من جيل النكسة إلى جيل الكَبسة بدأت خطواتى والآن لا أكاد أصدق نفسى وأنا أرى حجمى يتضاءل مع الأيام ومع شعارات تحديد النسل «نظرت حولى» فوجدتنى « كنت» صديقة العمالقة وضفائرى الصحفية لاتزال على كتفى!! قابلت أيامها يحيى حقى و د. زكى نجيب محمود وصلاح جاهين وإحسان عبد القدوس ولطفى الخولى ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وأنيس منصور ولويس عوض ومحمود السعدنى و.... فجأة....انفعص جيلى الذى كان يمسك على مبادئه تحت استمرارية قهر من كبسوا على عمره لا يتزحزحون.. ثلاثون عاماً!!! عندما تركونا على غير إرادتهم بفعل عوامل التعرية فسقطوا تاركين شبابنا وقد تحول إلى شيبة. يصارع بعضنا بعضاً على فتات تركة «بالسوس» فى كل المجالات ولم تقو أوصالنا التى «تلخلخت» من شدة الضغط على نافوخنا.. فقدنا الاتزان.. ركب من ركب الموجة وآثر البعض وكنت منهم اللجؤ إلى ملح الأرض نحارب معهم طواحين الهواء.. فأصبحنا مثل دون كيشوت! وضعنا الأمل فى الولاد.. ومدد شد حيلك يا ولد. قامت الثورة التى حلمنا بها فى آواخر السبعينيات التى وصفوها بانتفاضة الحرامية!! لأننا رفضنا وصول سعر كيلو اللحمة للحلوح أى جنيه يا ولادى وأحفادى! تحسست روحى وجدتها لاتزال شابة فى صراع مع خصلات الشعر الذى شاب.. نظرت فى المرآة رأيت مصر.. بكلمات أحمد فؤاد نجم.. مصر يامه يا بهية.. يا أم طرحة وجلابية.. الزمن شاب وانتى شابة.. عاد حجمى ووضعى ومعى جيلى وعيالى إلى طبيعته عملاق فأنا منك وانت منى يا بلدى.. يا مصر.. كلمات أهديها لجيلى الذى أثمر ثواراً بالرغم من تحنيطه شاباً.. ثلاثون عاماً..