لم يبتدع الرئيس عبد الفتاح السيسى منهجا جديدا فى الحكم عندما بادر بمصارحة الشعب بحقيقة الأوضاع الاقتصادية والأمنية المتردية من تداعيات سنوات الفوضى والانفلات فقد سبقه إلى ذلك الزعيم البريطانى ونستون تشرشل خلال الحرب العالمية الثانية عندما كانت بريطانيا العظمى تعانى من ويلات الحرب وفاتورتها الباهظة. اختار السيسى ذات الطريق الصعب والوعر وقرر أن يتجنب الأخذ بالمسكنات وطرح الوعود لتخدير الشارع وكسب الرأى العام منطلقا من قناعة بأن استعادة الإحساس بالأمن وعودة الاتزان والتوازن للاقتصاد المصرى لا يتحقق بكلمات أو شعارات وإنما يتطلب الأمر عملا بغير ضجيج وجهدا يستند إلى العلم والفكر الصحيح فكان الانطلاق نحو عدة محاور تنموية أساسية هى مشروع قناة السويس الجديدة ومشروع استصلاح مليون فدان كجزء من خطة واسعة تستهدف إضافة 4 ملايين فدان جديدة للرقعة الزراعية أما المشروع الثالث فهو محور التنمية المرتبط بإنشاء أكبر شبكة طرق جديدة تربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب بالتوازى مع مخطط شامل لاجتثاث جذور الإرهاب أمنيا وسياسيا وفكريا! والحقيقة أننى لست من أولئك الذين يروجون أن السيسى بحر واسع من المعرفة فى كافة المجالات ومن ثم فإن كل مظاهر النهضة التى يترقبها الناس فى منظور قريب هى من بنات أفكاره وحده ولكن الذى أستطيع أن أقطع به هو أن الرجل يجيد فن الاستماع ويحسن اختيار جلساته ومستشاريه مستفيدا من قدرته على كتمان ما يدور فى رأسه وما ينتوى عمله حتى لا يصادر فكرا يحمله أحد أو يجهض مشروعا فى ذهن أحد. وإذا كان تشرشل قد نجح فى توحيد صفوف الأمة البريطانية تحت رايات الخطر بكلمته الشهيرة «ليس لدى ما أعدكم به سوى العرق والدم والدموع» فإن السيسى نجح فى اكتساب حب الشعب المصرى وشعوب الأمة العربية بموقفه البطولى يومى 30 يونيو و 3 يوليو الذى ساند وبقوة رغبتهم فى استعادة الوطن من خاطفيه والرغبة فى سرعة طى صفحة الماضى والاطمئنان على بقاء ونمو الأمل فى غد جديد. والأمم العظيمة هى تلك الجديرة بأن يحكمها قادة لديهم القدرة على الوقوف فى وجه العواصف والارتفاع إلى مستوى أحلام الناس خصوصا البسطاء الذين يعبرون عن مشاعرهم بشكل عفوى وتلقائى يعكس صدقا ونقاء. خير الكلام: البؤس ليس فقرا ماديا وإنما هو خواء فى الروح المعنوية ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله