من المشكلات الملحة التى تواجهها مصر.. نقص خدمات الصرف الصحى وإمدادات المياه النظيفة التى يعانى منها قطاع كبير من المواطنين، لا سيما فى القرى والمناطق الهامشية التى تقع على حواف المناطق الحضرية، فمن بين 4500 قرية مصرية يتمتع ما يبلغ نسبته 12 % منها فقط بالصرف الصحي، بينما يعانى نحو 88% من هذه القرى من غياب خدمات الصرف، مما يتسبب فى تلوث الترع والمصارف الزراعية بالصرف الصحى العشوائى الذى يعتمد عليه الأهالى مسببا بدوره مشكلات بيئية وصحية خطيرة. من هنا جاءت أهمية البحث عن طرق غير تقليدية لحل هذه المشكلة، وهو ما لجأت إليه الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، من خلال تطبيق مشروع نموذجى جديد يوفر لكل قرية أو قرى عدة متجاورة أن تنشيء محطتها الخاصة بها لمعالجة الصرف الصحي، وأن تديرها بشكل مستقل ولا مركزي، مع الاستعانة بتكنولوجيات محلية متطورة ورخيصة، بما يحقق طفرة فى الخدمات البيئية والصحية، ويرتفع بالمستوى المعيشى للمواطنين، ويخفض معدلات التلوث، ويستفيد من المياه المعالجة فى الزراعة واستصلاح الأراضي. هذا المشروع الرائد يُقام بقرية «الجزيرة» بمحافظة الاسماعيلية، بتمويل من الاتحاد الأوروبى وهيئة التعاون الألمانية، إذ ينفذ فى أربع دول متوسطية هى: مصر والأردن وتونس والمغرب، من خلال برنامج الإدارة المتكاملة المستدامة للمياه وإعادة استخدامها فى البحر المتوسط:swim . وخلال اليومين الماضيين استضافت مدينة شرم الشيخ المؤتمر الإقليمى للمشروع لاستعراض التجربة وتقويمها، ومناقشة آخر الأبحاث العلمية حول قضايا الاعتماد على التكنولوجيات الجديدة لإعادة استخدام الصرف الصحي، وذلك بمشاركة 12 دولة أوروبية ومتوسطية، مع استعراض 30 بحثا حول تكنولوجيا معالجة الصرف لا مركزيا. الخفض والمفاضلة فى افتتاح المؤتمر ألقى المهندس ممدوح رسلان كلمة الدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان مؤكدا أن استراتيجية الحكومة فى التعامل مع مشكلة تلوث المياه السطحية والمياه الجوفية عند مآخذ محطات مياه الشرب، ومشكلة الصرف الصناعى على شبكات الصرف الصحى بالمدن والقرى.. هى بمنع التلوث أو خفضه إلى حده الأدنى، وليس بالتعامل معه كواقع يفرض تغيير نظم معالجة مياه الشرب والصرف الصحى،. وأشار إلى أن مشكلة تلوث المياه السطحية بمصر هى القضية الأكثر خطورة إذ ترتبط بمشكلة الموارد المائية على المستوى القومى، فارتفاع معدلات تلوث المياه السطحية يحد من قدرة وزارة الرى فى إعادة استخدام مياه الصرف، وفى ظل ندرة المياه، تصبح القضية هى قضية أولويات الاستثمار المحسوبة على أساس نسبة الإنفاق إلى العائد: Cost/Benefit). وبناء على هذا يتضح أن الانفاق على برامج خفض التلوث (بما فى ذلك الصرف الصحى بالقرى) سوف يحقق عائدا - ليس صحيا أو بيئيا فقط - وانما يحقق عائدا اقتصاديا مباشرا يتمثل فى خفض تكلفة معالجة مياه الشرب، ومعالجة مياه الصرف الصحى، وإضافة كميات مياه صرف زراعى إضافية للميزان المائى بمصر. وأشار إلى عوامل المفاضلة بين المشروعات التى تتبناها الحكومة، وتسعى لتنفيذها، وأهمها: الأولوية لتمويل مشروعات جديدة للتغطية بالخدمة فى المناطق غير المخدومة، واستكمال المشروعات مقارنة بتمويل مشروعات جديدة. وكذلك تفضيل تمويل مشروعات جديدة للصرف الصحى بالمدن مقارنة بالريف، إذ تتم المفاضلة لتنفيذ المشروعات داخله على أساس عدد السكان، وحساسية الموقع الجغرافى من منظور التأثير البيئى. المحطات الصغيرة من جهته، قال الدكتور إسماعيل الباز المدير الإقليمى لمشروع swim إن الهدف الأساسى للبرنامج هو دعم سياسات إدارة المياه من خلال المحطات التجريبية التى تخدم المجتمعات الصغيرة فى القرى والمناطق النائية التى لا تتمتع بخدمات الصرف، حتى نبين كيف أن السياسات المستدامة ناجحة، ويمكن تعميمها فى الدول التى تعانى من نفس المشكلة. وأضاف أن بداية المشروع كانت فى أوائل عام 2012، وأنه ممول من الاتحاد الأوروبى والحكومة الألمانية، كما أنه ما زال تحت التنفيذ فى الدول الأربع . وفى مصر - تابع - اخترنا قرية الجزيرة بالإسماعيلية، حيث اجتمعنا هناك أكثر من مرة بمجلس القرية، واتفقنا على إقامة المشروع، فتبرع أحد المواطنين بالأرض اللازمة، وقمنا بإجراء دراسة جدوى درسنا فيها الوضع الجيولوجي، مع عمل تحاليل المياه الجوفية فى المنطقة، التى اتضح أنها مختلطة بالصرف الصحي. وشدد على أن المشروع الجديد سينهى معاناة سكان القرية مع تلوث المياه، وأن المياه المعالجة ستعالج بيولوجيا ثم فيزيائيا حتى تناسب المعايير المصرية لمياه الري، وأن الوحدة فى الجزيرة تتكلف أكثر من مليون ونصف المليون جنيه. تعميم النموذج فى سياق متصل، يوضح الدكتور رفعت عبد الوهاب رئيس قطاع البحوث والتطوير بالشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى أن الاتجاه خلال السنوات المقبلة هو لنشر هذا النموذج من المشروعات للحد من معاناة سكان المناطق المحرومة بعد نجاح المحطة التجريبية. وأضاف أنه يتم الآن بحث وضع استراتيجية للصرف الصحى بالقرى بالطرق غير التقليدية، واختيار التكنولوجيا المناسبة لتعميمها على المستوى القومي، مؤكدا أن الشركة القابضة تدرس منظومة تشغيل هذه المحطات وصيانتها، من خلال القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني. أما الخطة الموجودة حاليا - فهى حل مشكلات النقاط الحرجة مثل القرى المحيطة بمصرف حادوث المار بمحافظات الدقهلية والشرقية، إذ تقع عليه 500 قرية، ومصرف الرهاوى الذى يصب مخلفات الصرف الصحى ل 150 قرية فى فرع رشيد.