فى الزراعة تبدو الصورة أكثر تشاؤما، مع توقع العلماء أن تنخفض إنتاجية معظم المحاصيل، وأن تزيد الاحتياجات المائية للزراعة بصورة تتجاوز إمكانات مصر، كما يتوقع د.أيمن فريد أبوحديد، رئيس مركز البحوث الزراعية ورئيس مركز معلومات التغيرات المناخية. فى دراسة بعنوان «التغيرات المناخية المستقبلية وأثرها على قطاع الزراعة»، يقول د.أيمن أبوحديد إن التغيرات المناخية المقبلة سوف تؤثر على خواص الأرض الطبيعية والكيميائية والحيوية، مرورا بانتشار الآفات والحشرات والأمراض وغيرها من المشاكل، انتهاء بالتأثير على المحصول المنتج. تراجع إنتاج القمح وزيادة القطن تؤدى الزيادة المتوقعة فى درجات الحرارة وتغير نمطها الموسمى إلى نقص الإنتاجية الزراعية لبعض المحاصيل والحيوانات المزرعية، وكذا إلى تغيرات فى النطاقات الزراعية البيئية. كما ستؤدى التغيرات المناخية إلى حدوث تأثيرات سلبية على المناطق الزراعية الهامشية وزيادة معدلات التصحر، وسيقود ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة البخر وزيادة استهلاك المياه، هذا فضلا عن أن الارتفاع المحتمل لمستوى سطح البحر سيؤثر سلبا على الأراضى الزراعية بالدلتا. وقد أظهرت النتائج التى أجريت فى وحدة بحوث الأرصاد الجوية الزراعية والتغير فى المناخ التابعة لمعهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية (من سنة 1991 وحتى الآن) أن نتائج التنبؤ بعيد المدى باستخدام نماذج المحاكاة وسيناريوهات تغير المناخ المختلفة توضح أن التغيرات المناخية وما تسببه من ارتفاع فى درجة حرارة سطح الأرض ستسبب نقصا شديدا فى إنتاجية معظم محاصيل الغذاء الرئيسية فى مصر بالإضافة إلى زيادة الاحتياجات المائية اللازمة لها. القمح: انتاجيته ستقل نحو 9% إذا ارتفعت درجة الحرارة 2°م، وسوف يصل معدل النقص إلى 18% إذا ارتفعت درجة الحرارة 4°م. وسوف يزداد الاستهلاك المائى لهذا المحصول نحو 2.5% بالمقارنة بالاستهلاك المائى له تحت ظروف الجو الحالى. الذرة الشامية: إنتاجيتها ستقل نحو 19% بحلول منتصف هذا القرن (عند ارتفاع درجة الحرارة نحو 3.5°م) وذلك بالمقارنة بالانتاجية تحت الظروف الجوية الحالية، وسوف يزداد استهلاكها المائى نحو 8%. القطن: سوف تؤثر التغيرات المناخية ايجابيا على إنتاجية القطن، وسوف تزداد إنتاجيته نحو 17% إذا ارتفعت درجة حرارة الجو بدرجتين مئويتين، وسوف يصل معدل الزيادة فى هذا المحصول إلى نحو 31% تحت ظروف ارتفاع الحرارة 4 درجات. من ناحية أخرى سوف يزداد استهلاكه المائى نحو 10% مقارنة باستهلاكه المائى تحت الظروف الجوية الحالية. محاصيل أخرى ينخفض إنتاج الذرة الرفيعة بنحو 19% والاستهلاك المائى له سوف يزداد نحو 8%. الشعير: انتاجيته ستنخفض نحو 18% واستهلاكه المائى سوف ينخفض نحو 2%. الأرز: ينخفض نحو 11% مقارنة بالظروف الجوية الحالية، فى حين يزداد استهلاكه المائى نحو 16%. فول الصويا: يتأثر سلبا بشدة تحت ظروف التغيرات المناخية وسوف يصل متوسط النقص على مستوى الجمهورية بحلول منتصف هذا القرن نحو 28%، واستهلاكه المائى سوف يزداد نحو 15%. عباد الشمس: من المحاصيل الحساسة لارتفاع درجة الحرارة وسوف تنخفض انتاجيته نحو 21% فى شمال الدلتا، 27% فى مصر الوسطى، 38% فى مصر العليا بمتوسط نقص على مستوى الجمهورية نحو 29%. وسوف يزداد استهلاكه المائى فى المتوسط نحو 6%. الطماطم: محصول الطماطم من المحاصيل الحساسة جدا لارتفاع درجة الحرارة وسوف تنخفض انتاجيتها نحو 14% إذا ارتفعت درجة الحرارة 1.5°م فى حين أن هذا النقص سوف يصل إلى نحو 51% اذا ارتفعت درجة الحرارة بمقدار 3.5 درجة. قصب السكر تشير نتائج دراسات أثر التغيرات المناخية على انتاجية السكر من محصول قصب السكر أن هذه التغيرات سوف تسبب نقص الانتاجية 24.5 % وزيادة فى الاستهلاك المائى نحو 2.3 % ونقص فى العائد المحصولى من وحدة المياه نحو 25.6%. نظام زراعى جديد يحتاج النظام الزراعى فى مصر إلى عدة إجراءات عاجلة لمواجهة الأزمة المقبلة، أهمها وجود تخطيط يراعى التغيرات المناخية الجديدة، ويتعامل معها بهدف خفض الضرر الناجم عن هذه الظاهرة. ومن أهم استراتيجيات «الأقلمة» المقترحة فى هذا الشأن استنباط أصناف جديدة تتحمل الحرارة العالية والملوحة والجفاف وهى الظروف التى سوف تكون سائدة تحت ظروف التغيرات المناخية، وأصناف جديدة قصيرة الموسم لتقليل الاحتياجات المائية اللازمة لها. تغيير مواعيد الزراعة بما يلائم الظروف الجوية الجديد، وكذلك زراعة الأصناف المناسبة فى المناطق المناخية المناسبة لها لزيادة العائد المحصولى من وحدة المياه لكل محصول. تقليل مساحة المحاصيل المسرفة فى الاستهلاك المائى لها أو على الأقل عدم زيادة المساحة المقررة لها (مثل الأرز وقصب السكر). محاصيل بديلة تعطى نفس الغرض ويكون استهلاكها المائى وموسم نموها أقل مثل زراعة بنجر السكر بدلا من قصب السكر. الرى فى المواعيد المناسبة وبكمية المياه المناسبة فى كل رية حفاظا على كل قطرة مياه والتى سوف نكون فى أمس الحاجة إليها تحت ظروف التغيرات المناخية.