تشهد الفنادق التاريخية في مصر وعددها تسعة فنادق موزعة بين الإسكندرية والقاهرة وأسوان والأقصر إهمالا شديدا يكاد يصل ببعضها إلي الانهيار مما قد يفقد البلاد جزءا من تاريخها وتراثها. تصريح خطير جاء علي لسان أحد العاملين بالسياحة رفض ذكر اسمه وأكد أن الفنادق التاريخية خاصة التي ترجع لعصر الخديو إسماعيل تحظي بإقبال شديد من السائحين وخاصة الأثرياء منهم الذين يقطعون آلاف الأميال ليعيشوا لأيام بين جدران هذه الفنادق الساحرة أما فنادق زمان فأصدق مثال علي نظافتها وفخامتها والعناية بها هو فندق آبات الكبير الذي بناه اتيان آبات بالقرب من كنيسة سانت كاترين بوسط الإسكندرية عام1858, وتولي إدارته إبنه آخيل آبات منذ عام1876, وكان هذا الفندق حديث المدينة بأناقته وحداثته وعدد غرفه التي تعدت الخمسين غرفة مفروشة بأرقي الأثاث المناسب للأذواق الأوروبية. وقد شهد هذا الفندق الكثير من الأحداث الهامة التي مرت بالمدينة, وكان المقر الرئيسي للكثير من أشهر الشخصيات العالمية التي زارت مصر خاصة في فترة أفراح الأنجال أو حفلات زفاف أولاد الخديو إسماعيل الأربعة التي بدأت يوم الأربعاء15 يناير1873, وقد وقع إختيار الخديوي إسماعيل علي اتيان آبات صاحب الفندق ليكون مسئولا عن إعداد كل حفلات العشاء لضيوفه الذين أقاموا بالإسكندرية وذلك لثقتة في الفندق وما يقدمه من خدمات أنيقة, وقد أقام بالفندق الكثير من الشخصيات العالمية أمثال الدوق أبريز الذي أقام حفلة راقصة كانت حديث المدينة عام1896 لفخامتها وأناقتها وكثرة المدعوين بها, بالإضافة للمستكشف الشهير الأمير فيليب دوق أورليانز والأمير لويس نابليون بونابرت. وقد ذاعت شهرة فندق آبات لوجوده بالقرب من الحي الأوروبي بميدانه الشهيرالمعروف بإسم ميدان القناصل الذي التفت حوله اشهر الفنادق والمقاهي مثل فندق ابات وأوروبا الذين إشتهرا بوجود الحمامات الأنيقة التي كانت تجذب الأجانب للتمتع بالتدليك علي أيدي غلمان أجرة كل منهم2 فرنك, كما إشتهر الفندق بعربته الomnibus أو الأتوبيس الصغير المفتوح الذي تجره الأحصنه والذي كان يطلق عليه السوارس, و كان يقف في الميناء لإصطحاب السياح القادمين للفندق المكون من طابقين علويين بالإضافة لدور أرضي يضم مقهي مفتوح أو تراس يعد من أجمل مقاهي المدينة في تلك الفترة, الجدير بالذكر أن أتوبيس الفندق الذي كان أعجوبة زمانه كان كثيرا ما يصحب النزلاء في رحلات وجولات سياحية ممتعة داخل الإسكندرية... ويعد هذا الفندق بالإضافة لفندق شبرد القديم بالقاهرة من أكثر الفنادق شهرة في القرون الماضية وجذبا للسياح الأكثر ثراءا في العالم. والمثير أن فندق آبات قد عاصر ضرب مدينة الإسكندرية عام1882 من قبل الإنجليز وهدم المدينة وحرقها, وقد تهدمت كثير من المباني المجاورة للفندق بفعل قنابل الأسطول البريطاني بينما نجا الفندق بأعجوبة وهو ما رصدته بعض اللقطات النادرة لأشهر مصوري ذلك العصر أمثال الإيطالي فيوريللي واليوناني زنجاكي. ورغم نجاته من قنابل الأسطول الإنجليزي فسرعان ما تهدم بفعل الزمن, ولم يتبق منه إلا حكايات عجائز الإسكندرية علي مقاهي ميدان المنشية عن زمن جميل لا يحمل إلا الذكريات وبعض الصور القديمة.