مابين النور والظلام عالم كبير غير مرئي، ومابين الشمس والقمر زمن نسبى قد يطول أو يقصر حسب الحالة المزاجية، فقد نرى القمر فى وجود الشمس ولكن لا يشعر به ولا يراه الكثيرون، ومابين الإبصار والعمى «الكفيف» أحداث...ومشاهد. فيلم «أسوار القمر» الذى كتبه محمد حفظى وهو كاتب سيناريو أكثر منه مؤلف وبالطبع منتج، فقد ألف فيلم «فتح عينك» ولكنه كتب العديد من السيناريوهات لأفلام «تيتو» و«السلم والثعبان»، وهما إخراج طارق العريان مخرج فيلم «أسوار القمر»، الذى تدور أحداثه حول زينة التى تستفيق فجأة بعد إصابتها بفقدان البصر والذاكرة لتجد نفسها فى مكان لا تعرفه، حتى تسمع شخصين يقتتلان من أجلها «أحمد ورشيد»، حتى يأخذها أحمد ويجرى ويجرى خلفهما رشيد، وتستمر الأحداث فى هذا الصراع حتى النهاية مع العديد من المفاجآت. الفيلم يعتبر من الأفلام الرومانسية رغم كمية المطاردات والمشاجرات التى تحدث طوال لقاءات أحمد ورشيد، ولكن تشعر أن به أشياء ناقصة، وهى ماكانت موجودة وبكثرة فى المشاهد التى لم تحتو سوى شخصين فقط، أما بين رشيد وزينة أو أحمد وزينة، مما جعل الفيلم فى حالة من الفراغ رغم حالة الإثارة التى كانت فى أحداث القصة وتفاعل المُشاهد مع الثلاث شخصيات المحورية، إلا أن المشُاهد لم ينس حالة الفراغ التى شعر بها....وهو ماكان ضد الفيلم نفسه. التمثيل »منى زكي« فى شخصية زينة الكفيفة المدمنة الحبيبة المرتبكة، شخصيات متناقضة لكنها استطاعت أن تتفاعل معها، وأعطت لكل حالة إحساسها لهذه الشخصيات مما جعلها تعود للسينما بفيلم لمنى زكي... ممثلة جميلة كبيرة. «آسر ياسين» فى شخصية أحمد الذى يعشق ويضحى من أجل زينة، ولكنه لا يجد حبها فينفصل عنها، ممثل تعامل مع الشخصية بكل أبعادها سواء فى بداياتها وحتى نهايتها بحرفية عالية، فكان أداؤه على مستوى الدراما، فكان أحمد ورشيد بكل احساس منهما !!!. »عمرو سعد« شخصية رشيد ممثل أدى الشخصية الشعبية كثيراً فى العديد من الأفلام وحتى المسلسلات وهى مازالت مؤثرة فى آدائه، فلم يكن موفقا فى شخصية رشيد حيث لم يبذل مجهودا لينسينا شخصياته السابقة، رغم أن الفيلم كان فرصة جيدة لمباراة الأداء بين الثلاث شخصيات، منى زكى وآسر ياسين وعمرو سعد. التصوير «أحمد المرسي» مصور كبير وتوزيع الإضاءة فى المشاهد كانت فى خدمة الدراما خصوصاً فى مشاهد الليل والمشاهد الداخلية، ولكنه لم يهتم بتصحيح الألوان بعد التصوير فظهرت الصورة وكأنها مائلة للفيديو خصوصاً فى مشاهد الثنائيات، فهو له العديد من الأفلام الكبيرة مثل «الفيل الأزرق» و«رسائل البحر» والتى أبدع فيهما صورة جميلة. المونتاج «ياسر النجار» مونتير ليس له سوى فيلم واحد طويل وهو «قاطع شحن»، لكنه منذ أول مشهد وتقطيعه السريع فى المشاجرات، فنحن أمام مونتير واعد يشعر بالمشهد وخصوصاً فى مشاهد الإثارة والغموض والمطاردات، لكنه رغم ذلك لم يستطع أن يتحكم بإيقاع الفيلم ككل، فلم يكن الفيلم سريعاً حيث إننا لمدة أربعين دقيقة تقريباً من بداية الأحداث ليس لدينا على الشاشة سوى ثلاثة أشخاص يحدث بينهم تبادل كل اثنين فى مشهد. الموسيقى التصويرية «هشام نزيه» من أجمل مفردات الفيلم منذ أول مشهد، واستخدام الجيتار كبطل للجملة الموسيقية الأولى ومع الآلات الأخرى للصعود، وبالإثارة فى المشهد الأول واستمرار الإثارة من خلال الموسيقى وحتى نهاية الأحداث، فهو موسيقى كبير يعرف كيف يصعد بالموسيقى ويهدئ بها حسب المشهد، فكان من أجمل ما يميز فيلم «أسوار القمر»، فهو مبدع موسيقى «الفيل الأزرق» و «تيتو» و «إبراهيم الأبيض» و «سهر الليالي». الإخراج «طارق العريان» بدأ مع فيلم «الإمبراطور» لأحمد زكى وبعده «الباشا» و «تيتو» و«السلم والثعبان»، ورغم أفلامه القليلة فإنها تعتبر أفلاما كبيرة، لكنه فى فيلم «أسوار القمر» يبدو أن التوقفات الكثيرة للفيلم أربع سنوات جعلته يهتم بمشاهد المطاردات أكثر من مشاهد العلاقة بين الأشخاص، فأصبح الفيلم وكأنه سهرة أكثر منه فيلم، ولكن لا ننسى مباراة الأداء بين أبطال الفيلم التى قادها «طارق العريان» وأيضاً المطاردات التى أبدعها.... هو فى النهاية فيلم رومانسى فى وقت مختلف مغلف بالمطاردات....!