إذا كان الجفاف ونقص المياه في كثير من المناطق الصحراوية في مصر يمنع فرص الاستصلاح فإن توافرها في سيوة يؤدي أيضا إلي توقف استصلاح الأرض بل و«يحرق» الأرض المزروعة ويسمم الزرع بالملح فيهدر فرص استزراع ما يزيد علي نصف مليون فدان بعد أن أدي إلي ضياع أكثر من 60 ألف فدان أصبحت عبارة عن بحيرات ملحية بعد أن كانت قبل عشرين عامًا لا تزيد علي 6 آلاف فدان نتيجة تراخي الحكومات السابقة في إيجاد حل لوقف تصريف المياه البالغ 390 ألف متر مكعب يوميًا من الآبار والعيون مما أدي إلي زيادة التملح في الأرض واحتراق الزرع وتراجع مخيف للمساحة المزروعة إلي 12 ألف فدان فقط في مفارقة مضحكة مبكية شديدة أصبحت نقمة لوجود سيوة فوق خزان مائي هائل هو خزان الحجر الرملي النوبى. وبذلك فقد أصبحت وفرة المياه نقمة وبدلاً من الاستفادة منها في مشروعات التنمية والاستصلاح تركناها لتغرق الأرض ويغرق ماؤها الزرع ويهدد الواحة بالغرق بعد أن أكدت جميع الدراسات العلمية والعملية إرتفاع منسوب المياه بشكل مخيف، جهاز تعمير الساحل الشمالي الغربي وسيوة قام بمجهود هائل لمحاربة هذه الظاهرة وتوسيع رقعة الزراعة ومساعدة الفلاحين علي استصلاح الأرض وزراعتها خلال السنوات الماضية كما يقول المهندس إبراهيم الطناوي رئيس الجهاز ويولي حاليا اهتماما كبيرا بخفض المنسوب ونقل المياه من المصارف إلي برك الصرف والتخزين حسب الامكانات المتاحة.. كما قام بأخذ مياه مالحة من بركة شمال الدكرور وخلطها بمياه البئر العميقة العذبة واستخدامها في استصلاح 500 فدان ولكن ارتفاع منسوب المياه الجوفية كما يقول المهندس محمود عيسي مدير منطقة سيوة بجهاز تعمير الساحل الشمالي الغربي يهدد ليس الزراعة فحسب بل والبيوت في مناطق وفله والمراقي وأبو شروف والدكرور الممتدة بطول 17 كم بعرض 3 كم فضلا عن إحتراق الحدائق والمزارع وجفاف النخيل وأشجار الزيتون وإخراج مساحات هائلة من الخدمة الزراعية مما أثر سلبيا علي أصحاب هذه الأراضي وأصبح بعضهم يعاني الفقر نتيجة عجزه عن الاستفادة من أرضه التي أحرقها الملح، هذا رغم مواصلة محطات رفع كبيرة لعملها بشكل مستمر في نقل المياه من المصارف إلي الملاحات، المشكلة أن الحلول التي حاولت بها الحكومة خصوصًا وزارة الري معالجة هذه الأزمة لم تؤت ثمارًا ترتجي. بل ويؤكد بعض أهالي سيوة أن دخول وزارة الري الواحة بعد منتصف التسعينيات أضر بخطط الاستصلاح ومعالجة المشكلة. الحل كما يطرحه المهندس محمد مختار قنديل رئيس جهاز تعمير الساحل الشمالي الأسبق هو إنشاء شبكة مصارف متصلة تغطي الواحة وتجميع المياه شرقها وانشاء محطة رفع يتم تحديد حجمها وطاقتها حسب الدراسات الهيدروليكية التي تحدد كميات المياه المتدفقة والمطلوب صرفها في مصر سطحي شمال طريق سيوة الواحات البحرية ليصل لمنطقة «تبغبغ» علي حافة منخفض القطارة والاستفادة من الزراعة علي جانبيه خصوصا غابات شجر الكافور ضمن فكرة حماية البيئة، والحفاظ علي ثروات مصر المائية خصوصًا مع شدة الاحتياج لزيادة الرقعة الزراعية في الصحراء بعد تآكلها في الدلتا بالتوسع العمراني الذي يتزامن بشكل توافقي مع زيادة عدد السكان البالغ ما يقرب من مليوني نسمة سنويًا.. ولذا فإن الحاجة إلي ابتكار حلول للاستفادة القصوي من الثروة المائية ملحة في ظل الأفكار التنموية الشديدة التفاؤل لجهاز تعمير الساحل الشمالي والتي بدأ بالفعل تنفيذها كما يقول رئيس الجهاز المهندس إبراهيم الطناوي بخطة مثلث التنمية وعمارة رصف الطرق الثلاثة الأول سيوة الواحات البحرية بطول 360 كم بعرض 11مترا بتكلفة 400 مليون جنيه وتم الانتهاء منه قبل شهرين ورفع كفاءة وتطوير طريق الجارة بئر النص بطول 110كم بتكلفة 64 مليون جنيه وسينتهي خلال العام القادم. وطريق الجارة سيوة بطول 96 كم بتكلفة مبدئية 150 مليون جنيه وتم طرحه للتنفيذ. وتقع داخل هذا النطاق مساحات شاسعة قابلة للاستصلاح والتنمية خصوصًا أن تقديرات المياه الجوفية لخزان الحجر الرملي النوبي تصل إلي 190مليار متر مكعب يمكن للسحب الآمن منه أن يوفر المياه للاستصلاح. وهكذا فإن فرص التنمية متاحة وقابلة للاستثمار ولكن.. يجب أن تكون هناك حلول جذرية وليست ترقيعية لمشاكل زيادة المياه في سيوة.