وثيقة هذا الأسبوع تحكى عن حال مصر المحروسة منذ ما يقرب من 127 عاماً .. وهى عبارة عن مذكرة مرفوعة من اللجنة المالية الى رياسة مجلس النظار ( مجلس الوزراء ) فى 24 مايو 1887 تقول : « إن ميزانية 1887 منظور فيها مبلغ 18 الف 548 جنيها لتنوير مدينة المحروسة ( القاهرة ) بالغاز وذلك بخلاف 50 جنيها لتنوير سراى المحافظة ،ولا يخفى أن عدد المصابيح كان 2696 فى غرة يناير 1887 وبمقتضى الحال لعلاوة 105 مصابيح فى بحر السنة الحاكمة عن العدد المحكى عنه حسب أمر نظارة الأشغال العمومية فيكون العدد 2801 ، وحيث أن مصاريف المصباح الواحد مقدرة بمبلغ 6 جنيهات و697 مليما فتكون جملة مصاريف تنوير المدينة 18 الف و760 جنيها و398 مليم أى 212 جنيها و398 مليم زيادة عن الوارد بالميزانية والتقرير المقدم من جناب جرانت بك وغير ممكن تنزيل شئ من عدد المصابيح ، لذا تعرض اللجنة المالية على مجلس النظار فتح اعتماد إضافى بمبلغ 212 جنيها لكمالته وغير ذلك غير مصرح من الآن بزيادة شئ على عدد المصابيح قبل تصديق مجلس النظار على الإعتمادات .....»وبعد عرض المذكرة قرر مجلس النظار فتح الإعتماد بالمبلغ المطلوب ، وبتبليغ ذلك لسعادة المحافظ ( أى محافظ القاهرة ) أرسل إفادة يقول فيها إن الاعتماد الإضافى لزم أن يكون 302 جنيه لوجود فارق 90 جنيه ناتج عن تحريف فى التقرير لزوم تنوير سبعة مصابيح فى المباول ( الحمامات العمومية ) ومصروفات تشغيل ماكينة الغاز ... وبالمداولة تقرر قبول الطلب وتحرر ذلك فى مجلس النظار فى سبتمبر 1887 . وهكذا إنتهت الوثيقة الخطيرة التى تؤكد أن القاهرة كلها كان تتم إنارتها عام 1887 بواسطة 2801 فانوس بالغاز وبمبلغ يزيد قليلاً عن 18 الف جنيه .. يا بلاش ! وإن الإنارة كانت تمتد الى الشوارع والحمامات والمبانى الحكومية ( سراى المحافظة ) الذى تكلف 50 جنيه فى العام . ومن المعروف أن مصر عرفت الإنارة لإول مرة فى عهد الخديو إسماعيل بواسطة غاز الاستصباح المستخرج من الفحم الحجري والمستخدم في إضاءة الشوارع إذ سمحت الحكومة لمستر (ليبون) وشركاه بتكوين شركة فى الإسكندرية عام 1864 ثم أسّس فرعًا لها بالقاهرة عام 1868 وتبعًا لذلك أضيئتْ شوارع القاهرة وعرف سكان المحروسة الإضاءة . وفي 11 مايو 1895 بدأت الكهرباء تدخل مصر عندما تم افتتاح أول محطة لتوليد الكهرباء ، كانت شركة ليبون أيضاً هى صاحبة الامتياز في إضاءة الشوارع، و قصور الأمراء والنبلاء والأثرياء ، وكان اول مشترك كهرباء فى مصر مكتب المحامى الشهير (مانوزدى) في الشارع صلاح سالم بالإسكندرية ... الله على مصر زمان . والى وثيقة أخرى وحكاية جديدة من أوراق قديمة .