عاجل.. أسعار الذهب ترتفع في مصر خلال التعاملات المسائية    قطر تطلب اعتذارًا من إسرائيل لاستئناف جهود الوساطة في غزة    مصر تؤكد دعمها الكامل للصومال وتواصل تعزيز الشراكة الاستراتيجية    عاجل- ضابطة أمريكية سابقة: واشنطن «خانت قطر» وما يحدث في غزة إبادة جماعية مكتملة الأركان    مودريتش يقود ميلان أمام أودينيزي في الدوري الإيطالي    «يريد أن يكون الأفضل».. روني: محمد صلاح ليس سعيدًا بتعاقد ليفربول مع إيزاك    الأربعاء.. «بروفة» حفل افتتاح بطولة العالم لأندية كرة اليد بالعاصمة الإدارية الجديدة    الأرصاد: درجات الحرارة مستقرة وتسجل 34 درجة هذا الأسبوع    سرقة الإسورة الذهبية.. الأعلى للآثار يكشف مفاجأة: معمل الترميم كان بلا كاميرات    وزير الشئون النيابية يشارك في حفل استقبال العام الجامعي الجديد بجامعة حلوان    سامسونج تطلق الدورة السابعة من برنامج «الابتكار» لتأهيل الشباب المصري رقمياً    تفاعل كبير مع ورشة هشام سليمان وسامح الصريطي في التمثيل ضمن فعاليات بورسعيد السينمائي    كارول سماحة تفجر مفاجأة عن وفاة زوجها وليد مصطفى    "نور مكسور".. تفتتح آخر حكايات "ما تراه ليس كما يبدو" وبداية صادمة لرحلة نور إيهاب    «تنسيقي محافظة الأقصر» يبحث استعدادات تنفيذ التجربة «صقر 162» لمجابهة الأزمات والكوارث    زمالك 2009 يهزم المقاولون العرب بهدف نظيف في بطولة الجمهورية    رئيس النواب الأمريكي يحذر من كارثة ستواجه بلاده مطلع أكتوبر المقبل    سوريا.. قسد تستهدف بقذائف الهاون محيط قرية شرق حلب    أنغام تطرح أحدث أغانيها بعنوان سيبتلى قلبى بتوقيع تامر حسين وعزيز الشافعى    الحبكة المقدسة.. الدين في السينما الغربية    اللواء إبراهيم هلال ل"الساعة 6": حل القضية الفلسطينية يحتاج قرارات مُلزمة    "فستان قصير وجريء".. مي عمر بإطلالة جريئة    مواقيت الصلاة اليوم السبت 20سبتمبر2025 في المنيا    عالم أزهري يوضح سبب ذكر سيدنا إبراهيم في التشهد    على هامش فعاليات مؤتمر ومعرض هواوي كونكت 2025.. وزير الصحة يلتقي مسئولي «ميدبوت» للتعاون في تطوير التكنولوجيا الطبية والجراحة الروبوتية ( صور )    محمد لطفي يطمئن جمهوره: "أنا زي الفل وما نشر عن حالتي الصحية كذب    نقابة "العلوم الصحية" تنظم حلقة نقاشية مع الخريجين والطلاب    وزير الري يتفقد الموقف التنفيذي ل"مشروع تنمية جنوب الوادي" في أسوان    وزير فلسطيني سابق: إسرائيل لم تعد تتمتع بدعم حقيقي سوى من ترامب    تجديد حبس البلوجر محمد عبد العاطي 45 يوما لنشره فيديوهات خادشة للحياء    محمود محيي الدين: يجب أن يسير تطوير البنية التحتية التقليدية والرقمية جنبًا إلى جنب    غياب عربي عن القائمة.. تعرف على أكثر الدول طلبًا لتذاكر كأس العالم 2026    «الصحة» تبحث التعاون مع مستشفى رينجي الصينية بمجالات التكنولوجيا الطبية    فيديو قديم يُثير الجدل بالشرقية.. الأمن يكشف كذب ادعاء مشاجرة بين سيدتين    بطلق ناري في الظهر.. الأمن يكثف جهوده لكشف لغز مقتل خمسيني بطما    تحت شعار «عهد علينا حب الوطن».. بدء العام الدراسي الجديد بالمعاهد الأزهرية    أكاديمية الشرطة تنظم دورة لإعداد المدربين في فحص الوثائق    9 كليات بنسبة 100%.. تنسيق شهادة قطر مسار علمي 2025    لتحسين البنية التحتية.. محافظ القليوبية يتابع الانتهاء من أعمال رصف الطرق بمدن المحافظة    الدوري الإنجليزي.. محمد قدوس يقود تشكيل توتنهام ضد برايتون    مؤتمر فليك: سنحضر حفل الكرة الذهبية من باب الاحترام.. ويامال سيتوج بها يوما ما    إحالة رمضان صبحي للمحاكمة الجنائية بتهمة التزوير داخل إحدى لجان الامتحانات    "بحضور لبيب والإدارة".. 24 صور ترصد افتتاح حديقة نادي الزمالك الجديدة    المجلس التنفيذي لمحافظة أسوان يوافق على تخصيص أراض لإقامة مشروعات خدمية وشبابية وتعليمية    محافظ الأقصر يكرم عمال النظافة: "أنتم أبطال زيارة ملك إسبانيا" (صور)    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    بالصور.. تكريم 15 حافظًا للقرآن الكريم بالبعيرات في الأقصر    «الكازار» تعتزم إطلاق مشروعات جديدة بمجال الطاقة المتجددة في مصر    سؤال برلماني لوزير التعليم بشأن تطبيق نظام البكالوريا.. ويؤكد: أولادنا ليسوا فئران تجارب    أحمد السبكي: المرحلة الثانية للتأمين الصحي الشامل ستشهد إشراك أكبر للمستشفيات الجامعية وللقطاع الخاص    المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل تستهدف 12 مليون مواطن    طريقة عمل العيش الشامي في البيت، توفير وصحة وطعم مميز    كتائب القسام تنشر صورة وداعية للمحتجزين الإسرائيليين    القومي للمرأة ينظم لقاء حول "دور المرأة في حفظ السلام وتعزيز ثقافة التسامح"    كسوف الشمس 2025 في السماء.. تفاصيل موعد البداية والنهاية ووقت الذروة (الساعة)    «الداخلية»: ضبط 3 متهمين بالنصب على صاحب محل بانتحال صفة بالقاهرة    مدير مدرسة بكفر الشيخ يوزع أقلام رصاص وعصائر على تلاميذ الصف الأول الابتدائي    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفنان التشكيلي عصمت داوستاشي‏:‏
تهميش الإسكندرية جعلها معقلا للسلفية‏!‏

هو حالة تشكلت عبر العديد من التجارب المتباينة‏..‏ عالم امتزجت فيه الألوان والرموز والصور في اتساق يعكس أفكار فنان مهموم بالبشر من حوله وبالسياسة بقدر ما تمس هؤلاء البشر. في أعماله حالة من التصوف الديني اكتسبها بفضل نشأته في حي بحري بإطلالته علي ساحة سيدي المرسي أبو العباس والإمام البوصيري ومواكب الطرق الصوفية وموالد الأولياء. ثم من خلال زياراته المتعددة إلي مغارة الطريقة البكتاشية بالمقطم تلك الطريقة الصوفية التركية الشيعية والتي كاد أن يكون أحد دراويشها وبرغم أنه رفض ذلك. إلا أنه ظل متأثرا بها في أعماله الفنية وفي رغبته الدائمة أن يمارس طقوسه الإبداعية في تكية خاصة به. لكنها تكية بلا دراويش... وبالقدر الذي أثرت فيه حياته في بحري بالإسكندرية تأثر بجذوره الكريتية حيث تنتمي أسرته إلي جزيرة كريت اليونانية واستقرت في الإسكندرية حيث ولد عصمت حاملا اسم عصمت اينونو رئيس وزراء تركيا في عهد كمال أتاتورك. أما داوستاشي فهو الاسم الشعبي للقب جده التكريتي داوستاكي وقد اتخذه اسما فنيا لازمه حتي الآن. وهو يعتبر أن الحظ حالفه أن ولد في هذه التركيبة البحر أبيض متوسطية بأن تمتد جذوره إلي مصر وكريت وهما من أعرق الحضارات الإنسانية وأن يكون ميلاده ومماته علي حد تعبيره في الإسكندرية أجمل مدن العالم.
في سطور حياته رائحة بحري وحلقة الأسماك وعروض خيال الظل في حارة اليهود وترام الإسكندرية وصيد السمك في السيالة وفيها صورة فنار الإسكندرية وجزيرة رأس التين وصوت الآذان من مسجد أبو العباس.. إنها الإسكندرية التي ظل يعيش بها كالراهب في محرابه لا يستطيع فراقها رغم ترحاله في كل بقاع الأرض.
ما بين حياتك الأولي في بيت جدتك خديجة شبرا هانم التي كانت تحدثك بالكريتلية ووجودك في حي بحري بين أولاد البلد والذي ظللت به حتي سن الحادية عشرة ثم حياتك مع والدتك التي خبرت معها الحياة علي الطريقة المصرية.. امتزاج بين أصولك الكريتية والمصرية.. كيف صاغ شخصية عصمت داوستاشي الفنية ؟
ما بين أصول أسرة والدي الكريتلية وأصول أسرة والدتي المصرية الرشيدية أصبحت إسكندراني مصري صميم والمعروف أن أهل الإسكندرية أقرب ما يكونون إلي ثقافة البحر أبيض المتوسط عن غيرهم.. تماما كما أن أهل أسوان أقرب إلي ثقافة أفريقيا عنها من أوروبا. إسكندرية طول عمرها في العصور القديمة والحديثة سكانها خليط من اليونانيين والرومانيين والأتراك والشوام والألبان وكل الجنسيات.. هذا ما كون شخصيتي ونسيجي الفني.. وأنا لم أر كريت في حياتي لكني عشت في الإسكندرية وكان حي بحري تحديدا الرحم الثاني الذي أنجبني وأثر علي فنيا وستجدين في الإسكندرية الكثيرين من ذوي الأصول الكريتية أو الإيطالية أو غيرهم. وقد كان الفنان حسين بيكار من أصول كريتلية مثلي لكننا جميعا إسكندرانية بمعني الكلمة. فالإسكندرية في القرن التاسع عشر كانت مدينة عالمية.
هل هذا يفسر الزخم الفني الذي تمتعت به الإسكندرية طوال عصورها وتجلي في تنوع ألوان الفن بها وكثرة الفنانين الذين خرجوا من رحمها ؟
طبعا فالإسكندرية كانت مفتوحة علي العالم وعلي حضارات البحر المتوسطية. ووجود البحر كأفق مفتوح أمام أهل الإسكندرية ولد لديهم الحس الإبداعي والشعري مما جعل الفنان السكندري أكثر ميلا للتجريب والتجريد وفي حركة دائمة شأن موج البحر الصاخب تارة والهادئ تارة أخري. وقد انتشرت بالإسكندرية منذ أوائل القرن الماضي محلات الرسامين والخطاطين وكان عدد منهم من الأتراك والإيطاليين وكانت اللوحات الفنية تنتشر في واجهات المحلات المختلفة مثل محل المصور أبكار بشارع فؤاد الذي كان يعرض كل أسبوع لوحة جديدة للفنان زنانيري أستاذ الفنان الرائد محمود سعيد. وقد انتشرت دكاكين الرسامين حتي في أحياء أولاد البلد. وفي حي بحري التحقت أنا بدكان المعلم أحمد الوحش كمساعد دون راتب لأتعلم الرسم والزخرفة والخط العربي وذلك قبل التحاقي بالمدرسة الثانوية.
هل أستطيع القول إن نشأتك الأولي في حي بحري بالقرب من مسجد المرسي أبو العباس وأضرحة الشيوخ.. ثم ترددك علي تكية البكتاشية الصوفية في قلب مغارة المقطم جعل رسومك مليئة بالرموز وكأنك تمارس لونا من التصوف الديني ؟
لقد اصطبغت أعمالي بالحس الصوفي نظرا للجو الديني الذي كنت محاطا به في فترة طفولتي وحتي شبابي فقد أثر في كثيرا. إلا أنه لم يظهر في أعمالي الأولي.. بل ظهر لاحقا وكانت البداية في معرض المستنير دادا ثم أعمالي التالية... وقد قصدت من هذا المعرض أن كلا منا يملك حسا صوفيا داخله لو عاش به لكانت الحياة مختلفة.
من الواضح أنك تأثرت بشكل بالغ بحياة الدراويش داخل التكية ؟
لقد كنت أتردد مع جدتي ووالدي علي تكية الطريقة البكتاشية وهي طريقة صوفية شيعية اثني عشرية وقد كانت الفنانة شادية من مريديها. كانت مغارة الطريقة في قلب جبل المقطم ثم انتقلت بعد الثورة إلي المعادي حيث تحول المقطم إلي ثكنة عسكرية. كانت زيارتي للمغارة بطرقها الملتوية والسجاد الإيراني الذي يغطي أرضياتها والغزال الهائم في حديقته أشبه برحلة إلي عالم ألف ليلة وليلة وكنت دائما أشعر بهيبة أحمد سري بابا دادا شيخ الطريقة الذي كان يريدني أن أنضم درويشا للتكية إلا أنني لم أفعل وكنت أقضي كل عام عدة أيام إبان احتفالات عاشوراء حيث تذبح الذبائح وتصنع البليلة بالقرفة وظلت التكية عالم, له أثر في نفسي برغم أنها انتهت تماما بعد وفاة البابا ورحيل آخر دراويش التكية الشيخ رجب إلي أمريكا وافتتاحه تكية هناك.
ألم تقم بزيارة هذه التكية في أمريكا يوما ما ؟
لم ألتق أحدا من هؤلاء الدراويش الجدد وعندما التقيت بباحث تركي مهتم بالطريقة البكتاشية زودته بما لدي من معلومات وذكريات عن الطريقة كما التقيت ابن شقيق بابا سري لكنه ليس لديه أدني اهتمام بأمر الطريقة.
- أعتقد أن سيف وانلي من أكثر الفنانين الذين ساعدوك في بدايتك.. لكنك لم تستمر في التردد علي مرسمه ؟
سيف وانلي فنان كبير ومتجدد وعطوف علي تلامذته وقد كنت واحدا من تلامذته المتمردين عليه لسبب بسيط لأنه بقدر ما كان وانلي فنانا كبيرا لم يكن معلما قديرا فكان من يتعلم علي يديه يتحول إلي نسخة منه وهو ما لم أكن أريده وقد بدت لوحاتي الأولي متأثرة به.. وفي ذلك الوقت المبكر كنت متأثرا ببيكاسو أعجوبة الفن لأنه كان قادرا علي التنوع والتحرك من مدرسة إلي أخري ومن اتجاه إلي آخر ومن تكنيك إلي تكنيك وفي كل تحولاته وتنقلاته كان دائما هو بيكاسو
كانت لك محاولات في كتابة السيناريو والقصة والشعر.. أيها كان الأقرب إلي نفسك ؟
يظل الرسم هو أقرب الفنون إلي نفسي فعندما أمسك بالفرشاة انتقل من عالمنا إلي عالم مغاير.. والكتابة كانت دوما أصعب شيء بالنسبة لي نظرا لأنني تربيت في بيت كريتلي ثم بيت مصري مما جعلني أتلعثم في اللغة وضعفت قدرتي علي تعلم اللغات بوجه عام.. ومع هذا قدمت الكثير من الكتابات النقدية والدراسات التشكيلية. والآن أعد لرواية جديدة تغلب عليها اللغة العامية. كما أنني عشقت السينما ودرست الإخراج وقدمت أفلاما قصصية وكان أتمني تقديم فيلم روائي طويل لكن المسألة صعبة لأنها صناعة وتجارة.. وفي خضم هذا كله يظل الرسم الحب والأقرب إلي نفسي.
ذكرت أكثر من مرة أنك لا تحب السياسة وأنك دوما كنت مقاطعا لها ورغم ذلك لا تخلو أعمالك من السياسة..؟
السياسة تخرج من عباءة الفن فالفن فوق السياسة. أنا لم أعمل في السياسة لكن لدي الحس السياسي بالنسبة لبلدي وحياتنا ومستقبلنا فالسياسة موجودة في فني وتعبر عن نفسها لكنها ليست بالضرورة فعلا عمليا لطبيعة حزبية أو أيديولوجية. في الستينات قالوا لن نمنع حرية الفن وسندعم الفن الملتزم بقضايا الوطن التي كانوا يقصدون بها الاشتراكية. مجرد أي مساس بالحرية يزعجني. والفن يحتاج إلي حرية وهذا الانقضاض علي حرية الفن حدث في الستينيات وسيحدث في الأيام القادمة
تقصد بسبب بروز التيارات الإسلامية المتشددة ؟
المجتمع المصري عاني هذا التشدد في فترات تاريخية عديدة وبرغم وجود فتاوي أكدت أن الفن والنحت تحديدا ليس حراما.. ففي الإسكندرية عندما تم وضع تمثال محمد علي في ميدان المنشية وهو أول تمثال يوضع في ميدان عام بمصر, قام أهل بحري بالتظاهر مطالبين برفع التمثال بوصفه تقليدا وثنيا وكأنه يدعو الناس للطواف حوله. إلا أن الشيخ محمد عبده ظهر بفتوي مهمة مفادها أن أعمال النحت هي أعمال فنية لتكريم شخصيات بعينها وليس في ذلك حرمانية.. فتم عمل الميدان علي شكل مستطيل بدلا من الشكل الدائري ونقلت الأسود الأربعة التي كانت موضوعة حول التمثال إلي مدخلي كوبري قصر النيل. في أحد مؤتمرات السلفيين يتم تغطية تمثال ميدان الرأس السوداء تحت ادعاء أنه حرام. وهي بداية غير مبشرة.
الغريب أن الإسكندرية التي كانت بانوراما لكل الثقافات والأفكار والتيارات أصبحت معقلا للفكر السلفي المتشدد.. ما سر هذا التحول ؟
في ستينيات القرن الماضي ومع العمل علي مركزية القاهرة تم تهميش الإسكندرية ومع تهجير الأجانب فقدت الإسكندرية هويتها العالمية وبدأت المدينة تحاط بحزام من العشوائيات التي فيها ولدت كل التيارات المتطرفة. والنظام السابق لم يكن يهتم بعلاج تلك السلبيات بل كان يستخدمها لأغراض سياسية.
ألمح في كلامك يقين بأن ثورة يوليو والنظام الذي أفرزته مسئول بشكل أو بآخر عن الأوضاع المتردية التي آلت إليها مصر ؟
أنا واحد من أبناء ثورة يوليو وأحب عبد الناصر لكن ثورة يوليو لم تكن بلا أخطاء وقد تراكمت تلك الأخطاء وأدت في النهاية الي ما نحن فيه حتي أصبحنا دولة محكومة بالعسكر ولذا إذا ما أردنا إرساء قواعد حكم مدني حقيقي علينا أن تكون هناك ثقة متبادلة بين الجيش والشعب
- هل تعتقد أن ما آلت إليه تركيبة البرلمان حاليا ستكون بداية ملائمة لحكم مدني ؟
الشعب المصري نسبة الأمية والجهل منتشرة بين أفراده. وقد رأيت بعيني الكثيرين داخل لجان الانتخاب لا يعرفون لمن يدلون بأصواتهم ومثل هؤلاء تم استغلالهم وتوجيههم. لا أعتقد أن النسب التي خرجت بها الانتخابات تعبر عن شعب مصر وفكره المعتدل. لابد من الاهتمام بالتعليم والثقافة حتي نخرج إلي إطار متطور تسود فيه الثقافة والوعي.
ذكرت ذات مرة أنك التقيت مدير أمن الدولة في مكتب أنيس منصور.. هل كان اللقاء مدبرا ؟
أنيس منصور من أظرف الشخصيات التي ألتقيتها في حياتي وهو رجل موسوعة وذهنه متوهج وقد عملت معه لفترة لإعادة طبع كتاب وصف مصر وكنت أتردد عليه في مكتبه وذات مرة كان يجلس معه مدير أمن الدولة الذي قال لي لقد احترنا في أمرك هل أنت إخواني أم شيوعي أم ماذا فقلت له: أنا فنان.. اللقاء كان وديا وبالمصادفة البحتة لكنه يكشف كيف ينظر إلي الفنان بوصفه صاحب مذهب سياسي وهذا خطأ فالفنان لابد ألا يكون له أي مذهب سياسي حتي يكون حرا وقادرا علي التعبير الحر فذلك أجدي وأنفع لإبداعه كي يصل إلي الناس.
عملت في التليفزيون الليبي خلال الفترة من19731969.. ما الذي تداعي إلي ذهنك عن تلك الفترة وأنت تشاهد النهاية المأساوية للقذافي ؟
بعد تخرجي في كلية الفنون الجميلة كنت أنوي استكمال دراستي في روما وتقدمت بالفعل بطلب إلي الأكاديمية في ليبيا.. وفكرت في أن أستغل الوقت في العمل في ليبيا خصوصا أن لنا أقارب في بني غازي فالمعروف أن الشباب الليبي كان يسافر إلي كريت للزواج من الفتيات الجميلات ذوات المهور البسيطة وقد كان لشقيقة جدتي فتيات متزوجات في بني غازي وهكذا قررت السفر إلي ليبيا وهناك تزوجت من الفنانة فاطمة مدكور وأنجبنا ابنتينا التوءم سامية وسحر. ولم تكن الظروف تسمح بذهابي إلي روما فقد ظللت في ليبيا وعشت تجربة القذافي منذ بدايتها. وليلة الثورة قاموا باستدعائي في التليفزيون الليبي لتجهيز المنصة التي سيلقي منها القذافي خطبته كما أعددت له اول ميدالية لوجهه أهديت له في هذه المرحلة المبكرة من الثورة. والواقع أن القذافي كان من أبناء ثورة يوليو وكان شخصية مقبولة إلي أن بدأ جموحه بحرق كل الكتب في مطلع عام1973 ومع بداية اصطناعه لما اسماه الثورة الشعبية وجعلها سلاحا في يد كل فرد من أفراد الشعب الليبي.. هنا بدأت استشعر التطرف في فكر القذافي وعدت إلي مصر وبدأت الأمور بعدها في ليبيا تتدهور.. وجاءت نهايته مأساوية وأتمني أن يجد الشعب الليبي طريقه قريبا بإذن الله.
تجربة معرض في كتاب أصدرت منه سبعة إصدارات عبر ست سنوات عبرت خلالها عن آرائك ومواقفك تجاه الفساد السياسي الذي ساد خلال حكم مبارك ؟
عندما وافق مجلس الشعب علي التعديلات الدستورية في25 من مايو2005 والذي وضع شروطا تمنع غير شخص الرئيس من الترشح لرئاسة الجمهورية فقدمت كتيبا صغيرا امتلأت صفحاته باللون الأسود وكتبت علي غلافه انطفأت الشموع وحل الظلام وأهديت هذا الكتاب إلي ابني عبد الله.
يوم جمعة الغضب أصيب ابنك عبد الله بخمسين طلقة مطاطية
كيف كان شعورك كأب وشعورك كمواطن مصري يدرك أن هذه الثورة هي السبيل إلي الخلاص وان هذا الخلاص لن يأتي إلا بدماء الشهداء ؟
عندما شاهدت ابني ملطخا بالدماء اعتبرته شهيدا في سبيل مصر ولما نجاه الله قلت له أفعل ما تريد فأنا احتسبتك شهيدا.. لكن ما أثر في كأب هو عندما أطلق عليه الرصاص ثانية أمام مقر أمن الدولة في الإسكندرية يوم4 من مارس عندما وقف مع زملاؤه يمنعون حرق أوراق أمن الدولة وقد ضرب يومها بالرصاص اثنان حسن مصطفي الذي انتخبناه في الانتخابات الأخيرة وابني وعندما تناولت وكالات الأنباء الخبر نشرت خطأ أنه تم إطلاق النار علي عصمت داوستاشي وعندما اتصل بي الأقارب والأصدقاء للاطمئنان علمت أن ابني أصيب فقد تلقي طلقة في صدره خرجت من ظهره وكسرت له ضلعين وسببت له نزيفا داخليا لكن ربنا ستر..
الشهداء هم الذين أعادوني لكي أرسم مع الأيام الأولي للثورة فأقمت معرضي لوحات قبل وبعد الثورة
كيف تري المشهد ما بين ميدان التحرير وما بين ميدان العباسية ؟
أشطب علي ميدان العباسية فهي تجمعات مفتعلة ومرتبة. لكن النبض الحقيقي لمصر نجده في ميدان التحرير.. ويجب التأكيد علي أننا جميعا نحب الجيش المصري ونؤيده ولا يوجد مصري واحد ضد الجيش المصري ونحن لا ننتقد ولا نلوم إلا المجلس العسكري لأنه لم يحقق للثوار مطالبهم منذ الوهلة الأولي. نحن نلومه علي المماطلة واللف والدوران. ونتساءل لماذا ساد الأمن والأمان يوم الانتخابات في مصر كلها إذن فالمسئولون قادرون علي توفيره لماذا إذا يتركوننا نعيش في فوضي.. أنا عاتب علي المجلس العسكري لأنه غير واضح وغير صريح وعليه توضيح نياته للشعب وتحقيق مطالبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.