الجميع ساخط.. الأغلبية غاضبة.. حكومة عصام شرف ضعيفة.. إحساسها بوطأة الحياة والواقع الأليم في البلاد معدوم.. ومتراجع.. الأمن مازال منفلتا.. وجهاز الشرطة خرب. وزير الداخلية لا يجيد حرفية التعامل مع الانفلات الأمني.. رجاله يتجاسرون عليه.. والشارع يهوج ويموج والغضب في الصدور بلغ ذروته وتجاوز قمته.. البلطجية اعتلوا المشهد وأخرجوا الألسنة.. خطف النساء.. وحرق الأقسام.. وضرب رجال الأمن.. وترويع المجتمع.. وجبات يومية في صحف الصباح. صار المشهد ضبابيا.. الجميع يسكنهم الخوف.. مفاصل الوطن تتفكك.. والدولة الرخوة عادت وصارت ملمحا وعنوانا للفوضي في مصر بفواجعها وتوابعها.. الشعب يشعر أنه مازال يعيش ماضي ومآسي مبارك وخرابه. غالبية المصريين يحدثون النفس.. خاب أملهم في حكومة شرف.. قرابة ثلاثة أشهر وماتزال الحكومة مرتبكة.. ووزراؤها أسري للدهشة أتوا بهم من مقاعد المعاشات.. أقل الأعمار لمعظمهم حدث ولا حرج70 عاما.. لا توجد لديها رؤية سياسية أو اقتصادية أو تنموية.. ولا خطاب جماهيري يوفر ضمانات واستحقاقات الغد.. ويغلق نوافذ الرعب والخوف من المجهول القادم.. أو يسحق أبطال جنازات الموت الجوال في طول البلاد.. أو يطفئ الحرائق المتنقلة في كل مدينة وحي. البلد تحول إلي مصانع إنتاج النكبات.. والصوت بح.. ولا حياة لمن تنادي.. كثيرون يرون أن الوقت حان لرحيل حكومة عصام شرف.. فالسقوط في الامتحان حدث ولا يمكن الصبر والسكوت طويلا.. فآخر العلاج الرحيل.. قيادة الحكومة تحتاج إلي شخصيات كاريزماتية ملهمة مقنعة تقود القاطرة إلي نهر الأمان ودوران الإنتاج.. وعودة الحياة الطبيعية سريعا. فلماذا لاننفذ العلاج بالصدمة ونجري جراحة استئصالية لوزراء وفريق شرف.. الجمل وعيسوي والجندي وغيرهم كثير.. الجميع تجاوز حاجز العمر الافتراضي للمنصب.. وشاخت الوزارات معهم حتي قتلوا الأمل في فرص الخروج من هذا النفق الذي استدرجتنا إليه زمرة الرئيس المخلوع. هل يعقل أن تفشل الدولة بعد كل هذا العمر المديد.. وهذه المؤسساتية العتيقة.. والتاريخ المتراكم من التجارب وتمارين الكوارث في ضبط الأمن والشارع في مثل هذه الظروف الاستثنائية.. الوطن فيها خارج السياق وبات وزير داخليته لا هم له بالليل أو النهار سوي التفرد بالحوارات التليفزيونية والصحفية حتي صنف ضمن مبدعي موسوعة جينيس فصار المسئول الذي يدلي ب117 حديثا في ثلاثة أشهر.. ويطل علي مواطنيه صباح مساء بالتصريحات والأقوال المرسلة.. وقد تناسي أن كثرة الأحاديث لا تصنع أمنا.. ولا تضبط فوضي.. أو تطارد مخربا وبلطجيا.. فمتي يغادرنا بعد هذا الفشل.. فتبا لمنصب يتغذي علي لحم وأرواح ونكبات وفزع المصريين يوميا. كلنا سئمنا الفشل وحياة التعثر.. ألم نقم بالثورة لنعبر أنفاق وأفخاخ الأزمات والكوارث المتوارثة.. أما آن لهذا الشعب ولهذا الوطن أن يستريح ويغادر حياة البؤس والشقاء.. وتجرع مرارة الكأس.. فهو ليس فقيرا معدم كفاءته ورجالاته وملهميه.. هل يعقل أن من قاموا بالثورة لم يختر أحد منهم أو من الجيل الذي يسبقهم لمنصب وزير أو مشارك في صياغة وصنع قرار لهذا الوطن؟ لماذا دوما حظ هذا البلد سيء؟ ولماذا يحكمه دوما العجزة والمرضي وأصحاب مختبرات التجريب وكبار وطاعني السن؟ ولماذا لا نجرب حكومة أنصاف العمر وشباب الأمل؟ فإذا كان لوجود وبقاء الحكومات ضروراتها فإن للشعوب خياراتها, وهذا حق أصيل وضروري وهذا لن يتأتي إلا عبر حكومة وفاق وإنقاذ وطني حقيقية بعد أن استبد الكفر وخيبة الأمل بهذه الحكومة لدي المصريين, وتراجع إمكان تحقيق أي نجاحات بمثل هذه التركيبة, وهذا التباطؤ, وحتي لا تصير العلاقة بين الشعب وحكومة شرف أشبه بحالة الطلاق البائن. المزيد من أعمدة أشرف العشري