بعد رحلات بحثية ميدانية علمية امتدت4 سنوات للعالم المصري الدكتور أحمد حجازي أستاذ علوم البيئة بكلية العلوم جامعة القاهرة والبروفيسور الكندي جوناثان لوفيتدوست بجامعة وندسورصدر هذا الشهرعن مطابع جامعة أكسفورد البريطانية التي تعد أكبر وأشهرالمطابع العلمية في العالم بأسره أول كتاب من نوعه يتناول بيئة النباتات وصون التنوع الإحيائي في الشرق الأوسط حيث يحتضن المرجع352 صفحة مقسمة علي نهرين تم تبويبها في11 فصلا اشتملت علي أكثر من150 عنوانا, واشتمل علي ملحقين في20 صفحة, وازدان بأكثر من صورة احتضنتها45 لوحة,أيضا55 خريطة للمناطق الممثلة في الكتاب, واحتوي علي35 جدولا توضيحيا. ............................................................... واستهدف المرجع الدراسات البيئية الحديثة والمتوقعة في القرن الواحد والعشرين شاملة التنوع النباتي في25 دولة شرق أوسطية تمتد من ليبيا غربا وحتي إيران شرقا وتركيا وأرمنيا وأذربيجان شمالا والصومال ودول القرن الأفريقي جنوبا ومرورأ بدول الخليج العربي وشرق البحر المتوسط وقبرص بما في ذلك جزر عديدة في الخليج العربي وبحر العرب والبحر الأحمر, وغطت معظم الإتجاهات الحديثة في علم بيئة النبات,والرائع أن المؤلفين خرجا عن الإطار التقليدي في الإهداءات, ففي قراءة لحالات القلق والقلاقل الدائمة التي تعيشها دول المنطقة منذ عدة عقود حيث تدور رحي الحرب والنزاعات والتوترات والصراعات الحدودية والعرقية والقبلية والثورات المتلاحقة كان الإهداء دعوة لجميع شعوب الشرق الأوسط للتعايش والتعاون والعمل من أجل السلام والاستقرار ورخاء المنطقة. الأهمية العلمية للمرجع لهذا المرجع أهميته لأنه يقدم تغطية لنشأة وانتشار وبيئة الأنواع والمجتمعات النباتية في الشرق الأوسط في إطار تنوع الموائل وطبوغرافيا وجيولوجيا المنطقة منذ نشأت الكرة الأرضية وظاهرة الإنفجار العظيم إلي عصرنا هذا وما صاحبه من أنشطة بشرية أثرت سلبا علي البيئة, كما تناول مبادئ ومفاهيم وطرق صون النباتات في المنطقة وخارجها مع التركيز علي أهم مراكز التنوع البيولوجي في المنطقة والعوامل التي تهددها مثل التصحر والتغيرات المناخية والاستخدام المفرط والرعي الجائر وتغير النظم البيئية وادخال أنواع غريبة ومتحورة وراثيا وغير ذلك من العوامل, بالإضافة إلي الحروب التي مرت وتمر بها المنطقة في العصور المختلفة وحتي عصرنا الحاضر, وخلص المرجع إلي مناقشة أهم التحديات ومجال الدراسات والبحوث المستقبلية المطلوبة في مجالات بيئة النبات والصون بما يضمن الحفاظ علي البيئة وتنميتها واستدامتها, كما عرض الموضوعات العلمية الممثلة للاتجاهات الحديثة مدعومة بمناقشة وتحليل مستندا علي أحدث المراجع العلمية في المجال مما يجعل المرجع أساسيا للباحثين والدارسين والطلاب في مرحلتي البكالوريوس والدراسات العليا بالجامعات والمراكز البحثية المتخصصة في جميع أنحاء العالم خاصة بالنسبة لمقررات البيئة والصون والفلورا والجغرافيا النباتية وبيولوجيا التكاثر والتطور. كما يعتبر الكتاب مصدر مهما للمعنيين بشئون البيئة وصون الموارد النباتية. جنس النبات ومن بين ماتناوله هذا المرجع الفريد في مواده المثيرة جنس النبات وتمت دراسته تحت الظروف البيئية القاحلة( الجافة) وهي البيئة المميزة لمناخ الشرق الأوسط, إذ تم استعراض تنوع جنس النبات من الذكورة إلي الأنوثة إلي الجنس الثالث( الأنواع المخنسة), وإمكانية قدرة النباتات علي تغيير جنسها لتتحول من ذكر لأنثي أو العكس أو تحولها للجنس الثالث( المخنس), وهذا التحول يلجأ إليه بعض النباتات حسب الظروف البيئية التي تعيش فيها بما يؤمن لها الحياة ويمكنها من البقاء والتكيف والتطور مع مرور الزمن. النباتات وتنظيم النسل واشتملت الدراسات والأبحاث الخاصة بالمرجع علي توضيح حالات الكمون والانتشار في النباتات وحالات تنظيمه لأعداده( مثل تنظيم النسل في الإنسان) حسب كمية الموارد المتاحة التي تتيح له الحياة( والتي تعادل دخل الأسرة في الإنسان) وهذا يعني أن النبات يبحث عن التوازن في حياته بين موارده التي تمكنه في العيش في أمان وعدد أفراده الذين يمكن أن يعيشوا في ظل تلك الظروف البيئية الجافة القاحلة وعند حدوث هذا التوازن لايميل النبات للتكاثر ويظل في حالة كمون لايلجأ فيها للتكاثر في وقت الجفاف أو ندرة الموارد. البصمة الوراثية وتاريخ النبات وتناول المرجع تاريخ وجود التنوع النباتي لدول الشرق الأوسط منذ العصر الميوسيني( منذ أكثر من25 مليون سنة) ومقارنة بالوضع الحالي لهذا التنوع النباتي يأتي علي قمة ماحرص عليه المؤلفان البروفيسوران حجازي وجوناثان, فقد عرضا البصمة الجينية أو الوراثية للمجتمعات النباتية مقارنة بالوضع الحالي, وتبين لهما من خلال البحث العلمي والدراسة وجود بقايا نسل بعض الأنواع النباتية تطورت ومازالت علي قيد الحياة منذ هذا العصر السحيق إلي الآن, وإن كانت تلك الأنواع محدودة ومعظمها استوطن قمم الجبال في القرن الافريقي أو مرتفعات جنوب غرب شبه الجزيرة العربية وجبال التورس بتركيا وإيران وفي بعض المرتفعات المحيطة ببحر القوقاز(شمال إيران), كذلك في مصر فتوجد بقايا بعض الغابات الصنوبرية في جبل الحلال بسيناء وجبال المغارة منذ تراجع العصر الجليدي( من10-15 ألف سنة) كيمياء النبات ويستمر المرجع في إبراز أهم نتائج الأبحاث والدراسات التي التي قام بها العالمان والخاصة بتكيف النبات مع البيئة الجافة في دول الشرق الأوسط والخاصة بكيفية تكيف النباتات معها بحيث تتأقلم وتتحمل تلك الظروف وكذلك عمليات الرعي للحيوانات مع تنوع أشكال الحياة, والتنوع في السلوك النباتي وإمكانية تغيره من كونه نباتا حوليا( دورة حياته قصيرة) يستطيع إكمال دورة حياته في دورة قصيرة جدا قد تصل إلي ثلاثة أسابيع فقط أو معمر العشرات ومئات السنين, مع بيان الجوانب التطبيقية لمثل هذا السلوك حيث يمكن استثمار هذه الصفات في النباتات ذات الأهمية الاقتصادية التي يستخدمها الإنسان مثل المحاصيل الزراعية كالقمح والذرة وأشجار الفاكهة وغيرها, حيث يمكن اختصار عمر النبات من شهور كثيرة لأسابيع قليلة, أي أن عمر نمو النبات يمكن اختصاره لأقل من نصف فترة النمو الحالي وذلك من خلال التعرف علي الجين المسبب له, وإن كانت مجموعة الجينات المسئولة عن ذلك لم يتم التوصل إليها حتي الآن, إلا أن الأبحاث تجري للتعرف عليها من خلال ماتم التعرف عليه ورصده من سلوكيات النبات, كذلك من المحاكاة الكيميائية بين النباتات بعضها البعض( لغة الكيمياء بين النباتات) إذ تم إثبات أن هناك تواصلا فيما بينها, وهو سلوك ذكي للنباتات ثبت فعلا من الناحية العلمية, واستعرض العالمان حجازي وجوناثان في هذا المرجع بعض الحالات التي تؤكده, كذلك التعرف علي بعض مفردات هذه اللغة الكيميائية بين النباتات وبعضها البعض والتي تجعلها تتقارب فيما بينها أو تتنافر من بعضها البعض, وهذا يتم من خلال إفراز مواد كيميائية تشبه فرمونات الحشرات. النباتات مؤشرات ومستحثات بيئية كذلك استعرض المرجع تعظيم الاستفادة من النباتات ليس فقط علي مستوي الاستخدامات التقليدية المتعارف عليها كالغذاء والدواء أو الوقود أو أي استخدامات أخري للإنسان والحيوانات أوالاستفادة منها كمواد أولية وأساسية في الصناعات المختلفة بل تتعدي ذلك للكثير من استخدامات أخري غاية في الأهمية, منها استخدام النباتات كمؤشرات بيئية وكمستحثات نباتية للظواهر البيئية المختلفة مثل استخدامها كمؤشرات لقياس معدلات هطول الأمطار في المناطق التي يوجد فيها ومن أمثلة تلك النباتات نبات كف مريم المنتشر في منطقة الشرق الأوسط, وكذلك استخدام النباتات كمرصد بيئي يحاكي الطبيعة في التعرف علي تباين درجات الحرارة علي مدي العام استئناس النبات ومن بين الكم الهائل من المعلومات والنتائج التي تعد في غاية الأهمية ليس فقط علي مستوي الدارسين والمهتمين بالدراسات والبحث العلمي بل والتقني والزراعة والاقتصاد يبرز في أحد أبوابه استعراض للزراعة والبيئة وتاريخ استئناس النباتات منذ بدايت عصر الزراعة المبكر إذ تم استئناس معظم أشجار الفاكهة والمحاصيل الزراعية خاصة الحبوب في الشرق الأوسط والتي تشمل مناطق الهلال الخصيب( سوريا والعراق) ووادي النيل, كما تطرق إلي أثر الحيوان في حضارة المنطقة مستعرضا دور حيواني الجمل والحصان فيها وعلاقة الإنسان بهما منذ القدم. ومن بين ما يتميز به هذا الكتاب عن غيره هو عرض الموضوعات العلمية الممثلة للاتجاهات الحديثة بأسلوب سهل مدعومة بمناقشة وتحليل مستندا علي أحدث المراجع العلمية في المجال. وخلص الكتاب بمناقشة أهم التحديات ومجال الدراسات والبحوث المستقبلية المطلوبة في مجالات بيئة النبات والصون بما يضمن الحفاظ علي البيئة وتنوعها البيولوجي وتنميتها واستدامتها تحت ظروف تغير المناخ. وجدير بالذكر انه تم إهداء الكتاب الي جميع شعوب منطقة الشرق الأوسط للتعايش والتعاون والعمل معا من أجل السلام والاستقرار ورخاء المنطقة.