بعد صدور حكم بطلان عقد بيع أرض "مدينتى" بالأمر المباشر أصبح السؤال الآن: ما مصير الأراضى التى تم بيعها بنفس النظام الباطل قانوناً.. وما مصير حاجزى وحدات مشروع مدينتى؟ بداية يقول الدكتور شوقي السيد أستاذ القانون المدني والمحامي بالنقض ومحامي مدينتي بدون تعليق علي الأحكام التي نحترمها خاصة أن القضية لا تزال مطروحة أمام المحكمة الإدارية العليا أقول نحن أمام قضية من شأنها أن تهز أركان الاقتصاد المصري بجميع صوره التنمية العمرانية والاستثمار العقاري والسياحية والصناعية واستصلاح الأراضي الزراعية, لأن كل هذه الأنشطة تقوم عليها هيئات مسئولة عن تحقيق أغراضها في مجال الاستثمار والتنمية, وحتي تحقق هذه الهيئات غرضها, فهناك سلطات وإجراءات من شأنها أن تحقق الغاية التي وجدت من أجلها هذه الهيئات, من بينها السير في إجراءات التنمية وفقا لضوابط تضعها بنفسها مثل قانون استصلاح الأراضي الزراعية143 لسنة81 وقانون المجتمعات العمرانية59 لسنة79 وكذلك باقي القوانين الخاصة بباقي الهيئات الاقتصادية. ويستكمل د.شوقي السيد قائلا: إن قانون هيئات المجتمعات العمرانية الجديدة التي تستهدف التنمية العمرانية, وإقامة مجتمعات جديدة يصدر بتحديد المناطق بقرار من رئيس الجمهورية جميع المناطق من أسوان إلي الإسكندرية بقصد التنمية العمرانية فتستدعي الهيئة الشركات المختصة وتعرض لمشروعات قومية كبري لتحقيق التنمية وتروج لمشروعاتها القومية الكبري, ومن أجل ذلك أنشئت المجتمعات العمرانية الجديدة مثل الرحاب والشروق والشيخ زايد والربوة والقاهرة الجديدة.. وغيرها. القانون الخاص ويوضح الدكتور شوقي السيد من بين نصوص القوانين الخاصة ما يمكن مجلس إدارة الهيئة وفقا للوائحها الصادرة بقرار من مجلس الوزراء أن تتعاقد بالطريق المباشر وثمن محدد لتحقيق التنمية, وتختلف الأسعار باختلاف الزمن والتوقيت وحسب مستوي التعمير, ولهذا قامت الهيئة المختصة بمباشرة سلطتها وتباشرها حتي الآن. ويري الدكتور شوقي السيد أن قانون المناقصات والمزايدات رقم89 لسنة98 في المادة الأولي منه الغي قانون الخطة والموازنة وقانون المناقصات القديم ليحل محلهما القانون الجديد. وأن قانون المناقصات والمزايدات في إشارة عابرة نص علي أن يلغي كل حكم يخالف أحكام هذا القانون.. مشيرا إلي أن المدهش عند مناقشة مشروع قانون المناقصات والمزايدات رقم89 لسنة98 قالت الحكومة التي قدمت مشروع القانون( أن هذا القانون لا يلغي القوانين الخاصة.. وهذا مسجل في مضبطة مجلس الشعب عند مناقشة المشروع جلسة67/63 وانضم إلي الحكومة بعض الأعضاء, وهناك رأي آخر قال: أثناء المناقشة إن هذا القانون ألغي كل القوانين الخاصة. ويؤكد الدكتور شوقي السيد أن جميع الهيئات الخاصة ظلت تباشر سلطتها وفقا للقوانين الخاصة بها منذ صدور قانون المناقصات والمزايدات من سنة98 وحتي الآن سواء كان ذلك بتخصيص الأرض للشركات أو للأفراد أو مشروعات لتحقيق أهدافها ولم يعترض أحد من الأجهزة لا الرقابية ولا غيرها وتم تخصيص الأرض علي مرأي ومسمع من الجميع وفقا للنظم المقررة داخل كل هيئة وفقا لقانونها الخاص. البطلان وفيما يتعلق ببطلان عقد مدينتي قال الدكتور شوقي السيد لا يمكن أن يتقرر البطلان إلا كجزاء منصوص عليه صراحة في القانون لما يترتب عليه من آثار خطيرة تهز الثقة واستقرار المعاملات وإهدار المراكز القانونية والحقوق. وأضاف أن القوانين الخاصة لا تلغي إلا بنصوص خاصة تقرر الإلغاء ولا تلغي بنص عام بإشارة عابرة. ويري الدكتور شوقي السيد أنه في حالة إقرار مبدأ البطلان بمخالفة قانون المناقصات والمزايدات(89 لسنة98).. فإن مؤدي ذلك لا يخص عقد مدينتي وحدها وإنما يمتد إلي كل المشروعات والمنشآت وحتي مساكن الأفراد. التي جرت بغير طريق المزاد منذ عام98 وحتي الآن. وهذا ما يؤكد استحالة تطبيق قانون المناقصات والمزايدات الذي ورد به أن الحد الأقصي لغير طريق المزاد وبقرار من السلطة المختصة, وفي الأحوال العاجلة لا يتجاوز50 ألف جنيه وهذا لا يخص إلا قطع الأراضي الصغيرة جدا. آفة التشريع ويؤكد د.شوقي السيد: إن ما حدث وقع نتيجة وجود آفة في التشريع في مصر متمثلة في السرعة وعدم التأني والدراسة الجيدة لمشروعات القوانين. كما أن قانون المناقصات والمزايدات لم يحظ بالدراسة المتأنية اللازمة وتحديد الكلمات الأربع التي صدرت في صدر القانون وهي: إلغاء كل نص يتعارض مع أحكام هذا القانون. ويطالب د.شوقي السيد بضرورة بأن يحسم هذا الخلاف القانون الدائر بأداة تشريعية تصحح الإجراء علي مستوي مصر كلها بالإعتداد بالتصرفات التي تمت ومناقشة الأمر جديا وبالتفصيل عن مدي استمرار القوانين الخاصة لتحقيق أغراضها, وحتي مع الغائها لابد من تعديل قانون المناقصات والمزايدات ليكون بديلا للقانون الحالي. بطلان إبرام العقد ويقول المستشار محمد خليل نائب رئيس محكمة النقض والفقيه الدستوري والقانوني: إن الحكم الصادر ببطلان عقد مدينتي من محكمة القضاء الإداري يعدم هذا العقد فلا وجود قانوني له والأصل أن تزول كل الآثار المترتبة علي هذا العقد ليس من تاريخ البطلان بل من تاريخ إبرام العقد, ولكن هناك آثارا وحقوقا تتعلق بغير حسن النية, والأصل أن المتعاقدين الحكومة والشركة ليس من الغير.. فالحكم مؤثر فيهما, ولذلك علينا أن نبحث بالنسبة لمن اشتروا أو تعاقدوا أو أبرموا أي تصرف بخصوص هذه الأرض( مشتري الوحدات).. فإذا توافر لديهم حسن النية, والظاهرفي صالحهما ما لم يثبت سوء النية فالتصرفات الصادرة لصالح هؤلاء الأشخاص حسن النية لا يمتد إليها أثر البطلان بل تظل نافذ منتجة لآثارها استثناء من آثار البطلان. ملكية الأرض للدولة ويوضح المستشار محمد خليل أن الدولة في هذه الحالة أو الجهة الإدارية التي تعرضت بالبيع تغير الأرض وما عليها وما تحتها تعود ملكيتها إلي المالكة الأصلية, ولها أن تطالب الشركة المشترية بما استفادته من هذا التصرف وتحل الجهة الإدارية محل الشركة في التصرفات الصادرة منها للغير, فتحصل باقي الثمن أو الريع أو ما تشابه ذلك. الاثار الاقتصادية للبطلان وفيما يتعلق الآثار الاقتصادية المترتبة علي بطلان عقد مدينتي يري المستشار محمد خليل: أن هناك أمرين: * الأمر الأول: المسئولية السياسية والقانونية لتلك الجهة, فتحاسب عليها باعتبارها جهة إدارية خالفت القانون وأهدرت ملكية الدولة وفوتت عليها ربحا وحولته إلي الشركة دون وجه حق. * الأمر الثاني: أن هذه العقود التي أبرمت خلت من الشفافية والحرص علي المال العام, فإن الدولة حين باعت للشركة هذه الأرض باعتها لها باعتبارها أرضا صحراوية غير معدة أو مهيأة لمشروعات الإسكان, ولكن الجهة الإدارية في غفلة من الضمير العام والحرص علي المال العام قامت بإعداد هذه الأرض الصحراوية وتهيئتها لتكون مسرحا لإقامة مشروع سكني بإمداد هذه الأرض بالمرافق من مياه وصرف صحي وكهرباء. تأثر مناخ الاستثمار ويستكمل المستشار محمد خليل حديثه عن الآثار الاقتصادية بالنسبة للغير فيقول من الخطأ الجسيم القول بعدم حرص الدولة والجهات الإدارية التابعة لها علي المال العام وتوفير الجو المناسب للاستثمار الحر المشروع الذي يستفيد منه المستثمر والبلد المستثمر فيه لأنه من الجرم أن تباع أراضي الدولة وأملاكها للغير بحيث يستفيد هذا المستثمر وكأنه جاء إلي مال مباح لا مالك له يغترف منه كيفما شاء لمصلحته فحسب, وحتي أفقر الدول لا ترتكب مثل هذا الجرم في حق نفسها, وبصفة عامة فإن ما جري في مشروع مدينتي وغيرها في مناطق مهمة ومؤثرة للاقتصاد القومي والأمن القومي يستلزم تشكيل هيئة علي أعلي مستوي للتحقيق في هذه الأخطاء الجسيمة التي فرطت في حق المال العام والاقتصاد المصري. وما تكشف عنه الأيام من سقطات مريبة في التصرفات التي تمت ومنها مثلا قضية عمر أفندي والفروع التي استولت عليها الشركة أو منحت لها دون مقابل ودون ذكرها في العقد أو ملحقاته. ويؤكد المستشار محمد خليل أن الاستشكال لا يوقف التنفيذ ولا يوقف الحكم إلا بحكم من المحكمة الإدارية العليا وقيام الجهة الإدارية بالاستشكال فيه ووقف التنفيذ من تلقاء نفسها مخالفة صارخة للقانون تثير الشكوك والريبة وترجح وجود تواطؤ{