غرفة عمليات حزب المؤتمر تصدر البيان الختامي لليوم الأول للدوائر الملغاة بانتخابات النواب    "الصين": نعتز بالتعاون مع الهيئة العربية للتصنيع    قائد القوات البحرية يكشف تفاصيل تصنيع قاطرتين بقوة شد 190 طنًا    رئيس جامعة المنوفية وأمين عام الأعلى للجامعات يطلقان فعاليات مؤتمر خدمة المجتمع    عاجل| تحركات أمريكية لتصنيف الإخوان تنظيما إرهابيا وتحذيرات من خطرهم على الأمن القومي    مصر تعزي جمهورية إندونيسيا في ضحايا الفيضانات والانزلاقات الأرضية    والد السباح يوسف: ابني ضحية اتهامات كاذبة ومطالبة برد اعتباره أولوية قصوى    نابولي يتخطى كالياري 9-8 بركلات الترجيح ويواصل مشواره في كأس إيطاليا    أسامة كمال عن حريق سوق الخواجات في المنصورة: مانبتعلمش من الماضي.. ولا يوجد إجراءات سلامة أو أمن صناعي    مصرع وإصابة 4 أشخاص فى حادثين منفصلين بالوادى الجديد    ياسمين الحصري ل معكم: والدي نموذج للرحمة والكرم والوسطية ووصيته كانت القرآن    «هل عندي وقت ؟»| أحمد فهمي يحسم جدل تورطه في فيديو يسيء لأسرة هنا الزاهد    حلمي عبد الباقي: لا أحد يستطيع هدم النقابة وكل ما يتم نشره ضدي كذب    أكرم القصاص ل إكسترا نيوز: ضمانات الانتخابات أعادت الثقة للناخبين    بعد الهجوم عليه| تفاصيل أزمة تصريحات مؤلف «الست»    بعد عدة نجاحات في مهرجان الجونة.. برنامج تسمحلى بالمشية دي في مهرجان البحر الأحمر    كأس إيطاليا.. نابولي يتخطى كالياري ويصعد للدور القادم    بدء تحصيل الزيادة الجديدة في قانون الإيجار القديم من ديسمبر... اعرف قيمتها    الاتحاد الأوروبي يدرس إضافة روسيا إلى القائمة السوداء لغسل الأموال وتمويل الإرهاب    مها محمد: كوليس ورد وشيكولاتة أجمل من التصوير    صحة الإسماعيلية تختتم دورة السلامة المهنية داخل معامل الرصد البيئي    قرارات جديدة تعزز جودة الرعاية الصحية.. اعتماد 19 منشأة صحية وفق معايير GAHAR المعتمدة دوليًا    «هربنا قبل أن نغرق».. شهادات مروّعة من قلب الفيضانات التي ضربت نصف القارة الآسيوية    مجموعة مصر.. الأردن يضرب الإمارات بهدف على علوان في شوط أول نارى    لأول مرّة| حماية إرادة الناخبين بضمان رئاسى    هل يجوز التصدق من أرباح البنوك؟| أمين الفتوى يجيب    انتهاء ترميم المبانى الأثرية بحديقتى الحيوان والأورمان    في حوار ل"البوابة نيوز".. رامي حمادة يكشف سر فوز فلسطين على قطر وطموحات المباريات المقبلة    أهالي السيدة نفيسة يوزعون الشربات على الزائرين في المولد.. صور    هل يعتبر مريض غازات البطن من أصحاب الأعذار ؟| أمين الفتوى يجيب    الخامس في قنا.. القبض على " قرموش" لشراء اصوات الناخبين    عون: لبنان تعب من المهاترات التي مزقته    ما حقيقة انتشار الدواجن السردة بالأسواق المحلية وتأثيرها على صحة المواطنين؟    حبس المتهمين باستغلال شيكات مزورة باسم الفنانة بوسي 3 سنوات    أوسكار رويز يعقد اجتماعًا فنيًا مع الحكام لمراجعة بعض الحالات    القبض على 4 أشخاص بحوزتهم مبالغ مالية بمحيط لجان انتخابية في جرجا    مياه الشرب بالجيزة: كسر مفاجئ بخط مياه قطر 1000 مم أمام مستشفى أم المصريين    الجيزة تنفّذ حملة مكبرة بعثمان محرم لإزالة الإشغالات وإعادة الانضباط إلى الشارع    «الري» تتعاقد على تنفيذ التغذية الكهربائية لمحطتي البستان ووادي الصعايدة    في يومهم العالمي.. 5 رسائل من الأزهر لكل أسرة ترعى طفلا من ذوي الإعاقة    فلسطين: تصويت 151 بلدا لإنهاء الاحتلال انتصار لحقوق شعبنا المشروعة    وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الغربية يتفقدان مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    ما مصير امتحانات الثانوية العامة بعد بلوغ «عبد الحكم» سن المعاش؟.. تفاصيل    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    انعقاد الاجتماع الرابع للجنة الفنية المصرية – التونسية للتعاون الاستثماري    الأرصاد: استمرار انخفاض درجات الحرارة الملحوظ على مختلف أنحاء البلاد.. فيديو    صدام عربي مرتقب.. الأردن والإمارات يفتتحان مشوارهما في كأس العرب 2025    بث مباشر.. ليفربول ضد ساندرلاند في البريميرليج: مواجهة نارية على أنفيلد    السيدة انتصار السيسي تحتفي بيوم أصحاب الهمم: قلوب مليئة بالحب    الصحة تعلن ضوابط حمل الأدوية أثناء السفر| قواعد إلزامية لتجنب أي مشكلات قانونية    أطعمة تعالج الأنيميا للنساء، بسرعة وفي وقت قياسي    لاول مرة فى مستشفي شبين الكوم بالمنوفية..استخراج ملعقة من بطن سيدة مسنة أنقذت حياتها    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب 2025    الجزائر تواجه السودان في مباراة حاسمة بكأس العرب 2025    توافد الناخبين للتصويت في جولة الإعادة بانتخابات النواب بالإسكندرية| صور    أسعار الفراخ والبيض اليوم الاربعاء 3-12-2025 في الأقصر    الأمم المتحدة تحتفل باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبير البترول العالمى وليد خدورى ل «الأهرام»:
«‎شروق» يحقق تحولا مهما فى صناعة الغاز المصرية
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 11 - 2015

توغل فى ملفى النفط والسياسة حلل فى الأبعاد والاقتراحات وغاص فى ادبيات اوبك وأسرار الذهب الأسود ،يحلل الارقام والمعطيات بحنكة للوصول الى الحقيقة,علمته الحياة ان الذهب الأسود تقابله قيم حياة لا تقاس بمال الدنيا.
انه الدكتور وليد خدورى الخبير العالمى فى شئون النفط ,هو من أصل عراقى من الخبراء البارزين فى شئون النفط ،حصل على الدكتوراه من جامعة جون هوبكنز فى واشنطن فى العلاقات الدولية وعمل مديراً لإدارة الإعلام فى منظمة الاقطار العربية المصدّرة للنفط «اوابك»، وعمل من عام 1981 رئيساً لتحرير نشرة «ميدل ايست ايكونوميك سيرفي» (ميس)، التى تصدر فى قبرص وهى متخصصة فى الشئون النفطية والاقتصادية، عندما منحه الملك عبدالله جائزة الصحافة البترولية قال عنه الرئيس العراقى جلال طلباني: الثورة الاسمى التى توارثتها العراق ارض الرافدين هى العقول النيرة التى لم تستطع الحروب والطغيان أطفاءها، الدكتور وليد خدورى فى حواره مع الأهرام يحلل بعين الخبير الوضع الراهن للنفط والسياسة فى مصر والشرق الأوسط والعالم: حقل شروق واهميته،وهل هذا يعنى دخول مصر قائمة الدول النفطية الغنية وهل ستصبح قادرة على تلبية احتياجاتها من الغاز الطبيعي؟ وهل نشوب حروب للغاز فى المنطقة امر وارد،وما دلالات ارتفاع الانتاج النفطى لروسيا ولماذا رفضت التعاون مع دول الاوبك؟ ؟وماذا عن الوضع النفطى فى السعودية،وهل الطاقة الشمسة قادرة على ازاحة عرش النفط والغاز؟.. إليكم الحوار .
بعد اكتشاف أكبر حقل للغاز فى التاريخ يقع ضمن مياه مصر الإقليمية وهو حقل «شروق» الذى تم الإعلان عنه منذ شهور هل تدخل مصر قائمة الدول النفطية الغنية؟وما معنى ذلك؟
ان اكتشاف حقل «شروق» مهم. وهو اكبر حقل غازى فى المياه المصرية وفى البحر الابيض المتوسط حتى الان. لكن، لا يعنى هذا أن مصر ستدخل قائمة الدول النفطية الغنية. والسبب ان الاكتشاف غازى وليس نفطيا، فهناك فرق ما بين الريع الغازى والريع النفطي، اذ ان الدخل المالى من النفط يفوق الغاز. كما يبلغ عدد سكان مصر أكثر من 80 مليون نسمة، مما يعنى مع نسبة الزيادة السنوية العالية للسكان، وارتفاع مستوى المعيشة، سيزداد استهلاك مصر الطاقوى خلال السنوات المقبلة، مما يعنى بدوره ان الصادرات ستبقى محدودة .ان المهم فى اكتشاف «شروق» هو توفير امدادات غازية مهمة لمصر فى وقت عصيب طاقويا، حيث انخفض معدل انتاج الغاز واضطرت مصر الى الاستيراد بدلا من التصدير، بسبب سياسات عدة، منها الاختلافات المالية وطبيعة العقود الجديدة مع الشركات العاملة، التأخر فى عمليات الاستكشاف والتنقيب، تأخير ولوج المياه العميقة فى المياه المصرية فى البحر المتوسط ، الزيادة المفرطة فى الاستهلاك الغازى بسبب الدعم، حيث ارتفعت نسبة الزيادة السنوية للاستهلاك الى معدلات قياسية ، مقارنة بنسب الاستهلاك فى دول العالم الاخري، والولوج بسرعة فى مشاريع التصدير.أدت مجمل هذه العوامل الى زيادة الانتاج عن تعويض الاحتياطي.فقد ارتفعت الاحتياطات المؤكدة من الغاز الطبيعى من 36.4 تريليون قدم مكعبة عام 1999/1998 الى حوالى 77.2 تريليون قدم مكعبة عام 2009/2008. لكن ارتفعت زيادة انتاج الغاز الطبيعى بمعدل ثلاث أضعاف خلال عقد من الزمن ، بالذات من 18 مليار متر مكعب عام 1999 الى 61 مليار متر مكعب عام 2009 وذلك للاسباب المذكورة اعلاه.
هل يحقق هذا الحقل كما قال رئيس شركة إينى الإيطالية صاحبة الاكتشاف تحولا حقيقيا وجذريا للطاقة فى مصر والعالم؟
يحقق اكتشاف «شروق» تحولا مهما فى صناعة الغاز المصرية، فى حال مبادرة اينى تنفيذ ما صرح به رئيسها ديسكاليزى امام البرلمان الايطالى فى نهاية شهر سبتمبر. وكما صرح ديسكاليزى تخطط شركة اينى الى ربط «شروق» وحقول اينى الغازية الاخرى فى مصر وشرق المتوسط وليبيا بشبكة تصدير للسوق الايطالية وترتبط بشبكة الغاز الاوروبية.
طبعا، من اجل تنفيذ خطط اينى الطموحة لجعل مصر مركزا لصناعة الغاز فى شرق المتوسط يتطلب هذا استثمارات باهظة.. ويعتمد تحقيق ربط «شروق» بالحقول الغازية التابعة لاينى فى مصر والدول المجاورة مثل قبرص، لدمج الغازات المتوفرة مثلا من حقل «افرودايت» مع «شروق». ويعنى توفير الامكانية لمصر لتلعب دورا غازيا رئيسا فى شرق المتوسط، بحيث تؤسس بورصة لسعر وتجارة الغاز الاقليمي، وهو أمر غير متوفر حتى الان فى المنطقة، يعتمد هذا الامر، بالاضافة الى تمديد شبكة انابيب من الغازات المحلية لربطها مع «شروق»، يعتمد كل هذا على التكاليف المالية التى ستتحملها اينى ومن ثم سعر الغاز الذى سيتم ايصاله الى إيطاليا. فيجب ان ينافس هذا السعر أسعار الغازات الاخرى التى تستوردها ايطاليا، مما يعنى اسعار الغاز الاوروبية التى تتراوح خلال الفترة الحالية ما بين 6-8 دولارات لمليون وحدة حرارية بريطانية، وإلا لن يكون من الممكن منافسة غاز «شروق» والغازات الاخرى من شرق المتوسط التى ستصل معه فى المنافسة فى السوق الاوروبية. وهذا يعنى بدوره ايضا الاتفاق مع الحكومة المصرية على اسعار مناسبة ومرنة للغاز، قد تختلف من حقل الى آخر، على ضوء حجم الاحتياطى للحقل، وعمق الحقل.
الى اى مدى يشكل الاكتشاف الجديد تحولا فى «سيناريو الطاقة فى مصر» وهل ستصبح مصر قادرة على تلبية احتياجاتها من الغاز الطبيعى لعقود مع احتمال تحولها من مستورد إلى مصدر للطاقة؟
من الضرورى بعد التجربة الصعبة التى واجهتها مصر خلال الفترة الاخيرة فى التحول من دولة غازية مصدرة الى دولة غازية مستوردة، وهى حالة فريدة فى صناعة الغاز العالمية، حيث تتحول دولة غازية مصدرة الى دولة مستودة، بالذات بعد الالتزام بعقود باهظة الثمن واستثمار المليارات من الدولارات، من الضرورى اعطاء الاولوية لاستهلاك السوق الداخلية لتنمية الاقتصاد الوطني. كما انه من الضرورى رسم توازن دقيق ما بين الاستهلاك الداخلى وحجم الاكتشافات المؤكدة. وهنا يتوجب التعاون مع شركات هندسية واقتصادية بترولية عالمية مشهود لها لكى تتوافر معلومات دقيقة عن العرض والطلب خلال العقود المقبلةغير خاضعة لرؤيا السلطات الحكومية وحدها. ان عدم توافر صورة واضحة حول العرض والطلب لعقود عدة سيكلف البلاد خسائر اقتصادية جمة. وهذا بالضبط ما حدث فى الفترة القريبة الماضية. وهناك، بالاضافة الى هذا وذاك، الجانب الجيوستراتيجى للطاقة.
فمصر دولة اقليمية كبري. واذا ستعتمد بشكل واسع على الغاز فى توليد الكهرباء ، كما هو الحال الان، واذا ستتوسع مصر فى استعمال المادة الخام من الغاز فى الصناعات البتروكيماوية، كما تنوى التوسع فى استعمال الغاز فى الصناعات الثقيلة، مثل الحديد والصلب، او فى صناعات الاسمنت والاسمدة، وذلك من اجل استبدال الغاز بالمنتجات البترولية الغالية والتى غير متوافرة بكميات كبيرة جدا محليا، ومن اجل تحسين السياسة البيئية وتقليص كميات ثانى اوكسيد الكربون محليا التى يؤمنها استعمال الغاز بدلا من المنتجات البترولية، هذا كله يعنى تبنى سياسة تقترحها الحكومة على مجلس الشعب تحدد نسبة الكميات الممكن تصديرها من الغاز مقارنة بما يستوجب المحافظة عليه للعقود الخمسة المقبلة على ضوء الاحتياطى الغازى المؤكد للبلاد، وليس الاحتياطى المحتمل، ذلك لكى لا تعانى مصر من التجربة الحالية التى تتفاوض فيها مع الشركات الدولية لاستيراد الغاز بالاسعار العالمية. ولا تضطر الدولة قطع الكهرباء عن المواطنين، او تجميد صادرات مصانع الغاز المسال، ومن ثم تحمل تعويضات باهظة الثمن نتيجة الاخلال بالعقود.
وهل هذا الكشف الهائل يؤكد ما سبق من توقعات ودراسات كشفت أن مياه مصر الإقليمية تسبح فوق حقول هائلة من الغاز الطبيعى يمكنها أن تحقق لمصر الاكتفاء الذاتى من الطاقة، ويتيح لها تصدير الفائض، لا فى صورة غاز خام بل فى صورة منتج نهائى كامل يكون الغاز أحد مكوناته كالبتروكيمياويات والأسمدة ومشتقاتهما وغيرها؟
ان الكلام عن توقعات لاحتياطات اضافية فى مصر يعتمد فى نهاية المطاف على عوامل عدة: جيولوجية البلاد، القوانين البترولية المحلية ، و التقنية المتوافرة فى حينه. فالبترول فى مياه شرق المتوسط المكتشف حتى الان تم العثور عليه فى مياه عميقة جدا، أكان ذلك فى مصر أو قبرص أو اسرائيل، فى مياه عمقها يتراوح ما بين 15000 الى 20000 قدم تحت سطح البحر. من الواضح ان الاكتشاف والانتاج من هذه المياه العميقة يعنى استخدام أحدث الوسائل التقنية المتوافرة وبتكاليف باهظة جدا. ان الذى يساعد فى هذا الامر هو انتشار وتوسع هذه العمليات البحرية فى مختلف دول العالم. مثلا، تكاليف حفر بئر واحدة فى مياه شرق المتوسط العميقة جدا تقدر بنحو 80-150 مليون دولار يوميا فى المياه العميقة جدا.
هناك مخاطر جيولوجية تصاحب عمليات الاستكشاف والتنقيب. تتحمل الشركات العاملة هذه المخاطر، رغم «موعودية» المنطقة جيولوجيا. على سبيل المثال، تخلت شركة «رويال دتش شل» عن منطقة بحرية «موعودة» فى مياه القطب الشمالى المحاذية لولاية الاسكا الامريكية قبل اسبوعين تقريبا، بعد ان حفرت هناك منذ عقد تقريبا وانفقت ما بين 5-10 مليارات دولار. لكنها لم تكتشف كميات نفطية تجارية فى نهاية الامر. لذا ممكن ان تكون هناك منطقة واعدة، ولكن هل يتم الحفر الاستكشافى فى الطبقة الجيولوجية الدقيقة. على سبيل المثال ايضا، فقد عملت شركة اوروبية فى قطعة «شروق» قبل اينى ولم تعثر على الغاز، من ثم تخلت عن العمل فى هذه القطعة بالذات وقررت اينى الاستكشاف فى نفس القطعة وعثرت على «شروق». لقد تكررت هذه التجارب مرات عديدة، حيث تنقب شركة فى الطبقات الجيولوجية العليا ولا تكتشف النفط او الغاز، ومن ثم تتخلى عن العمل فى هذه المنطقة بالذات.
هناك عدة امور مهمة فى عمليات الاستكشاف والتنقيب: اولا: توافر خرائط جيولوجية دقيقة للمنطقة. ثانيا: توافر التقنية الحديثة للاكتشاف، بالذات فى المياه العميقةجدا. ثالثا: توافر الحافز الاقتصادى لترغيب الشركات مواجهة المخاطر الجيولوجية. وكما هو معروف لا تتحمل الحكومات اى مخاطر او نفقات فى مرحلة الاستكشاف والتنقيب. فهذه مسئولية الشركة العاملة التى تتحمل جميع النفقات الى حين بدء الانتاج. هذا يعنى توافر اسعار نفط عالمية معقولة ومستقرة. كما يعنى هذا ان العقود مع السلطات المحلية يجب ان تحفز وتساعد الشركات في عملها. هذا لا يعنى الحافز المالى فقط، وان كان هذا بالغ الاهمية للشركات، بل ايضا ان تعفى الشركات العاملة من القيود البيروقراطية التى تعرقل عملها.
فكلفة استئجار منصة بحرية تبلغ الملايين من الدولارات يوميا. من ثم، فان خسارة الشركة ستكون باهظة لو خضعت المنصات الى نفس الروتين الحكومى الذى يؤخر المعاملات اياما بل اسابيع.
سجل الانتاج النفطى الروسى أعلى معدلاته منذ انهيار الاتحاد السوفيتي ،وهذا الانتاج يضعها فى مصاف الدول النفطية الثلاث (السعودية وامريكا وروسيا) كيف تحلل هذا الخبر؟
يعود السبب فى زيادة الطاقة الانتاجية النفطية الروسية الى ما يزيد على 10 ملايين برميل يوميا فى الفترة الحالية (وهو نفس المستوى الذى كان عليه قبل انهيار الاتحاد السوفيتي)، الى اعمال الشركات الروسية الصغيرة الحجم نسبيا التى اكتشفت حقولا جديدة عديدة فى السنوات الاخيرة. كما ان الانتاج العالى مؤخرا، رغم الحصار الغربى على روسيا ، يعود الى السياسة الضريبية التى اتبعها الكرملين. فهى سياسة تشجع التصدير للنفط الخام، بدلا من التكرير المحلى والحصول على المنتجات البترولية الكافية للاستهلاك المحلي. ويبدو ان هذه السياسة قد نجحت، ولكن على حساب السوق المحلية.
فى رأيك لماذا رفضت روسيا التعاون مع منظمة أوبك فى منتصف 2014 لخفض الإنتاج؟
يتضح ان رفض روسيا تخفيض الانتاج فى صيف عام 2014 وعدم التعاون مع منظمة الاقطار المصدرة للنفط «أوبك» يعود الى استعداد الشركات الروسية زيادة الانتاج. فقد توافرت لهم التقنية اللازمة والاموال الكافية للاستثمار فى الحقول الجديدة. وايضا، وهذا مهم جدا، زادت روسيا من صادراتها البترولية (النفطية او الغازية منها) الى دول شرق اسيا، بالذات الصين.
وماتداعيات تراجع أسعار النفط على استقرار الدول العربية المستمر منذ شهور؟
من نافل القول، ان تدهور اسعار النفط حوالى 50-60 % له مدلولات سلبية على اقتصادات واستقرار الدول العربية النفطية جمعاء. لكن تختلف التأثيرات الاقتصادية او السياسية حول طبيعة نظم الحكم واقتصادات هذه الدول قبيل تدهور الاسعار. فدولا مثل العراق وليبيا تعانى من ازمات تكاد تكون وجودية ، فكيان هاتين الدولتين تحت التهديد، واحتياطاتهما المالية تدهورت قبل انخفاض اسعار النفط. فالانهيار النفطى السعرى فاقم المشاكل. اما الدول التى لديها نظم مستقرة واحتياطات مالية وافرة، فقد حاولت درء الامر باللجوء الى الاحتياطى المالى لديها، او الاقتراض من الاسواق المحلية الداخلية او الخارجية. لكن التحدى الأكبر لهذه الدول هو : هل ستنتهز هذه الدول الفرصة لتبادر باتخاذ اصلاحات اقتصادية وسياسية. ام ستترك الامور لتستمر البلاد كما كانت عليه منذ عقود معتمدة على الريع من سلعة واحدة معرضة للتدهور سعريا لاسباب خارجية من الصعب التحكم بها.
يجب الا ننسى ان النظم الاقتصادية للدول النفطية العربية قد بدأت واستمرت دون تغيير تدريجى منذ منتصف القرن الماضي. لقد تغيرت اقتصادات ومجتمعات هذه الدول، فمن غير الممكن الاستمرار بنفس السياسات الاقتصادية والاجتماعية، سياسات «الرفاه الاجتماعي» التى توفر الكهرباء والماء والبنزين مجانا تقريبا، او على الاقل باقل من سعر الكلفة. يجب درس ومراجعة هذه الظاهرة من قبل الخبراء العرب واتخاذ القرارات المناسبة والشجاعة من قبل المسئولين فى بلادنا ،قبل استفحال الأمور.
وهل يمكن ان تتراجع أهمية الشرق الأوسط عالميا فى حال تدهور أسعار النفط أكثر؟
لا اعتقد ان اهمية الشرق الاوسط الجيوسياسية ستتراجع مع انهيار اسعار النفط. ان النفط سلعة حيوية للاقتصاد العالمي. لقد كان سعره أقل من دولار للبرميل حتى اوائل عقد السبعينيات للقرن العشرين، وكانت للمنطقة عندئذ اهمية جيوسياسية.
يواجه النفط تحديات عدة، منها بدائل الطاقة المستدامة مثل الطاقة الشمسية والرياح والنووية. لكن بعد سنوات من التجارب وتخصيص ملايين الدولارات من الدعم للطاقات المستدامة، لا تزال محدودة الاستعمال، لا توفر اكثر من 10 فى المئة من مجمل الطاقة المستخدمة عالميا، بينما يستمر النفط فى تزويد ما بين ربع او ثلث الطاقة المستهلكة عالميا.
اعتقد ان التحدى الاكبر لنفوط الشرق الاوسط والنفط عموما هو النفوط غير التقليدية (النفوط المحصورة، النفط الصخري، نفوط اعماق البحار والمحيطات، ونفوط القطب الشمالى فى حال التمكن من استخراجها). كما ان التحدى الاكبر للنفط هو التمكن من تغيير وقود وسائل النقل بصورة واسعة جدا وبكميات تجارية بحيث يتم الاعتماد على الطاقة الكهربائية او الشمسية فى استعمال وسائل النقل، اى تعميم استعمال السيارات الهجينة . يشكل قطاع المواصلات الملاذ الاساس للنفط. فاذا استطاعت التقنية تغيير هذا الواقع، هناك التحدى الأكبر.
وهل انخفاض أسعار النفط مشكلة طارئة ام أزمة مستمرة وما هو مقدار التهديد الذى يواجه الدول الخليجية التى تعتمد فى اقتصادياتها على تصدير النفط؟
هناك نوعان من انخفاض الأسعار: اولهما تدهور الاسعار وهذا ما نحن بصدده الان. وقد حدث هذا بسبب الارتفاع العالى جدا للاسعار الى ما بين 100-115 دولارا للبرميل مما اثار قلق المستهلكين وقلص الطلب. تزامن هذا الانخفاض فى الطلب مع الارتفاع العالى والسريع للنفط الصخرى الامريكى الذى بلغ حوالى 4.200 مليون برميل يوميا، وهو اعلى من معدل انتاج نفط العراق، ثانى اكبر دولة فى الانتاج فى منظمة «أوبك». شكلت الزيادة السريعة والعالية لانتاج النفط الصخرى الامريكى سابقة تاريخية لم تكن متوقعة فى الصناعة البترولية العالمية.
ثانيا هناك التذبذب اليومى للأسعار. حيث تتراوح الاسعار ما بين 1-5 فى المائة بسبب معلومات عن زيادة المخزون التجارى العالمى او انقطاعات مؤقتة من دولة مصدرة. ويمكن اعتبار كل من هذه الانخفاضات مؤقتة.
ان وجهة نظر اقطار أوبك هى ان الطلب العالمى فى ازدياد مستمر. تعتقد الدول المنتجة الكبرى فى «أوبك» ، بالذات السعودية، ان اقتصادات التنمية المستدامة فى الدول الناشئة فى العالم الثالث (الصين، الهند، جنوب افريقيا، كوريا الجنوبية والبرازيل) بالاضافة الى كثافة عدد السكان فى هذه الدول وتحسن مستوى المعيشة سيساعد ازدياد الطلب على النفط ويعوض انخفاض النمو على الطلب فى الدول الصناعية الغربية. وبالفعل، نجد ان الاغلبية العظمى لنفط الدول المنتجة فى الخليج، تتجه شرقا الى اسيا، بدلا من الغرب الى امريكا او اوروبا. فتحسن الاقتصاد وازدياد عدد السكان، ونمو شريحة واسعة من الطبقة المتوسطة فى الدول الناشئة هو الضمان الأساسى لنمو صناعة النفط. بالمناسبة، ان الامر لا يقتصر فقط على الصين. اذ ان معدلات النمو فى الهند قد تحسنت بشكل ملحوظ أخيرا لتضاهى الصين.
اقترح الرئيس الفنزويلى نيكولاس مادورد عقد اجتماع طارئ للدول الأعضاء المصدرة للبترول أوبك وذلك لوقف مسلسل انهيار أسعار النفط دون الانتظار للاجتماع الدورى ومن المنتظر ان يعقد هذا الاجتماع فى نهاية العام ،إلى أى مدى فى رأيك يمكن ان يحل هذا الاجتماع مشكلة أسعار النفط؟
لا اعتقد ان بند اجتماع القمة للدول المصدرة الأعضاء وغير الاعضاء، الذى اقترحته فنزويلا بدعم من ايران والجزائر، قد وضع على جدول اعمال «أوبك» حتى الان. هناك خلاف واسع حول الموضوع، بل انقسام كبير حوله.
من ناحية اخري، اعتقد انه قد آن الاوان لمنظمة «أوبك» ان تتعامل بطريقة مختلفة مع الدولتين الكبريين الولايات المتحدة وروسيا ،سياسيا ونفطيا،. هناك طبعا، الخلافات السياسية ما بين بعض اقطار «أوبك» واحدى الدولتين العظميين. كما هناك نظم وقوانين مختلفة ما بين الدولتين الكبريين. فالقوانين الامريكية لا تسمح بالتفاوض مع «أوبك» على اساس انها منظمة احتكارية، الامر الذى لا تسمح به القوانين الامريكية. لذا، فان التعامل مع الولايات المتحدة يكون من خلال وسائل ونظم السوق. وهذا ما حدث بالفعل خلال السنتين الماضيتين مع مواجهة تحدى النفط الصخري. اما بالنسبة لروسيا، فالاغلبية الساحقة من الشركات النفطية حكومية، لذا من الممكن التفاوض مع موسكو لايجاد ارضية للتعاون تحقق مصلحة الطرفين فى آن واحد.
فى الحقيقة، بادرت «أوبك» فى الاجتماع مع الدول المنتجة غير الاعضاء فى المنظمة (من ضمنهم روسيا) منذ فترة. لكن اقتصرت هذه الاجتماعات على الخبراء والقضايا «الفنية» .
نشرت «الجاريان» فى تقرير اقتصادى فى اغسطس 2015 يشير الى ان السعودية ستدخل فى دوامة من المشاكل بسبب سعر البترول الراهن وخاصة ان صناعة النفط فى أمريكا لديه صمود كبير. كيف تحلل هذا التقرير؟
ان انخفاض الدخل المالى لاى دولة بنسبة 50-60 % بسرعة يخلق اوضاعا غير طبيعية ومعتادة فى البلاد. ولا يختلف الوضع فى السعودية من هذه الناحية عن غيره من الدول. الفرق الوحيد والاساس ان بامكان السعودية، وقد قامت بذلك فعلا ،فى الاقتراض من الاسواق المالية لسد العجز الحاصل.
اكتشافات غاز البحر المتوسط.. هل ستمثل الحرب القادمة بين مصر وإسرائيل و تركيا؟
تكمن مشكلة اكتشاف الغاز فى شرق المتوسط فى الاساس فى عدم رسم الحدود البرية بين دول المنطقة المعنية وعدم تشريع الاتفاقات من قبل مجالس النواب. هذه الخلافات البحرية الحدودية قد تؤدى الى تأجيج الامور.
طبعا، هناك مشاكل اخري. فتركيا محتلة الجزء الشمالى من جمهورية قبرص، من ثم تعتبر المياه المجاورة لهذا الجزء الشمالى المحتل تابعا لها، وتدعى انها تعمل ذلك من اجل مصلحة الجالية التركية فى الجزء الشمالي. حصلت تداعيات عدة بسبب هذه الحجة التركية فى رسم حدود «المناطق الاقتصادية الخالصة» البحرية ما بين قبرص وكل من سوريا ولبنان. لقد حققت تركيا خلال السنوات الاخيرة نموا اقتصاديا وصناعيا مهما. لكن تكمن مشكلة تركيا فى عدم توافر المصادر الهيدروكربونية (النفط والغاز) فى اراضيها او مياهها. من ثم تحاول انقرة استيراد الامدادات من الدول المجاورة (العراق، ايران، روسيا واذربيجان والجزائر ونيجيريا) وخلق جو من التنافس السعرى فيما بين جميع هؤلاء المصدرين للحصول على اسعار مخفضة. اعتقد ان تركيا ستحاول نفس السياسة مع غاز شرق المتوسط، كلما امكن لها ذلك. من المستبعد نشوب الحروب حول الغاز. لكن من المحتمل جدا بروز خلافات حادة، بالذات فى غياب رسم الحدود. طبعا، تعتمد نشوب الحروب على الوضع السياسى فى كل من الدول المعنية واستعداد القوات المسلحة فى الدفاع عن أمن البلاد. فاذن هناك ثغرة ضعف، تنتهز قوى معادية هذا الضعف. لكن هل يشكل الغاز السبب الرئيس للحروب؟ هذا ممكن، ولكن مستبعد. السبب ان الحرب فى شرق المتوسط ليست محصورة ما بين دول المنطقة وحدها. فهناك شركات نفطية عالمية تعمل فى الحقول الغازية، ولكل منها العديد من المهندسين والعمال الذين يعملون ليلا ونهارا على المنصات البحرية. وهناك الكلف الباهظة لهذه المنصات (عشرات الملايين من الدولارات لكل منصة). فتدمير المنصة البحرية يمكن ان يقابله تدمير المنصات فى المناطق البحرية للطرف الاخر ، ناهيك عن تدخل الدول الصناعية التى تنتمى اليها الشركات المعنية. ان نشوب خلافات محتمل جدا، بالذات فى حال الضبابية المهيمن على مختلف الحدود البحرية فى شرق المتوسط. لكن، من المستبعد نشوب حرب مدمرة ضخمة سببها الغاز فقط.
على مدار العقود الماضية تحدث خبراء كثيرون عن ثورة الطاقة الشمسية القادمة وكيف ستزيح النفط والغاز عن عرش الطاقة فى العالم..ما رأيك -هل ثورة الطاقة الشمسية قادمة؟ وما اكبر التحديات التى تواجه هذه الثورة؟
من الصعب على مصدر طاقوى واحد ان يهيمن كليا على صناعة الطاقة العالمية. اذ ان بدائل الطاقة متعددة، ولكل منها تقنيتها المتطورة والصناعات المعتمدة عليها. اعتقد اننا سنشهد تقدما ملحوظا فى صناعة الطاقة الشمسية، بالذات لان تحسن البيئة قد اصبح شعارا يتصدر الاجندات العالمية، وله مريدوه عند الرأى العام. ستتمكن الطاقة الشمسية فى باديء الامر الولوج فى قطاع الكهرباء بالاحلال محل الفحم والغاز. اما الاحلال محل المنتجات البترولية فى تشغيل السيارات الهجينة، فهذا سيتطلب وقتا أكثر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.