الجغرافيا السياسية.. مدخل مهم لقراءة وفهم تحركات الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري فيما يتعلق بالسياسة الخارجية في الإقليم منذ أعادها للسياسة اتفاق الدوحة بين الفرقاء في يونيو2008 الذي أنهي أزمة داخلية كادت تودي بلبنان إلي حرب طائفية, وذلك بعدما حاولت أطراف في الداخل تجاهل حقائق الجغرافيا والسياسة والتاريخ.. فللبنان خريطة استثنائية حيث لا حدود برية له سوي مع طرفين الأول عربي سوريا والثاني عدو إسرائيل وأمامه البحر المتوسط, وتعكس السياسة الخارجية للبنان في الآونة الأخيرة وعيا بالجغرافيا يلخصه الحريري بقوله: ان سيادة لبنان هي تحت علم لبنان وليس تحت العلم الأمريكي أو الفرنسي. بمعني آخر فإن هذه السياسة الآن تشهد إعادة تعريف مصالح لبنان القومية.. في الإطار الإقليمي وليس إرباكها بحسابات إقليمية بعضها ليس لبنان طرفا مباشرا فيها, أو دولية ليس للبنان مصلحة فيها, ويكفيه ما به من تراث الماضي, خاصة أن السياسة الأمريكية للمحافظين الجدد في إدارة بوش قد ولت, وشرق أوسطه الجديد قد تلاشي, وأن أحد أركانها جيفري فلتمان اعترف أخيرا بهزيمة السياسة الأمريكية أمام السياسة السورية في لبنان. ودعمت سوريا مركزها الاقليمي, وها هو الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يشيد بدورها الاقليمي لتحقيق الاستقرار في المنطقة, والرئيس الأمريكي باراك أوباما يعين سفيرا لبلاده في دمشق, وبريطانيا وألمانيا تفتحان خطوط اتصال مع حزب الله, وها هي قوي14 آذار التي راهنت علي سقوط النظام السوري تخسر الرهان, وها هو وليد جنبلاط أحد زعمائها ينسحب منها ويعتذر لسوريا وحزب الله, ويصف القرار الدولي1559 بأنه كان فخا تم نصبه لسوريا ولبنان معا. في هذا الاطار فإن الرئيس سليمان يؤكد في زيارته الخارجية كما في واشنطن وموسكو وباريس أن إسرائيل هي مصدر التهديد لأمن واستقرار ومستقبل لبنان, وأن سوريا تلعب دورا مهما لدعم استقرار لبنان, وأن العلاقة مع تركيا مهمة في هذا الاتجاه, وأن المصالحة السعودية السورية, كانت لها نتائج إيجابية علي لبنان, ولم يطلق أي اتهامات لإيران. أما الرئيس الحريري فتحركاته في السياسة الخارجية ينجح من خلالها في تكريس صورته كرجل دولة يجري تقييما للأوضاع الإقليمية والدولية ثم يتحرك لتحقيق مصالح بلاده, وليس كرجل خلف والده في زعامة تيار سياسي أو طائفة أو رئاسة الحكومة ويسعي للثأر لمقتله ويشبه سياسيون لبنانيون الحريري بالعماد ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر الذي أعلن الحرب علي سوريا عام1990 ولجأ إلي فرنسا وذهب إلي الكونجرس محرضا عليها قبل أن يعود بعد أن تحقق هدفه بالانسحاب السوري من لبنان ليفتح صفحة جديدة معها ويزورها ويلتقي مع رئيسها بشار الأسد. العلاقة مع سوريا حسب الحريري فإن العلاقات اللبنانية السورية أصبح لها بعد زيارته الأولي لدمشق في ديسمبر الماضي أسس مؤسساتية سليمة يقوم عليها التعاون في جميع المجالات, ويضع هذه العلاقة في إطار البعد العربي للسياسة الخارجية اللبنانية ذي الأولوية في هذه السياسة, ويستند في ذلك إلي الدعم السعودي, ونجاح السعودية في ترميم علاقاتها مع سوريا الذي إنعكس بدوره إيجابيا علي وضعية بلاده, وابتداء علي نجاحه في تشكيل حكومة وحدة وطنية قبل شهر من زيارته دمشق, وبعد ذلك في تبادل العلاقات الدبلوماسية مع سوريا لأول مرة منذ استقلال لبنان عام1943, وإنشاء آلية لجان مشتركة لبحث القضايا الشائكة والحساسة مثل قضية المفقودين وترسيم الحدود. ولهذا التوجه مردود علي الصعيدين الداخلي والإقليمي.. فعلي الصعيد الداخلي حسم الحريري مسألة عدم الربط بين العلاقة في المرحلة الجديدة مع سوريا وبين عمل المحكمة الدولية الخاصة بملف اغتيال والده باعلانه أن هذا الموضوع في عهدة المحكمة وتوقف خطاب تياره السياسي المستقبل ورموزه عن توجيه الاتهامات لسوريا, وكذلك توقف خطاب حلفائه في قوي14 أذار علي نحو ما ظهر بوضوح في إحياء الذكري الخامسة لاغتيال الحريري الأب في14 فبراير الماضي. وعلي سبيل المثال أيضا وضع سعد الحريري موضوع ترسيم الحدود في إطاره القانوني, ويؤكد أن ترسيم الحدود ليس من أجل بناء جدران وإنما من أجل فتح العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين, ومن ثم يشدد في رسالة للبنانيين خاصة حلفاءه علي أنه يجب التعامل مع هذا الموضوع بشكل إيجابي وليس بشكل سلبي, ويحذر من استغلال هذا الموضوع سياسيا لاسيما أن هناك انفتاحا من جانب سوريا حسب قوله في التعامل مع الموضوع. وعلي الصعيد الإقليمي, يتجلي في تحركات الحريري رغبة وممارسة عدم السماح لطرف ثالث إقليمي أو دولي بالتدخل في العلاقة اللبنانية السورية, ونجاحه في أكثر من امتحان في عبور أزمات وتفادي أفخاخ وألغام. ويحظي الحريري في هذا الاتجاه بدعم صريح من المعارضة خصوصا من حزب الله الذي لا تفوته مناسبة للاشادة بهذا التوجه, وكذلك من جانب تيار المستقبل الذي يعتبر هذه النقلة في العلاقة مع سوريا خطوة لتحقيق المصالحة العربية الشاملة بما يخدم وحدة لبنان في مواجهة الأخطار والتهديدات الإسرائيلية, وربما جاء اعلان الحريري بأن رهان إسرائيل علي انقسام اللبنانيين عندما تهددنا بشن حرب رهان خاسر مستندا إلي اتساع قاعدة جمهوره في هذا الصدد. كما يحظي هذا التوجه أيضا بدعم حلفائه حتي ولو كان حذرا فرئيس حزب الكتائب أمين الجميل امتدح تحركات سليمان والحريري لانها توضح أن لبنان قد اعاد بقوة إلي الساحة الدولية, وأبدي تخوفه من محاولات تسعي لحل أزمة الشرق الأوسط علي حساب لبنان في الداخل, أما رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع فرحب بهذه التحركات مبديا تخوفه كذلك من أن يطرح الفريق الآخر( المعارضة) مشاكل للحريري لكي يبتزوه أكثر. إلا أن الحريري رجل الدولة يسعي لانعكاس العلاقة الجديدة مع سوريا ليس فقط علي صعيد استقرار لبنان, ولكن أيضا علي صعيد انفتاح سوريا علي القيادات السياسية في لبنان( قوي14 آذار) لتجاوز شامل لآثار الفترة الماضية, ويتوقع أن تشهد الفترة المقبلة انفتاح القيادة السورية علي جميع القيادات السياسية في لبنان. ويتجلي حرص الحريري علي حماية هذه النقلة في العلاقة مع سوريا وتطويرها في أشكال عدة, وأبلغ تعبير عن ذلك كمثال تركيزه في هذه الفترة علي تعزيز بناء الثقة, ويشاركه في ذلك الرئيس السوري بشار الأسد, حين يسارع كل من الرجلين للاتصال بالآخر لايضاح موقف أو تصريح صدر من هنا أو هناك لتبديد أي شكوك أو مخاوف للحفاظ علي ما بدأه والبناء عليه. وينقل مقربون من الحريري قوله: مسئوليتي اليوم أن أسير بالبلد نحو الاستقرار والمصالحات, وفي العلاقة والتعاون مع سوريا تحقيق لصالح البلدين, فنحن نواجه تحديات لايمكن مواجهتها سوي بالمزيد من التقارب. وتسير الحكومة اللبنانية ويمشي لبنان علي حد سيف الخلافات في وجهات النظر بين مصر وسوريا بشأن التعامل مع قضايا اقليمية بحرفية, فلبنان لن يكون سوريا في التعامل مع القاهرة, ولا مصريا في التعامل مع سوريا, وتلك سياسة واحدة وليست سياستين كما يقول البعض فلبنان يستند في ذلك إلي الخط السعودي والمرونة التي أبداها تجاه سوريا وسمحت بتحقيق المصالحة بينهما, انعكس ايجابيا علي لبنان. العلاقة مع تركيا توجت حكومتا لبنان برئاسة سعد الحريري وتركيا برئاسة رجب طيب أردوغان الانفتاح المتبادل التركي علي لبنان, واللبناني علي تركيا خلال السنوات الأربع الأخيرة منذ حرب صيف2006 علي وقع حاجة لبنان إلي ظهير اقليمي كبير.. ومعتدل وتمدد تركيا في المنطقة انطلاقا من سياسة حكومة أردوغان العربية.. توجت الحكومتان ذلك بنقلة نوعية في العلاقات بين البلدين علي المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية, وستشهد زيارة أردوغان القادمة لبيروت( وسط احتفال القادمة بالانتصار علي إسرائيل في تلك الحرب) الاعلان عن تأسيس مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين علي غرار مجلس التعاون الاستراتيجي بين تركيا وسوريا. هذا المجلس يعد خطوة اضافية للاتفاقيات التي أبرمها البلدان خلال زيارة الحريري لأنقرة في شهر يناير الماضي التي شملت ميادين واسعة للتعاون, فتركيا تعطي اهتماما خاصا للبنان, دشنه وزير الخارجية أحمد داود أوغلو مهندس الدور الاقليمي التركي الجديد أو الذي تم احياؤه بزيارته قبل عامين للبنان وقولته الشهيرة في معرض التدليل علي عمق الروابط التي تريدها تركيا أن تكون حاكمة للعلاقة مع لبنان أن تركيا لاتقبل أن يكون لديها فائض مياه ويعاني الشعب اللبناني من العطش وشهد شهر يونيو الماضي تدشين التكتل الاقتصادي الرباعي بين لبنان وسوريا وتركيا والأردن خلال مؤتمر باسطنبول. تطمئن السياسية الخارجية اللبنانية لتركيا بوصفها دولة معتدلة.. وقوية, وطلب الحريري منها زيادة عدد ضباطها وجنودها في قوات الأممالمتحدة( يونيفيل) في لبنان, وأعلن أن لبنان يتكل يعتمد علي دور تركيا الاقليمي لاحلال السلام الشامل في الشرق الأوسط لأن لها رؤية شاملة تشاركها لبنان فيها لمنطقة آمنة ومستقرة ومعتدلة باعتبار تركيا نموذج لكيف يكون الاعتدال. وليست العلاقات اللبنانية التركية بمعزل عن علاقات كل طرف منهما بسوريا فقد بدا أن هناك ارتباطا بين علاقات طرف مع الطرفين الآخرين, فحسب داود أوغلو تركيا حريصة علي العلاقات الخاصة والقوية مع لبنان وعلي تطويرها, وكذلك علي التقدم في العلاقات اللبنانية السورية في اطار منظومة تعاون اقليمي ما يفسر ذلك التزامن بين تطور العلاقة اللبنانية السورية, وتطور العلاقة اللبنانية التركية, فتركيا بوابة اضافية للبنان لدعم علاقة جديدة مع حليف اقليمي لها( سوريا) مقبولة لبنانيا. وفي هذا السياق لم يخيب أردوغان ظن اللبنانيين, وحث الرئيس السوري بشار الأسد علي زيارة بيروت كرسالة مهمة مطلوبة في هذا التوجه الاقليمي ولم يربط الحريري بين رد الأسد زيارته لدمشق بزيارة بيروت وتجاوب الأسد وأعلن أنه سيزور لبنان في الوقت المناسب بعد القيام ببعض الخطوات في العلاقة, وأكد أن ذلك يستغرق وقتا طويلا. وقد أضافت هذه التطورات ثقلا للسياسة الخارجية اللبنانية علي قاعدة حكومة الوحدة الوطنية, وقوة في خطابها السياسي علي الصعيد الدولي والاقليمي بما يؤمن الداخل ويجعله أكثر تماسكا, ففي تركيا سمع الحريري علي سبيل المثال كلاما من دولة معتدلة عضو في حلف الأطلسي( الناتو) يبرر المقاومة ضد الاحتلال, ويدين التهديدات الاسرائيلية بشن حرب شاملة في المنطقة, ويذهب إلي اتهام إسرائيل بشكل صريح ومباشر بأنها تهدد السلام في الشرق الأوسط, ويكمل الحريري بأن العدوان علي لبنان هو الارهاب والدفاع( المقاومة) عن الأرض ليس ارهابا وزار الحريري أنقرة معزيا بعد العدوان الاسرائيلي علي أسطول الحرية. منظومة اقليمية جديدة انضم لبنان شريكا في تأسيس منظومة اقليمية جديدة للتعاون الاقتصادي تضم كلا من تركيا وسوريا والأردن, فالي أبعد من تطوير العلاقة مع سوريا وتركيا ذهب لبنان إلي تجمع رباعي اقتصادي, ربما كبداية مفتوح أمام انضمام العراق وايران, فبتوقيع لبنان اتفاقيات الغاء تأشيرات الدخول مع كل من سوريا والأردن وتركيا لتسهيل حركة المواطنين ورجال الأعمال, بعدما وقعت كل من الدول الثلاث اتفاقيات مماثلة مع الأخريات لتصبح البلدان الأربعة مفتوحة أمام حركة مواطنيها, وقد سارع مجلس الوزراء اللبناني إلي اعتماد هذه الاتفاقية بعد48 ساعة من توقيعها لتصبح نافذة, ويصف الحريري هذه المنظومة بأنها نقلة نوعية لأنها تضع لبنان في سوق يضم مائة مليون نسمة ما سيسرع انجاز اتفاق التجارة الحرة بينهما. فالحريري يعطي البعد الاقتصادي أولوية في سياسته الخارجية. واهتماما خاصا بالعلاقات الاقتصادية مع سوريا وتركيا والأردن علي المستوي الاقليمي بوصفها حسب قوله تستكمل جزءا كبيرا من العلاقات والتعاون بين لبنان وهذه البلدان في الفترة القادمة, فالحريري يدرك أنه في حالة لبنان يتبع الاقتصاد السياسة في أغلب الأحوال, فهكذا منظومة اقتصادية اقليمية لاتحقق للبنان مصالح اقتصادية فقط بل مكاسب وفوائد سياسية أيضا تدعم مناخ الاستقرار, فهذه المنظومة كما يصفها داود أوغلو تجمع رباعي( مبدئيا) يمثل( شنجن مصغرة) وسوق مشتركة مصغرة ستتسع في الفترة المقبلة لتشمل دولا أخري( إيران والعراق), وعدل أردوغان من هذا الوصف وأعطاه بعدا إقليميا ذا مغزي بأن أسماه( تجمع شامجن) نسبة الي الشام التاريخي, معتبرا تركيا بماضيها العثماني جزءا من هذا( الشام) أو امتدادا طبيعيا له. العلاقة مع إيران برغم المواقف والهواجس العربية عموما والطائفية خصوصا( من قسم في الجانب المسيحي وقسم آخر في الجانب السني) في لبنان علي خلفية دعم إ يران حزب الله والمقاومة والخيار العسكري في الصراع مع إسرائيل, علي أرض لبنان, وما يمثله ذلك من ترجيح احتمال تعرض لبنان للتدمير في أي حرب تشنها إسرائيل, إلا أن لبنان الرسمية رئيسا, ورئيسا للحكومة حريص علي استمرار أبواب الحوار مع إيران مفتوحة, فالزيارات بين المسئولين والمبعوثين والرسائل بين رئيسي البلدين والحكومتين متبادلة والتشاور قائم علي كل المستويات, والبيانات الصادرة تشير الي تقارب في التقييم فيما يتعلق ب مخططات إسرائيل العدوانية ورفض إسرائيل للسلام.. وانتهاك السيادة اللبنانية, وعدم إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة, ولاحظ هنا أن لبنان عضو في مجلس الأمن منذ أول يناير2010 في فئة الدول غير دائمة العضوية, فالحكومة اللبنانية شرعنت المقاومة لبنانيا في البند السادس من بيانها الوزاري في نوفمبر الماضي. وتتعاطي الدولة اللبنانية رئيس الدولة ورئيس الوزراء خصوصا مع هواجس ومخاوف داخلية تجاه إيران ومن جانب الأرمن تجاه التطور في العلاقات مع تركيا من منظور المكاسب والفوائد التي تحصلها لبنان لجهة دعم الاستقرار وتماسك الجبهة الداخلية ولصالح التنمية الاقتصادية, وتحصين لبنان ضد العدوان, وتأمين شبكة أمان إقليمية ودولية. عملية السلام لن يذهب لبنان الي مفاوضات مع إسرائيل منفردا.. لاسيما أن إسرائيل تعتبر مزارع شبعا وفيها تلال كفر شوبا أراضي سورية ينطبق عليها القرار242 الصادر في نوفمبر1967, ومن ثم فإن مرجعية لبنان السياسية في قضية السلام والمفاوضات هي المبادرة العربية للسلام التي صدرت عن القمة العربية في بيروت في مارس2002, وقضايا السلام و(الحرب) مع إسرائيل محددة.. إنهاء الاحتلال للأراضي اللبنانية, ورفض توطين اللاجئين الفلسطينيين حتي عودتهم الي وطنهم. ولم تتعامل السياسة الخارجية اللبنانية بجدية مع أحاديث أمريكية عن رفض واشنطن التوطين, ما يعكس عدم إطمئنان الي تطمينات أمريكية تسعي واشنطن من ورائها بالتمرير استئناف المفاوضات ربما الحاق لبنان بها لفصل لبنان عن سوريا بعد فشل محاولة فصل سوريا عن إيران. وتجدر الاشارة هنا الي أن الجانب المسيحي سواء في قوي14 آزار( الاكثرية) أو في المعارضة هم أشد المعارضين للتوطين لأنه سيتسبب إن حدث في الاخلال بالوضع الديموجرافي ومن ثم السياسي في لبنان وسيفرض حقائق جديدة علي الأرض تضيع معها هوية لبنان. أمريكا.. وحزب الله تثير سياسة الحكومة برئاسة سعد الحريري وموقف رئيس الدولة من حزب الله ومواقفها في تحركاتها السياسية الدولية والاقليمية امتعاض الولاياتالمتحدةالأمريكية وبطبيعة الحال إسرائيل, وردا علي ذلك لا يترك الحريري موقعا او مناسبة ذات صلة أو عاصمة يزورها إلا ويؤكد علي البند السادس من البيان الوزاري, وعلي أن حزب الله جزء من مكونات السياسة اللبنانية وشريك في حكومة الوحدة الوطنية, ويصف إسرائيل بأنها العدو الذي يحتل أراضي لبنانية, ويشدد علي أن رهان إسرائيل علي أن تهديداتها بضرب لبنان سيؤدي الي تقسيم الشعب اللبناني هو رهان خاسر. حتي عندما حاولت إسرائيل وآلة الاعلام الأمريكية وبعض قوي14 آذار استغلال حادث حارة حريك في ديسمبر الماضي( إنفجار استهدف عناصر لحماس في الضاحية الجنوبية) للحديث عن غياب الدولة ومنع حزب الله أجهزتها من الوصول إلي مكان الحادث رفضت الدولة( رئيسا وجيشا وحكومة) هذه الاتهامات والأكاذيب, بل أشاد وزبر الدفاع بتعاون الحزب في التحقيقات, وتم سحب مشروع قانون تقدم به وزير العدل إبراهيم نجار( من حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع) لاجازة الحبس الاحتياطي لكل من يتعرض للسلطة القضائية( علي خلفية الاتهامات السابقة) فشطبه من جدول أعمال مجلس الوزراء. العلاقة مع مصر يقول مقربون من الحريري إن مصر تتفهم وضعية لبنان والظروف القاسية التي تتحرك الحكومة ورئيسها علي خلفيتها, خاصة التطورات التي شهدها البلد خلال العامين الأخيرين فمصر كانت الدولة السابعة بعد السعودية والاردن وسوريا وتركيا والامارات وفرنسا علي جدول زيارات الحريري الخارجية بعد توليه رئاسة الحكومة واتفاقية إعفاء مواطني البلدين من رسوم العمل والاقامة( في لبنان نحو60 ألف عامل مصري) دخل حيز التنفيذ في لبنان أول العام الجاري2010 بعد15 شهرا من توقيعها الي غير ذلك من مؤشرات تنبيء بأن مستوي العلاقة الذي كانت قائما بين رموز14 آذار وتيار المستقبل بزعامة الحريري وحكومة فؤاد السنيورة وقت الخلافات بينها وسوريا لم يعد قائما لكن انعقاد اللجنة العليا المشتركة خلال زيارة رئيس الوزراء أحمد نظيف لبيروت الشهر الجاري شكلت زخما جديدا في العلاقة. ويرجع محللون سياسيون أن الانفتاح السوري علي لبنان واقامة العلاقات الدبلوماسية والتطور في العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية انهي فترة التوتر في العلاقة التي استمرت خمس سنوات ويدرك الحريري أن هناك فتورا في العلاقات المصرية السورية ومن ثم لا يود كرئيس حكومة أن ينعكس هذا الفتور علي علاقة بلاده بسوريا. والحكومة اللبنانية تسير علي حد سيف الخلافات في وجهات النظر بين مصر وسوريا حول قضايا اقليمية وهي بالنهاية لن تكون سورية في التعامل مع القاهرة, ولا مصرية في التعامل مع دمشق..بل لبنانية في الحالتين, واختارت المفتاح السعودي لفك الاستقطابات الداخلية والاقليمية لأنه أكثر مرونة في التعامل مع الابواب الموصدة بما يساعد لبنان علي تحقيق الهدوء والاستقرار الداخلي. فلبنان ذهب مع الرؤية السعودية بتسريع وتيرة العلاقات مع سوريا من أجل تحقيق الاستقرار في لبنان باعتبار ذلك مفيدا للبنان ضد رؤية أوسع تري أنه كلما اقتربت سوريا من لبنان ومصر والسعودية ابتعدت عن إيران, وفي هذا الاطار يذهب الحريري الي دمشق ووقع اتفاقيات شكلت نقله في العلاقة مع سوريا, وأبدي استعداده لزيارة دمشق مرة أخري دون أن يربط ذلك بزيارة الرئيس السوري لبيروت. أما الرؤية المصرية فقد كانت تري إبطاء هذه الوتيرة في اطار رؤية أوسع وتقدير موقف يري أن الهدف المرحلي بالانفتاح اللبناني علي سوريا والانفتاح السوري علي لبنان ربما يتحقق علي المدي القصير لكن الهدف الرئيسي بإبعاد سوريا عن إيران لن يتحقق طالما تحصد سوريا ثمارا( في لبنان) من دون أن تدفع الثمن سلفا, بينما لبنان لن يحصد ثمارا لهذا الانفتاح وأن العكس هو الذي سيحدث بمزيد من الاقتراب السوري من ايران. مشهد اللقاء الثلاثي في فبراير الماضي الذي ضم كلا من الرئيسين الايراني أحمدي نجاد والسوري بشار الاسد والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اعتبره فريق14 آذار دليلا علي صحة الرؤية المصرية ورسالة في الاتجاه المعاكس للرؤية السعودية أدت الي قرار الحريري بعد زيارته قطر عقب هذه القمة الذهاب الي طهران؟! الخلاصة للنظام السياسي الطائفي في لبنان بصماته أيضا علي السياسة الخارجية, فالسياسة الخارجية في أحد تعريفاتها هي امتداد السياسة الداخلية, ومن ثم فإن ما تتسم به السياسة الداخلية من توازنات ومقايضات وتنازلات ومساومات وتسويات يتجلي أيضا في السياسة الخارجية..حيادا وإنجازا.. خصومات وتحالفات ومراوحة بين هذا وذاك. من الاستخلاصات إذن أن التطورات الداخلية والاقليمية تضع بصماتها علي السياسة الخارجية, وربما ذلك مادفع حكيم قوي14 آذار الاستاذ سمير فرنجيه للقول ل الأهرام المسائي إن صفقة أمريكية إيرانية في المنطقة ستكون مريحة أكثر للبنان من حرب وعدوان اسرائيلي يأتي علي البلد. إذن لبنان لايمانع من أجل الحفاظ علي ماتحقق من مصطلحات داخلية وإقليمية واستقرار وأمن من أن يسلك كل الدروب لتحقيق ذلك وفي أن يقبل أي هدية إقليمية أو دولية تدعم استقراره حتي ولو كانت هذه الهدية تفاقما أمريكيا إيرانيا.