شغلتنا مصائب «الخريف العربى» عن استمرار الاهتمام بخطر «المشروع الإسرائيلى» وكأننا أردنا بوعى أو دون وعى أن نكون عنوانا لصحة ومصداقية المثل القائل: «مصائب قوم عند قوم فوائد»! لقد أفرز الخريف العربى فى سنواته الخمس الماضية أسوأ غيبوبة فكرية وسياسية أنست الجميع الحد الأدنى من متطلبات الرؤية القومية نتيجة الانكفاء الزائد على النفس والذات فى كل قطر عربى على حده وكان من الطبيعى أن تستثمر إسرائيل الفرصة وأن تخطو خطوات واسعة على طريق استكمال المشروع الصهيونى. وصحيح أن الشعب الفلسطينى مازال صامدا أمام الهجمة الصهيونية الشرسة لكن توحش القوة الإسرائيلية وغياب العالم العربى ترك أثارا سلبية وسيئة على قطاعات لا يستهان بها فى الشعب الفلسطينى باتت أقرب إلى الإقرار بالعجز عن مناطحة القوة الإسرائيلية المفرطة على الأقل فى المرحلة الحالية وأنه لولا انتفاضة السكاكين التى انطلقت من أكناف بيت المقدس لشعر الإسرائيليون بالنجاح فى مخططهم الدامى لكسر كل مظاهر الاحتجاج والمقاومة. ومعنى ذلك أن الربيع العربى الذى انطلق عفويا سرعان ما تحول إلى خريف عاصف لم يشكل فقط تهديدا للأوطان والمجتمعات التى ابتليت به وإنما نزل كمصيبة على رأس القضية الفلسطينية خصوصا بعد أن تورطت حركة حماس فى لعبة الأمم وغاب عنها أن المحظور الأكبر الذى ينبغى أن تتجنبه أى حركة للمقاومة هو النأى بالنفس عن أى سلوك يجعل منها طرفا فى صراع السلطة داخل أى بلد مساند لها! وظنى أن التاريخ وهو أصدق شاهد على الحقيقة سوف يتوقف طويلا أمام سنوات الخريف العربى وانعكاساتها السلبية على القضية الفلسطينية بعد أن كانت ولأكثر من 60 عاما هى قضية العرب الأولى التى يجتمعون حولها مهما تكن مساحة الفرقة والاختلاف. والخلاصة أن الخريف العربى ليس بعيدا عن فكرة الجريمة المنظمة للمافيات العالمية حيث يجرى استخدام العملاء مع الجهلاء لتدمير مؤسسات الدولة بعد اختراق عقول الشباب بالأكاذيب والروايات الملفقة ليزداد الخلط بين أوطان يجب حمايتها وبين أنظمة حكم يمكن تغييرها دون اضطرار إلى هدم الدولة! خير الكلام: ومن الغباء أن تعظّم جاهلا لجمال ملبسه ورونق مظهره ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله