متي سينضب النفط خاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تستحوذ علي نحو ستين في المائة من الاحتياطيات النفطية العالمية؟ ربما يكون من المفيد استعراض حجم الموارد الخليجية من هذه السلعة الاستراتيجية. التي تشكل العماد الاقتصادي للحضارة الحديثة والتي تمثل نحو ستين في المائة من اجمالي صادرات العالم العربي للخارج. تبلغ القيمة النقدية لمخزون النفط والغاز في دول مجلس التعاون الخليجي خمسة وستين تريليون دولار حسب الاسعار الحالية تحوم حول مستوي مائة دولار للبرميل, ويمثل هذا المخزون الخليجي مايقارب ثلث اجمالي قيمة المخزون العالمي من النفط والغاز التي تبلغ مائتي تريليون دولار. وبمقارنة هذه القيمة البالغة65 تريليون دولار, فإنها تساوي47 مرة تقديرات الناتج المحلي الاجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي خلال2011 أي قيمة ما انتجته دول مجلس التعاون الخليجي من سلع وخدمات خلال تلك السنة), كما أن هذه القيمة تساوي ثلاثة وتسعين في المائة من الناتج المحلي الاجمالي العالمي, وأيضا تساوي125 مرة قيمة عائدات النفط والغاز لحكومات المنطقة خلال2011 والتي تقدر بحوالي521 مليار دولار. ويأتي مخزون النفط والغاز في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا, بخاصة العراق وايران في المرتبة الثانية, حيث تستحوذ علي23% من المخزون العالمي, ثم يأتي في المرتبة الثالثة منطقة أوراسيا, بخاصة روسيا وكازاخستان التي تستحوذ علي16% من المخزون العالمي. ومن ناحية حجم المخزون فإن مخزون دول مجلس التعاون الخليجي من النفط, البالغ495 مليار برميل يمثل36% من مخزون النفط العالمي, كما أن مخزون المنطقة من الغاز الطبيعي البالغ42 تريليون قدم مكعب يمثل22% من المخزون العالمي. توزيع الاحتياطيات وعند توزيع مخزون النفط والغاز حسب الدول نجد أن المملكة العربية السعودية تستحوذ تقريبا علي نصف مخزون دول مجلس التعاون الخليجي, وتأتي بعدها الامارات العربية المتحدة والكويت ودولة قطر, والتي تستحوذ كل منها علي نحو سدس مخزون المنطقة ويبلغ قيمة مخزون دولة قطر مايقارب95 تريليون دولار, كما أن حصة سلطنة عمان تمثل12% في حين تستحوذ البحرين علي أقل من نصف هذه الحصة من اجمالي مخزون النفط والغاز في المنطقة. ولابد من النظر الي هذه التقديرات علي انها مجرد مؤشرات بسبب التذبذبات في أسعار النفط والغاز والتي من الصعب التنبؤ بها لوجود عوامل كثيرة تؤثر فيها, ومن بين هذه العوامل النمو في الاقتصاد العالمي والمخاطر الجيوسياسية وكفاءة استخدام مصادر الطاقة والتطورات التقنية في قطاع النفط والغاز وفي حال اعتمد التحليل علي أسعار النفط والغاز المنخفضة خلال عام2009, وهو مايمكن اعتباره أسوأ سيناريو فإن قيمة مخزون النفط والغاز في دول مجلس التعاون الخليجي ستتراجع الي42 تريليون دولار. ومن المحتمل اكتشاف حقول جديدة للنفط والغاز, كما أن التطورات التقنية وارتفاع أسعار النفط ستؤدي الي ارتفاع حجم مخزون النفط والغاز الذي يمكن استغلاله تجاريا. ومن جانب آخر تعتبر تقديرات قيمة مخزون النفط والغاز أعلي من القيمة الفعلية لسببين أولا تفترض التحليلات أن هذا المخزون تم استخراجه وبيعه بالاسعار الحالية غير أن جزءا مهما من انتاج النفط والغاز يذهب الي الاستهلاك المحلي بأسعمار مدعمة لاستخدامه في انتاج الكهرباء أو كوقود لوسائل النقل أو كمواد أساسية لبعض الصناعات, ثانيا يجب وضع نسبة خصم علي قيمة عائدات النفط والغاز المستقبلية آخذين بالاعتبار مستويات الفائدة لدي المصارف. بشكل عام, من الممكن إلغاء الجوانب الايجابية والسلبية في هذه التقديرات وعندها ستعتبر تقديرات قيمة مخزون النفط والغاز عند65 تريليون دولار قيمة عادلة, وعلي أي حال فمن الواضح أن مخزون النفط والغاز في دول مجلس التعاون الخليجي كانت وستظل أصولا مهمة للمنطقة, وبالرغم من عمليات الاستخراج لعقود طويلة فإن تقديرات قطاع المصارف الخليجي تشير الي أن مخزون النفط الحالي علي مستوي المنطقة وعند مستويات الانتاج الحالية سيستمر لمدة سبعين سنة في حين أن مخزون الغاز سيستمر لمدة118 سنة, وبالتالي فإن الاستخدام الأمثل لهذا المخزون سيشكل المستقبل الاقتصادي لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي خلال القرن المقبل. بعد أربعين عاما ويتوقع مختصصون في قطاع الطاقة أن تواجه دول العالم شحا في كميات النفط بعد أربعين عاما من الآن تقريبا مع استثناء عدد من الدول والتي من بينها المملكة وبعض دول الخليج التي تتمتع بمخزونات ضخمة. وسيحمل شح النفط في طياته مخاوف وتحديات كبيرة في حال لم تكن هناك بدائل متاحة تقنيا ومجدية اقتصاديا وأهم هذه المخاوف تتمثل في انهيار الاقتصاد العالمي. فالنفط سيظل موضوعا حيويا محليا ودوليا لأنه يمثل عصب الاقتصاد العالمي, خاصة أن تجارة النفط تشكل15 في المائة من التجارة الدولية ويزيد من أهمية النفط ارتباط تسعيرته بالدولار لأن نسبة كبيرة من الاحتياطيات النقدية الدولية بالدولار, مايضيف قوة أكبر للنفط من جهة, ويوفر من جهة أخري دعما اقتصاديا وسياسيا مباشرا وغير مباشر للدولار. وباستعراض سريع لأسعار النفط منذ اكتشافه, نلاحظ أنه بدأ كسلعة رخيصة, وكانت شركات النفط العالمية تتحكم في الإنتاج والتكرير والتسويق والتسعير وفي جميع مراحل الصناعة النفطية, ولكن ظهور أوبك عام1960 منح الدول المنتجة تأثيرا لرفع الأسعار إلي مستوي يحقق العدالة السعرية للمنتجين والمستهلكين, وبدأت الدول في أوبك التدرج في تأميم مصادرها النفطية الوطنية وخرجت من اتفاقيات الامتياز السابقة التي كانت تمنح شركات النفط مزايا كبيرة لصالحها, ووضعت أطرا قانونية تضمن حقوق الطرفين وتساعد الدول علي تأميم ثرواتها وعقد اتفاقيات جديدة لتطوير وإنتاج وتسويق البترول. وبسبب كل تلك العوامل إضافة إلي تنامي الطلب علي البترول بدأت الأسعار تأخذ مسارا تصاعديا يحقق العائد المجزي للدول المنتجة ولا يهضم حقوق شركات البترول ويواكب الاحتياج العالمي, ويسهم في تحقيق النمو الاقتصادي العالمي إلا أن المتغيرات السياسية الطارئة كانت ذات أثر كبير ومفاجئ ومن أهمها حرب السادس من أكتوبر المجيدة في عام.1973 وقد كان لارتفاع أسعار البترول المفاجئ آثار ايجابية مؤقتة في الدول المنتجة إلا أن آثاره السلبية كانت أعمق لأن ذلك أدي إلي توجه الاستثمارات النفطية إلي مناطق غير تقليدية مثل حقول بحر الشمال التابعة لبريطانيا والنرويج, كما بدأت الدول المستهلكة تطبيق سياسات تعني بترشيد استخدام الطاقة واستحداث بدائل غير تقليدية, وبدأت آثار تلك التحركات تظهر في الثمانينيات وأدت إلي إغراق السوق بكميات كبيرة من النفط وبدأت حصة وبك تتقلص وانخفضت الأسعار إلي أقل من عشرة دولارات للبرميل. تراجع أوبك كل ذلك أدي إلي ظهور هيكلية جديدة للسوق وأخذ العرض والطلب والأحداث الكبري دورا أكبر في التحكم في الأسعار يتفوق علي دور أوبك وبعد الثمانينيات طرأت أحداث كبيرة أهمها انهيار الاتحاد السوفيتي الذي سبب تحولا كبيرا علي الصعيدين السياسي والاقتصادي إضافة إلي قيام حرب الخليج ثم احتلال العراق. وعلي الصعيد التجاري ظهرت تغيرات سوقية, وأصبح التعامل مع النفط يتم علي أنه سلعة مدرجة في البورصة وظهرت المضاربات في العقود الآجلة, كل ذلك إضافة إلي الانفجاريات السياسية والعسكرية في مناطق أخري من العالم أدي إلي تقلب الأسعار بشكل لا يمكن توقعه وذهب بها في اتجاه تصاعدي حتي بلغت في عام2008 أكثر من140 دولارا للبرميل, وقد كان للارتفاع الكبير في الأسعار تأثير عكسي في الاقتصاد العالمي, وطرأ التساؤل الذي مازال محل جدل, هل فجرت الأزمة الاقتصادية العالمية أسعار النفط أم العكس؟ ماهي أهم التغيرات علي مستوي الإنتاج؟ الطاقة الشمسية وثمة من يرجح أن تكون التحولات في مصادر الطاقة ذات دوافع اقتصادية بالدرجة الأولي, وتظل الدول المتقدمة تنظر إلي الطاقة الشمسية علي أنها البديل الأمثل, وهناك دول مثل ألمانيا وفرنسا تحقق قفزات علمية في توفير وإنتاج الطاقة الشمسية. وبالنسبة للطاقة النووية, فعلي الرغم من أن الاقتصاديين والساسة ينظرون إليها كبديل تعد في نظر البعض مكلفة اقتصاديا وغير آمنة نظرا لتبعاتها السياسية والبيئية. في عام1960 تأسست منظمة أوبك وكان هدفها الأساسي استرداد حقوق الدول المنتجة من الشركات البترولية العالمية وتكريس مبدأ إعادة الثروات للدول التي تمتلكها, ولكن تغير هيكل السوق وارتفاع الأسعار إلي مستويات عالية في السبعينيات أديا إلي ظهور منتجين آخرين وتقلصت حصة أوبك في السوق البترولية حتي وصلت اليوم إلي37%. ويظل تأثير أوبك تنظيميا أكثر من كونه فاعلا في تحديد الأسعار أو تحديد الإنتاج, وعندما تقرر أوبك خفض الإنتاج لا يعني ذلك تحديد السعر ولكن تنظيم السوق والحفاظ علي مستويات العرض والطلب في إطار معين. فمن المعلوم لدي الخبراء أن الطفرات الاقتصادية التي شهدها المجتمع الدولي خلال السنوات الماضية والنمو الاقتصادي السريع الذي صاحب تلك المراحل كانت كلها وليدة توافر الطاقة النفطية بأسعار متدنية وزهيدة للغاية.وهذا يعني بما لا يدع مجالا للشك أن أي نقص حاد في امدادات مصادر الطاقة في المستقبل سيكون له تأثير سلبي كبير في مجمل نمو الاقتصاد العالمي. وهذا يعود إلي اعتماد الاستهلاك خلال العقود الماضية والي درجة كبيرة علي مصدر واحد للطاقة وهو النفط. ومما ضاعف من اهمية مصادر الطاقة النفطية كاساس للنمو الاقتصادي خلال تلك العقود, ولا تزال, توافرها بكميات ضخمة وسهولة انتاجها ونقلها ويسر مناولتها وارتفاع مستوي طاقتها الحرارية, الي جانب تدني اسعارها الي حد لايتناسب علي الاطلاق مع المردود الكبير العائد علي استخدامها في جميع المجالات. وقد ادي ذلك الي بناء بنية تحتية واسعة حول العالم تشمل جميع ما يختص بالصناعة النفطية ووسائل المواصلات التي تعتمد عليها, بتكلفة تبلغ عشرات التريليونات من الدولارات. وهو مايوجب لفت النظر الي ان اي تحول جوهري في امدادات الطاقة علي مستوي العالم الي مصادر متجددة تختلف مكوناتها عن طبيعة النفط, فمن المؤكد اننا سنضطر الي بناء بنية تحتية جديدة مماثلة وبالمقاس نفسه تناسب استخدام المصدر الجديد وبالتكلفة ذاتها. تلك الظروف التي كانت سائدة في السوق النفطية, والمتمثلة في ضعف الاسعار ووفرة المعروض, كانت المحرك الرئيسي للنمو غير الطبيعي للاقتصاد العالمي خلال عقود الازدهار الصناعي, ابتداء من اواخر الخمسينيات الميلادية. وحتي بعد بدء الارتفاع النسبي للاسعار في منتصف السبعينيات, كان هناك فائض نفطي كبير في السوق استمر في دفع عجلة النمو الاقتصادي التي لم تتمهل الا في اواخر العقد الماضي عندما ظهرت بوادر احتمال حصول نقص في امدادات مصادر الطاقة, بسبب استمرار نمو الطلب العالمي وغياب نمو المعروض. وهذا مؤشر ينذر بانتهاء عصر الرخاء والنمو الاقتصادي غير المحدود. وبما ان النظام الرأسمالي الحديث, الذي يعتمد عليه الاقتصاد العالمي, مبني اساسا علي توفير واستخدام الطاقة النفطية الرخيصة التي اوشكت علي الوصول الي قمة عطائها وتطل الان علي مرحلة البدء في الانخفاض, فان النمو الاقتصادي سيسير ببطء شديد حتي يصل الي تمام التوقف. وذلك عندما تفقد السوق نسبة كبيرة من الانتاج النفطي قبل ان تتوافر بدائل مناسبة وبكميات كبيرة, تملأا الفجوة بين الطلب المتزايد والمعروض, وهو امر لم يعره المجتمع الدولي بعد ما يستحق من الاهتمام من اجل ضمان استمرار عهد الرخاء الاقتصادي. تحديات نفطية ويطرح هذا الأمر عدة تحديات, يتمثل أولها في مواصلة العثور علي حقول نفط جديدة. فيما يتمثل الهدف الثاني في زيادة نسبة معدلات استخلاص النفط من الحقول الحالية, حيث إن معدلات الاستخلاص من الحقول القائمة في حدود30 في المائة, مشيرا في الوقت ذاته إلي أنه إذا استطاعت الابتكارات التقنية علي مدي ال25 عاما المقبلة رفع تلك النسبة بواقع20 في المائة, فإن ذلك سيؤدي إلي إضافة نحو تريليون برميل أخري إلي قاعدة احتياطيات الزيت العالمية. أما الهدف الثالث فيدور حول خفض تكاليف التنقيب والإنتاج, بحيث سيتمخض عن تحويل مناطق الإنتاج المحتملة التي لم تكن مجدية من الناحية الاقتصادية فيما سبق إلي فرص استثمارية مجدية. ويتمحور الهدف الرابع حول تطوير ما يعرف بموارد النفط غير التقليدي والتي يمكن تقسيمها إلي فئتين: الأولي النفط الثقيل جدا ورمال القار والبيتومين والتي تمثل موارد نفطية هائلة تضم حسب التقديرات نحو4.7 تريليون برميل من النفط, بينما تمثل الفئة الثانية الصخر الزيتي الذي يسمي السجيل وهو مورد ينطوي علي تحد أكبر وفي الوقت نفسه يمثل فرصة ضخمة لإضافة ما يزيد علي2.5 تريليون برميل من الزيت. أما الهدف الخامس فيرتبط بجميع الأهداف التقنية الأربعة الأخري ويتمثل في تخفيف الآثار البيئية لأنشطة صناعة النفط ومنتجاتها. مزيد من الجهد رغم الاكتشافات المستمرة والمتوالية لاحتياطيات جديدة من النفط الخام والغاز الطبيعي في مناطق عدة في العالم, فإن استثمار هذه الحقول أو دخولها مرحلة الإنتاج التجاري أصبحا اليوم يتطلب ان مزيدا من الجهد والمال. ففي عام1900 كان استخراج100 برميل من النفط يستهلك طاقة برميل واحد, ومع ازدياد صعوبة الوصول إلي مكامن النفط والغاز اليوم, أصبحت طاقة البرميل الواحد تكفي لاستخراج15 برميلا فقط, وكان اكتشاف حقول النفط والغاز خلال النصف الأول من القرن الماضي معتمدا إلي حد كبير علي المصادفة والحظ, فالاكتشافات الأولي اعتمدت علي وجود بقع زيتية علي سطح الأرض, أو أنواع معينة من الصخور, أو ظواهر أخري تدل علي وجود النفط في الأعماق. وعلي الرغم من استخدام تقنيات المسح المتقدمة مثل المسوح الزلزالية التي توظف الارتدادات الصوتية في تحديد التكوين الجيولوجي للمكمن مصحوبة باستخدام الاتصالات عبر الأقمار الصناعية للتحكم عن بعد في تحديد مواقع الآبار الاستكشافية, فإنه لا يمكن بدقة تحديد نوعية النفط أو الغاز ولا حتي حجم المخزون قبل حفر الآبار الاستكشافية, بمعني آخر أنه حتي مع استخدام تقنيات الاستكشاف المتقدمة لا يمكن الجزم دائما بأن كل عمليات الحفر تنتهي بإنتاج النفط أو الغاز بكميات تجارية. ومعلوم أن حفر البئر النفطية عملية تتسم بكونها باهظة التكاليف وهي تزداد في حالة الحقول البحرية وتتناسب مع عمق البئر ولا تقل في كل الأحوال عن15 مليون دولار لكل عملية حفر, وتصل التكاليف التراكمية الإجمالية لحفر البئر بما في ذلك تكاليف الاستكشاف والتطوير لبعض حقول النفط والغاز البحرية العميقة إلي ما يزيد علي المليار دولار عبر فترة زمنية تمتد إلي نحو7 سنوات قبل أن تبدأ البئر في الإنتاج. ويبدو أن تكاليف تطوير الآبار تأخذ مسارا تصاعديا, فحسب دراسة لمؤسسة أبحاث كمبردج للطاقة ارتفعت التكاليف الرأسمالية في صناعة النفط والغاز منذ عام2000 بنسبة نمو سنوي مركب بلغت11 في المائة مع ترجيح استمرار ارتفاعها في المدي القريب بنسب مماثلة, ما يشير إلي أن ما تبقي من النفط القابل للاستخراج سيكون مكلفا كونه غالبا ما يكون موجودا في آبار صغيرة أو مواقع صعبة, وهذا ما تذهب إليه الكثير من المراجع التي تقدر أن نحو77 في المائة من النفط القابل للاستخراج تم اكتشافها بالفعل لحد الآن وأن نسبة النفط غير المكتشفة لا تزيد علي23 في المائة, هذه المعطيات تؤكد أنه لم يعد هناك برميل نفط'' سهل'' أو'' رخيص'' للاستخراج في الوقت الحاضر علي مستوي العالم, وحتي الحقول البحرية ومن ضمنها الحقول العمالقة التي أعلنت شركة بتر وبر اس البرازيلية اكتشافها قبالة سواحل البرازيل تتطلب استثمارات ضخمة ببلايين الدولارات لبناء المنصات البحرية, وتوظيف تقنيات متقدمة للحفر علي عمق يزيد علي الميل, إضافة إلي بناء شبكة أنابيب تحت البحر. أحدث نفي وقد نفت وكالة الطاقة الدولية التقارير التي نشرت بشأن احتمال نضوب المخزون العالمي من النفط, مؤكدة أنه تمت المبالغة في الأرقام المتعلقة بذلك الأمر من أجل إثارة ذعر عالمي وتهافت علي شراء المادة الحيوية في أسواق الطاقة العالمية. وفي تقريرها السنوي كررت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها بشأن إمدادات النفط, مشيرة إلي أنها سترتفع إلي105 ملايين برميل بحلول عام.2030 أما سعر النفط فيتوقع أن يصل عام2030 إلي115 دولارا للبرميل. الإنتاج العالمي يصل إلي85 مليون تريليون يوميا يزداد الإنتاج العالمي من النفط منذ أكثر من30 سنة بمعدل يتراوح بين1 و1.5 في المائة سنويا, وصولا إلي حدود85 مليون برميل يوميا كمتوسط في عامي2011,2010, وأصبحت هناك منتجات نفطية يمكن أن تعزز الإنتاج العالمي مثل الزيت الرملي والزيت الصخري التي علي الرغم من تكلفتها أصبحت مبررة في ظل الأسعار الحالية المرتفعة, وكانت زيادة الطلب محفزة لزيادة الإنتاج بعد ظهور اقتصادات ناشئة وصاعدة معتمدة علي النفط بشكل كبير مثل الصين والهند ودول في أمريكا اللاتينية وبعض دول الشرق الأوسط التي يزداد استهلاكها للطاقة. وقد أصبح من الصعب التحكم في أسعار النفط لأنه سلعة مهمة ولها جوانب استراتيجية كثيرة وتتأثر بالأحداث السياسية والعسكرية وتتأثر بأسعار الدولار والذهب, وسعر النفط قابل للتذبذب ولكن في الوقت نفسه لن يتعرض لتقلبات حادة لأن حجم تجارة النفط في التجارة العالمية ضخم, وهو عنصر أساسي في النمو الاقتصادي لجميع الدول ولن تترك أسعاره في مهب الريح, ومن المؤكد أن تسهم أحداث2011 وتحرك الشعوب العربية تجاه الديمقراطية والأزمات وعدم الاستقرار السياسي إضافة إلي التحولات الاقتصادية الاجتماعية والسياسية في العالم في رفع الأسعار وعدم استقرارها, ولكن دول العالم ستحرص علي عدم السماح للأحداث بأن تأخذ الأسعار إلي مستويات عالية جدا, فعلي الرغم من الظروف التي نشهدها الآن فإن النفط يبقي في حدود100 دولار. أرامكو السعودية تتحدي الذروة النفطية تحدت شركة'' ارامكو'' السعودية تلك النظرية المسماة باسم'' نظرية الذروة النفطية'' او نظرية ذروة النفط التي تؤكد ان الانتاج العالمي من النفط وصل الي ذروته وانه آخذ في الانخفاض لامحالة بعد ان استهلك العالم نحو50 في المائة من احتياطياته النفطية. وتقول ارامكو ان هناك تريليون برميل تنتظر الاكتشاف علي مدي ربع القرن المقبل وانه في الاجمالي توجد احتياطيات تزيد علي5,4 تريليون برميل تكفي حاجة العالم بمعدلات الاستهلاك الحالي التي تقارب85 مليون برميل يوميا لمدة140 عاما مقبلة. وتقول ارامكو ان العالم استخدم حتي الان نحو18 في المائة فقط من الاحتياطيات العالمية. ويشكل هذا الطرح مفهوما معاكسا لنظرية ذروة النفط التي تتداول بصورة واسعة وخلاصتها ان العالم توصل الي الاكتشافات الرئيسية بدليل انه لم يتم اكتشاف حقل به احتياطيات نفطية كبيرة منذ اكثر من30 عاما. وبلغت هذه النظرية ذروتها بكتاب ماثيو سيمونز الذي يتحدث فيه عن متاعب تواجه حقل الغوار النفطي الضخم في السعودية, وهو اكبر حقل نفط في العالم. مضيفا انه اذا كان الغوار يتعرض الي مشاكل, فان الاحتياطي النفطي السعودي وبالتالي العالمي يواجه متاعب. لكن السعوديين ردوا علي اراء سيمونز في عدة مناسبات, مشيرين الي عدم تخصصه في المجال الجيولوجي واعتماده علي معلومات مختارة لمقالات منشورة في مجلات فنية تتحدث عن مشاكل بعض الابار او الحقول, ولا تغطي كامل صورة الاحتياطي والانتاج النفطي السعودي. وجاء الاكتشاف الذي اعلنت عنه شركات شيفرون تكساكو, وديفون وشتات اويل عن وجود احتياطيات في المياه العميقة في خليج المكسيك وبأرقام قد تصل إلي15 مليار برميل بما يشير فعلا إلي وجود كميات من النفط لم تكتشف بعد والإمكانات التقنية في العمل في مجالات علي عمق عشرة آلاف قدم تحت سطح المياه. كلمة للتاريخ.. شهادة من الخمسينيات إذا ما عدنا إلي الوراء قليلا أو بالتحديد إلي حقبة الخمسينيات لوجدنا الجيولوجي النفطي كينج هوبرت الذي تنبأ بذروة الإنتاج النفطي الأمريكي وصرح بأنها ستكون في1970 حسب نموذجه العلمي الرياضي الجيولوجي, ولم يؤخذ كلامه علي محمل الجد أبدا, بل قوبل بالسخرية حتي عام1970 حيث كانت السخرية منه في ذروتها ولكن ذروة السخرية ذاتها كانت هي فعلا ذروة النفط تماما كما تنبأ فقد بدأ انتاج النفط الأمريكي بالتناقص في1971 ولايزال متناقصا منذ ذلك الحين وبعد أن كانت أمريكا هي المصدرة للنفط صارت دولة مستوردة, فذروة النفط هي باختصار وصول المكمن النفطي إلي قمة إنتاجه وانخفاض إنتاجه بعد هذه النقطة. اذن فإن الاسم العلمي للظاهرة هو ظاهرة هوبرت لذروة النفط, ومثلما حدثت ذروة هوبرت في الولاياتالمتحدة في عام1971 فهي تتكرر علي مرأي ومسمع من الجميع, فقد حدثت لبريطانيا صاحبة حقول الشمال في1999 وقريبا ستتحول بريطانيا لدولة مستوردة للنفط, وحدثت للنرويج في2005 وحدثت لغيرها وغيرها, حتي تكررت في قرابة الستين دولة من الدول المنتجة للنفط. ومثل ما تنبأ هوبرت بذروة لأمريكا فهو قد تنبأ كذلك بأن ذروة نفط العالم ستكون في1995 غير أن بعض الخبراء يقولون أن انخفاض الطلب بعد المقاطعة العربية في السبعينيات قد أدي إلي تأخيرها, هذا بالإضافة إلي أن جداول هوبرت لنفط العالم لم تكن كاملة المعلومات بطبيعة الحال, حيث انه قد حدثت بعض الاستكشافات بعد ذلك