بينما يستمر الجدل العلمي حول ربط الظواهر الجوية والطبيعية بمؤشرات لكوارث تغير مناخ خاصة إذا استمرت درجات حرارة كوكب الارض في الارتفاع، من المؤكد أن تغير المناخ أصبح حقيقة ملموسة كل عام بحكم زيادة حدوث الأعاصير والفيضانات وموجات الحر كالتى شهدتها البلاد الأيام الماضية، وهو ما ينطوي على تهديدات بأمراض وبائية قد تصيب الإنسان الأمر الذى يدعو للمزيد من التكاتف الدولى للوصول إلى تفعيل سياسات رشيدة إزاء قضايا تغير المناخ. ويوضح د. مصطفي الرافعي رئيس قسم الفلك بجامعة القاهرة سابقا، ان الحديث عن ربط التغيرات المناخية بما نشهده من تغيرات في الطقس يحتاج إلي المزيد من إجراء الدراسات المستندة إلي الأرقام والقياسات لرسم سيناريو ما يمكن حدوثه ويؤكد هذه الفرضيات. وهو أيضا ما ينطبق علي الآثار البيئية الأخري لتغير المناخ كالفيضانات وارتفاع مستوى البحر أو التصحر والجفاف. ويضرب مثالا بموجة الطقس شديد الحرارة التي تعرضت لها مصر علي مدار الأسبوعين الماضيين التي تدخل في نطاق الظواهر الشاذة عن المعتاد. حيث إنه من المعروف أن هذه الفترة من العام تشهد حدوث منخفض الهند المتمركز فوق الهند وقد يمتد وصولا إلي شرق السعودية والسودان. بينما هذا العام امتد إلي الأردن والشام وهو ما سبب الإحساس بالطقس شديد الحرارة والمصحوب بنسبة رطوبة مرتفعة نتيجة مرور هذا الهواء القادم من الهند علي مياه البحر. ويشير د. الرافعي إلي ان هذه الموجة تعتبر أكثر شدة وأطول فترة عما هو معتاد فليس من الطبيعي أن تتأثر مصر بهذا المنخفض بهذه الشدة التي استمرت أيضا علي مدار اسبوعين علي غير المعتاد وهو من 48 إلي 72 ساعة فقط. وهو ما يلفت الانتباه إلي التغيرات المناخية، مشيرا إلي أن موجة الحر علي المنطقة العربية سبقتها فيضانات شديدة علي مناطق جنوب شرق آسيا وماليزيا وكمبوديا، موضحا أن هذه الفيضانات ليس وقتها الآن وإنما يعتاد حدوثها في شهر سبتمبر. ويستطرد أن التأثيرات المحتملة للتغيرات المناخية علي الطقس تمتد إلي ظاهرة منخفضات الخماسين خلال الفترة من شهر مارس إلي مايو. التي أصبحت تأتي 6 إلى 7 مرات بدلا من 4 مرات طوال الثلاثة أشهر، وتكون محملة بالعواصف الرملية الشديدة مصاحبة بارتفاع في درجات الحرارة علي مدار موجات متكررة تستمر من يومين إلي ثلاثة أيام. أيضا يتوقع أن يقابل هذا الصيف الحار شتاء يتخلله موجات متكررة وطويلة من البرودة القارصة. البعد الصحي لمخاطر التغيرات المناخية كما توضحه الدكتورة وجيدة أنور أستاذ طب المجتمع والبيئة وطب الصناعات بطب عين شمس، تتمثل بالتأثير السلبي على المحددات الاجتماعية والبيئية للصحة كالهواء النظيف والمياه المأمونة الصالحة للشرب والغذاء الكافي والمأوى الآمن، وهو ما يعني المزيد من الإصابات والوفيات نتيجة أمراض سوء التغذية وصولا إلي ازدياد معدلات الوفاة الناجمة عن أمراض القلب والأمراض التنفسية. وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية من المتوقع أن يفضي تغير المناخ في الفترة ما بين عام 2030 و2050 إلى نحو 250 ألف وفاة إضافية سنوياً من جراء سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري. ويمثل ارتفاع درجات الحرارة بيئة خصبة لنشاط الفيروسات والبكتريا والحشرات، موضحة أن ما حققته مصر من جهود لمكافحة أمراض البلهارسيا والملاريا مهددة إذ تحقق سيناريو ارتفاع درجة حرارة الأرض، نتيجة تغير توزيع العدوى المحمولة بالنواقل وتلك المنقولة بالغذاء وذات الصلة بالمياه، وبالتالي زيادة العبء المرضي لهذه العدوى. كما من المحتمل أن يزيد عدد الإصابات ذات الصلة بتلوث الهواء والماء وزيادة معدلات انتشار الربو وعدوى الجهاز التنفسي.