من أجل التعرف عن قرب على النظام الكونفيدرالى المطبق فى سويسرا، قام وفد اعلامى مصرى بزيارة سويسرا بدعوة من الوزارة الفيدرالية للشئون الخارجية من خلال سفارتها فى مصر. وكانت جولة البرلمان السويسري، الذى ينتخب كل 4 أعوام ،فرصة رائعة للوفد للتعرف على مهام السلطة التشريعية التى تمارسها الجمعية الفيدرالية فى مكان انعقاد الجلسات من خلال غرفتيها التى تجتمع كل منهما على حدة وتتمتعان بنفس النفوذ، وهما المجلس الوطنى ويمثل الشعب ويتكون من 200 عضو ويتناسب تمثيل النواب فيه مع عدد السكان ويعد كانتون زيوريخ هو الاكبر من حيث التعداد فلديه 34 مقعدا. والثانية هى مجلس الدولة ويعرف بغرفة الكانتونات وبه 46 عضوا نائبان لكل كانتون ونائب واحد للنصف كانتون. ومن الطريف أن أعضاء البرلمان لديهم وظائف أخرى لتوفر دخل شهريا ثابتا لهم ويعملون فى البرلمان بنظام الدوام الجزئى ويطلق عليهم "سياسيون رديفيون".وسألنا عن الاحزاب السياسية فى البرلمان فوجدنا أن عددها 12 حزبا سياسيا يشغل 246 مقعدا أكبرها اتحاد الوسط الديمقراطى ولديه 64 مقعدا، يليه الحزب الاشتراكى السويسرى ويحتل 51 مقعدا، ثم الليبراليون والراديكاليون ولديهم 47 مقعدأ ثم الحزب الديمقراطى المسيحى 46،وهناك احزابا صغيرة لا تتعدى فى مجملها 16 مقعدا كما يوجد مقعد شاغر. واستمعنا كذلك لمحاضرة بالمعهد الفيدرالي حيث قدمت مساعد المدير ا.د. ايفا ماريا بلستر والباحثة نينا ماسيجر شرحا وافيا حول نظام الهيكل الاتحادى السويسرى الذى نجح فى الحفاظ على تعدد أنظمة الحكم الذاتى للكانتونات برغم اختلافاتها و تنوعها. فسويسرا تضم 3 مستويات سياسية وهى الدولة الفيدرالية ثم مجموعة "الكانتونات" اى اقاليم وعددها 26 كانتونا ذات حكم ذاتى منها 20 كانتونا كاملا و6 انصاف كانتون، والمستوى الثالث هو البلديات حيث يوجد فى سويسرا ما يقارب من 2600 بلدية .كما تعد الديمقراطية المباشرة عاملا اساسيا للكونفيدرالية السويسرية وهى التى تعمل على تسهيل وظائف النظام وقبول قواعد مشتركة وهويات مزدوجة. والمثير للاعجاب انه برغم العملية المركزية الجارية فان كل كانتون يحظى ببرلمانه ودستوره الخاص وقوانينه ومحاكمه.كما تتمتع البلديات أيضا بمساحة كبيرة من الاستقلالية رغم تصنيفها كهيئات سياسية مصغرة.وأوضحتا أن سر النجاح يرجع الى التعاون الأفقى بين مستويات الكونفيدرالية الثلاثة باعتبارها الوسيلة الوحيدة لمواجهة التحديات الجديدة ،الى جانب الفصل الكامل بين السلطات القضائية والتشريعية والمجلس الفدرالى التنفيذي.أما بالنسبة للحكومة فالمجلس الفيدرالى المكون من 7 أعضاء (3 نساء و4رجال يتم انتخابهم من قبل الجمعية الفيدرالية كل 4سنوات) هو الذى يشرف على تنفيذ القوانين الفيدرالية وادارة الوزارات الفدرالية ال 7، كما أن رئاسة الدولة يقوم بها المجلس الفيدرالى بشكل جماعى اذ يعين كل عضو رئيسا بالتناوب لمدة عام. المبادرة والاستفتاء ومن ابرز المناقشات والعبارات التي خرجت بها من هذه الزيارات المكثفة، التى استمرت 5 ايام ل 3 كانتونات منها العاصمة بيرن وزيوريخ وشافهاوزين، هى مقولة فى محاضرة هامة للسفير كلوديو فيشر مدير العلاقات الدولية بالبرلمان السويسرى فى بيرن قال فيها أن الشعب هو صاحب السيادة واساس الحكم وهو بمثابة المحكمة الدستورية العليا التى يخلو منها النظام السويسري. يقول فيشر أن الشعب قد اعتاد على نظام الديمقراطية المباشرة وأصبح يتمتع بذكاء كبير فى اختيار القرار الصحيح فهو يصوت سنويا من 3 الى 4 مرات حول 20موضوعا، كذلك ارتفع معدل مشاركته فى الانتخابات فى السنوات الأخيرة لأكثر من 40 %. كما يعتمد معظمهم على التصويت بالمراسلة باعتباره الاجراء الانتخابى الاكثر استخداما فى سويسرا ،أما الاقتراع الالكترونى فلم يحظ بالتطور الكافى فى بعض الكانتونات. ويستند المواطنون فى حقوقهم الانتخابية الى 3 آليات وهى المبادرة الشعبية التى يسمح للمواطن بموجبها باقتراح تعديلات او اضافة للدستور بشرط الحصول 100 ألف توقيع كى تخضع المبادرة للتصويت الشعبي، والاستفتاء الاختيارى الذى يعطى الحق للمواطن السويسرى بالمطالبة باخضاع قرار كان قد حصل على تصويت أعضاء البرلمان للتصويت الشعبى ولكن بعد جمع 50 ألف توقيع. وأخيرا الاستفتاء الالزامى الذى يلزم البرلمان باخضاع اى تعديل على الدستور للاستفتاء الشعبي.