السفير السورى فى لبنان على عبد الكريم من أكثر سفراء سوريا أهمية فى العالم نظرا للعلاقات الوثيقة بين دمشقوبيروت،عمل بالإعلام لمدة 25عاما قبل انتقاله للعمل بالخارجية السورية ،مثقف وأديب وشاعر،عمل مديرا للإذاعة والتليفزيون السورى ورئيسا لوكالة الأنباء السورية ثم تدرج فى العمل الدبلوماسى السورى فكان سفيرا لسوريا فى الكويت ثم فى لبنان ،حيث واجه انتقادات كبيرة من مناصرى المعارضة المسلحة وبعض السياسيين فى لبنان ،ولكن بعد وضوح حقيقة المسلحين أصبح دوره فاعلا ومهما فى لبنان. الأهرام التقت على عبد الكريم على الذى يرى أن حل المشكلات العربية يكمن فى التقارب والتكامل المصرى السوري، ويؤكد أن إفشال مصر لمخطط الإخوان المدعوم غربيا لتفتيت المنطقة ضرب الإرهاب والأردوغانية العثمانية والغرب الصهيوأمريكى فى مقتل،ويشير إلى ترحيب سوريا بمصر قيادة ودورا، وينادى بضرورة استعادة مصر دورها الحيوى فى المنطقة، لمواجهة الإرهاب التكفيرى المدعوم غربيا لتفتيت دول الحضارة والتاريخ بالمنطقة سوريا ومصر والعراق،ويرحب بكل حل يقضى على الحرب العبثية فى سوريا، منوها بالدور الحيوى والكبير لروسيا فى مساندة سوريا سياسيا وعسكريا ،ومتمنيا تحسين العلاقات بين مصر وإيران لدوريهما البارزين فى حل مشاكل الأمة،وآملا أن تعود الجامعة العربية لمسارها الصحيح. التقيناه فى دار السفارة السورية فى بيروت وكان هذا الحوار: قلتم فى حوار تلفزيونى منذ أيام إن العلاقات الأمنية بين دمشق والقاهرة لم تتوقف منذ بداية الأزمة فى سوريا وحتى اليوم،كيف ولماذا؟ وكانت مستمرة أيضا حتى فى زمن الإخوان وحكمهم فى مصر،فمصر الحضارة والعمق والتاريخ ،ولايمكن أن يغيرها حكم جاء على غير مصلحتها مثل الإخوان،لأن فى مصر نبضا حيا للشعب،ومؤسسة الجيش المصرى كانت ضمانة للحفاظ على مصر ،ومنها ومن خلالها تم النهوض بمصر مع حراك الشعب المصرى فى 30يونيو 2013،وكانت مؤسسة الجيش المصرى على علاقة قوية بسوريا الدولة حتى خلال حكم الإخوان ولم تنقطع يوما. لأن سوريا مثل مصر تواجه الإرهاب منذ الثمانينيات فى القرن الماضي،وماتواجهه سوريا منذ مارس 2011 لابد ان يكون محط دراسة عميقة خاصة من الأشقاء الذين يواجهون نفس الإرهاب الذى تواجهه سوريا،والذى بدأ التخطيط له قبل بداية الأحداث فى سوريا فى مارس 2011. وكيف كان مخططا لما يحدث فى سوريا قبل حدوثه؟ قبل سقوط مبارك فى مصر،قال مصدر موثوق نقلا عن حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها وقتها إن الأمور فى مصر لن تطول ،وبعدها ننتقل إلى سوريا، وصاحبكم- يقصد الرئيس بشار الأسد- لن يكون موجودا فى رمضان القادم على رأس الدولة،بما يعنى أن ماحدث فى سوريا جرى التخطيط له قبل بداية الأحداث،ولكن سوريا الدولة والقيادة وثبات الرؤية والأعصاب ،كانت ضد التفريط ،والجميع يدركون بمن فيهم الذين يحاولون تسويق آراء واتهامات وكلام غير مسئول، أن الأسد لم يؤخذ بالإغراءات والتهديدات . ولماذا كان مخططا لسوريا تحديدا وليس دولة أخرى؟ لو عدنا بالأحداث لأيام الاحتلال الأمريكى للعراق فى 2003، فقد وقفت سوريا وحدها من بين العرب ضد مايحدث فى العراق،ووقتها جاء كولن باول إلى دمشق، مطالبا بطرد الفلسطينيين من سوريا، ورفض الرئيس الأسد خروجهم إلا لفلسطين وليس لمكان آخر،وذلك بالرغم من الغدر الذى لاقته سوريا من بعضهم فيما بعد خلال الأحداث الدامية. وبسبب وقوف سوريا لهذا المخطط الصهيو أمريكى بتفتيت العراق، ثم محاولة تنفيذه فى حرب يوليو 2006 من إسرائيل ضد المقاومة اللبنانية، وكان المقصود وقتها سوريا، ولكن المقاومة صمدت 33يوما، وانهارت أسطورة الجيش الإسرائيلى بتدمير «الميركافا» فخر إسرائيل بصواريخ كورنيت السورية، فأصبح التخطيط بعدها يهدف إلى تفكيك المنطقة وتفتيتها على أسس عرقية ومذهبية وطائفية وإثنية ،وكان التخطيط الغربى بتفتيت سوريا وتدمير جيشها، ضمن مخطط تفتيت وتدمير الدول ذات التاريخ الثقافى والحضارى والإنسانى ،ففعلوا ذلك فى العراق، وأرادوا تنفيذه فى مصر، ويحاولون تنفيذه فى سوريا، ولكن مصر أفشلت المخطط الأمريكى لتدميرها، وقد أمسكت سوريا منذ البداية بمخطط المؤامرة التى تهدف إلى تدمير الدولة والجيش، وكان ذلك مساهما أساسيا فى توعية مصر والجيش المصرى بمخاطر ماتخطط له القوى الغربية التى تدعى الآن محاربة الإرهاب، وهى التى كانت تسوق لسيطرة الإخوان المسلمين على مصر ودول المنطقة كلها. ولكن مشروع الإخوان سقط فى مصر؟ عندما أسقطت مصر مشروع الإخوان ،كانت ضربة بالغة الإيلام ضد الأردوغانية العثمانية ،والمخطط الغربى للمخابرات الأمريكية لتفتيت المنطقة لمصلحة المشروع الصهيوني. ولكن البعض يقول إن مايحدث فى سوريا ليس مثل مايحدث فى مصر؟ سوريا ومصر يواجهان نفس الإرهاب ،فداعش وكل تنظيمات الإرهاب التكفيرى حسب الممولين ،ينهلون من فكر القاعدة المبنى على فكر الإخوان المسلمين ،ورحم الله الزعيم جمال عبد الناصر الذى أدرك خطر الإخوان بعد تعرضه لمحاولة الاغتيال عام 1954 بالإسكندرية على أيدى الإخوان، ولذلك حاربهم وقتها. وماتشهده مصر فى سيناء وغيرها ،هو ماتشهده سوريا أيضا، وهو ماتواجهه الدول الغربية الآن،وهم الذين كانوا يسوقون للإرهاب ويدعمونه بواسطه كل المسئولين الغربيين الذين أطلقوا اسم المعارضة السورية على من يقطعون الرءوس ويأكلون الأكباد ويدمرون المدن والحضارة. ولكنهم يقولون إن النظام السورى كان ضد الحراك السلمى؟ ليس صحيحا مايروجه الغرب فى هذا الخصوص،فالمخابرات الغربية تعلم جيدا أن الرئيس الأسد فى الأشهر الأولى من الأزمة أعطى أوامر صريحة بعدم الرد باستخدام الرصاص ،حتى عندما يتعرض الجنود لإطلاق النار من المتظاهرين ،بل كان الجنود يحملون أسلحتهم وقتها بدون ذخيرة حتى لايستخدموها ضد المتظاهرين،حتى اكتشفنا أن بعض المساجد فيها مخازن للأسلحة تستخدم ضد الجيش. اتهمتم بعض الدول بدعم المعارضة بالمال والسلاح والتكفيريين،ولكن هذه الدول تقول إنها تفعل ذلك لمواجهة سيطرة إيران وحزب الله ،نظرا للعلاقات الوثيقة والقوية بين سورياوإيران؟ فيما يخص القضايا المركزية للأمة العربية ،هل هناك دولة عربية استمرت بالتمسك بثوابت القضية غير سوريا؟ ومنحت كل الفلسطينيين على أراضيها كل الحقوق ماعدا الجنسية حتى لايسقط حق العودة،وإيران التى يتحدثون عنها ،أنزلت العلم الإسرائيلى بعد عزل الشاه فى 1979ورفعت العلم الفلسطينى، وأغلقت السفارة الإسرائيلية وفتحت سفارة لفلسطين، وتدعم المقاومة فى جنوبلبنان وفلسطين،ولذلك يجب أن نكون منصفين فيما يخص إيران والمقاومة،ولذلك فالأشقاء فى مصرنا العزيزة يعلمون أن سوريا الدولة والقيادة لم يكونوا أمس واليوم وغدا إلا محاميا بالغ الحماسة فى الدفاع عن قضايا الأمة حتى فى قضية جزر الإمارات. وماذا عن دور مصر فيما يحدث؟ قلت لمفكرين ومثقفين وسياسيين ورجال أحزاب مصريين إن مصلحة سوريا فى عودة مصر لدورها الفاعل والأساسى الذى تحتاجه الأمة وليس مصر وحدها، فدور مصر هام لسوريا والجزائر والخليج والعراق والأمة بأسرها،ونحن فى سوريا حريصون على مصلحة ودور مصر. وهل تعتقدون أن لمصر دورا فاعلا فى حل الأزمة بعد زيارة الرئيس السيسى روسيا؟ أعتقد أنه يجب أن يكون لمصر دور فاعل قبل زيارة روسيا وبعدها ،لأن من مصلحة مصر أن تعمق علاقاتها مع روسيا والصين وإيران أيضا، ولسوريا مصلحة كبرى من تحسين العلاقات بين مصر وإيران، ولذلك أنا على يقين أن مصر الغد سيكون دورها أكثر فاعلية،وسيكون دورها العربى أكثر وضوحا وأهمية. وهل تعتقدون أن مصر تقرأ المشهد جيدا خاصة فى سوريا؟ يقول شاعر النيل حافظ إبراهيم: لمصر أم لربوع الشام تنتسب هنا العلا وهناك المجد والحسب إذا ألمت بوادى النيل نازلة باتت لها راسيات الشام تضطرب قال ذلك منذ ثمانين عاما، ولذلك يجب ألا نكون أقل من حافظ إبراهيم فى قراءة المشهد والتشخيص، وتقديرى أن قادة مصر ومفكريها يدركون ذلك جيدا،ومصر الحديثة قادرة أن يكون لها دور كبير،لأن التكامل المصرى السورى تفرضه الضرورة،وماتواجهه مصر فى سيناء تواجهه سوريا،ولابد من الاستفادة من تجربة محاربة الإرهاب فى البلدين بعدما صار مكشوفا للجميع ولا علاقة له بالإسلام ولا بالمسيحية والإنسانية فمصر وسوريا كلاهما يحتاج الآخر. وماذا عن الدور التركى فيما يحدث فى سوريا؟ أردوغان عدو للشعب التركى قبل أن يكون عدوا للشعبين السورى والمصري،ويجب أن يعلم الجميع ان أردوغان أقام الخيام على حدود تركيا مع سوريا على مسافة 900كيلومتر قبل أن يكون هناك نازح واحد، وفتح الحدود لكل قادم من أى مكان فى العالم ،وكان يضغط علينا قبل الأحداث لإشراك الإخوان فى الحكم،ولكن سوريا أسقطت الرهان على تدمير جيشها،وعندما أفشل الجيش المصرى رهانات الإخوان وداعميهم ليسيطروا على دول المنطقة ،كانت بداية النهاية للمشروع ككل، فأمريكا والغرب وإسرائيل وأردوغان يدركون الآن أن هذا الرهان يحتاج إلى إعادة نظر، وهم لم يتخلوا عنه كاملا، بل يبحثون عن مسميات جديدة ولكنها ستكون فى غير صالحهم ولكنهم لن يستسلموا بسهولة. وهل تعتقدون أن إقرار الاتفاق النووى الإيرانى بين إيران ومجموعة 5+1 من الممكن أن يساهم ويسرع بالحل فى سوريا؟ فى تقديرى أن الاتفاق النووى كان نجاحا لإيران لانها بالرغم من الحصار استطاعت ان تبنى قدرة عسكرية واقتصادية هائلة،مما جعل رهان الغرب عليها بلا فائدة ،وكذلك الموقف الروسى والصيني،والعلاقات بين روسيا وكل من إيران ومصر وسوريا ،قاد الجميع لقراءة الواقع بصورة مغايرة بعد سقوط رهان الغرب على نجاح الإرهاب، ولذلك لابد من تجفيف منابع التمويل ليسقط الإرهاب. وهل يعنى ذلك ان الأيام المقبلة قد تشهد عقد مؤتمر جنيف للبحث عن حل للمشكلة ووقف نزيف الدم؟ سوريا مرحبة ومنفتحة على كل الحوارات ،وكل مايؤدى إلى حقن الدماء، ولكن مع الحفاظ على سيادتها، وأن يلتقى السوريون فيما بينهم ، وهذا الأمر يستدعى المساندة من كل من يريد مصلحة سوريا. ولكن الغرب يبحث عن حل بعيدا عن الرئيس الأسد؟ كما قال وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف:إن الجيش السورى هو القوة الحقيقية الفاعلة والقادرة على مواجهة الإرهاب ، والرئيس الأسد منتخب شرعيا من الشعب السورى، ولكن امريكا وفرنسا وبريطانيا يكابرون، وهم يدركون أن الإرهاب الذى يستشعرون خطره لايستطيعون مواجهته بدون الإعتماد على سوريا وجيش سوريا والرئيس الأسد الذى يقود هذه المعركة بكفاءة وجدارة ورؤية واضحة،مما يؤكد صمود سوريا ومؤسساتها الرسمية والحكومية واستمرار دفع رواتب موظفيها بشكل دائم و منتظم حتى هؤلاء الذين يقطنون فى المناطق التى سيطرت عليها العصابات الإرهابية المسلحة . ولكن البعض يقول إن هناك إنزالا عسكريا روسيا على الشواطئ السورية من قوات عسكرية روسية لمساعدة الجيش السورى على مواجهة الإرهاب؟ فى تقديرى هناك علاقات إستراتيجية بين سورياوروسيا ،وهناك تعاون مشترك وتنسيق بين الدولتين ،ويتم تنفيذ الاتفاقيات بين البلدين بما فيه مصلحة سوريا ،وروسيا لن ترضى أن ينتصر الإرهاب ،حتى لاتتغير خريطة المنطقة، وليس هناك تشكيك فى العلاقة بين روسياوسوريا،وبوتين لايرتجل ولايرتبك أيضا، ويهمه مصلحة سوريا ،وروسيا تربح أضعاف ماتخسر بسبب مواقفها الدولية.