كشف أمين أباظة، وزير الزراعة، عن قيام الحكومة ممثلة فى وزارات الزراعة والموارد المائية والرى والبيئة، بإعداد خطط وسيناريوهات مستقبلية لاستيعاب مخاطر الآثار السلبية للتغيرات المناخية فى القطاعين الزراعى والسياحى، موضحا أن هذه الخطط ترتكز بصورة أساسية على ترسيخ مجموعة من المفاهيم الأساسية لدى المزارعين لتحسين أسلوب استخدام الموارد المائية بالقطاع الزراعى. وقال أباظة، فى تصريحات صحفية أمس، إن هذه الخطط تتضمن اتباع النسب المائية المقدرة طبقاً للظروف المناخية والبيئية، وتغيير بعض المسلمات الزراعية المرتبطة بتركيب المحاصيل والدورات الزراعية المتبعة. وأشار إلى أنه يجرى حاليا إعداد خرائط لزراعة الأصناف الجديدة الأكثر ترشيداً للماء، وتطوير نظم الرى العامة لتخفيض الفواقد المائية العامة وتطوير نظم الرى الحقلى. من جانبه أكد الدكتور أيمن فريد أبوحديد، رئيس مركز البحوث الزراعية، أن مصر بحكم ظروفها الجغرافية والاقتصادية من المناطق الأكثر تعرضا للآثار السلبية للتغيرات المناخية، مشيرا إلى أن الدراسات تؤكد أن مصر سوف تعانى من العديد من الآثار السلبية حال حدوث تغير المناخ. وقال أبوحديد إن ارتفاع سطح البحر سوف يؤدى إلى غرق 1% على الأقل من مساحة مصر بما يعادل 10 آلاف كيلو متر مربع، والتى يعيش معظم سكانها فى 5.5% فقط من مساحتها الكلية، موضحا أن غرق هذه المساحات من الأراضى يعنى فقدان مصر حوالى 20% من أراضيها الخصبة المأهولة بالسكان. وأشار إلى أنه من المتوقع أن تؤثر التغيرات المناخية على إنتاجية الأرض الزراعية، بداية من التأثير على خواص الأرض الطبيعية والكيمائية والحيوية وكميات الماء المتاحة ومرورا بانتشار الآفات والحشرات والأمراض وغيرها من المشاكل، وانتهاء بالتأثير على المحصول المنتج. وذكر أبوحديد أنه من المتوقع أن يصل النقص فى المحاصيل الزراعية إلى حوالى 30% من الإنتاج الحالى، منوها بأنه من حيث التأثير على إنتاجية بعض المحاصيل، فإن نتائج التنبؤ بتغير المناخ أشارت إلى حدوث نقص فى إنتاجية معظم المحاصيل يصل إلى 20% وزيادة فى الإنتاجية فى بعض المحاصيل نتيجة تضاعف ثانى أكسيد الكربون. وأشار إلى أن تخفيض ضغوط القطاع الزراعى على البيئة المحيطة هو أحد الاتجاهات التصحيحية للحد من المسببات الرئيسية التى يترتب عليها تغير المناخ. وشدد على أن توقعات الدراسات العلمية تشير إلى ارتفاع الاحتياجات المائية والاستهلاك المائى لمختلف المحاصيل خاصة الصيفية منها. ولفت إلى أن الآثار السلبية لارتفاع سطح البحر على البحيرات الشمالية سوف تؤدى إلى تغلغل مياه البحر المالحة بداخل أراضى شمال الدلتا، واختفاء مستنقعات الحشائش واختلال النظام البيئى. وقال أبوحديد إن الآثار المحتملة للتغيرات المناخية على المناطق الساحلية تتضمن تزايد مساحات البحيرات الموجودة شمال الدلتا وسيناء بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر، مشيرا إلى أنه من المتوقع زيادة مساحات تربية الأسماك على حساب غرق مساحات من الأرض الزراعية، فضلا عن زيادة ملوحة المياه تحت سطح هذه الأراضى بما يؤدى إلى زيادة ملوحة الأراضى. وأضاف أن الدراسات تشير إلى أن فيضان البحر يهدد منطقتين أساسيتين فى دلتا النيل، هما منطقة الظهير الداخلى لمدينة الإسكندرية (بحيرة مريوط والأجزاء الغربية من محافظة البحيرة)، ومنطقة شمال الدلتا (بحيرة المنزلة، وبحيرة البرلس). وأوضح أن المنطقة الساحلية فى دلتا مصر بالغة الحساسية تجاه تأثيرات تغير المناخ، لا بسبب خطر ارتفاع مستوى البحر وحسب، بل أيضًا بسبب العواقب على الموارد المائية والزراعية والمستعمرات السياحية والإنسانية، منوها بأنه بناء على النمط السكنى الحالى فمن المرجح نزوح مليونى شخص على الأقل من مناطق الدلتا الساحلية؛ بسبب الفيضانات وخسارة الأرض الخصبة. وقال: «أما فى منطقة البحر الأحمر الغنية بالشعب المرجانية، فسوف تتأثر هذه الشعب بارتفاع درجة الحرارة، إذ ستتأثر الطحالب المتكافلة معها، والتى تمدها بالغذاء وبالألوان، وبذلك يمكن أن تفقد الشعب المرجانية ألوانها بما يسمى بظاهرة التبييض، والتى قد تصبح غير قابلة للإصلاح على المدى الطويل، مما يؤدى إلى موت الشعب المرجانية، وبذلك يتم تدمير مورد طبيعى مهم وتنوع بيولوجى جاذب لأنشطة سياحية متعددة». وأوضحت دراسة حديثة أجريت بالمعمل المركزى للمناخ الزراعى لتحديد المناطق المتوقع غرقها نتيجة لارتفاع مستوى منسوب سطح البحر المتوقع والناتج عن تغير المناخ، اتضح أن ارتفاع منسوب سطح البحر المتوقع عند شمال الدلتا من بورسعيد شرقا حتى الإسكندرية غربا يتراوح بين 44 و48.9 سم حتى عام 2100 م نتيجة تغير المناخ، بالإضافة إلى هبوط الأرض فى دلتا مصر مما ينتج عنه تأثر بعض المساحات فى محافظات الإسكندرية، البحيرة، كفر الشيخ، دمياط وبورسعيد وهبوط أرضى فى هذه المناطق.