ارجو ان ينهي الاجتماع الذي عقده الرئيس مبارك مع المسئولين عن عمليات التصرف في اراضي الدولة التي هي ملكية خالصة للشعب، المشكلة التي تحولت الي قضية رأي عام لما احاط بها من شكوك وعدم شفافية الاجراءات من جانب بعض الاجهزة الحكومية. لا يمكن ان يعترض احد علي اي استحواذ مشروع علي هذه الاراضي من اجل التنمية والتعمير.. ولكن ليس معقولا ابدا ان يتم ذلك بوسائل تتسم بالاستغلال والاستغفال وعدم الشفافية الذي يحرم الدولة وبالتالي الشعب من حقهم في العائد العادل الذي يوازي القيمة الحقيقية. لا احد ينكر الاخطاء التي تم ارتكابها في صفقات بيع هذه الاراضي وكذلك مخالفة الغرض الذي تم علي اساسه التصرف فيها. لابد ان يكون هناك التزام قانوني باستخدامات هذه الارض وبالطريقة التي تمنع عمليات التربح الفاحش الذي يحرم الدولة من نصيبها العادل من القيمة الفعلية سواء في شكل مشاركة في الربح أو نسبة ضريبية. من الطبيعي ان تثير بعض هذه الصفقات خاصة تلك التي تقدر بألوف الافدنة وبملايين الامتار من الارض الاقاويل والشائعات والنقمة وعدم الثقة في قدرة بعض اجهزة الدولة في الحفاظ علي املاك واموال الشعب. من حق أي مواطن ان يقع فريسة للاثارة عندما يسمع ويقرأ ما حققه المحظوظون اطراف هذه الصفقات من ارباح تصل الي مئات الملايين بل المليارات من عمليات تجارة في الاراضي التي حصلوا عليها من الدولة بتراب الفلوس. هذا الواقع الأليم تناولته الصحافة في الكثير من المقالات والحملات الصحفية التي كان لي شرف المشاركة فيها منذ عدة سنوات دون التحرك لاتخاذ ما يجب من اجراءات. انه شيء محمود ومرحب به ان تظهر هذه المشكلة الازمة علي السطح من خلال الخلاف القائم حاليا بين وزارة الزراعة وبين اعضاء جماعة الاستحواذ علي اراضي الدولة. تمثل ذلك في التعاقد علي اراضي للاستصلاح بسعر لا يتجاوز ال 05 جنيها للفدان ثم تحول نتيجة غياب الضمير واغماض عين الدولة الي اراضي للبناء الفاخر لتصل قيمته الي مئات الالوف من الجنيهات. شكرا لله علي تدخل الرئيس مبارك وكما تعودنا جميعا في اطار من الحرص علي التجاوب مع نبضات واتجاهات المواطنين لاصلاح الاخطاء وحصول الدولة علي حقها مما يتحقق من تربح من وراء عمليات الاستحواذ علي هذه الأراضي والمتاجرة بها. لقد اعلن امين اباظة وزير الزراعة واستجابة للتكليفات الرئاسية ان التصرف في اراضي الدولة سيكون وفقا لنظام حق الانتفاع مع ضمان الالتزام بالاستخدامات المحددة. هذا الامر يحتاج الي ضوابط قانونية ملزمة تحظر عدم الخروج عما هو مسجل في العقود التي يجب الا تكون بها ثغرات متعمدة للتلاعب كما كان يحدث دائما. هنا لابد ان ألفت النظر إلي ان نظام حق الانتفاع مازال لا يلقي قبولا من معظم الذين يسعون الي امتلاك اراضي الدولة باعتبار ان الملكية شيء مقدس عند المواطن المصري بطبيعته. لتحقيق المواءمة مع الطبيعة المصرية فانه يمكن ان يكون هناك قواعد قانونية امينة وشفافة تضمن حقوق الدولة مع الالتزام بالاغراض المخصص لها الارض. علي كل حال فإن ما نرجوه جميعا هو ان تنجح الدولة من خلال اجهزتها المنوط بها الحفاظ علي املاكها في ان تتوصل الي صيغة جديدة للتصرف في اراضي الدولة تساهم في تنظيم التعامل فيها مع الاستجابة لمتطلبات التنمية والتعمير. جلال دويدار [email protected]