تنسيق الشهادات الفنية 2025.. رابط التقديم لاختبارات معادلة كليات الحقوق وجدول الامتحانات    7 كليات وتخصصات جديدة.. تفاصيل المصروفات والتقديم بجامعة بورسعيد الأهلية 2025-2026    سعر الدولار اليوم الخميس 31-7-2025 أمام الجنيه المصرى الآن بالبنوك المصرية    1.6 مليار دولار صادرات الملابس بالنصف الأول من 2025 بنمو 25%    محافظ الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجى بحى غرب المنصورة.. ويؤكد: رضا المواطن أولويتنا    من بينها توفير الأسمدة الكيماوية.. الفشن الزراعية ببنى سويف تناقش توفير نواقص الزراعة للفلاحين    خريطة الأسعار اليوم: ارتفاع الحديد والبيض والذهب    بعد طرحها رسميًا.. دونج فينج shine تنضم إلى قائمة أرخص السيارات في مصر    رئيس هيئة الأوقاف يوجّه مديري المناطق بالحفاظ على ممتلكات الهيئة وتعظيم الاستفادة منها    الرئيس الإيرانى: لا يمكن لأى قوة أن تقف فى وجه شعبنا الموحد    الصحف العالمية.. ترامب يصعد حربه التجارية ضد كندا بسبب "الدولة الفلسطينية".. إيران تطالب الرئيس الأمريكي بتعويضات عن خسائر حرب ال12 يوم ..والرسوم الجمركية الأمريكية تهدد سلال الغذاء من القهوة إلى اللحوم    رويترز: أنباء عن اندلاع حريق كبير قرب "مستشفى القائم" فى مدينة مشهد الإيرانية    لأول مرة.. وزير خارجية ألمانيا يتحدث عن إمكانية اعتراف بلاده بدولة فلسطين    بعد يوم واحد من زيارة الشيباني.. وزير الدفاع السوري يصل موسكو    أموريم: مستقبل هويلوند؟ لا أعلم ماذا سيحدث في نهاية سوق الانتقالات    عمرو ناصر: كنت أتمنى اللحاق بشيكابالا.. وجاهزون للدوري الأصعب    رودريجو يدخل دائرة اهتمامات مانشستر سيتي    صفقة تبادلية تلوح في الأفق بين الزمالك والمصري    مخدر اغتصاب الفتيات.. رفض استئناف البلوجر داليا فؤاد على حبسها سنة    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص على طريق "دشلوط – الفرافرة"    صور الأقمار الصناعية تشير إلى تكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة على مناطق متفرقة    مصدر بالسياحة والآثار ينفى تعرض لنش سياحى للغرق بمدينة الغردقة    تهريب ومخالفات وأحكام.. جهود أمن المنافذ 24 ساعة    إصابة عامل بحروق خطيرة إثر انفجار أسطوانة غاز داخل مطعم بقرية في الفيوم    ننشر حركة تنقلات ضباط المباحث بمراكز مديرية أمن قنا    رئيس منطقة سوهاج الأزهرية يبحث الاستعدادات لانطلاق امتحانات الدور الثانى    بالصور| أسامة منير وبشرى يشاركان في تشييع جنازة لطفي لبيب    محلل فلسطينى: من يشكك فى الدور المصرى فضحته مشاهد دخول شاحنات المساعدات إلى غزة    غدا.. قصور الثقافة تطلق الموسم الخامس من مهرجان صيف بلدنا برأس البر ودمياط الجديدة    هل انقطاع الطمث يسبب الكبد الدهني؟    يديعوت أحرونوت: نتنياهو يوجه الموساد للتفاهم مع خمس دول لاستيعاب أهالي غزة    ماذا يتضمن مشروع القانون في الكونجرس لتمويل تسليح أوكرانيا بأموال أوروبية؟    رد مثير من إمام عاشور بشأن أزمته مع الأهلي.. شوبير يكشف    البابا تواضروس أمام ممثلي 44 دولة: مصر الدولة الوحيدة التي لديها عِلم باسمها    فيديو.. طارق الشناوي ينعى لطفي لبيب: اقرأوا له الفاتحة وادعوا له بالجنة    محمد رياض يكشف أسباب إلغاء ندوة محيي إسماعيل ب المهرجان القومي للمسرح    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    «الطفولة والأمومة» يعقد اجتماع اللجنة التيسيرية للمبادرة الوطنية لتمكين الفتيات «دوَي»    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدّمت 23 مليونا و504 آلاف خدمة طبية مجانية خلال 15 يوما    استحداث عيادات متخصصة للأمراض الجلدية والكبد بمستشفيات جامعة القاهرة    محافظ الدقهلية يواصل جولاته المفاجئة ويتفقد المركز التكنولوجي بحي غرب المنصورة    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    مواعيد مباريات الخميس 31 يوليو 2025.. برشلونة ودربي لندني والسوبر البرتغالي    طريقة عمل الشاورما بالفراخ، أحلى من الجاهزة    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الخميس بالأسواق (موقع رسمي)    الزمالك يواجه غزل المحلة وديًا اليوم    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    خلال زيارته لواشنطن.. وزير الخارجية يشارك في فعالية رفيعة المستوى بمعهد "أمريكا أولًا للسياسات"    اليوم.. بدء الصمت الانتخابي بماراثون الشيوخ وغرامة 100 ألف جنيه للمخالفين    خالد جلال يرثي أخاه: رحل الناصح والراقي والمخلص ذو الهيبة.. والأب الذي لا يعوض    استعدادا لإطلاق «التأمين الشامل».. رئيس الرعاية الصحية يوجه باستكمال أعمال «البنية التحتية» بمطروح    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر ويؤكد: المهم هو التحصن لا معرفة من قام به    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    اليوم.. المصري يلاقي هلال مساكن في ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    المهرجان القومي للمسرح يكرم روح الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا فقد الناس الأمل في القمم العربية؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 03 - 2010

بالرغم من أن جامعة الدول العربية أنشئت بقرار علي مستوي القمة‏,‏ لم يشعر أصحاب هذا القرار بالحاجة إلي تضمين ميثاقها اجتماعا دوريا‏,‏ أو حتي غير دوري لمؤتمرات القمة‏. كان معظم الدول السبع المؤسسة للجامعة عام‏1945‏ في حال حيوية سياسية داخلية‏.‏ لم يكن أي منها ديمقراطيا بالكامل أو بما يكفي‏.‏ ولكن حيوية التفاعلات السياسية والاجتماعية الداخلية في دول مثل مصر وسوريا والعراق ولبنان حينئذ كانت تعبيرا عن وجود مجتمعات قادرة علي التأثير في صنع مستقبلها‏,‏ وبالتالي في تحديد مصير أمة في مرحلة بحث عن هويتها القومية‏.‏ ولذلك لم يكن هناك موضوعيا مايوحي إلي قادة هذه البلاد بأنهم يمسكون بين أصابعهم مستقبل شعوبهم ومصير أمتهم‏.‏ فكان منطقيا‏,‏ والحال هكذا‏,‏ أنهم أقروا ميثاقا لايجعل الجامعة التي أسسوها في قبضة أيديهم‏,‏ ولايضع مؤتمرا يجمعهم فوق هياكلها التنظيمية كافة‏.‏
غير أنه لم تمض سنوات حتي تغير المشهد العربي اجتماعيا وثقافيا‏,‏ وصارت المجتمعات مستعدة لتسليم مقاليدها ومصائرها إلي حكامها طواعية أو إكراها‏.‏ ولما كان لكل مشهد مقتضيات‏,‏ فقد أدي هذا التغير إلي ازدياد الشعور بالحاجة إلي حضور قيادي علي رأس العمل العربي المشترك الذي أنشئت الجامعة من أجله‏.‏ فالقرار أصبح بين يدي الحكام‏,‏ كل من بلده‏,‏ علي سبيل الحصر في معظم البلاد العربية أو فيها كلها إلا مايعتبر استثناء من القاعدة‏.‏ ولذلك أصبحت مؤتمرات القمة العربية تقليدا مستمرا منذ أن دعا الرئيس جمال عبدالناصر إلي قمة القاهرة في يناير‏1964.‏ وأصبحت هناك مؤتمرات عادية وأخري استثنائية أو طارئة‏,‏ بالرغم من عدم وجود أساس لذلك في ميثاق الجامعة العربية‏,‏ قبل تعديله لينص علي عقد هذه المؤتمرات سنويا‏.‏
ومنذ ذلك الوقت‏,‏ تعود كثير من المواطنين علي أن ينتظروا مؤتمر القمة الذي يجتمع فيه قادتهم‏,‏ ويعلقوا آمالا عليه‏.‏ وربما يعود ذلك إلي ارتباط مؤتمرات القمة لفترة طويلة بالقضايا الكبري والتهديدات الملحة‏,‏ منذ أن كانت مواجهة المشروع الإسرائيلي لتحويل مجري نهر الأردن هي التي أدت إلي انعقاد القمة الأولي‏,‏ وظل كثير من العرب ينتظرون مؤتمرات القمة ويأملون فيها خيرا بالرغم من فشل الكثير منها وتواضع النتائج التي انتهي إليها بعضها‏.‏
ومضي الزمن‏,‏ فصار منتهي الأمل هو أن يعقد مؤتمر القمة ويمر بسلام‏,‏ فلا يضيف إلي مشاكل العرب المتزايدة جديدا‏,‏ وبالرغم من عدم وجود استطلاعات منهجية توضح اتجاهات الرأي العام العربي تجاه مؤتمرات القمة الآن‏,‏ فالأرجح أن الكثير ممن كانوا يعلقون عليها آمالا في أن تقدم حلولا أصبحوا يبدون لامبالاة تجاهها بعد أن كشف انعقادها الدوري سنويا حدود جدواها‏.‏ فقبل التوافق علي دورية مؤتمرات القمة‏,‏ كان هناك اعتقاد واسع في أن عدم وجود موعد محدد لها يؤثر سلبا في قدرتها علي حل المشاكل ويقلل فاعليتها‏.‏ ويصعب القول أنه لم يكن هناك أساس موضوعي لهذا الاعتقاد‏.‏ فقد افتقدت مؤتمرات القمة‏,‏ التي عقدت قبل إقرار الانعقاد الدوري عام‏2000,‏ أهم عناصر نجاح أي عمل مشترك علي أي صعيد وهو متابعة مايتم اتخاذه من قرارات فعندما ينفض مؤتمر أو اجتماع دون أن يكون معلوما موعد المؤتمر الذي يليه‏,‏ يصعب إيجاد آلية متابعة محددة وفاعلة‏.‏ كما أن الظروف حالت دون عقد القمة في أوقات كانت الحاجة إليها ملحة‏,‏ ولذلك مر‏,‏ مثلا‏,‏ عقد التسعينيات بكل ماشهده من أخطار في مرحلة مابعد حرب الخليج الثانية دون أن ينعقد مؤتمر القمة إلا مرة واحدة عام‏1996.‏
ومن هنا فقد خلق قرار الانعقاد الدوري للقمة عام‏2000‏ تفاؤلا‏,‏ خصوصا أنه جاء بعد سنوات عربية عجاف‏.‏ ولكن هذا التفاؤل أخذ في الانحسار بسرعة قياسية لأن السنوات التي مضت منذ ذلك الوقت وعقدت فيها تسعة مؤتمرات قمة سنوية بين‏2001‏ و‏2009‏ لم تكن أفضل‏,‏ بل أسوأ حالا‏.‏
فقد تبين أن عدم وجود قواعد متفق عليها لإدارة العلاقات العربية هو جزء من خلل بنائي في هذه العلاقات من ناحية‏,‏ وفي كثير من نظم الحكم العربية وطريقة تعاملها مع الخلافات بينها من ناحية ثانية‏.‏ وخلل من هذا النوع‏,‏ وعلي هذا المستوي‏,‏ لايكفي عقد مؤتمر سنوي لإصلاحه‏.‏ كما اتضح أن المشكلة ليست في قلة اجتماعات القادة القادرين علي اتخاذ القرارات‏,‏ وإنما في النمط السائد للعلاقات بينهم وافتقاده الحوار والمصارحة والمكاشفة فضلا عن أزمة غياب الثقة المتبادلة التي قال الأمين العام للجامعة السيد عمرو موسي قبل أيام أنها بلغت ذروة جعلت العلاقات العربية تتأثر بتوافه الأمور‏.‏
وكانت بداية فقدان الأمل في جدوي القمة العربية الدورية في عام‏2002‏ عندما ردت إسرائيل علي مبادرة قمة بيروت السلمية باجتياح مناطق السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية‏.‏ وجاء الأداء العربي في قمة شرم الشيخ‏2003‏ عشية غزو العراق دافعا إلي مزيد من فقدان الشعور بجدوي هذه المؤتمرات بعد أن أظهرت مدي ارتباك الدول العربية‏.‏ وتواصل هذا الارتباك في قمة تونس‏2004‏ التي أرجئت لشهرين‏.‏ وبعد قمتين أقل من عاديتين في ظروف فوق عادية‏(‏ الجزائر والخرطوم‏2005‏ و‏2006)‏ اشتد الانقسام العربي خلال وبعد الحرب الإسرائيلية علي لبنان‏.‏ وعندئذ فشل الرهان علي القمة الدورية‏.‏ فقد انتهت قمة الرياض‏2007‏ دون أي تقدم في معالجة الانقسام‏,‏ الذي تفاقم بعدها ووضع قمة دمشق‏2008‏ في مهب الريح قبل أن تعقد بمستوي تمثيل شديد الانخفاض‏.‏ وجاءت قمة الدوحة‏2009‏ في أجواء انقسامية زادها العدوان علي غزة سخونة‏.‏ وبالرغم من بعض التقدم الذي أحرزته الجهود السعودية باتجاه الحد من الانقسام‏,‏ لايتوقع المواطن العادي في أي بلد عربي خيرا في قمة سرت التي ستعقد بعد أيام فقد انتهي ماكان باقيا من أمل في مؤتمرات القمة التي أصبحت تجسيدا لأزمة النظام العربي الرسمي وتعريف من لم يعرف أنها آخذة في التفاقم عاما بعد آخر‏.‏
فقد أصبحت مؤتمرات القمة جزءا من مشكلة النظام العربي الرسمي‏,‏ وليست جزءا من حل ممكن لهذه المشكلة‏,‏ علي نحو يؤدي إلي ازدياد الاعتقاد في عدم جدواها‏.‏ ولن يكون ممكنا تغيير هذا الاقتناع الشائع الآن في المجتمعات العربية دون مراجعة جوهرية للأسس التي تقوم عليها العلاقات بين من يحكمون هذه المجتمعات‏.‏ فقد ثبت أن المباديء العامة لاتكفي لبناء علاقات عربية صحيحة لايمكن التطلع إلي إقامتها بدون أسس موضوعية علي الأرض في الاقتصاد والتعليم والعلم والثقافة وغيرها من المقومات اللازمة لخلق مصالح عربية مشتركة حقيقية في الواقع وليس فقط علي الورق‏.‏ وإلي أن يحدث ذلك‏,‏ستبقي مؤتمرات القمة جزءا من المشكلة وليست جزءا من الحل‏.‏

المزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.