لم اتصور في يوم من الأيام مصر والسودان إلا وطنا واحدا وكنت ومازلت اعتقد ان اكبر خطايا ثورة يوليو انها فرطت في وحدة وادي النيل وان النحاس باشا كان علي حق حين قال: تقطع يدي ولا يفصل السودان عن مصر.. وإذا كان إنفصال السودان عن مصر خطيئة كبري فإن انفصال جنوب السودان عن شماله كان ام الخطايا.. من كان يصدق ان يعلن البرلمان السوداني الحرب علي جنوب السودان وكانت بالأمس جزءا من منظومة وادي النيل حيث تدور الآن معارك طاحنة بين ابناء السودان شماله وجنوبه.. منذ شهور قليلة تم تهجير ابناء الجنوب الذين كانوا يعيشون بين اخوتهم في الشمال منذ سنوات بعيدة وربما ولدوا في الشمال ولم يذهبوا إلي الجنوب ابدا. من يصدق ان هؤلاء يقتلون بعضهم الآن ربما كان بينهم الإخوه والأقارب. لن يكون غريبا ان يجد جندي سوداني من الشمال شقيقا له ذهب إلي الجنوب في مواجهة علي الحدود والمطلوب حسب الأوامر العسكرية ان يقتل احدهما الآخر. هل هناك مأساة اكبر من ذلك؟.. لقد فرطت حكومة الشمال في وحدة السودان امام دعاوي تقرير المصير والحريات ولم يعرف اصحاب القرار ان الانفصال كان مؤامرة دولية مرسومة وفخا سقط فيه الجميع وان الانفصال يعني الموت فحين ينشطر الجسد إلي نصفين يصبح من الصعب بل من المستحيل ان يكمل الإنسان حياته وما حدث في انفصال الجنوب عن الشمال رغم كل الأسباب التي يبدو بعضها منطقيا إلا ان التواصل الإنساني قضية تختلف تماما عن حسابات السياسة والمعادلات الرياضية في المكسب والخسارة.. ما يجري في جنوب السودان الآن من معارك بين ابناء الوطن الواحد هو أولي ثمار الإنفصال المرة ولا مستقبل للشمال أو الجنوب في ظل هذا الانقسام الدامي.. انها خطايا الحكام التي تدفعها الشعوب من امنها واستقرارها ومستقبلها.. حزين لما يحدث في نصف مصر الآخر.. السودان. حين ينزف السودان فإن كل شيئ في مصر يئن ويتعذب لأن النيل واحد والدماء واحدة. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة