مثلى وكل القراء اندهشت من أوراق توفيق الحكيم ورسائله الخاصة التى كشفت عن موقفه الإيجابى من الوجود الاسرائيلى فى الوطن العربى.. وتذكرت الحوار الأول والأخير معه فى المقهى الذى كان يجلس فيه نجيب محفوظ عن المرأة التى شبهها بالبحر فى تقلبه وغدره رغم أنه مصدرا من مصادر الرزق.. وتشبيهه الرجل بنهر النيل فى وقاره واتزانه وعطائه! كنت أستفزه فهو من قيل عنه انه عدوا للمرأة ولم أصدق! حتى سألته عن «صرصاره» فى قصته «مصير الصرصار».. فقال إنه يرى إن المطب الذى وقع فيه الصرصار فى «البانيو» هو مصير الزوج وهو يحاول الخروج من وقعته ولا ينجو وتكون نهايته على يد المرأة التى تمسحه ب «الخيشة» لتلغى وجوده وتريحه من عذابه! قفزت كل تلك الكلمات إلى ذهنى ووصل استفزازه لى إلى القمة لولا ضحكات نجيب محفوظ ومن حولنا.. على هذا الحوار.. الذى نشرته بعدها.. بكل حيادية.. وبدون أى تعليق وكيف يسمح لى وأنا كنت مازلت محررة تحت التمرين! ودارت السنين وخلالها كنت بين الحين والآخر أتندر مع صديقاتى على موقفه وآخرين والعدائية الذكورية غير المبررة للنساء! عاد خيال الصرصار الواقع فى مأزق محاولات هروبه ونجاته من داخل البانيو يراودنى وبدون أن أشعر وجدتنى أقارن بينه وبين وجودى فى عالم الكلمة والحياة. فى كل يوم خاصة فى الأيام الأخيرة يجد جديد يجعلك تراجع مواقفك تجاه الكبار فى عوالم الكلمة والسياسة والفكر وإلخ إلخ.. فتجد نفسك مثل صرصار الحكيم كلما اعتقدت أنك بدأت تفهم وتنجو وتكون موقفاً أو معتقداً تسقط فى قاع البانيو « ولا كأنك» طلعت ولا نزلت حتى تأتيك حقيقة أخرى كانت مستترة تمسحك بالخيشة وتقضى عليك!! إلا أننى فكرت ألا أنتظر « الخيشة» يا واد يا خيشة وعلى سبيل التغيير ومع الاعتذار لمصير صرصار الحكيم.. قررت الهروب إلى البالوعة فهى خير مخبأ من حنفية الحقائق المنهمرة فوق الرؤوس.