ما جري في تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور, هو اعتداء صارخ علي حقوق المواطنين وأصحاب المصلحة الحقيقية من ملايين المصريين, والذين لن يسمحوا باستمرار العبث والتحدي ممن يريدون احتكار كل شيء تحت شعار الأغلبية البرلمانية. يجب علي الإخوان الاعتراف بأنهم أخطأوا بالفعل, لإصرارهم علي التحكم في كتابة الدستور للبلد, فهو دستور لنا جميعا ولا يخص جماعة أو فصيلا أو حزبا, حتي لو كانت الجماعة حظيت بثقة الناخبين في البرلمان, فهذا لا يعطيها الحق في السيطرة علي الدولة البرلمان الحكومة الرئاسة الدستور, فالتجربة تثبت يوميا, خسارة الإخوان لما كسبوه طوال العام الماضي. فمن هو العبقري, الذي قرر وضع الجماعة في مواجهة مع المجتمع؟! فعليهم أن يتراجعوا عن حساباتهم تلك, فالشعب الذي ثار علي نظام كان أقوي من الجماعة, سوف يثور هذه المرة ضد كل من يرغب في السيطرة والتحكم في مقاليد العباد, فالدساتير في العالم لا تتولي الأغلبية البرلمانية كتابتها, هذه قواعد وأصول عامة, فالدستور للوطن وليس للبرلمان, والذي يتغير من حزب لآخر, وبالأمس القريب كان الحزب الوطني واليوم الإخوان وغدا فصيل ثالث, فهل هناك دول محترمة, تتغير دساتيرها حسب أغلبيتها في البرلمان؟! علي الإخوان قراءة التاريخ, فالدروس تعلمنا الكثير ويجب عليهم عدم التورط في هذه القضية, فالشعب لن يتوقف عن مطالبه بالتوافق المجتمعي علي من يحق لهم كتابة الدستور, فكيف يستبعد أحمد كمال أبوالمجد وطارق البشري وثروت بدوي وإبراهيم درويش ونور فرحات ويحيي الجمل وفقهاء الدستور المعروفين؟! من الخطأ أن يستمر هذا الوضع ويفاجئ المجتمع بدستور غير معقول يجعل من البرلمان والحكومة فراعنة جدد, بالتحكم والتدخل في كل السلطات ومنح فئات معينة مزايا علي حساب أخري والتمييز بين أبناء الوطن الواحد, الحكمة تتطلب التراجع, لأن المعركة أصبحت بين المجتمع المصري والجماعة ممثلة في نوابها بالبرلمان وحزبها السياسي. جميع الدساتير المصرية من 23, وضعتها لجان شارك فيها خبراء وسياسيون وفقهاء وغيرهم, ممن لا يكون لهم هوي في النفوس ولا يعملون لمصلحة جماعة أو حزب ويضعون الأولوية للوطن وللملايين.. فطمع الإخوان ربما يعيدنا لسيناريو 54, وراجعوا بيان المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي أصدره مساء الأحد الماضي, لتعرفوا إلي أين نحن ذاهبون؟! المزيد من أعمدة أحمد موسي