يعاني ميدان المنشية هذه الأيام من فوضي الإشغالات والتعديات من الباعة الجائلين علي قلب الميدان والشوارع المحيطة به وقد قامت الشرطة وقوات من الجيش بحملة مكبرة لرفع المخلفات وإزالة الإشغالات وإعادة الإنضباط إلي الميدان. ويقول الدكتور أسامة الفولي محافظ الإسكندرية إن حملة ميدان المنشية لن تكون الأخيرة حتي تتم إعادة النسق الحضاري والمظهر الجمالي للمنطقة, مشددا علي عدم التهاون مع حالات الإشغال حتي عودة الإنضباط إلي الشارع السكندري الذي تحول إلي سوق عشوائية للباعة الجائلين أما زمان فكان ميدان المنشية( القناصل) هو قلب الحي الأوروبي الذي عاش فيه الأجانب الذين كانوا يتركزون بالإسكندرية بأعداد كبيرة كما تقول جريدة الوقائع المصرية عام1873 فقد بلغ عدد الأوروبيين في مصر أكثر من79 ألف خواجة يعيش60% منهم في الإسكندرية. وهذا ما تؤكده اللوحة المنشورة في جريدةTHEDAILYGRAPHIC الإنجليزية يوم السبت21 يونيو1890 بعنوان الحي الأوروبي الذي كان يشتهر بوجود ميدان القناصل المقامة حوله الفنادق الفخمة مثل فندق آبات ملتقي الصفوة وفندق أوروبا بحمامه الشهير الذي كان يجذب الأجانب للتمتع بمياهه الساخنة النظيفة والتدليك الذي كان يقوم به الصبية المتخصصون ب2 فرنك, أما المقاهي فكانت كثيرة كما يبدو في اللوحة للجلوس وإحتساء المشروبات ولعب البلياردو وقراءة الجرائد الأجنبية ومن أهمها القهوة الفرنساوية. وقد قال الرحالة الفرنسي دي فوجاني عن هذا الميدان أنه أصبح مركز التجارة الأوروبية بالمدينة و يوجد به تمثال بديع من البرونز لمحمد علي باشا صنعه المثال الفرنسي جكمون عام1873, وقد صار الميدان محاطا بالنصب التذكارية الجميلة والفنادق الفخمة والمتاجر الغنية بالإضافة إلي النافورات وغير ذلك من الوسائل الترفيهية التي جلبها الأجانب معهم. وقد إهتمت الحكومة بتطوير الحي الأوروبي فشوارعه عريضة مستقيمة والمنازل علي جانبيه مبنية علي الطريقة الحديثة ولا تزيد عن ثلاثة طوابق وبالمنطقة بعض المدارس والمنشآت الأوروبية مثل مدرسة سان فنسان والفرير, حتي أن أحد الفرنسيين قال عند مشاهدته لهذا الحي أشعر وكأنني في فرنسا. وكانت الحياة بالنسبة للأوروبيين سهلة وجميلة حتي أن النساء الأوروبيات كن يشعرن بالحرية والسعادة. وقد قام الخديو إسماعيل ببناء القصور والحدائق و المتنزهات و شق الشوارع وغير ذلك من الأعمال العمرانية المتطورة. ويقال إنه في عام1855 كان بالإسكندرية13 قنصلية وعدد كبير من المطاعم والفنادق والمقاهي والكنائس الإفرنجية والمستشفيات وكل هذا تركز في قلب المدينة التجاري حيث أقام الأجانب الذين قدموا الي الإسكندرية منذ عهد محمد علي حول ميدان القناصل وقد سمح لهم محمد علي باشا والي مصر بتملك الأراضي والمنازل والقيام بكل الأنشطة التجارية حتي بلغ عدد الشركات الأجنبية بها عام1837 أكثر من70 شركة من مختلف الجنسيات( يونانية وفرنسية وإنجليزية ونمساوية وإيطالية) وكان اليونانيون من كبري الجاليات في المدينة يليهم الإيطاليون ثم الفرنسيون والإنجليز. و قد رصفت الشوارع ببلاط تم إستيراده من تريستا كما تم توسعتها بما يكفي لمرور العربات بسهولة وغرست الأشجار علي جانبيها. كما عرفت المدينة الإنارة و المياة النقية بين عامي1863 و1865, وتم إنشاء الخط الحديدي الذي ربط المدينة بمنطقة الرمل( ترام الرمل) في1860.