فى ظل التخبط والارتباك الواضح فى المنظومة الإعلامية والإساءة لرموز الدولة والتشكك وعدم المصداقية المتفشية التى تهدد بالإطاحة بوطننا فى مهب الريح، نتساءل عن أسباب فشل الحكومة فى السيطرة على الإعلام غير المهنى ،رغم معرفة مصادر تمويله وتعطيل صدور ميثاق الشرف الإعلامى حتى الآن ودور الدولة المتمثلة فى مجلس النواب والمسئولين عن التعليم الإعلامى والمتخصصين. يقول الدكتور محمد سليم عضو بالبرلمان إننا لا نستطيع أن ننكر وجود إعلام مصرى فاسد ممول وموجه لتدمير الوطن والمسئول عن هذا الفساد الإعلامى كل من له تعامل مع أطراف تعمل ضد مصر، لذلك لابد من الإسراع فى الفترة المقبلة بعمل ميثاق شرف إعلامى خلال الثلاثة أشهر القادمة، وسيتولى مجلس النواب قريبا تغيير نصوص الميثاق الموجود حاليا ولم يتم إقراره وإنشاء تشريعات جديدة وحاسمة وتغليظ العقوبات الرادعة التى من شأنها محاسبة كل إعلامى يخرج عن النطاق القومى ويعمل ضد مصلحة الوطن وخارج النقد البناء القائم على خدمة مصلحة المواطن للمحافظة على الأمن القومى وهيبة الدولة، فهناك إعلاميون كثيرون يعملون حاليا ضد المصلحة العليا بالدولة ويسيرون فى اتجاه معادى للوطن ؛ هؤلاء لانستطيع أن نتهمهم بعدم الوطنية فهم وطنيون وإنما ينظرون إلى نظام الدولة من منظور الأفق الضيق الذى يجعل مساحة حواراتهم تتجه فى اتجاه معين معاد لوطنيتهم دون إبداء وإرثاء قواعد ومبادئ الأمن القومى، خاصة فى ظل الحصار الاقتصادى الموجود على مصر الذى نعانى منه ،وكذلك التهديدات الخارجية والداخلية التى تهدد الأمن القومى للبلاد، وعلى رأس المواجهات الخارجية ما هو موجود على حدودنا من الشرق والغرب مثل ليبيا التى أصبحت بلد بلا بلد ووطنا بلا مواطنين نظرا لتفشى الإرهاب فيها. وينصح العضو البرلمانى كل إعلامي أن يتخلى عن الحديث فى الأمور التى تسيء للدولة وتثير الرأى العام فى المجتمع المصرى، محذرا من عاقبة استمرار الاتجاه الإعلامى غير المهنى على نفس المنوال الحالى المعاكس للدولة فستكون الطامة الكبرى التى يستغلها أعداء الوطن من الدول المعادية لمصر والجماعات الإرهابية. تباطؤ إصدار القانون وتقول الدكتورة إيناس أبو يوسف عميدة كلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية إن السبب الأساسى للفوضى والانفلات بالإعلام غير المهنى السائد بمختلف وسائل الإعلام هو التباطؤ فى إصدار قانون نقابة الإعلاميين وبالتالى لا يوجد حماية للإعلامى ولا معايير ولا آليات لتنظيم المهنة ،فمن المتعارف علية أن النقابة هى المنوطة بمحاسبة من يخطئ من أعضائها، وبما أن نقابة الإعلاميين ما زالت تحت التأسيس منذ زمن طويل فلا يوجد من يحاسب الإعلامى المخطئ، مما أدى إلى هذا الإسفاف والخلط والفوضى والإنفلات ،كما أننا نطالب بسرعة تشريع قانون تنظيم للصحافة والإعلام وعرضه على مجلس النواب لإرساء القواعد الأساسية الخاصة بملكية الإعلام وكيفية منع الاحتكار حيث نجد تفشى ظاهرة تسييس الإعلام لوجود ظاهرة رجال الأعمال ذوى المصالح السياسية فى الإعلام ،وبالتالى غياب معيار الكفاءة المهنية التى يجب أن تكون قبل الولاء السياسى، فغابت الموضوعية وتاهت المهنية وانعدمت الدقة فى المصادر والأخبار. مجلس أعلى بينما يؤكد الدكتور حسن عماد مكاوى عميد كلية الإعلام جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ووكيل المجلس الأعلى للصحافة أن هناك حزمة من الإجراءات الجادة التى يتم إعدادها حاليا لإصلاح المنظومة الإعلامية، مشيرا إلى أنه من المعروف أن بعد ثورة 25 ينايرتم إسقاط النظام القديم بما ينطوى عليه من تشريعات وقوانين تنظم العمل الإعلامى الصحفى بشكل فعلى ؛ وبعد الإستفتاء على دستور 2014 الذى جاء بنصوص غير مسبوقة فيما يتعلق بالحقوق والحريات كان من الواجب أن يتم تعديل القوانين والتشريعات القائمة لتتوافق مع الدستور الجديد حيث نص هذا الدستور على منح وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية حريات غير مسبوقة واستقلالية عن السلطة التنفيذية والتشريعية ،كما أقر هذا الدستور بضرورة التنوع والتعدد للصحف ووسائل الإعلام . ويضيف الدكتور حسن أنه من ناحية أخري، تباطأت الحكومات المتعاقبة فى طرح القوانين الجديدة التى تفسر نصوص الدستور وبالتالى بدأت مجموعات من الصحفيين والإعلاميين وبعض الخبراء من أساتذة القانون والإعلام يمثلون المجلس الأعلى للصحافة ونقابة الصحفيين واتحاد الإذاعة والتلفزيون ونقابة الإعلاميين تحت التأسيس ونقابة الصحافة والطباعة والنشر وبعض الخبراء الذين يمثلون الصحف والفضائيات الخاصة فى إعداد مشروع قانون جديد بهدف إلغاء المواد المقيدة والسالبة للحرية ،فيما يتعلق بقضايا وجرائم النشر والإعلان، ثم تمخضت هذه الجهود على اقتراح مشروع قانون موحد لتنظيم الصحافة والإعلام المقروء والمسموع والمرئى والإلكترونى وتم تقديم هذا المشروع للحكومة منذ حوالى ثمانية أشهر؛ وحاليا يتم مناقشة هذا القانون من خلال لجنة مشتركة بها ممثلون عن اللجنة الوطنية التى أعدت هذا المشروع مع ممثلى الحكومة بقيادة الدكتور أشرف العربى وزير التخطيط، ومن المتوقع أن يتم طرح هذا القانون على مجلس الوزراء خلال هذا الأسبوع ثم يتم إحالته إلى مجلس الدولة تمهيدا لعرضه على مجلس النواب. هيئة وطنية للصحافة وحول أهم ملامح القانون الجديد الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام ،يقول وكيل المجلس الأعلى للصحافة إنه يتكون من تسع أبواب و يتضمن 230 مادة ويحتوى الباب الأول على جميع الحقوق والحريات للصحفيين والإعلاميين وأساليب المساءلة والتأديب للذين يخرجون منهم عن أداب وتقاليد المهنة، كما يتناول الباب الثانى تأسيس وملكية وإدارة الصحف ،والثالث تأسيس وملكية وإدارة المؤسسات الإذاعية والتليفزيونية والباب الرابع يتناول الصحافة القومية والخامس الإذاعة والتليفزيون المملوكة للدولة، كما أن هناك ثلاثة أبواب أخرى لإنشاء المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام وهو كيان جديد غير مسبوق لتنظيم جميع وسائل الإعلام المختلفة الورقية والمسموعة والمرئية والرقمية الإلكترونية التى تعمل تحت رايتها الإعلام المصرى الرسمى والخاص وينظم الصحف الإليكترونية وكل ما يقدم عبر شبكة الانترنت من خلال شركات حاصلة على ترخيص من هذا المجلس للشركات والمؤسسات وليست للأفراد. والباب الآخر مخصص لإنشاء الهيئة الوطنية للصحافة وهى الكيان البديل للمجلس الأعلى للصحافة وتتولى إدارة المؤسسات الصحفية القومية وعددها ثمانى مؤسسات، وإنشاء هيئة أخرى مستقلة تسمى الهيئة الوطنية للإعلام بديلا لاتحاد الإذاعة والتليفزيون من أجل إدارة القنوات والإذاعات المملوكة للدولة وتحديد أسلوب الإدارة وتشكيل الهيئة واختصاصاتها فلا تنفرد جهة بإختيار جميع أعضاء المجلس و الهيئتين الوطنيتين وإنما يتم تشكيل رؤسائهم عن طريق رئيس الجمهورية الذى سيختار كلا من رئيس المجلس ورئيس الهيئة الوطنية للصحافة ورئيس الهيئة الوطنية للإعلام . وستقوم نقابة الصحفيين باختيار ثلاثة أعضاء من خبراء الصحافة ليسوا من أعضاء مجلس النقابة وكذلك اختيارثلاثة للمجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام ونفس الشيء لنقابة الإعلاميين. ويضيف عميد كلية الإعلام أن من أهم ملامح القانون الجديد منع تعارض المصالح ،فلا يجوز الجمع بين وظيفتين بمعنى لا يجوز الجمع بين العمل الصحفى والعمل البرامجى كما لا يجوز الجمع بين عضوية نقابتين إما نقابة الصحفيين أو نقابة الإعلاميين وسيتم أيضا إقرار مشروع نقابة الإعلاميين لتنظيم ومحاسبة من يعمل بمهنة الإعلام ،وكذلك رفع سن الإحالة للمعاش إلى 65 سنه بدلا من 60. كما يتضمن القانون الجديد تحديد ملكية الصحف ووسائل الإعلام لتكون للمصريين فقط ،بمعنى لايجوز مساهمة رءوس أموال عربية أو أجنبية فى تأسيس وملكية أى وسائل إعلام مصرية وسوف يتم إلزام الصحف والقنوات الإذاعية والتليفزيونية بإعلان ميزانيتها السنوية وسياستها التحريرية ،كما لا يحق لأى شخص أن يمتلك أكثر من 10% من أسهم قناة واحدة وهذا الشخص بمثابة الزوج والزوجة والأبناء القصر فكلهم شخص واحد والهدف من ذلك هو منع الاحتكار وتزاوج رأس المال بالسلطة وتعدد وإفساح المجال أمام تعدد الملكية وجميع الميزانيات والأرباح أو الخسائر تخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات سواء كانت مملوكة للدولة أو ملكية خاصة . ويؤكد الدكتور مكاوى أن القانون الجديد يلزم بل يفرض على النقابات المهنية (الصحفيين والإعلاميين) وضع ميثاق الشرف الإعلامى ومساءلة من يخرج عن القواعد المهنية ومن أبرزها الفصل بين الإعلان والتحرير وأيضا الفصل بين الأخبار والآراء حتى لا يتم الخلط بين الآراء الشخصية والأخبار الموضوعية ،وفى حالة المساءلة والخروج عن المعايير ،فالنقابات المهنية هى التى تحاسب أعضاءها كأفراد بينما يحاسب المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المؤسسات فى حالة ارتكاب أخطاء . فلنترقب قريبا جدا إصدار قانون الإعلام لتنظيم شئون المهنة والتخلص من الفوضى والانفلات الإعلامى السائد.