أعتقد أن الصورة بشأن أوضاع المحافظات والمحافظين فى مصر حاليا، لم تعد تحتاج الى تعليق أو شرح وقصة الغضب واللوم والتوبيخ الذى وجهه رئيس الوزراء إبراهيم محلب لمحافظ المنوفية منذ الأيام الماضية، خلال إحدى جولاته وقرأنا عنه فى الصحف وما حدث بشأن اغتصاب واستيلاء بعض الأشخاص على أرض تبلغ 90 ألف فدان، والحوار المطول الذى دار بين محلب وبعض المواطنين هناك وتوعدهم بأن ما حدث حرام وسرقة وأن الدولة لن تتهاون عن استعادة أراضيها، وكذلك واقعة أخرى فى نفس اليوم، عندما اعترض أهالى قرية أخرى موكب رئيس الوزراء وأجبروه على زيارة قريتهم ليشاهد على الطبيعة انعدام الخدمات وعدم وجود صرف صحى وما سبق ذلك من كوارث وفضائح شاهدها محلب فى مدن وقرى الصعيد، خلال جولاته الشهر الماضي. إذن كانت تلك المواقف كاشفة وفاضحة سوء إدارة المحافظين فى مصر وأداءهم وتعبيرا عن أزمة كبيرة حاليا، أكثر من نمط حكم متوارث من الأزمات والكوارث، حيث الملاحظ مما نقرأ أو نسمع أن أوضاع المحافظات فى مصر تسير الى الخلف ولا تبارى الجهد الذى يبذله رئيس الجمهورية السيسى حاليا، لإحداث نقلة نوعية وكمية على مسار الحياة الاقتصادية والخدماتية والتنموية فى مصر، عبر تفكيك ألغام وأفخاخ نصبت لهذا الوطن طيلة 30 عاما بسبب ضعف رئيسها الأسبق مبارك وسياساته الداخلية كما الخارجية، وهو الأمر الذى يحاول السيسى إصلاحه وتجاوزه عبر تدشين والتخطيط لعدد من المشروعات العملاقة حاليا. لكن بهذا الأداء الكارثة للمحافظين حاليا، بات لافتا أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة فى واد وهؤلاء المحافظين ووزير التنمية المحلية المسئول عنهم فى واد آخر. وأخشى أن تكون قاعدة المحافظين على دين رئيسهم التى كانت سائدة أيام مبارك وعصابته ستستمر أو تتجذر فى العهد الحالي، فتلك ستكون كارثة إضافية تضاف الى الوضع الكارثى المأزوم الذى مازالت تعيشه أغلبية المحافظات حاليا، ناهيك عن استمرار الفساد الذى بات ومازال أوضح من شمس الظهيرة فى مصر، ولم تؤثر فيه أو تمنعه أو تحاربه أو تقضى عليه ثورتا 25 يناير و30 يونيو. بكل تأكيد ودون مواربة، دعنا نتصارح ونقول الحقيقة، إن أداء الرئيس بلغ ذروة النجاح حاليا حيث هناك حركة وبداية أمل وجسر للمستقبل يمكن أن يعبر عليه المصريون فى قادم الأيام، وكذلك هناك جهد يبذل من قبل رئيس الحكومة إبراهيم محلب، الذى انتقدته أكثر من مرة فى هذا المكان ولكن كان نقدا بناء لتصويب مسار الأداء داخل الحكومة، والمطالبة بالأفضل وها هو الرجل يعمل بكل همة وديناميكية وبدأ يغلب على أدائه كثير من الاحترافية وإن كانت الحكومة لاتزال تحتاج الى رؤية ومشروع فى قادم الأيام، وهذا جهد يحسب ويشكر أيضا لمحلب. لكن فى المقابل، مازال أداء بعض الوزراء وكبار المسئولين ضعيفا غثا والأسوأ لا نجاح ولا حركة أو بصمة تذكر لهم. وكذلك الحال لأداء غالبية إن لم يكن كل المحافظين فحدث ولا حرج، فأداؤهم أقرب الى الفشل، مازالوا شخصيات نمطية عقيمة التفكير لا تملك خيالا أو إبداعا ولا يعرفون كيف يتواصلون مع الناس فى المحافظات وفشلهم تجاوز الحدود، وبالرغم من ذلك مازالوا مستمرين فى مناصبهم وباقين على مقاعدهم برغم أن وزير التنمية وآخرين فى الدولة هلكونا منذ انتخاب الرئيس السيسى بتغيير المحافظين خلال أيام، والقرار سيصدر خلال ساعات، وتمضى الشهور والأيام والساعات ومازالوا باقين. كنت ومازلت أقول وأنادي، ان تطبيق استراتيجية المحاور المتوازنة الذى حدثنا عنها السيسى وقت حملات الانتخابات الرئاسية، قبل وصوله الى القصر، يجب أن تتمدد وتتوسع بشكل متواز وفى نفس التوقيت لتشمل كل محافظات وربوع ومناطق مصر، حتى يشعر المصرى بأن ثمة تغييرا قد تحقق على الأرض، وأن انجازا ونجاحا سيحصده الجميع فى الصعيد والدلتا وليس القاهرة والإسكندرية فقط. ولتحقيق هذا كنت ومازلت أتمنى أن يكون اختيار وجوه جديدة وعقول شابة وأصحاب خيال إدارى واقتصادى واسع، هم من كان يتم اختيارهم للمحافظات منذ الساعات الأولى لوصول الرئيس الى قصر الاتحادية لإنجاح برنامجه ورئاسته. فى تصورى أن الفرصة لم تفت ومازال هناك أمل كبير يحدو الجميع، بأن يسارع الرئيس والدولة من الآن وليس انتظارا للبرلمان القادم لوضع استراتيجية استثنائية وغير مألوفة لتعيين المحافظين لتحقيق المطالب المستحقة، ووقف نزيف أداء الفشل حاليا فى المحافظات. وليكونوا صوت الناس فى أقاليمهم ولينهوا سريعا سنوات طويلة من التخلف والفقر شرط أن يكون هؤلاء المحافظون الجدد شخصيات استثنائية، أصحاب عقول إبداعية متفردة أكثر شجاعة وثقة بالنفس لاقتحام جبال مشكلات المصريين، ولديهم قدرة على تصغير المشكلات فى الحال بدلا من أداء التكرار والرتابة والضمور لمحافظين حاليين سيجعل كل منهم المصريين فى المحافظات يكفرون بدولتهم. لمزيد من مقالات أشرف العشري