الدكتور محمد شاكر رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية وغني عن البيان أن مؤتمرات مراجعة المعاهدة منذ دخولها حيز النفاذ تعقد دوريا كل خمس سنوات وكانت المؤتمرات الأولي تعقد في چنيف ومنذ عام 1995 تعقد مؤتمرات المراجعة في نيويورك لإتاحة الفرصة لأكبر عدد من أطراف المعاهدة للاشتراك في المؤتمر نظرا لتواجد تمثيل عالمي في الأممالمتحدة غير متوافر في مدينة كچنيف. ومن هذا المنطلق استضافت مدينة نيويورك في الفترة من 3 إلي 28 من مايو 2010 مؤتمر المراجعة الثامن للمعاهدة وقد استطاعت الدبلوماسية المصرية من خلال بذل جهود مضنية تحقيق العديد من الإنجازات في نطاقه حيث صدر البيان الختامي للمؤتمر متضمنا عدة أمور هامة وعلي رأسها مطالبة إسرائيل بإخضاع منشآتها النووية لنظام الضمان الشامل والانضمام للمعاهدة بالإضافة إلي صدور قرار بعقد مؤتمر إقليمي عام 2012 لبحث أفضل السبل لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل. وفي ضوء الأهمية التي توليها دول منطقة الشرق الأوسط لقضايا نزع أسلحة الدمار الشامل وفي ضوء المخاطر الماثلة جراء امتلاك إسرائيل لترسانة من الأسلحة النووية وفي ضوء تصاعد أزمة ملف إيران النووي وغير ذلك من الأمور الهامة دار الحديث مع الدكتور محمد شاكر رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية وأحد ممثلي المجتمع المدني المصري في مؤتمر المراجعة الأخير لمعاهدة منع الانتشار النووي في نيويورك، هذا الحوار الذي جاء متواكبا مع الزيارة التي قام بها »يوكيو أمانو« مدير عام وكالة الطاقة الذرية لمصر علي مدي يومي 21 و22 من يونيو الحالي وهي الزيارة الأولي التي يقوم بها لمصر منذ توليه منصبه الجديد. وفي مستهل الحوار دار التساؤل حول أهم الإنجازات التي تحققت من مؤتمر المراجعة الثامن في نيويورك لمعاهدة منع الانتشار النووي؟ قال الدكتور محمد شاكر: في اعتقادي أن أهم إنجازات مؤتمر المراجعة الخاص بمعاهدة منع الانتشار النووي في نيويورك هو صدور قرار بعقد مؤتمر إقليمي لدول منطقة الشرق الأوسط عام 2012 للعمل علي إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل ومن الجدير بالذكر فإن بان كي مون السكرتير العام للأمم المتحدة سوف يتولي أمر عقد الاتصالات مع الأطراف المعنية في المنطقة ومع الدول المودع لديها معاهدة منع الانتشار وهي انجلترا وأمريكا وروسيا وذلك للاتفاق علي مكان انعقاد المؤتمر وتحديد موعده المحدد خلال عام 2012 كما سوف يقوم السكرتير العام للأمم المتحدة بالتشاور مع هذه الأطراف المذكورة علي جدول أعمال هذا المؤتمر. وأضاف الدكتور شاكر موضحا: الإنجاز الآخر هو موافقة المشاركين في مؤتمر المراجعة علي مطالبة إسرائيل من خلال البيان الختامي بوضع كافة أنشطتها النووية تحت نظام الضمان الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية ومطالبتها أيضا بالانضمام لمعاهدة منع الانتشار النووي وقد لعبت الدبلوماسية المصرية دورا هاما في تحقيق هذه الإنجازات كما أن اتصال الرئيس محمد حسني مبارك بنائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن كان له أكبر الأثر في الموافقة علي إدراج بند إسرائيل في البيان الختامي. إغفال الملف الإيراني ولكن كيف تم بحث الملف النووي الإيراني خلال مؤتمر المراجعة ولاسيما أنه عقب انتهاء المؤتمر فرضت الدول الأعضاء في مجلس الأمن حزمة جديدة من العقوبات علي إيران كوسيلة للضغط عليها للتراجع عن برنامجها النووي؟ فما هي الآراء التي تم طرحها في مؤتمر المراجعة بنيويورك فيما يتعلق بالملف الإيراني؟ قال الدكتور محمد شاكر: في حقيقة الأمر لم يتم ذكر اسم إيران في البيان الختامي بالرغم من الإشارة إلي كوريا الشمالية وذلك لأن الدول الكبري كانت تعتقد أن إثارة الملف النووي الإيراني خلال البيان سوف يكون له آثاره السلبية فيما يتعلق بتوافق الآراء في المؤتمر تجاه القضايا الأخري الهامة ومن ناحية أخري فإنها كانت تعتزم صدور عقوبات إضافية من مجلس الأمن لفرضها علي إيران وبالتالي فإن إثارة الملف النووي الإيراني بالمؤتمر كان يمكن أن يثير موضوعات خلافية قد تعطل صدور هذه العقوبات من مجلس الأمن وهي التي رأيناها في صورة منظومة متكاملة من العقوبات شملت أيضا أهم الشركات والمؤسسات الإيرانية المشاركة في البرنامج النووي الإيراني. ولكن لماذا لا يتم معاملة إسرائيل التي تمتلك بالفعل ترسانة نووية في المنطقة وهي دولة غير عضو في معاهدة منع الانتشار النووي بنفس المعاملة التي تعامل بها إيران فيما يتعلق بملفها النووي؟ قال الدكتور شاكر: هذا هو ما تعترض عليه مصر والدول العربية وهو ما يعرف بالمعاملة المزدوجة ومن ثم كان تصميم مصر والدول العربية علي ذكر إسرائيل بالاسم في البيان الختامي خلال مؤتمر المراجعة الأخير والمطالبة بخضوع كافة منشآتها النووية للتفتيش. تدويل أو أقلمة دور الوقود النووي هل فرض العقوبات الأخيرة علي إيران يعني إغلاق باب الحل عن طريق التفاوض أم أن هناك أملا في عودة إيران إلي طاولة التفاوض مرة أخري لإيجاد حل سلمي للمشكلة؟ وما هي مقترحاتكم لإمكانية حل هذه المعضلة؟ قال رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية: أعتقد أن دول المجتمع الغربي من خلال هذا الضغط ترغب في إعادة إيران لمائدة المفاوضات ولا تغلق الباب أمام الحل السلمي. ولكنني بالنسبة لإيران أعتقد أن الحل ممكن ولكنه سيحتاج إلي مفاوضات دقيقة ليس بالضرورة في إطار مؤتمر مراجعة المعاهدة وإنما في إطار إقليمي أو دولي يستند إلي فكرة تدويل دورة الوقود النووي أو أقلمتها ويتم ذلك عن طريق تدويل أو أقلمة منشآت إثراء اليورانيوم في إيران بحيث توضع تحت إدارة دول الإقليم المشاركة في دورة الوقود النووي وبحيث يراقب بعضها بعضا تحت رقابة إقليمية فعالة تتحقق منها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوسائلها وخبراتها وهو اقتراح يتماشي مع الاتجاه الدولي السائد الآن في تدويل أو أقلمة التقنيات الحساسة في دورة الوقود النووي وهو اقتراح سيتطلب تعاونا كبيرا من جانب إيران واستعدادا عربيا للمشاركة في مثل هذا المشروع.. واستطرد الدكتور شاكر موضحا: أن هذه الفكرة والتي أطرحها إذا ما راقت لدول الإقليم قد تكون مخرجا سلميا وبناء لمأزق الأزمة النووية الإيرانية وقد يفتح مثل هذا التقارب الإيراني العربي الباب لتعاون أكبر في مجالات أخري عديدة قد تدعم الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط ومن فوائد هذا الحل أن المنشآت التي أقامتها إيران ستظل كما هي تحت إدارة إيرانية ولكن بمشاركة عربية وذلك لاستغلال دورة الوقود النووية العربية في توليد الكهرباء وإزالة ملوحة مياه البحر.. الحل العسكري.. كارثة وأكد الدكتور شاكر أن الحل العسكري لمشكلة إيران سيكون كارثة ليس فقط علي نظام منع الانتشار وإنما أيضا علي الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط بل في العالم بأسره. وأعرب الدكتور شاكر عن أمله في أن يكرس مجلس الأمن بعض الوقت لبحث الوضع النووي في إسرائيل بمثل ما يفعله مع إيران وإن كان البعض يري أن إسرائيل ليست بطرف في معاهدة منع الانتشار وبالتالي لم تخرق أي التزامات دولية وهو أمر غير مقبول ويجب التصدي له في ظل ما تشكله الأسلحة النووية في إسرائيل من مخاطر كبيرة علي المنطقة. ماذا بشأن مصر وماذا بشأن المحطة النووية التي يتم إجراء الدراسات حولها الآن من أجل تحديد موقعها وتحديد الشركات الاستشارية والدول التي سيتم التعاون معها في هذا النطاق بالنسبة لمصر؟ وماذا بشأن زيارة أمانو مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمصر وهي الزيارة الأولي من نوعها منذ توليه هذا المنصب؟ قال الدكتور محمد شاكر: مصر لديها الآن قانون للأمان النووي وهناك استشاري يقوم بعمل دراسات الجدوي لمشروع المحطة النووية ومصر لديها العديد من اتفاقيات التعاون النووي والتي عقدتها خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي وعندما يتم البدء في مشروع محطة الطاقة النووية وتحديد موقعها سوف يكون من السهل بالنسبة لمصر التعاون مع أي من الأطراف التي لديها اتفاقيات مع مصر في هذا النطاق. وأضاف الدكتور شاكر : مما لا شك فيه أن زيارة »أمانو« لمصر علي مدي يومي 21 و22 من يونيو هي زيارة هامة لكون مصر دولة هامة في المنطقة ولها إسهاماتها في دعم منع الانتشار النووي ولابد أن هدف الزيارة بالأساس هو التعرف علي موقف مصر من كافة القضايا الشائكة في السعي نحو إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل وكذلك موقفها من القضايا الشائكة في هذا النطاق علي مستوي العالم وذلك بخلاف أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية موقفها داعم لبرامج مصر في الطاقة النووية ذات الاستخدامات السلمية.