محافظة مطروح من المحافظات التي يوجد بها مئات الآلاف من الأفدنة القابلة للاستصلاح الزراعي, والتعمير لتوطين الملايين من أبناء مصر.. وبالرغم من أن فيها أكثر من مليون فدان يمكن استصلاحها فإن نقص الميزانية المخصصة لهذا الغرض تسبب في توقف جهود التنمية بجانب توقف عمل جهاز التعمير منذ نحو20 عاما, فضلا عن عدم تمليك الأراضي المستصلحة لمزارعيها, وهذا ما رصدته تحقيقات الأهرام في جولتها بالمحافظة ولقاءاتها مع عدد من المواطنين والمسئولين الذين اكدوا أنه علي مدي سنوات أنجز جهاز تعمير الساحل الشمالي الغربي وسيوة عشرات المشروعات التي ساعدت علي استمرار الحياة في وديان محافظة مطروح وتوفير الحد الأدني من سبل الحياة للمواطنين فيها من خلال استصلاح60 ألف فدان في وديان المحافظة موزعة علي مساحات صغيرة من2 إلي10 أفدنة أصبحت تزرع, كما يقول المهندس إبراهيم عبدالعال مدير مشروعات التنمية بالجهاز, بأصناف زراعية مستديمة مثل الزيتون واللوز والعنب والرمان. كما تم استصلاح ما يقرب من90 ألف فدان خارج الوديان في الميول الجبلية والسهل الساحلي في مناطق سيدي حنيش ورأس الحكمة والسقيفة والجراولة. ويؤكد اللواء محمد خاطر رئيس الجهاز أنه تم إنشاء ما يزيد علي5 آلاف سد ترابي لحجز مياه الأمطار للاستفادة منها في الزراعة والشرب من خلال أكثر من20 ألف بئر وخزان وهو ما أسهم في استقرار نحو40 ألف أسرة بدوية في وديان الصحراء. وإن كانت جهود جهاز التعمير أوضح في محافظة مطروح فإن البدو الذين قام الجهاز بمساعدتهم في استصلاح هذه الأفدنة يعانون منذ سنوات بسبب مماطلة الحكومة في تمليكهم ما قاموا باستصلاحه وهو ما يحتاج إلي قرار جرئ يضع هؤلاء البدو موضع التقدير لدفعهم إلي زيادة التنمية في أراضيهم وأيضا يشجعهم علي استصلاح أراض أخري, وإن كانت في مساحات محدودة وبضوابط كما يقول سعيد حمادي لأن أبسط الحقوق هو تملك المواطن لما استصلح من أرض, ولكن المشكلة كما يقول إن كل محافظ تولي المسئولية منذ سنوات لا يرد علينا إلا بعبارة: ننتظر الأوامر من القاهرة, وبالطبع من في القاهرة لا يدرك عمق مشكلاتنا, ولذلك يضيف سعيد حمادي: يجب أن تكون للمحافظ سلطات إصدار مثل هذه القرارات التي ستعمل علي زيادة التنمية بسواعد الشباب بدلا من سفرهم إلي ليبيا للعمل في رعي الأغنام أو زراعة واستصلاح الأراضي هناك. وإن كان عبد الجليل محمد عثمان يؤكد أن الدولة شرعت في تسجيل ملكية الأراضي عام1981 وأرسلت لنا إخطارات للتوجه إلي الوحدات المحلية والمحافظة لاستكمال أوراق التسجيل للحصر والتمليك, ولكن للأسف توقف الأمر. هذا رغم كثرة اعداد الشباب في العائلات كما يقول يادم ميكائيل عثمان والاحتياج إلي التوسع في الاستصلاح. والمشكلة الأخري التي يعاني منها أبناء هذه المناطق والنجوع, كما يقول رزق هديوه محمد, إن استصلاح الأراضي الذي ساعد علي استقرار البدو, وايجاد مجتمعات عمرانية بدأت تتوسع من5 منازل في بدايتها إلي أكثر من60 منزلا في النجع الواحد, وفي نجوع أخري تزيد علي مائة أسرة, وهو ما يجب أن يدفع الدولة إلي توفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمدارس وزيادة عدد الآبار. وما يؤكد حاجة المواطنين لذلك تلقي جهاز التعمير لأكثر من50 ألف طلب عندما أعلن عن فتح باب التقدم لانشاء10 آلاف بئر, وهو ما يعني الحاجة إلي زيادة ميزانية الآبار والسدود, كما يقول المهندس إبراهيم عبد العال: نعمل علي الاستفادة من الأمطار الغزيرة التي تهطل علي المحافظة ثلاثة أشهر كل عام, وتذهب أغلبها هدرا في البحر, وبالفعل أصبحت الآبار التي اجتهدنا في انشائها للأهالي لا تكفي وهو ما يزيد العبء علي الجهاز, ونحتاج إلي زيادة الدعم المخصص لها ومضاعفة الميزانية, مع العلم أن مردود المبالغ التي تخصص لمشروعات التنمية في مطروح اكثر كثيرا من مردود مثيلاتها في المحافظات الأخري. ويحتاج الجهاز إلي مضاعفة انشاء السدود الترابية الكبيرة التي تحجز خلفها ما يصل إلي نصف مليون متر مكعب من المياه حتي يمكن مضاعفة مساحات الاستصلاح, كما أن هذه السدود تغذي أيضا بعد ري المزروعات الخزان الجوفي وهو الرصيد الاحتياطي لسنوات الجدب والجفاف وهو ما يستوجب زيادة الدعم الحكومي خصوصا أن انشاء مشروعات التنمية في طول المحافظة وعرضها سيعمل علي وقف الأنشطة المخالفة والمؤثرة سلبا في الأمن القومي المصري, وأخصها التهريب, وكذلك في واحة سيوة.. وهذا ما يتفق فيه المهندس إبراهيم حسني رئيس قطاع سيوة بالجهاز, مؤكدا أن الجهاز قام باستصلاح10 آلاف فدان من خلال الشراكة مع برنامج الغذاء العالمي.. وتم من خلاله بناء ما يصل إلي1200 مسكن وقد توقف المشروع لعدم وجود دعم في الوقت نفسه الذي تشهد سيوه حاليا ظاهرة بطالة الخريجين من الشباب, وقد زادت أعدادهم عن5 آلاف شاب, ويضيف المهندس إبراهيم حسني, حسب دراسات وزارتي الري والزراعة إن المساحات القابلة للاستصلاح الآمن تزيد علي20 ألف فدان وهو ما يمكن في حالة البدء في زراعتها أن توفر مصدر رزق حلال لهؤلاء الشباب ولآخرين من المحافظة أو المحافظات الأخري, سواء في الواحة أو علي جانبي الطريق الجديد( سيوة الواحات), والذي لم يتبق منه سوي مسافة30 كم, ويمكن استصلاح اكثر من نصف مليون فدان في مجتمعات عمرانية جديدة علي طول الطريق البالغ360 كم, خصوصا أنه يمر بالواحات القديمة( نوميسة وسترة وبحرين والعرج) وهي واحات كانت آهلة بالسكان وبها زراعات والخزان الجوفي فيها يكفي لزراعة مئات الآلاف من الأفدنة وهناك آبار منشأة بالفعل بين واحتي بحرين وسترة, وخلال العام المقبل سيتم طرح هذه الأراضي للبيع, وسيكون أول المشروعات زراعة100 ألف فدان من خلال جهاز مشروعات القوات المسلحة بتمويل إماراتي بعد الانتهاء من الدراسة وتحديد الأرض تمهيدا للبدء في التنفيذ. وإن كانت سيوة تعاني مشكلات مزمنة في الصرف الصحي والزراعي, فإن ذلك يحتم استكمال مشروع شبكة المياه والصرف الصحي الذي بدأته وزارة التعمير منذ عدة سنوات وتم الانتهاء بالفعل من30% من المشروع بتكلفة25 مليون جنيه ثم توقف لتعثر الشركة وتم إيقاف المشروع العام الماضي بعد الانتهاء من أهم مراحله.. ويطالب جمال عبادة المدير الإداري للجهاز باستكمال المشروع وإعادته ضمن مشروعات المياه والصرف الصحي بسيوة ومطروح إلي الجهاز لوجود الخبرات والكوادر الفنية من مهندسين وفنيين تراكمت خبراتهم علي مدي عقود قبل نقل هذه المشروعات إلي الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي لأن فرعها بالمحافظة لا يوجد به سوي مهندس واحد بعكس الجهاز الذي يحفل بعدد كبير من الخبراء يمكن لهم أن يقوموا بتنفيذ هذه المشروعات خصوصا مشروع سيوة التي تعاني شبكة المياه بها القدم ولم تحدث منذ50 عاما وتنقل المياه في أجزاء كثيرة منها من خلال مواسير الأسبستوس التي أكدت كل الدراسات تسببها في الإصابة بالسرطان والاستفادة من محطات رفع الصرف التي أغلقت بعد الانتهاء منها رغم تكلفتها المليونية.