فى محاولة لإلقاء الضوء على المشاركة المصرية والعربية فى مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووى وسيناريوهاته المختلفة، وتأثير تأخير عقد مؤتمر إعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، تحدث السفير الدكتور محمد إبراهيم شاكر، رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية، والرئيس السابق لمؤتمر المراجعة الثالث لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية عام 1985. تناول السفير المصرى المخضرم فى حديث عدة قضايا تتعلق بتوقعاته حول نتائج المؤتمر ووضع إسرائيل التى ترفض الانضمام للمعاهدة وأسباب إصرار الغرب على إبعاد العرب عن المفاوضات مع إيران حول ملفها النووي. ما هى توقعاتكم بشأن نتائج المؤتمر؟ - المشاركة فى مؤتمر المراجعة ستتجاوز التمثيل البروتوكولى وإلقاء الخطب إلى ما هو أكثر أهمية. وهناك سؤال سيتم طرحه حول »مدى الجدية« فى التعامل مع مطلب إقامة »منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل فى الشرق الأوسط«. وإذا فشلت جهود إقامة المنطقة هل ستكون هناك استمرارية فى الانضمام للمعاهدة، أم ستظهر تهديدات بالانسحاب منها. وقد يتولد عن ذلك ظهور حلول أخرى تحمى نظام منع الانتشار من الانهيار. وعموما المؤتمر أمامه عدة احتمالات. فقد تفشل جهوده وينجم عنه انسحاب دول من المعاهدة، بينما قد يصر البعض على الاستمرار تحت مظلة معاهدة فاشلة لاتستطيع تحقيق الأمن فى حال نزع السلاح النووى. وقد أصبح عدم إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل فى الشرق الأوسط عقبة كئود أمام إحراز التقدم فى مؤتمر المراجعة. وقد تسعى بعض الأطراف للتأجيل بينما قد تحتج بعض الدول على المد اللانهائى للمعاهدة خاصة أن الدول العربية كانت تأمل فى إقامة مؤتمر »إعلان إقامة المنطقة الخالية من أسلحة الدمار الشامل فى الشرق الأوسط«. ولكن عدم انعقاد المؤتمر وما يترتب عليه من عدم ضم إسرائيل للمنطقة الخالية قد يفتح الباب أمام تحد جديد فى المؤتمر للمؤيدين للطرح العربى من جانب والمساندين لمصالح إسرائيل النووية من جانب آخر. وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل لم توقع على معاهدة منع الانتشار النووى حتى اليوم. بعيدا عن الشرق الأوسط هل هناك التزام دولى بمنع الانتشار النووي؟ معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية لا تتعلق فقط بنشاط إيران وإسرائيل، ولكن بمشكلة أكبر تتمثل فى أن الدول الخمس الحائزة على السلاح النووى (الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن) لم تبد التزاما حقيقيا بنزع السلاح النووى حتى اليوم. ولم تحترم القرارات والاتفاقيات ذات الصلة. ولكن فى بعض الأحيان نجد دولة مثل الصين تظهر قدرا من الالتزام بالقرارات. وهناك نقطة مهمة تتعلق بتوفير الضمانات والالتزامات بتقديم محفزات وبدائل للدول التى تتخلى عن خيار إنتاج وامتلاك السلاح النووى مثل توفير الوسائل اللازمة للاستثمار فى المجالات النووية السلمية وفق نص المادة الرابعة من معاهدة منع انتشار السلاح النووى. فيما يتعلق بالشرق الأوسط ما هى مشكلة إخلاء المنطقة من الأسلحة النووية؟ المعوق الرئيسى أمام جعل المنطقة خالية من السلاح النووى يتمثل فى عدم انعقاد مؤتمر لإعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل. فعلى الرغم من تنظيم العديد من اللقاءات حول هذا الأمر إلا أنها كانت غير رسمية. أما المؤتمر الرسمى فكان من المخطط أن يعقد فى عام 2012 ولكنه لم ينعقد حتى اليوم. ونحن نعلم أن إسرائيل متقدمة جدا فى المجال النووى وحسب رأى العلماء والخبراء فإنها تمتلك بالفعل ترسانة نووية قوية جدا. كما يقلقنا بعض الشيء النشاط الإيرانى وإن كنت أرى أهمية أن تكون لنا لقاءات مع إيران فى تلك الفترة الحاسمة خاصة أن الغرب قد أبقانا خارج المفاوضات مع أننا فى مصر والسعودية ودول الخليج العربية معنيون بتلك القضية. وأنا لا أوافق على انفراد مجموعة (5 + 1) بالتفاوض مع إيران. ومن هذا المنطلق أود أن أقارن هذا الموقف بما قام به الغرب عقب التفجيرات الكورية الشمالية. فقد اجتمعت القوى الغربية مع الدول الست الأقطاب فى المحيط الهادى مثل كوريا الجنوبية واليابان وروسيا. بينما فى الشرق الأوسط تم تجاهل أصحاب المنطقة المعنيين بالأمر. وبالتالى أردت إثارة الأمر لأنه لابد أن يأتى اليوم الذى سنتفاوض فيه مع الإيرانيين، مثلما تفاوضنا مع الإثيوبيين من أجل مياه النيل، وذلك لضمان تجنب أى تصاعد فى الملف النووى بالشرق الأوسط. ما هو تفسيرك لاستبعاد العرب من المفاوضات مع إيران؟ إيران أخفت نشاط برنامجها النووى لفترة طويلة جدا إلى أن تم كشفه فى مرحلة تالية. ومفاوضاتها مع الغرب كانت صعبة جدا. وكانت صعوبة المفاوضات »حجة« الغرب لإبعاد الأطراف العربية عن المشاركة فى المفاوضات بحجة الرغبة فى »عدم زيادة تعقد الأمور«. ولا أعتقد أننا سنحقق تقدما ملموسا مادام استمر الغرب فى مفاوضات متصلة مع إيران. والمهم أن إيران التى تم اكتشاف برنامجها النووى منذ عدة سنوات وتم اكتشاف إخفائها نشاطاتها هى إحدى الدول الموقعة على معاهدة منع الانتشار، وعلى اتفاقية ضمانات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتى بموجبها تتيح التفتيش على نشاطاتها النووية بمعناه الواسع. أى أن الاتفاقية تشمل العديد من الإجراءات من بينها التفتيش. وبالتالى فإيران ملزمة منذ البداية وقبل المفاوضات باحترام تعهداتها وبتقديم بياناتها النووية لوكالة الطاقة الذرية. هل تشعر أن العرب يرغبون بالفعل فى التفاوض مع إيران؟ أعتقد أن الطرف العربى راغب فى التعاون مع إيران حال احترامها الالتزامات والاتفاقيات التى وقعت عليها وانضمت إليها. ولابد أن تكون لنا اتصالات مع إيران حول برنامجها النووى ليكون لنا وزن ورأى تحترمه إيران وتضعه فى حسبانها.