د. حمدى البنبى الاكتشاف الجديد للغاز الطبيعي «شروق»، كان المحور الرئيسي لحوار الدكتور حمدي البنبي، وزير البترول الأسبق، ل«آخرساعة»، والذي أكد خلاله أن هذا الاكتشاف هو الأول من نوعه بهذا الحجم في مصر، لافتاً إلي أنه لن يكون الوحيد، متوقعاً أن تتم اكتشافات أخري جديدة. البنبي، شدد علي ضرورة ترشيد استهلاك الطاقة، والمضي قدما في برنامج مزيج الطاقة، خاصة الطاقة الشمسية، كما تناول بالتحليل اتجاهات أسعار النفط العالمية، وأسباب انخفاض الأسعار في الأسواق العالمية، وقضايا أخري.. كيف تري كشف الغاز الجديد "شروق"، وما تأثير الإنتاج من هذا الحقل علي مصر؟ - في عام 2014 طرحت الشركة القابضة للغازات (ايجاس) المنطقة التي تم الاكتشاف فيها في مزايدة عالمية وكانت شركة "إيني" الإيطالية بين الشركات التي تقدمت وتم توقيع الاتفاقية البترولية الخاصة بها في يناير 2014 مع وزارة البترول والشركة القابضة للغازات بعد فوزها بالمنطقة في تلك المزايدة العالمية. وهذا الكشف الجديدة مفاجأة سارة لمصر، وأتوقع المزيد من الاكتشافات الجديدة، وشركة إيني الإيطالية واحدة من كبريات شركات البترول العالمية، التي حققت نجاحات كبيرة في مجال اكتشاف البترول والغاز، ولها أعمال كبيرة في مصر تمتد لعدة عقود، كما أن شركة إيني معظم نشاطها في ليبيا، وتمتلك الخبرات الفنية والتكنولوجية التي تؤهلها للبحث والتنقيب في المياه العميقة، وهذا الكشف الجديد فاتحة خير لمصر، خاصة أنه أنقي الاكتشافات في العالم لأنه خال من الكبريت وثاني أكسيد الكربون. ومصر في مجال البترول قوية للغاية، ولدينا بنية أساسية قوية ولذلك تحرص الشركات العالمية علي التواجد في مصر، خاصة أن كراسة الشروط نكتبها اتفاقية كاملة فيها كافة الشروط التي تنظم التعاملات، والتي تحفظ حقوق الدولة المصرية، والشركات العالمية معروفة مثل شركة شل، بريتش بتروليم، بريتش جاز، إيني ENI أموكو، فيلبيس بتروليم، إكسون موبيل، وهذه شركات معروفة في مجال التنقيب والاكتشافات. والكشف الجديد من أكبر الاكتشافات الموجودة، وتم تحديد الاحتياطي لهذا الكشف من الدراسات السيزمية وهذا من خلال دراسات علمية تحدد بصورة تقريبية الاحتياطيات الموجودة في المكان، ومنها نستطيع أن نعرف بالتقريب حجم الاحتياطيات، وبعد عملية الكشف تكون عمليات الاستخراج والحفر أسرع وأقل تكلفة وأكبر من البئر الاستكشافي. وأتوقع أن يكون هناك تقييم آخر للاحتياطي من خلال حفر المزيد من الآبار، وفي هذا الإطار هذا الكشف الجديد رائع وسيكون له آثار إيجابية، كما أن المساحات الواسعة في مستوي البحر المتوسط، حين تجد اكتشافا بهذا الحجم، ففرص احتمالات اكتشافات جديدة تكون عالية، وأتوقع أن تتم اكتشافات جديدة، فهذا الكشف لن يكون الوحيد، فمثلا حين وجدنا اكتشافات في خليج السويس، وحين بحثنا حول أول الآبار المكتشفة في ذلك الوقت وجدنا اكتشافات مجاورة كثيرة، بدأت في الغردقة ورأس غارب، فأنا توقعي أن يجدوا المزيد من الآبار البترولية. وهذا الكشف الجديد خزان غير تقليدي أي أنه ليس من الاكتشافات العادية بمعني أنه صعب أن تعثر عليه لأنه يحتاج إلي تكنولوجيا عالية، إنما الشركة الإيطالية "إيني" والإيطاليون بارعون في مجال الغاز الطبيعي، وهم أيضاً متوقعون أن يكون هناك تركيب جيولوجي آخر تحت هذا التركيب يبعد عنه مسافة كيلو متر، وهناك خزان آخر ولكن لم يتم دراسة ومعرفة ما يحتويه ولذلك سيتم عمل المزيد من عمليات البحث والاستكشاف، والشركة الإيطالية لديها خطة لاختراق التكوين السفلي ودراسته بصورة تفصيلية. هل يمكن ضغط المدة لاستخراج الغاز من حقل "شروق" للوفاء باحتياجات مصر من الغاز وسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك؟ - بعد عمليات الاكتشاف، تتم عملية التنمية والاستخراج وهذا يحتاج مدة تستغرق 5 أو 6سنوات، وأعتقد من الناحية الاقتصادية، أننا نريد أن نستخرج ونبيع وندير رأس المال والاستثمارات، وأنا أعتقد أنه في المرحلة الأولي سيتم تخصيص جزء من هذا الحقل وبسرعة، ويتم عمل خطوط أنابيب بطول 180 كيلومتراً، وتوصيلها إلي الشاطئ، وأقترح تحديد مكان علي الشاطئ في مصر سواء في بورسعيد أو دمياط أو فيما بينهما، وبناء المصنع الذي يستقبل ويعالج الغاز، وهنا ميزة أن شركة إيني تمتلك بعض شركات خطوط الأنابيب، وهي من أقوي الشركات التي تعمل في المنصات وخطوط الأنابيب، وهذا يعطي تسهيلات للشركة الإيطالية في سرعة تنمية الحقل وعمليات الاستخراج، وهذا يعني أن تتم عملية تنمية جزئية لهذا الاكتشاف يوضع علي الإنتاج من خلال خطوط الأنابيب ولابد من توافر قطعة أرض، ويجب أن توفر الدولة من الآن قطعة الأرض علما بأن الأجانب عموما لا يمتلكون أراضي، بمعني أن ملكية الأرض وملكية المصنع ستكون لمصر، أي بنظام حق انتفاع، وفي هذه المنطقة بين محافظتي بورسعيد ودمياط يوجد بالفعل مصانع استقبال ومعالجة للغاز الطبيعي لشركة بتروبل، وأتصور أن المصنع الجديد للاكتشاف الجديد سيكون ضخماً وحجم نشاطه كبيراً، وبعد ذلك يتم تكملة تنمية الحقل وزيادة عمليات الاستخراج والنقل والمعالجة. ما أريد أن أقوله أيضا في هذا الصدد أنه لابد من حسن ترشيد استهلاك الطاقة، لأن عمليات الاستكشاف والاستخراج مكلفة، وتوجيه جزء من الإنتاج في صناعات البتروكيماويات، وإنتاج الأسمدة اللازمة التي تحتاجها خطة التنمية في استصلاح المليون فدان الجديدة. أيضاً يتعين المضي قدما في برنامج زيادة إنتاج الطاقة من مصادر مختلفة ويكون هناك مزيج للطاقة إلي جانب البترول والغاز يتعين الاستفادة من الطاقة الشمسية، والحكومة الحالية تتكلم عن الفحم وطاقة الرياح والطاقة الشمسية، لابد أن نكمل في برنامج مزيج الطاقة، وإعطاء الطاقة الشمسية أولوية، كل ما يمكن أن تنفذه في مجال الطاقة الشمسية أنفذه حتي لو كانت تكلفته أعلي لأنه في وقت ما باقي مصادر الطاقة سترتفع أسعارها.. أيضا الطاقة الشمسية بمرور الوقت تنخفض تكلفتها، هناك تكنولوجيات حديثة ظهرت في مجال الطاقة الشمسية يمكن أن نعمل ونستفيد بها، ممكن أن نوجه كل ما يتعلق بالحراريات والتسخين بالمصانع يتم بالطاقة الشمسية، كهرباء المنازل تتم بالطاقة الشمسية، كذلك الفنادق والمشروعات. شهدت أسواق النفط العالمية تقلبات حادة وانخفاضاً في أسعار النفط دون الخمسين دولاراً للبرميل، كيف تفسر ذلك؟ - في أمريكا قالوا في البداية إن البترول والغاز الصخري بالولاياتالمتحدةالأمريكية يمكناهم من تخفيض استيراد الطاقة، ومن خلال دراستي لهذا الأمر تبين أنه حتي عام 1935 لن تستطع الولاياتالمتحدة تخفيض استيرادها من المواد البترولية، علاوة علي أن البترول والغاز الصخري تكلفة إنتاجهما عالية، ويستخرج سريعا وينضب أسرع، فلما انخفضت الأسعار عن 70 دولارا للبرميل، معظم المناطق التي يوجد بها بترول صخري توقفت لأن الإنتاج أصبح غير اقتصادي، والميزة في الولاياتالمتحدة أنه يوجد عندهم "المخزون الاستراتيجي" منذ أيام كيسنجر وزير خارجية أمريكا الأسبق، وكان قبل كيسنجر في مستوي 500 مليون برميل، وتم تطويره وتم فتح خزانات أكثر وأصبح لدي الولاياتالمتحدة كميات كبيرة من المخزون الاستراتيجي، أيضا هم شجعوا بعض الدول أن تنشأ معامل تكرير في أمريكا، كما أن القانون لديهم يمنع التصدير، ويبيع إنتاجه في السوق المحلي الأمريكي، وما يحدث أنه يتم استخدام كميات من الاحتياطي الاستراتيجي لزيادة المعروض من البترول بما يؤثر علي أسعار النفط والغاز بالأسواق العالمية. أيضاً بين أسباب انخفاض أسعار النفط عالميا، الاتفاق النووي الأخير مع إيران، ورفع العقوبات الاقتصادية عن إيران وإمكانية طرح إنتاجها بالأسواق العالمية مما يعني زيادة المعروض وبالتالي تأثرت أسعار النفط علي النحو الذي حدث في الفترة الأخيرة، تحت سعر الخمسين دولارا للبرميل، وهذا يعني أن الزيادة في المعروض كبيرة وبالتالي منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) لا تستطيع أن تجتمع لكي تقلل الإنتاج وترفع الأسعار لأن إيران ستقوم بتغطية الفرق، وأيضا هناك تأثير لتزايد دور التنظيمات الإرهابية بما يؤثر علي أنشطة السياحة عالميا.. والسياحة عبارة عن طائرات ومراكب وفنادق، وبالتالي الاستهلاك ينخفض، بما يؤثر علي الأسعار. أيضا ارتفاع درجات الحرارة عالميا في الفترة الأخيرة له تأثير علي الاستهلاك.. لأن الطلب يتزايد مع الطقس البارد واللجوء للدفايات والسخانات، في أوروبا درجات الحرارة لا تستدعي استخدام الطاقة في التسخين، كما أن تنظيم داعش يقوم بالاستيلاء علي حقول النفط ويطرحون الإنتاج في الأسواق وهذا يزيد المعروض من النفط.. هذه كلها عوامل تجعل الأسعار متقلبة ومنخفضة علي النحو الذي نراه وأتوقع أن يستمر هذا الأمر بعض الوقت. كيف تري مستقبل إنتاج الغاز الطبيعي في مصر؟ - الاكتشاف الجديد للغاز سيغير من موازين إنتاج واستهلاك الغاز في المنطقة، ولكن لابد أن تأخذ في الاعتبار أن التعداد السكاني في مصر 90 مليون نسمة، وعلينا الانتباه لذلك، وهذا يعني أنه لابد من الاهتمام والمضي قدما في مشروعات مزيج وتوليفة الطاقة والاهتمام بالطاقة الشمسية وتوجيه الغاز لإنتاج التبروكيماويات التي تدخل في صناعات عديدة، ومصر دولة غنية في الموارد، وهذا الاكتشاف سيكون له تأثير ايجابي إلي جانب الموارد الأخري. هل يجذب الاكتشاف المزيد من الشركات العالمية للتنقيب والاستثمار في مصر؟ - إذا تم اكتشاف العديد من الحقول البترولية بهذا الحجم، ففي هذه الحالة نأخذ حصتنا المجانية، وحصة الشريك الأجنبي نعطيه تسهيلات ليقيم مصانع في مصر، يستخدم فيها حصته من الغاز بدلا من بيعه في الخارج، وهذا من خلال دراسة اقتصادية يري فيها الشريك الأجنبي هل الأجدي أن يصدر حصته أو يوجهها للإنتاج والتصنيع داخل مصر مثل إنتاج السماد ويصدر السماد، وهذا لأن تصدير الغاز من خلال تسييل الغاز في مصنع إسالة فهذا يفقده جزءا من الكميات، فضلا عن تكاليف النقل والشحن وأيضا هناك فاقد عند إعادة تحويله إلي غاز في ميناء الوصول، هذا فضلا عن استهلاك كميات الطاقة لكل هذه الأغراض، وهذا ينقل تكنولوجيا ويوفر فرص عمل إلي جانب إمكانية الحصول علي احتياجاتنا من تلك المنتجات بسعر أقل لأن السعر غير محمل بأسعار النقل والاستيراد، وهذا يحقق فائدة لمصر وللشريك الأجنبي، ويوفر سلعا للتصدير للأسواق العالمية.