تتحرك مصر والسعودية بصورة تبدو دون تنسيق بعيدا عن التحالف التقليدي الذي استمر سنوات طويلة مع الولاياتالمتحدة، في الوقت الذي يبدو فيه أن واشنطن هي الأخري قد قررت «التضحية» بتلك العلاقات «الإستراتيجية» من أجل عيون ايران وابرام اتفاق نووي مع جمهورية ايران «الاسلامية» التي سعت أمريكا خلال أكثر من 35 عاما للإطاحة بهذا النظام «الإسلامي» !! وخلال الأيام الماضية، زار ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع موسكو واتفق علي مشروعات ضخمة تقدر بعشرات المليارات، وبعدها زار فرنسا وأبرم عدة اتفاقيات مماثلة، وتعد الزيارتان والصفقات لطمة قوية للولايات المتحدة التي ظلت لأكثر من 60 عاما تتغني بالتحالف «الإستراتيجي» مع المملكة من أجل الحفاظ علي حصتها وحصة حلفائها الغربيين والآسيويين في صناعة النفط السعودي، وكانت مصر قد سبقت السعودية أيضا في التوجه نحو الشرق وروسيا تحديدا ثم فرنسا بعد خلافات قوية مع واشنطن، ومن الواضح أن الولاياتالمتحدة اختارت العودة إلي تحالفها القديم مع ايران والتضحية بتحالفها السابق مع كل من مصر والسعودية، ربما لأنه من وجهة نظر واشنطن قد استنفد أغراضه ولم يعد لدي الدولتين ما يقدمانه لواشنطن، وأن الخلافات أصبحت أعمق من الاتفاقات، وكذلك فإن من حق مصر والسعودية البحث عن تحالفات جديدة تلبي طموحات المرحلة، وتتناسب مع التحديات الخطيرة التي تشهدها المنطقة. ولا أعتقد أن الاتفاق النووي الأمريكي مع ايران السبب الرئيسي في تحول موقف السعودية تحديدا من واشنطن، ولكن الموقف الأمريكي من تطورات المنطقة يتبلور منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، وتتحدث الصحف الأمريكية عن أن صانع القرار الأمريكي ترسخت لديه قناعة بأن الاسلام «السني» هو مصدر الارهاب في العالم، وأن الاسلام «الشيعي» إذا جاز التعبير لم يسبب لأمريكا أو للغرب مشكلات أو ازعاجا ونسيت الصحف حزب الله ونصرالله عن عمد وظهر التحول واضحا علي السياسة الأمريكية بالتقرب من ايران، وإطلاق يدها ونفوذها في سوريا ولبنان واليمن والعراق والتزام الصمت إزاء محاولاتها زيادة نفوذها في دول منطقة الخليج العربي، ولو كانت لاتزال هناك أزمة في النفط في الأسواق العالمية كما حدث في حرب أكتوبر 1973، أو أزمتي الخليج الأولي والثانية، لكان موقف واشنطن من الخليج العربي مختلفا! لمزيد من مقالات منصور أبو العزم