إشكالية العولمة والعدالة الاجتماعية في ظل تحديات ومصاعب لايمكن تجاهلها ولا يملك أحد قدرة الفكاك منها لأنها ترتبط في مجملها باحتياجات أساسية ومطالب شرعية لأغلب فئات المجتمع يتحتم علينا أن ندرك أن جانبا كبيرا من أسباب المأزق السياسي والاجتماعي والاقتصادي الراهن ليس فقط وليد فساد داخلي- لا يمكن إنكاره- وإنما هو في الأساس نتاج انقياد أعمي خلف سياسات العولمة التي أخطأنا في فهم محتواها وعجزنا عن استخلاص مغزاها واستسلمنا لشروطها تحت مظنة الوهم بصحة المقولة بأن الركوب علي سلم القطار أفضل كثيرا من طول الانتظار أو الاضطرار إلي مواصلة ركوب الحمار!. لقد غاب عن الذين انقادوا وراء سياسات العولمة أن الأسماك الصغيرة لايمكن لها أن تعيش مع الحيتان والأسماك الكبيرة وأنه في ظل قوانين العرض والطلب التي هي أساس وجوهر النظام الاقتصادي تحت ظلال العولمة فإن جنون الأسعار يصبح وباء لايمكن لأحد أن ينجو منه, حيث ترتفع الأسعار تلقائيا في كل مكان من العالم لمجرد ارتفاعها في مكان ما وكذلك الحال بالنسبة للأجور التي تصبح أحد أهم مصادر القلق والاضطرابات في أي بلد يسعي للسيطرة علي معدلاتها بينما هي ترتفع في الدول الأخري- تلقائيا- لمجاراة ارتفاع الأسعار!. لقد دفعنا في مصر- مثل معظم دول العالم الثالث- ثمنا باهظا لغياب الرؤية السياسية التي أصبحت تابعة بالكامل للمشورة الاقتصادية المستوردة من الخارج... وكان نتاج أكثر من عشر سنوات داخل قطار العولمة هو تفاقم العديد من الظواهر السلبية علي الناس في مصر وفي معظم دول العالم الثالث وعلي رأسها زيادة الفقر والتهميش في ظل اتساع الهوة بين الشمال الغني والجنوب الفقير لا سيما أن اقتصاد جميع الدول الفقيرة قد أصبح مفككا والثقافة أحادية والصناعة والزراعة تتراجعان. وفي اعتقادي أن أول خطوة علي طريق استعادة العافية للاقتصاد المصري والتحرك علي طريق العدالة الاجتماعية تبدأ بشجاعة المراجعة لحصاد عشر سنوات مع العولمة حتي نستطيع أن نحدد اتجاه حركتنا المقبلة بعيدا عن حشر النفس حول خيارات ضيقة ومحدودة في إطار القبول الكامل للعولمة أو الرفض المطلق لها, فلدينا مساحة واسعة للحركة والمناورة!. خير الكلام: أحيانا تكون التجربة بكل أعبائها أثمن من الحصول علي جائزتها! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله