عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، مفهوم الاجتهاد قائلا: هو بذل الفقية أقصى الوسع في استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية, علماً بأن الأدلة التي يجتهد فيها هي: القرآن والسنة, ويتفرع عنهما مصادر أخرى: كالإجماع والقياس والاستحسان, وغيرها, والاجتهاد نوعان: فردي, يقوم به من توافرت فيه شروطه, دون أن ينضم إليه غيره, واجتهاد جماعي, يجتمع فيه مجتهدون لبحث الحكم في النوازل, ومن هذا القبيل: ما يتم في المجامع الفقهية, والمؤتمرات والندوات التي تعقد لهذا الغرض, وقد دل النقل الصحيح أن رسول الله «صلى الله عليه وسلم» كان يجتهد في شئون الحياة ويرى فيها رأياً, حتى إذا تبين له أن المصلحة تتطلب غيره, رجع عنه وفعل ما هو خير, ومن ذلك اجتهاده في أمور الحرب, وفي بعض الشئون الأخرى, وقد اجتهد الصحابة في زمانه, كاجتهادهم في تفسير استنفاره لهم في الذهاب إلى بني قريظة, واجتهاد الصحابة في مواجهة العدو الكثير العدد والعدة في مؤتة, واجتهادهم بعد وفاته في عقوبة شرب الخمر, ومنع الزكاة, ونحو ذلك. وأضاف: لا يسوغ الاجتهاد في أصول الشرع, وفيما ورد فيه نص صريح صحيح بالحكم, أو أجمع عليه الفقهاء, كما لا يسوغ الاجتهاد في الأحكام العقدية, ولا يمتنع الاجتهاد فيما انتهى فيه علماء السلف برأي غير مجمع عليه بينهم, إذا وجد المقتضي لتغير الاجتهاد, زمانا أو مكانا أو حالا, كما لا يمتنع الخروج برأي اجتهادي غير الذي انتهوا إليه, فإن واقع العصر الذي أظلهم حين الاجتهاد في الحكم, لم يعد له وجود, فساغ أن يختلف الاجتهاد عما توصلوا إليه, وللاجتهاد شروط في المجتهد وفيما يجتهد فيه, فمن شروط المجتهد: التكليف, والمعرفة بالكتاب والسنة, وكيفية استنباط الأحكام من أدلة الشرع المعتبرة, ومعرفة آليات الاستنباط, ولغة التشريع, ومقاصد الشارع, والمجمع عليه والمختلف فيه, فضلا عن الورع والعدالة, وحسن النظر في الأمور, ومعرفة أحوال العصر, ومما يشترط فيما يجتهد فيه: أن يكون مما يسوغ الاجتهاد فيه, وألا يكون مقطوعا بحكمه أو مجمعا عليه, وأن يكون في الفروع الفقهية العملية, وليس في أصول الشرع, وليس صحيحا ما يقال: إن باب الاجتهاد أغلق, بل باب الاجتهاد فتح على مصراعيه للاجتهاد في نوازل العصر, التي لا وجود لحكمها في اجتهادات السلف.