لماذا يضرب الأطباء ؟ ولماذا لا يعطى الأطباء فرصة للحكومة لتحقيق مطالبهم ؟ أسئلة عديدة حائرة تبحث عن إجابة . فى البداية نشيرالى أن تاريخ إضرابات الأطباء الحديث يعود الى السنوات السبع الماضية وتحديدا فى مارس 2008 حيث عقدت اكبر جمعية عمومية لنقابة الأطباء (حوالى 4 الى 5 آلاف طبيب ) وتم اقرار اضراب جزئى على مستوى الجمهورية ونظم المشاركون مسيرة لمجلس الشعب اعتراضا على تردى أوضاعهم وأوضاع القطاع الصحى الحكومى وتم تعليق الاضراب قبل بدايته بأيام من قبل النقابة بعد اجتماع مجلس النقابة العامة مع النقابات الفرعية بقيادة النقيب السابق الدكتور حمدى السيد الذى تقدم الى دار الافتاء بطلب اصدار فتوى تجيز تلقى الأطباء أموال الزكاة فى سابقة جديدة من نوعها واصدرت الحكومة وعودا بتحسين أحوال الأطباء وتطوير القطاع الصحى . وفى 1 مايو 2011 تم عقد جمعية عمومية وقررت اضرابا جزئيا على مستوى الجمهورية يومى 10 و17 مايو على ان يبدأ اضراب مفتوح ومستمر يوم 21 مايو وبالفعل نفذ الاضراب يومى 10 و 17 بنجاح وتم تعليق الاضراب المفتوح المستمر قبل تنفيذه من قبل اللجنة العليا للاضراب بعد مفاوضات مع الحكومة وتلقى وعود بتحقيق المطالب وتم طلب عقد جمعية عمومية طارئة يوم 10 يونيو واقرت تعليق الاضراب , كما أقرت أيضا" عدم عقد أى جمعيات أخرى حتى الانتخابات المقررة فى أكتوبر 2011 , ولكن لم تف الحكومة بوعودها ولم تتحقق مطالب الأطباء مما أدى الى دخول بعض المستشفيات فى اضراب كلى فى نهاية نفس العام بدون قرار من الجمعية العمومية للنقابة ومجلسها . إضراب جزئى وفى 21 سبتمبر 2012 تم عقد جمعية عمومية طارئة وحضرها حوالى 3 آلاف طبيب واقرت اضرابا جزئيا مفتوحا اعتبارا" من يوم 1 أكتوبر واعلنت 3 مطالب تشمل زيادة ميزانية الصحة من 4% الى 15% تدريجيا , واقرار قانون تنظيم العمل للمهن الطبية , وتأمين المستشفيات وتغليظ عقوبة الاعتداء على المستشفيات و الطواقم الطبية . وبالفعل استمر الاضراب حتى الجمعية العمومية التى عقدت يوم 21 ديسمبر لمدة 82 يوما وتلقى الأطباء الكثير من الوعود على لسان رئيس الجمهورية والحكومة بتحقيق مطالبهم وتأكيد عدالتها ومشروعيتها ولكن كالعادة لم يتحقق شىء ولم يجن الأطباء الا الوعود . وفى يناير 2014 دخل الأطباء فى اضراب جزئى متصاعد بقرار من الجمعية العمومية ورفعوا نفس المطالب وتم الاضراب يوم 1 و 8 يناير ومع استمرار تجاهل الحكومة تصاعد الاضراب ليشمل يومى الاثنين والاربعاء من كل أسبوع فى شهر فبراير حتى الجمعية العمومية فى 21 فبراير التى أقرت اضرابا" جزئيا" يوم 26 فبراير واضرابا جزئيا" مفتوحا" بدءا" من السبت 8 مارس نظرا" لتعنت الحكومة واصدارها قانونا" مشوها" يزيد من دخل بعض الأطباء قليلا ويقلل من دخل البعض الآخر ولا يشمل الاصلاحات الادارية التى طالب بها الأطباء ويعقد الأوضاع بدلا من حلها . وهكذا، فقد صبر الأطباء سبع سنوات، وأعطوا للحكومات العديد من الفرص ولم تحقق الحكومات المتتالية أيا من مطالبهم واكتفت بالوعود والتصريحات الاعلامية واستمر القطاع الصحى الحكومى فى تدهوره عاما بعد عام ، فضلاً عن ضعف الامكانات وعدم عدالة توزيعها وهروب الكفاءات الطبية إما للعمل خارج حدود الوطن لتحسين أوضاعهم المالية والعلمية أو الهروب للعمل فى الداخل هروبا من سوء الأحوال. وتعتبر مصر من أقل الدول إنفاقا على الصحة، حيث يقتصر نصيبها فى موازنة 2011-2012 على 4.9%، رغم أن المعدل العالمى الذى تم إقراره فى قمة الألفية بالأمم المتحدة يبلغ 15%، كما أن معدل دخول المرضى للمستشفيات الحكومية يتراجع تدريجياً، من 2.468.871 حالة فى 2009، إلى 2.011.619 فى 2011، بينما تراجعت أعداد الأسرة بالمستشفيات الحكومية بنسبة 40% العلاج المجانى وتشير منى مينا أمين عام نقابة الأطباء إلى ان الواقع الأليم فى المنظومة الصحية والمعاناة التى يلاقيها المريض للحصول على خدمة مزيفة تحت اسم العلاج المجانى والتى يظلم فيها المريض بالحصول على خدمات وأدوية ذات جودة ضعيفة وعدم التنفيذ الفعلى لبنود الصحة فى الدستور, والتى تنص على حق المواطن فى الرعاية الصحية المتكاملة وفقا لمعايير الجودة ورفع ميزانية الصحة الى المعايير العالمية لتوفير علاج حقيقى وخدمة صحية ذات جودة عالية . وقال د. عمرو الشورى عضو النقابة العامة للأطباء والمنسق الاعلامى لأطباء بلا حقوق أن القانون الجديد سوف يقدم زيادات طفيفة لبعض الأطباء لا تتعدى ال 350 جنيها لحديث التخرج - فى حالة تطبيق القانون كما أن العديد من الأطباء سوف تقل رواتبهم بعد تطبيق القانون كأطباء الطوارئ والأطباء العاملين فى قطاع الصحة النفسية، ولن يتغير اساسى مرتب أى طبيب . وأكد الشورى أن أساس راتب الطبيب حديث التخرج يبلغ 240 جنيها واجمالى دخله من مرتب وحوافز حوالى 900 جنيه , ويبلغ معاش الطبيب بعد 35 عاما من الخدمة فى وزارة الصحة 1000 جنيه ومكافأة نهاية الخدمة لا تتعدى 25 ألف جنيه .. مضيفاً ان المستفيد من تردى وسوء حال المستشفيات العامة هو المستشفيات الخاصة والاستثمارية التى تتفنن فى استغلال المرضى فى ظل غياب الرقابة الحكومية وفسادها، وفى ظل غياب تشريعات تضمن حقوق المرضى المصريين، ففى الأعوام العشرة الماضية تضاعف عدد الاسرة فى مستشفيات القطاع الخاص ونقص عدد الاسرة فى مستشفيات وزارة الصحة بنسبة 40% تقريبا، على الرغم من زيادة عدد السكان بنسبة 35% .