الشعب السوري الجريح يباد علنا في وضح النهار، والأمة العربية كلها تتفرج! واحسرتاه على أمة عاجزة عن نصرة هذا الشعب المسكين الذي يتجرع مرارة الغدر والخيانة، بل والإبادة ليل نهار، دونما نصير إلا الله تعالى، وكفى بالله سبحانه نصيرا، الذي تعهد بنصرة دعوة المظلومة قائلا لها: "وعزتي وجلالي لأجيبنكِ ولو بعد حين"، فلتكن هذه عقيدتنا أن الله عز وجل ناصر هؤلاء الضعفاء حتما لا ريب، إن عاجلا أو آجلا، إن نصر الله لآت. أين دعاة حقوق الإنسان؟ لماذا صمتوا الآن؟ أم أن الأوامر لما تأتهم بعدُ؟! إن الأمة العربية والإسلامية لا بد لها أن تفيق من غفوتها الآن وقبل فوات الأوان: يا أمةً خاط الكرى أجفانها *** هبي فقد أودت بك الأحلام هبي فما يحمي المحارم راقد *** والمرء يُظلم غافلا ويُضام فلا بد من وقفة تردع بشار اللعين، ذلك الذي طغى وتجبر وتخطى كل مقاييس احترام الإنسان، دونما اعتبار لحرمة امرأة ولا طفل ولا شيخ كبير، ومن ورائه جبابرة إيران الذين هم سليلو الفرس ذوي الأحقاد على أهل السنة والجماعة، لقد انفضح المخطط الرباعي لبشار ونجاد وحسن نصر الله ومقتدى الصدر هذا الرباعي المجرم في حق الإسلام والمسلمين لا بد من وقفة معه على شتى الأصعدة، إننا كأمة عربية إسلامية لا بد من تفعيل العمل الجماعي فيما بيننا؛ فإن الذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية منها، وكما في المثل: "أُكلنا يوم أكل الثور الأبيض"، فكل يوم نرى شعبا يهان ويداس أمام أعيينا، والطغاة من زعماء العرب قدموا مقدرات البلاد على طبق من ذهب لأربابهم المستعمرين وكبّلوا كاهل بلادهم باتفاقيات ظالمة تحول دونما نصرة إخواننا بالأمس في العراق وأفغانستان وفلسطين والسودان، واليوم شعب سوريا الجريح الذي هو من أذكى العقول، شباب يذبح علنا وأمة تباد، وهناك تحالف الكفرة من الروس والصينيين يحولون دونما معاقبة نظام بشار اللعين وأعوانه، وهناك سفن إيرانية تمر بقناة السويس عيانا محملة بأسلحة مدمرة لإخواننا السوريين ولا أحد يستطيع أن يتكلم. إن هذا الواقع مرير ولا يرضي أحدا بالأمس في العصر الذهبي لدولة الإسلام في خلافة المعتصم بالله من خلفاء الدولة العباسية، لما أهينت امرأة في عمورية من مدن تركيا التي كانت خاضعة ساعتها لحكم الروم، واستغاثت المرأة بالخليفة العباسي المعتصم بالله فأجابها على الفور وهب لنصرتها وأرسل رسالة لأمير الروم قائلا: "من المعتصم بالله أمير المؤمنين إلى كلب الروم، أطلق صراح المرأة المسلمة وإلا أرسلت إليك جيشا أوله عندك وآخره عندي"، ولما لم يستجب أمير الروم قاد المعتصم جيشا جرارا وفتح بلدة عمورية والبلدان المجاورة لها وقال فيه شاعر العربية أبو تمام قصيدته التي مطلعها: السيف أصدق إنباء من الكتب *** في حده الحد بين الجد واللعب وأخيرا ندعو الله تعالى أن ينصر إخواننا المستضعفين في سوريا، اللهم قوِّ ظهرهم وسدد رميهم، اللهم إنهم ضعفاء فقوهم، عاريا فاكسهم، جوعى فأطعهمهم، مهزومون فانتصر لهم، اللهم ثبت أقدامهم وانصرهم على عدوك وعدوهم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. المزيد من مقالات جمال عبد الناصر