ليس مطلوبا من وزارة حكومة الدكتور الجنزوري شيئا أكثر من الصدق والمصارحة وتجنب إطلاق الوعود التي يستحيل إنجازها في المنظور القريب والتركيز بقوة علي استعادة الثقة الغائبة بين المواطن وأجهزة الدولة. والحقيقة إنه عندما يشعر الناس بإعلاء قيم الطهارة والنزاهة والشرف وتتسم تصرفات الأجهزة الحكومية بالشفافية فإن التجاوب مع كل دعوات التقشف والترشيد مهما كانت تكاليفها سوف تسبق المطالبة بالحقوق مهما كانت مشروعيتها! وقد جرب شعب مصر ذلك مرارا في أزمات ومواقف عصيبة كان الجميع يشعرون فيها بأن الواجب ينبغي أن يسبق الحق وأن تحمل المسئولية وتقاسم الأعباء له كل الأولوية عن أية مزايدات وأنانيات شخصية... وكان معدل التجاوب في كل مرة يرتهن في صعوده أو هبوطه بتلك القيم وبدرجة الشفافية التي تتسم بها تعاملات الحكومة مع الشعب! ومعني ذلك أن أي حكومة لابد أن يبدو في خطواتها وقراراتها أنها تتحرك تحت مظلة من الالتزام الأخلاقي مع المجتمع... وبقدر صيانتها للحقوق تكون تصرفاتها صحيحة أما إذا أدارت ظهرها لهذه الحقوق أو حصرت نفسها داخل نطاقها سقط عنها حقها في أن تستمتع بتجاوب الناس معها وطاعتهم التلقائية لها. ومن يقرأ سجل العلاقة بين المواطن والدولة المصرية يجد أن المواطن بفطريته المتوارثة لا يؤيد الحكومة إلا إذا أيقن بأن ما تهدف إليه في كل خطوة من الخطوات يستهدف المصلحة العامة ويتم من خلال إجراءات سليمة... ومن الخطأ أن تتصور أية حكومة أن الناس يمكن أن ترضي عنها لمجرد الاطمئنان إلي أن نياتها حسنة ومقاصدها شريفة فقط! وإذا كان ضمير الفرد هو المصدر الحقيقي لطاعة القانون فإن علي الحكومة أن تثبت دائما أن مجرد التحايل علي القانون يزعزع الثقة ويقوض الالتزام ويفتح الباب واسعا لمزيد من القيل والقال! ومن هنا تجيء أهمية توفر الوعي والرؤية السياسية لمنصب الوزير فلاشيء يرجح فرصة نجاحه قدر امتلاكه لقدرة التأثير علي الرأي العام من خلال امتلاكه لأدوات خطاب سياسي يصنع به تواصلا بين الشعب والحكومة من خلال القدرة علي المصارحة بحجم المصاعب إن وجدت وربط ذلك- في التو واللحظة- بالتبشير علي إمكانية التغلب عليها والعثور علي حلول لها في حدود الممكن والمتاح! وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: لن تسلم في حياتك من ودود يمدح وعدو يقدح! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله