في واقعة هي الأغرب من نوعها، تنازع مافيا الأراضي أجهزة الدولة بأوراق ومستندات مزورة للاستيلاء قانونيا علي أرض ملك الدولة ، وينازعون أجهزة الحكومة المعنية بحمايتها أو الواقعة تحت ولايتها للاستيلاء عليها بمساعدة الفاسدين، ولكن الغريب أن تتدخل هيئات ومؤسسات الدولة فى خلافات ومنازعات على الأراضى لبيعها لأفراد بعينهم، وأصبح رئيس كل جهاز أو هيئة أو مركز حكومى كأنه والٍ ومالك لمقدرات وأصول هذه المؤسسات يتصرف فيها كيفما يشاء ويبيعها لمن يريد دون مراعاة القوانين والقرارات المنظمة لذلك. هناك العديد من الانتهاكات الصارخة التى أضاعت على خزينة الدولة مئات المليارات نتيجةً لتصرف مسئولين بقرارات فردية مخالفة للقانون لتحقيق مصالح ومكاسب شخصية فى ظل تغاضى وتواطؤ كبار المسئولين التنفيذيين حتى صارت أملاك وأراضى الدولة سوقاً للسمسرة ففى الإسكندرية مثال صارخ -حصل «الأهرام» على مستنداته وعلي المكاتبات الخاصة به بين المسئولين المختصين بالكامل- وهو ما يجسد عدم تعاون الأجهزة لمصلحة الوطن العليا وكل جهاز يعمل وكأنه مملكة داخل الدولة، حيث إن المركز الوطنى لتخطيط إستخدامات أراضى الدولة بالتنسيق مع هيئة التنمية الزراعية ينازعان جهاز حماية أملاك الدولة بالإسكندرية على مساحة نحو 200 فدان تصل قيمتها إلى 16٫8 مليار جنيه وعلى الجانب الأخر ينازعها مافيا الأراضى بأوراق وعقود مزورة للاستيلاء على مساحة 70 فداناً منها والكارثة الكبرى التى تسيىء لسمعة ومصداقية الدولة، أن هذه المساحة معروضة للإستثمار فى مؤتمر 15 مارس الاقتصادى لإنشاء عليها مشروعات استثمارية تنموية عالمية عليها. بيزنس محرم تؤكد المستندات الحكومية التى حصلنا عليها وأيضاً مكاتبات كبار المسئولين بالمركز الوطنى لتخطيط استخدامات اراضى الدولة وهيئتى مشروعات التعمير والتنمية الزراعية وتنمية الثروة السمكية وهيئة المستشارين بالأمانة العامة بمجلس الوزراء وجهاز حماية أملاك الدولة بالإسكندرية، أن مساحة 500 فدان - بمنطقة كارفور التى تقع فى نطاق حى وسط بمدخل الإسكندرية فى الجزء المقابل للحديقة الدولية - محل الخلاف بين التنمية الزراعية والإسكندرية كانت تقع تحت ولاية الثروة السمكية قبل تجفيفها من بحيرة مريوط ثم انحسرت عنها المياه وتم تجفيفها وأنه وفقاً لأحكام المادة الثالثة من القانون رقم 7لسنة 1991 بعد تجفيفها تتولى التنمية الزراعية إدارة وإستغلال هذه المساحة ،وأنه بناءً على أن الثروة السمكية والتنمية الزراعية تتبعان وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى ،وافق نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة بتاريخ 23/3/1998بتسليم مساحة 300فدان لمحافظة الإسكندرية وفقاً للقرار الوزارى رقم 755لسنة 88 لكون الأرض أصبحت تقع فى كردون مدينة الإسكندرية وتكليف الثروة السمكية بالرفع المساحى ،وقامت الإسكندرية بالتصرف فى بعض أجزاء منها بالبيع واستخدمت مساحة 142٫5 فدان كمقلب للمخلفات الصلبة لإشغالها وحمايتها من مافيا سرقة أراضى الدولة ، وأنه فى النصف الأخير من عام 2013 أعلنت الإسكندرية عن طرح أربع قطع للبيع فى مزاد علنى وتوقعت الحد الأدنى للمتر بسعر20ألف جنيه ، ولكن قامت الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بإخطار المركز الوطنى لتخطيط استخدامات أراضى الدولة التابع لرئاسة مجلس الوزراء بكتابها رقم 2894 بتاريخ 14/11/2013 أن هذه القطع ضمن المساحات المملوكة لها وفقاً لأحكام القانون رقم 7لسنة 1991وقالت الهيئة إن الإسكندرية تسلمت المساحة لإنشاء مدينة أولمبية لم تنفذها وقامت بإجراء بعض التصرفات القانونية على أجزاء من المساحة ورد المحافظة بأنها تسلمت المساحة وفقاً لأحكام القانون 7لسنة 1991 لكون الأرض تقع داخل كردون الإسكندرية وتسلمتها أيضاً وفقاً لقرار نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة رقم 755لسنة 88 لانتهاء ولاية الثروة السمكية عليها بعد تجفيفها من بحيرة مريوط وأن قرار التسليم لم ينص على انشاء مدينة أولمبية ،ورغم ذلك توقف البيع وأتضح أن هيئة التنمية الزراعية قامت ببعض التصرفات المتبقة من مسطح 200فدان منها مساحة 57 فداناً لأحد المستثمرين المحظوظين بسعر لا يتعدى 200جنيه للمتر ! وأيضاً وافقت على بيع مسطح 50 فداناً لجامعة الإسكندرية مخالفة قوانين الدولة والقرارات الوزارية التى تنص أنه لا يجوز بيع أو تخصيص أكثر من ألفى متر بالأمر المباشر حتى لوكانت مشروعات للمنفعة العامة إلا بعد عرضها على مجلس الوزراء ومن هنا يتضح أن مسئولى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية خالفوا القوانين والقرارات المنظمة فى بيع وتخصيص أراضى الدولة 00! بعكس الإسكندرية التى عرضت القطع فى مزاد علنى لتدخل حصيلة البيع إلى صندوق تنمية مشروعات الإسكان لإنشاء وحدات سكنية لمحدودى الدخل والشباب والحالات الحرجة والطارئة بها تنفيذاً لسياسة الدولة وتحقيق أهداف الثورتين فى توفير سكن ملائم للمواطنين . تحايل و نوايا خبيثة والواقع المؤلم الذى يتجاهله المسئولون بقصد أو بدون قصد ، أن من بين هذه المساحة 70فداناً قامت عصابات سرقة الأراضى بالتعاون مع الفاسدين بالشهر العقارى والهيئة العامة للمساحة بتزوير أوراق للإستيلاء عليها ولكن قام جهاز حماية أملاك الدولة بالإسكندرية والشرفاء من المساحة بالتعاون مع الأجهزة الرقابية المختصة وأحبطوا هذا المخطط والقبض على الموظفين الفاسدين وتقديمهم لنيابة الأموال العامة الذين مازالوا محبوسين على ذمة القضية ، وهنا يتساءل «الأهرام» لمصلحة من تتنازع جهات الدولة على أراضيها مع أن المصلحة واحدة.