل استنفار شعبه «مليار ونصف مليار نسمة» الذى يشكل ربع سكان العالم تقريبا ليصنع معجزة إنسانية وتقنية هائلة جمع خلالها بين الارتفاع بالإنتاج الزراعى لتصبح الصين أول دولة زراعية على سطح الكرة الأرضية وبين امتلاك أكبر الجيوش عددا فى العالم حيث ينخرط ضمن صفوفه قرابة 5 مليون مجند. وليس هناك ما يعكس قوة نظام الحكم الحالى فى الصين سوى الإشارة الأخيرة التى بعثت بها قمة العشرين الأخيرة التى استضافتها الصين بمشاركة زعماء القوى الكبرى وحضرها الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى حيث انعقدت هذه القمة لأول مرة دون مظاهرات احتجاج كما جرت العادة طوال السنوات السابقة فى كافة العواصم الدولية التى استضافت قمة العشرين. وكان ذلك هو مدخلى للبحث عن هذا التفرد الصينى الذى قد يراه البعض عنوانا لقبضة جديدة يمسك بها النظام الصينى بأكثر من كونها قدرة استعداد مصحوبة بنجاح فى تهيئة الرأى العام الصينى لفهم أبعاد المشهد الدولى الراهن. لقد نجحت الصين فى إيصال رسالة لشعبها وللعالم بأسره بأن الصين نموذج متميز ومتفرد يختلف عن الدول الأخرى التى شهدت احتجاجات ومظاهرات صاخبة ضد العولمة على هامش الاجتماعات الدورية لقمة العشرين لأن الشعوب الأخرى على عكس الصين بدأت تتألم من التداعيات السلبية للرأسمالية المتوحشة والتى تمس مصالح وطموحات الكثيرين خصوصا فى أوساط الفئات الفقيرة ومحدودة الدخل فى كل دول العالم . ويرى الخبراء والمحللون الصينيين إن الذين يتظاهرون بهذه الدرجة من العنف ضد العولمة فى مختلف دول العالم يحملون فى داخلهم إحساسا بعدم مصداقية الدول الكبرى فى التصدى الجاد لمشكلات السلام والفقر والبيئة فى العالم . وغدا حديث آخر من بكين خير الكلام: لا تكسر الباب المغلق وإنما عليك بفتح باب جديد! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله