حذرت اجتماعات قمة الغذاء التى تجرى حاليا فى العاصمة الإيطالية روما، وتنظمها منظمة الأغذية والزراعة «الفاو»، من الآثار السلبية للتغيرات المناخية على الدول النامية، واصفة إياها بالأسوأ، ومنوهة بتهديدها إنتاجية المحاصيل الزراعية فى دلتا الأنهار فى دول مثل مصر وبنجلاديش. وطالبت الاجتماعات بضرورة تضافر جهود الدول الغنية لمساعدة الدول التى تهددها مخاطر النتائج السلبية لهذه التغيرات، خاصة أن الدول الثرية هى الوحيدة المستفيدة من هذه التغيرات، كونها تقع فى المنطقة الشمالية من الكرة الأرضية، ومن المتوقع أن تدخل فى حزام الأراضى الزراعية بدلا من حزام «الجليد». وأشار تقرير رسمى للمنظمة، حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منه، إلى أن هناك إجماعا على أن تقلب الأسعار للمنتجات الزراعية سوف يزداد فى المستقبل، وهو ما سيؤثر على الفقراء، وقد يؤخر التنمية فى الأجل البعيد، لافتا إلى أن مصادر الصدمات تأتى من التغيرات المناخية التى تؤثر سلبيا على إنتاجية المحاصيل الزراعية فى هذه الدول. وذكر التقرير أنه من المتوقع فى حالة ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين، تعرض الإنتاج الزراعى فى أفريقيا لانخفاض حاد فى الإنتاجية يتراوح ما بين 20 و40%. وكشف عن سيناريو أسوأ يمكن حدوثه فى الدول جنوب الصحراء بقارة أفريقيا، وهو توقع حدوث موجات جفاف شديدة فى هذه المنطقة التى تشمل حوض النيل أيضا، أو حدوث فيضانات شديدة، وكلاهما سيؤدى إلى تهديد كبير للإنتاج الزراعى ويساهم فى زيادة معدلات الفقر فى هذه الدول. ونوّه بأن التغيرات المناخية سوف تؤدى إلى زيادة الأمراض التى تنقلها المياه والأغذية، وهو ما ينعكس على انخفاض إنتاجية الأيدى العاملة، مشيرا إلى أن ارتفاع درجات الحرارة سيؤدى إلى ارتفاع حالات التسمم الغذائى فى هذه الدول. وحذر تقرير «الفاو» من خطورة ظهور سلالات قوية من فيروس الصدأ الأسود فى القمح الذى ينتشر حاليا فى مناطق شرق أفريقيا حتى إيران شرقا، وهو ما يؤثر على 37% من إنتاج القمح فى هذه المناطق، خاصة فى ظل قدرة هذه السلالة من الفيروس على إصابة جميع سلالات القمح وإحداث خسائر فادحة فى الإنتاج، مطالبا بإعداد برامج جادة فى دول مثل مصر بلاستنباط سلالات جديدة مقاومة لهذا الفيروس للحفاظ على الإنتاجية الحالية للقمح المصرى. من جانبه أكد أمين أباظة، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، أن التغيرات المناخية سيكون لها تأثيرات ضخمة على الزراعة فى مصر، بالإضافة إلى الآثار السلبية الأخرى مثل تعرض بعض شواطئ الدلتا الشمالية لمخاطر التآكل، مشيرا إلى أن مصر تقع ضمن المناطق القاحلة الأكثر تأثرا من غيرها بالتغيرات المناخية وهو ما سينعكس على زيادة معدلات التصحر فى بعض المناطق. وقال أباظة ل«المصرى اليوم»، على هامش اجتماعات قمة الغذاء: «من المؤكد أن هناك مناطق ستصاب بالضرر من جراء التغيرات المناخية، ولكن حتى الآن ليس لدينا معلومات كافية حول السيناريوهات المتوقعة حول مياه نهر النيل»، مشيرا إلى الحاجة إلى وضع نماذج لجميع السيناريوهات المتوقعة لإيرادات مياه النهر للتأقلم عليها، ووضع خطط تتجنب الآثار السلبية لها فى حالة حدوثها. وأضاف أنه تم وضع خطط تنفيذية تشارك فيها المراكز البحثية المعنية بقطاع الزراعة للتأقلم مع الظروف الجديدة من خلال استنباط محاصيل ونباتات مقاومة للجفاف والملوحة، مطالبا بإعادة النظر فى التركيب المحصولى الحالى للتجاوب مع التغيرات المناخية. وأشار إلى أنه من المتوقع انخفاض إنتاجية القمح بسبب هذه التغيرات، «رغم أن أصنافنا من السلالات التى تتحمل درجات الحرارة العالية، ونجرى أبحاثا للتوصل إلى أصناف أخرى أكثر تحملا للزيادة المتوقعة فى درجات الحرارة». ولفت إلى أن التغيرات المناخية «خطر» يستوجب مشاركة جميع الدول للحد من الآثار السلبية له على الزراعة، مطالبا بضرورة تحمل الدول الغنية أعباء التأقلم معها من خلال مساعدة الدول النامية على ذلك، مؤكدا أن «عصر الكلام انتهى، وتبقى الأفعال، وعلى الدول التى تسببت فى التلوث أن تتحمل العبء الأكبر فى حل ازمة الغذاء». وحول ما ذكرته التقارير الحكومية من أن العام الماضى كان الأسوأ على المزارع المصرى، اعترف أباظة بأن ذلك العام هو الأسوأ بالتأكيد مقارنة بالعائد الذى نتج فى العام الذى سبق الأزمة المالية، مستطردا: «لكنه ليس بهذه الدرجة فى حالة المقارنة مع 5 أعوام سابقة»، مشيرا إلى أن الأزمة المالية تسببت فى تأثيرات سلبية على أسعار المحاصيل الزراعية ودخل المزارع المصرى. وقال الوزير: «بما أن العالم المتقدم يدعم الزراعة فإنه فى المقابل يجب علينا أن ندعمها أيضا لأن الدولة تهدف إلى تحقيق أعلى عائد للفلاح المصرى»، مذّكرا بأن الحكومة أقرت العديد من الخطط لدعم صغار المزارعين من خلال برامج لتحسين الإنتاجية، ورفع كفاءة الرى ودعم بعض السلع الزراعية مثل الذرة. وأوضح أباظة أن الدولة سوف تتحمل الفرق بين العائد الذى يحصل عليه المزارع من زراعة محصولى الأرز والذرة عند قيامه بزراعة الذرة باعتباره المحصول المنافس وسيتم تقديمه فى صورة نقدية لمزارعى الذرة وأشار إلى أن هذا الدعم سوف يكون مشروطا بالتزام صغار المزارعين بإبلاغ الأجهزة المعنية التابعة لوزارة الزراعة ومديرياتها بالمحافظات بوقت الزراعة والمساحة التى يقوم بزراعتها، لافتا إلى أنه سوف يساهم فى الحد من التوسع فى زراعة الأرز ويقلل من المخالفات السنوية لزراعته، خاصة أنه من المحاصيل «الشرهة للمياه، ومصر تعانى من محدودية مواردها المائية».
