رنة مميزة على تليفونى المحمول تعلن وصول رسالة تحمل أخبارا جديدة. "أعلن تنظيم داعش أنه قتل الصحفى "الأمريكى" ستيفن سوتلوف ذبحا ردا على غارات أمريكية ضد التنظيم فى العراق" كانت تلك هى الرسالة المقتضبة التى قفزت على شاشة تليفونى المحمول،وسرعان ما تابعت ردود الأفعال المحلية والعالمية على الحادث. فتنظيم "الدولة الإسلامية فى العراق والشام" (داعش) سابقا الذى غير إسمه إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" لاحقا إحتجز عددًا من الصحفيين والأجانب فى سوريا منذ سنوات وبدأ يستخدم أرواحهم ورقابهم فى المساومة على البقاء. وهو سلوك أبعد ما يكون عن سلوك إنسان متدين فما بالنا بسلوك من "يدعون عنوة" الإنتماء للإسلام الذى حمل رسالته رسول وصفته السماء بأنه "على خلق عظيم". فعندما تم ذبح صحفى أمريكى يدعى جيمس فولى فى أغسطس الماضى وقبل أن يغادر المتحدث الملثم شاشة الفيديو الذى يصور الرسالة الأخيرة للضحية وعملية القتل ذاتها، تم إظهار الضحية التالية، وكان الصحفى الأمريكى ستيفن سوتلوف. وفى 2 سبتمبر 2014 ظهر فيديو جديد خاص بقتل الصحفى سوتلوف الذى اختفى فى سوريا منذ شهر أغسطس 2013. تأثر الكثير من الناس بالحادث خاصة وأن والدة الصحفى القتيل وجهت نداءً إلى زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية" الذى نصب نفسه خليفة للمسلمين ناشدته فيه عدم قتل نجلها إيمانا منها بأن الإسلام دين لا يدعو إلى قتل الأبرياء. وفجأة وفى اليوم التالى لعملية القتل نقلت وسائل الإعلام العالمية إعترافات صادرة من إسرائيل تشير إلى أن سوتلوف مواطن إسرائيلى أمريكى فهو ليس أمريكى فقط! وكان سوتلوف الذى مارس عمله الصحفى بوصفه صحفى أمريكى حر قد راسل باقة من أشهر وأبرز الإصدارات الصحفية الغربية منذ سنوات. واللافت للنظر أنه تخصص فى نقل وتحليل ما يحدث فى دول الشرق الأوسط للقارئ الغربى عبر قنوات إعلامية شهيرة وواسعة الإنتشار مثل "تايم" وال"جارديان" و"فورين بوليسى" و"كريستيان سيانس مونيتور" ، كما راسل "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية. زملاء العمل فى إسرائيل وصفوه بأنه كان شديد الذكاء وكان خبيرا فى الأمور السيكولوجية! له أجداد نجوا من محارق النازية وكانت والدته تعمل مدرسة فى معبد يهودى بأمريكا. ودرس وعاش فى إسرائيل منذ عام 2008! نقل أحد المحتجزين الناجين ممن قابلوه فى أثناء سجنه أنه كان يخفى ديانته اليهودية وجنسيته الإسرائيلية. وكان يدعى المرض ليصوم فى "يوم كيبور" وفق التعاليم اليهودية. وكان يتجه فى صلاته سرا نحو القدس. وعرف عنه أنه كان يدعى خلال سنوات تجواله فى الدول العربية أثناء الثورات (مصر وسوريا واليمن وليبيا) بأنه "مسلم" ولكن "علمانى"!! لقد تواجد سوتلوف فى "إعتصام رابعة العدوية" بمدينة نصر بالقاهرة ونقل "رؤيته الخاصة" للحدث فى موقع تابع ل"جمعية السلام الأمريكية" حيث كتب بشكل صريح تحت عنوان "نعارض مرسى ولكن نشجع الشرعية الديمقراطية" وفى رسالة أخرى أشار إلى ما أطلق عليه "المظالم الشرعية للإخوان "!! وهكذا علينا أن نقرأ ونتدبر جيدا فيما يحدث حولنا قبل إصدار الحكم على الأمور. فها هو إسرائيلى يهودى متشدد إدعى أنه أمريكى ويسعى الرئيس الأمريكى والغرب إلى الإنتقام لمقتله ، وكان يتعامل فى الدول العربية على أنه مسلم وعلمانى أيضا!! وكان يشجع تنظيم الإخوان أثناء عمله فى مصر!! وكان فى رابعة أيضا!! وهو من نقل للعالم تغطيات "إعلامية دعائية موجهة". ومن ذبحه هم أتباع معتقل سابق لدى الأمريكيين أعلن نفسه زعيما لدولة إسلامية فى سورياوالعراق، وعندما تأكد من ضعف الدول العربية أعلن "الخلافة" ونصب نفسه "خليفة على المسلمين"!! بل وهناك من يدعى أن الذى نفذ عملية الذبح هو مغنى راب بريطانى من أصل مصرى!! دارت تلك الأفكار فى ذهنى فنحيت تليفونى المحمول جانبا ونظرت إلى الأفق فى صمت. لمزيد من مقالات طارق الشيخ