في قرية الترامسة الهادئة التابعة لمركز قنا، لم يكن صباح الجمعة عاديًا، بل كان اليوم الذي اختبرت فيه القرية معنى الوفاء حتى آخر نفس. يوسف دياب، 44 عامًا، رحل فجرًا متأثرًا بإصابته بنزيف في المخ بعد حادثٍ قبل أسابيع. رجل معروف بابتسامته الهادئة وطبعه الطيب، شيّعه أهله وأصدقاؤه في جنازة مهيبة بعد صلاة الجمعة، والدموع تسبق الخطى إلى مثواه الأخير. على مقربة من القبر، جلست زوجته نوال علي، 35 عامًا، تبكي بحرقة، تودّع من شاركها الحياة والبيت والأحلام. لم يكن أحد يتوقع أن يكون وداعها له بداية وداع جديد. وسط صمتٍ ثقيل، سقطت نوال مغشيًا عليها. نُقلت إلى المستشفى على عجل، لكن قلبها سبقها إلى يوسف، لم يحتمل الفراق. أعلن الأطباء وفاتها بعد دقائق، لتتحول مأساة الفقد إلى قصة حب خالدة. مع غروب الشمس، خرجت القرية من جديد، تشيّع الزوجة الوفية إلى جوار زوجها، نفس الوجوه، نفس الدموع، لكن الحزن مضاعف هذه المرة. أحد الجيران قال ل«الشروق»: "كانوا مثالًا في الود والاحترام، لا يسمع لهما صوت إلا بالخير. رحلا كما عاشا.. معًا." ويضيف آخر: "الناس كلها بتقول إن ربنا جمعهم مرتين.. مرة في الدنيا، ومرة في الآخرة."