حذر العلماء من تأثير التغيرات المناخية المتوقعة على الزراعة المصرية ذات الحساسية الخاصة، نظرا لوجود مصر فى بيئة قاحلة وهشة تعتمد أساساً على مياه نهر النيل، مؤكدين أنه من المتوقع أن تؤدى الزيادة المتوقعة فى درجات الحرارة وتغير نمطها الموسمى إلى نقص الإنتاجية الزراعية لبعض المحاصيل وحيوانات المزارع، وكذلك إلى تغيرات فى النطاقات الزراعية البيئية وحدوث تأثيرات سلبية على المناطق الزراعية الهامشية، وزيادة معدلات التصحر. كما يؤدى ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة البخر وزيادة استهلاك المياه للمحاصيل وحدوث تأثيرات اجتماعية واقتصادية كهجرة العمالة من المناطق الهامشية والساحليةوكذلك الارتفاع المحتمل لمستوى سطح البحر وأثره السلبى على الأراضى الزراعية بالدلتا. وقد أظهرت الطرق البسيطة لتقدير التغير فى المناخ توقع انخفاض إنتاجيه القمح بحوالى 28% والشعير بحوالى 20% والأرز بحوالى 11% وفول الصويا بحوالى 28% والذرة الشامية بنحو 19 %. ولكنها غير دقيقة حيث لا تأخذ فى الاعتبار كل العوامل التى تؤثر فى المناخ مثل تأثير المحيطات والمناطق القطبية على المناخ. أما الدراسات التى تمت بين عامى 2007 و 2009 فى المعمل المركزى للمناخ فأظهرت توقع انخفاض إنتاج الفول البلدى بنحو 7% وتوقع انخفاض إنتاجيه الذرة الشامية بحوالى 20%. كما توقعت هذه الدراسات ارتفاع الاستهلاك المائى للأرز بنحو 16% وفول الصويا بحوالى 15% والذرةالشامية بحوالى 8%. وتوقعت أيضا انخفاض الاستهلاك المائى للقمح بحوالى 1% والشعير بحوالى 2%. وقد بدأت منذ عام 2009 فى قسم المقننات المائية استخدام نماذج رياضيه أكثر تعقيدا من النماذج المستخدمة سابقا، وتسمى النماذج العالمية المناخ. هذه النماذج هى الوحيدة التى تقوم بعمل توقعات تفصيلية للتغير فى المناخ المستقبلى و لذلك فقد نالت توقعاتها ثقة كبيرة بعد أن قامت بالتنبؤ بالمناخ تحت الظروف الحالية بدقة عالية. هذا ما أكده الدكاترة: سميحة عودة وسيد عبد الحافظ ونبيل المويلحى الأساتذة بمعهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعي. وأوضحوا فى دراساتهم حول تأثير التغيرات المناخية على قطاع الزراعة فى مصر أن هذه النماذج قد استخدمت فى عمل سيناريوهات التغير فى المناخ، أما عن طرق الاقلمة المستخدمة فبدلا من محاكاة تأثير تغيير ميعاد الزراعة أو زيادة كمية الرى تم استخدام معاملات إدارة زراعية محسنه عند إقامة التجارب الحقلية مثل إضافة الاسمدة مع مياه الرى تحت الرى بالرش أو الرى بالتنقيط والزراعة المبكرة وتغيير كميات مياه الرى المضافة تحت الرى بالرش والزراعة على مصاطب. وأظهرت النتائج توقعات عدة منها انخفاض إنتاجيه القمح المزروع فى محافظة الجيزة فى الاراضى الطينية تحت الرى السطحى بحوالى 40% (متوسط 3 أصناف) ووجد أن صنف سخا 93 كان أكثر تحملا للإجهاد الحراري. كما وجد أن محاكاة تأثير التبكير فى الزراعة (أول نوفمبر) أدى الى خفض نقص المحصول وارتفاع كفاءة استخدام المياه تحت ظروف التغير فى المناخ. أما الزراعة فى أخر أكتوبر فأدت الى تدهور المحصول تحت التغير فى المناخ، كما وجد تأثير مباشر للتغير المناخى على عدة محاصيل بشكل سلبى فى محافظات أخري. ومن أهم المشكلات الموجودة الآن فى تقدير تأثير التغيرات المناخية هى عدم توحيد طريقة الحساب بين الباحثين العاملين فى تقدير التغير فى المناخ على الزراعة، بالإضافة إلى عدم استخدام أحدث الطرق العالمية فى عمليه التقدير وذلك لزيادة دقة التنبؤ . أما المشكلة الكبرى التى تعانى منها معظم الدول النامية هى عدم توافر الكوادر المتخصصة التى تستطيع أن تقوم بعمليات المحاكاة تحت الظروف الجوية العادية وتحت ظروف التغير فى المناخ المستقبلية. هذا بالإضافة إلى أن معظم الدراسات السابقة ركزت على تأثير التغير فى المناخ على إنتاجية المحاصيل فقط دون تقدير التأثير على التربة النامى فيها المحصول وشدة الإصابة بالأمراض والآفات والحشرات والحشائش التى سوف يزداد نشاطها عند ارتفاع درجة الحرارة، وبالتالى سوف تؤثر بالسلب على إنتاجية المحاصيل. ويعتبرالتكيف مع تلك التغيرات استراتيجية ضرورية على كل المستويات فى جميع أنحاء العالم لاستكمال الجهود المبذولة من أجل التخفيف من وطأة احتمالات تغير المناخ المثيرة للقلق، وعواقبه المحتملة على المناطق الحضرية الساحلية المنخفضة عن سطح البحر.