ننشر الأخبار الدولية كما جاءت فى العدد الأول لجريدة الأهرام مجلة "الهلال" تنشر رسالة خطية لأحمد عرابي أرسلها من منفاه من أحمد عرابى إلى حضرة اللوذعى الفاضل جورجى أفندى زيدان: نقاسى تباريح الغربة وذل الأسر والاستعباد فى ديار الغالب وقد مضى علينا ست عشرة سنة لسنا بآسفين لاعتقادنا اعتقادًا جازمًا بأننا قمنا بما فرضه الله سبحانه علينا من الواجبات الشرعية والحقوق الوطنية بكل نصح وأمانة جهد الاستقامة. نشرت مجلة "الهلال" فى عددها الصادر يوم 15 مايو سنة 1898، موضوعا بعنوان: "أحمد عرابى كما هو الآن فى جزيرة سيلان"، جاء فيه: تحدثت الجرائد المصرية منذ بضعة أشهر بشأن أحمد عرابى زعيم الحوادث العرابية، واختلفت فى وصف حاله، وتوسل بعضها إلى الجناب العالى بالعفو عنه، وتوسط آخرون فى ذلك على غير جدوى. فلما رأينا الأقوال متضاربة فى شانه، وآنسنا من أهل القطر ميلاً لاستطلاع حاله بعد طول منفاه، كتبنا إليه كتابًا نسأله فيه عن حقيقة حاله فى منفاه، وأن يرسل إلينا رسمه الأخير، فأجابنا بخط يده مؤرخًا فى 11 مايو الجارى يذكر فيه خلاصة أحواله، فنشرناه خدمة لحضرات القراء، وإليك نصه: إلى حضرة اللوذعى الفاضل جورجى أفندى زيدان.. بعد إهداءكم.... إلخ، قد حظيت بكتابكم ومعه مجلتكم الفيحاء والقائمة المشتملة على أسماء مؤلفاتكم، وقد سرنا كدحكم واجتهادكم فى البحث لاستطلاع الحقيقة وإفادة العامة بعبارات رائقة وروايات شائقة، وبناء على روايتكم قد أرسلنا إليكم صورتنا الفوتوغرافية الأخيرة مع هذا البريد. أما عن وصف حالنا فى أرض نفينا، فقد علم الكل ما نقاسيه من تباريح الغربة وذل الأسر والاستعباد فى ديار الغالب، وآلام النفس من طول البعاد عن الأهل والأبناء والإخوان، وقد مضى علينا ست عشرة سنة ونحن نكابد تلك المصائب والأهوال، حتى قل صبرنا وضاق ذرعنا، فلا يقضى علينا فنموت ونستريح، ولا أمل لنا بنعمة العتق والحرية ولا قدرة لنا على افتدائنا من الأسر، ولا قوم لنا يهمهم ما نقاسيه من آلام. ونزيدكم الآن أننا أموات فى صورة أحياء أو أحياء فى صورة أموات، ولكننا لسنا بآسفين لاعتقادنا اعتقادا جازما بأننا قمنا بما فرضه الله سبحانه علينا من الواجبات الشرعية والحقوق الوطنية بكل نصح وأمانة جهد الاستقامة ولا عبرة فى ما يتقوله بعض أهل الصحافة والناسجون على منوالهم، فإنهم يقولون بألسنتهم ويكتبون ببراعتهم ما يخالف اعتقادهم بقلوبهم. وعلى كل حال فإننا نضرع إلى الحق سبحانه وتعالى، ملك الملوك ورب الأرباب، أن يوفق ولاة أمور بلادنا العزيزة إلى تعميم نشر المعارف والفنون فى أبناء البلاد، وإلى إيجاد ما تحتاج البلاد إليه من الصنائع الضرورية، وإلى حفظ كيان استقلالها وحقوقها وأن يوضح لأبناء وطننا العزيز طرق الهدى والنجاح، إنه على كل شىء قدير، وبالإجابة جدير (انتهى). تحريرًا فى كندى (سيلان) فى 11 مايو سنة 1898 خادم الوطن العزيز أحمد عرابى الحسينى المصرى ***************************************** "سؤال" عن الخمر فى مجلس النواب سنة 1937 نائب يسأل: كيف يقبل وزير المواصلات لمن يدعى "سلامة موسى" أن يمتدح شرب الخمر فى محطة الإذاعة اللاسلكية الحكومية؟ تقدم حضرة النائب المحترم، الدكتور عبدالحميد سعيد، بسؤال إلى حضرة صاحب المعالى وزير المواصلات نصه: "هل علم معالى وزير المواصلات أن محطة الإذاعة اللاسلكية وهى مصلحة من مصالح الحكومة، قد سمحت لمن يدعى "سلامة موسى" بأن يلقى محاضرة بواسطتها يمتدح فيها الخمر ويبيحها ويغرى الناس بها، ويسوق أشعار المدمنين وشبه المستهترين بالدين والأخلاق حججًا للدعوة الخاسرة، فما الذى اتخذته أو ستتخذه بخصوص هذا العمل المخالف للدين والتقاليد؟ (جلسة مجلس النواب رقم 30 فى 18 مايو سنة 1937م) سلامة موسى هو الذى قال: فلنول وجهنا شطر أوروبا ويبقى أن نعرف القارئ ب "المدعو" سلامة موسى، فهو يعرف بأنه رائد الاشتراكية المصرية، ومن أول المروّجين لأفكارها، ولد بالشرقية عام 1887 لأسرة مسيحية، وحصل على البكالوريا من القاهرة، سافر إلى أوروبا، وأقام بها عدة سنوات، وعاد من هناك ملحدًا كافرًا بالأديان. كان ينادى بعدم التمسك باللغة الفصحى والاعتراف بالعامية، وكانت حجته أن اللغة العربية لم تتغير لأجيال، وأن معظم المصريين أميون، مما دعا موسى وآخرين للمطالبة بالكتابة بالعامية، وقد تتلمذ على يديه نجيب محفوظ الذى يؤثر عنه قوله له: "عندك موهبة كبيرة، ولكن مقالاتك سيئة"، الأمر الذى دفع نجيب محفوظ إلى العناية فى انتقاء مواضيعه. تأثر فكر موسى بمفكرين غربيين، كما تأثر ببعض المثقفين العرب الآخرين فى عصر النهضة، وآمن بأن تحقيق النهضة المجتمعية يستوجب التمثل بالغرب، فقال: "فلنولِّ وجهنا شطر أوروبا.. ونجعل فلسفتنا وفق فلسفتها"، فالنهضة فى نظره لا تتحقق إلا بالاتجاه الكامل لأوروبا. ورأى أن ذلك لن يتحقق إلا باتخاذ العقلانية منهجا، بل ذهب أبعد من ذلك، فرفض القواعد الدينية، ورأى فيها فكر غيبيات، ورأى أن الخلاص من الاستعمار والطبقية لا يتأتى إلا من خلال التخلص من العبودية للخالق!! وقال: "ليس للإنسان فى هذا الكون ما يعتمد عليه سوى عقله، وأن يأخذ الإنسان مصيره بيده ويتسلط على القدر بدلاً من أن يخضع له". رأى أيضا أن الدين خاضع للتطور، ومن ثم فمصدر الدين بشرى وليس إلهيا!! وهو لذلك نفعى الغاية، وأن صناعة الإنسان لظاهرة الدين منذ القبائل البدائية تطورت مع تعطش الإنسان لفكرة الدين، وذهب إلى القول بأن الفلاسفة والأدباء يؤدون نفس وظيفة النبيين!! فهم يطورون الفضائل فى المجتمع، بل إنهم يوجدون قيمًا بديلة للقيم الدينية تكون غايتها المجتمع وترقية البشر إلى عصر جديد غير العصور التى نشأت فيها الأديان، لذا فهم بمثابة أنبياء هذا العصر. وقد بشر سلامة موسى بدين جديد يرفض الغيبيات، ويقوم على التوحيد الطبيعى بين المادة والقوة، وبين الله والكون، وبين العقل والجسم فى وحدة مادية، وترتكز أفكاره على إحلال العلم محل الدين، فليس هناك مقدس فى الدين لأنه صنعة البشر، وكان يقول: "ليس للحياة غاية إلا الحياة، وكل ما عدا الحياة إنما هى وسائل للحياة"، ومات سنة 1958م. ***************************************** أول قمة عربية انعقدت فى أنشاص يوم 28 مايو 1946 بدعوة من ملك مصر فاروق الأول وحضرها 7 حكام عرب أول قمة عربية عقدت بين ملوك ورؤساء العرب، كانت بدعوة من ملك مصر فاروق الأول فى قصر أنشاص، بحضور الدول السبع المؤسسة للجامعة العربية، وهي: مصر، وشرق الأردن، والسعودية، واليمن، والعراق، ولبنان، وسوريا. انعقدت القمة فى 28 مايو سنة 1946، وحضرها ولى عهد السعودية الأمير سعود بن عبد العزيز، والملك عبد الله بن الحسين ملك الأردن، والملك فاروق ملك مصر، والرئيس شكرى القوتلى رئيس سوريا، والرئيس بشارة الخورى رئيس لبنان، والإمام يحيى بدر الدين إمام اليمن. وخرجت هذه القمة بعدة قرارات، أهمها: مساعدة الشعوب العربية المستعمرة على نيل استقلالها، والتأكيد أن القضية الفلسطينية هى قلب القضايا القومية، والدعوة إلى وقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين، مع اعتبار أى سياسة عدوانية ضد فلسطين من قبل الولاياتالمتحدة وبريطانيا، هى سياسة عدوانية تجاه كافة دول الجامعة العربية، إضافة إلى ضرورة حصول طرابلس الغرب على الاستقلال، والعمل على إنهاض الشعوب العربية وترقية مستواها الثقافى والمادي، لتمكنها من مواجهة أى اعتداء صهيونى داهم. ***************************************** قصة عيد الأم الفكرة ولدت فى "فكرة" على أمين يوم 6 ديسمبر 1955 يتيم يعترض على تخصيص يوم للأم حتى لا يزداد شعوره بالحرمان كثيرون لا يعرفون قصة عيد الأم، وأنها جاءت من بنات أفكار صحفى كبير، وبدأت القصة من خلال المقال اليومى للأستاذ على أمين "فكرة"، يوم 6 ديسمبر سنة 1955، على الصفحة الأخيرة من جريدة الأخبار. قال على أمين فى مقاله: لماذا لا نتفق على يوم من أيام السنة نطلق عليه "يوم الأم"، ونجعله عيدًا قوميًا فى بلادنا وبلاد الشرق؟ وحدد على أمين هذا اليوم فى مقالة أخرى نشرها يوم 9 ديسمبر، فقال: ما رأيكم فى يوم 21 مارس؟ إنه اليوم الذى يبدأ فيه الربيع وتتفتح فيه الزهور وتتفتح فيه القلوب؟ ما رأيكم فى أن نجعل "عيد الأم" هو بداية الربيع؟ وهذا هو ما كتبه على أمين فى "فكرة" يوم 6 ديسمبر 1955: شكت لى أم من ابنها.. كانت كلماتها تختلط بالدموع، والأم لا تشكو من ولدها, إلا بعد أن يتحطم قلبها ويتحول إلى رماد, وبعد أن ينفد صبرها, وتجف دموعها, ويعجز حيالها عن اختلاف أسباب تبرر بها لنفسها تصرفات هذا الابن العاق. لقدت أعطت الأم لهذا الابن كل شىء.. أعطته شبابها, ورفضت أن تتزوج بعد وفاة زوجها وهى فى سن العشرين, حتى لا تعرضه لقسوة زوج الأم, وباعت مصوغاتها, ثم أثاث بيتها, ثم ملابسها, لتعلمه ولتعده للحياة, ونجح الولد وحصل على الدبلوم, وشغل وظيفة وهجر أمه وعاش بعيدًا عنها!.. وهى تدعو له بالسعادة والهناء, ولا تريد منه شيئًا، ولكنها كانت تود منه كلمة واحدة يقولها وهو يهجر بيتها.. هذه الكلمة هى: شكرًا يا أمى، وهى تسألنى: هل هو ابن عاق أو أن صغر سنه هو الذى أنساه أن يقول هذه الكلمة؟ ومع أن عمر الابن الآن 25 سنة، فقد أكدت للأم أن ابنها يحبها, وأن كلمة "شكرا" تقف بين شفتى الأولاد فيعجزون عن النطق بها أمام أمهاتهم, لأنها لا تصف حقيقة عرفانهم بالجميل. ولقدت كذبت على هذه الأم المسكينة، ولكن هذا الكذب هو المنديل الوحيد الذى استطعت أن أجفف به دموعها، والواقع أننا ننسى أمهاتنا، وننسى التضحيات الضخمة التى تقدمها الأم لنا.. ولا نذكرها إلا بعد أن يفرق بيننا الموت. فلماذا لا نتفق على يوم من أيام السنة نطلق عليه لقب "يوم الأم" ونجعله عيدا قوميا فى بلادنا وبلاد الشرق, وفى هذا اليوم يقدم الأبناء لأمهاتهم الهدايا الصغيرة ويرسلون للأمهات خطابات صغيرة يقولون فيها "ميرسى" أو شكرا أو ربنا يخليك. لماذا لا نشجع الأطفال فى هذا اليوم أن يعامل كل منهم أمه كملكة, فيمنعونها من العمل, ويتولون هم فى هذا اليوم كل أعمالهم المنزلية بدلا منها، ولكن أى يوم فى السنة نجعله "عيد الأم"؟.. اختاروا أنتم اليوم.. وأنا أجعله لكم عيدًا للشرق, وعيدًا للقلوب؟ ثم واصل دعوته وكتب فكرة يوم 9 ديسمبر، فقال: ما رأيكم فى يوم 21 مارس؟ إنه اليوم الذى يبدأ فيه الربيع, وتتفتح فيه الزهور, وتتفتح القلوب؟ ما رأيكم فى أن نجعل "عيد الأم" هو بداية الربيع فى بلادنا وبلاد الشرق الأوسط ؟ ونساهم كلنا فى جعل الأم فى هذا اليوم ملكة بيتها, فلا تغسل ولا تطبخ ولا تمسح, وإنما تصبح (ضيفة الشرف)، ويتولى أولادها كل أعمالها المنزلية, فيطهون لها الطعام, ويقدمون لها الهدايا وباقات الزهور, ويضعون تحت عقب الباب فى حجرة نومها خطابات رقيقة يسجلون فيها نبضات القلب التى تاهت بين الشفاه طوال العام؟ إن يوم الأم فى الدول الأوروبية والأمريكية هو الأحد الأول من شهر مايو من كل عام، وهو يتأرجح بين يوم أول مايو ويوم 6 مايو، وأنا أكره هذه "المرجحة" وأرى أن نختار يومًا معينًا لا يتغير تاريخه على مر الأيام. ومع ذلك فالرأى لغالبية القراء, فأنا لا أريد أن أفرض يومًا معينًا، ولكن يهمنى أن نتفق على يوم واحد. ولقد تلقيت مئات من الخطابات والتليفونات.. ومعظمها يتفق على أن يكون عيد الأم يومًا من أيام الربيع، وأحدها يقترح أن نختار يوم ميلاد الأم التى شكت لى من أن ابنها نسيها بعد أن ضحت من أجله بشبابها وأثاث بيتها وملابسها، وأحدهم يقترح أن نختار اليوم الذى ولدت فيه أمنا حواء، وجاءنى خطاب واحد يعترض على فكرة الاحتفال بعيد الأم، إنه خطاب من يتيم فقد أمه.. إنه يقول إن احتفال الأولاد بأمهاتهم سيزيد عذابه وعذاب اليتامى، ولكنى لا أوافق على هذا الرأى، فإذا نحن احتفلنا بالأحياء، فإننا لن ننسى الأموات، إننى شخصيًا سأذهب فى هذا اليوم إلى قبر أمى وأضع عليه باقة من الورد, فالذين يتذكرون أمهاتهم لا يتعذبون، وإنما يحلقون فى السحب مع الملائكة، فما رأيكم فى يوم 21 مارس؟.. اكتبوا لى. وكانت هذه السطور القليلة التى كتبها على أمين هى التى صنعت عيد الأم فى مصر، ولم تلبث سوريا أن احتفلت كذلك بعيد الأم, وما لبث هذا العيد أن أصبح عربيًا قامت دول عربية كثيرة بالاحتفال به. وقد وصف مصطفى أمين هذه الحالة، فكتب يقول: أمضيت ساعة مع أم، لم يكن فى وجهها ملامحه, ولا فى تقاطيعها جمال, ولا فى قوامها فتنة, ولا فى روحها شباب، ولكنها بدت أمامى أجمل من فاتنات السينما, أمثال صوفيا لورين, ولولو بريجيدا, واستر وليامز، ذلك لأننى رجل ضعيف أمام الأمهات، إننى أعتبر أى أم هى أجمل مخلوقة فى العالم. ولعل السبب فى هذا الشعور العجيب أننى أحببت أمى حبًا عجيبًا, كنت أجد فى حبها لذة وراحة وهناء، كنت أشعر أن ابتسامتها هى الوسادة التى أسند عليها رأسى المتعب، كانت تلمس بيدها جبينى المحموم فأحس كأنها وضعت بلسمًا شافيًا على جروح روحى، كانت إذا بكت أمامى أهتز كأننى فقدت الدنيا كلها, وإذا ضحكت شعرت كأن العالم كله فى يدى، إن طاقة حنان فى قلب أم واحدة كفيلة بأن تضىء الحياة كلها، ولهذا فإننى فى ظلام الحوادث, كنت أرى النور فى وجه أمى, وفى وحدتى، كنت أتلمس فيها العزاء والصبر، لقد كانت فى بعض هذه الأوقات ميتة فعلاً, ولكنى كنت أحس بها حية فى قلبي. كنت أشعر أن جهاز الاستقبال فى روحى لا يزال يلتقط موجات الحب والحنان والعطف التى ترسلها محطة الإرسال من قلبها، وعجيب أن يحس الإنسان أن شخصًا مات ودفن من عدة سنوات, لا يزال قلبه على قيد الحياة, ولا أظن أن هذا شعورى وحدى, ولا أحسب أننى وحدى أؤمن بأن الموت لا يقطع الصلة بين الأحياء والأموات, فإن هؤلاء الأموات يرسلون شعاعًا رقيقا شفافا إلى الذين تركوهم وراءهم فى الحياة، إن بينهم وبين هؤلاء سلكا كأسلاك التليفون يحمل الرسائل بين الآخرة والدنيا, وهذا الاتصال التليفونى غير المنظور, هو الذى يحفظ للحياة بعضا من حلاوتها التى تأكلها الأيام. ولهذا، فإننى كلما جلست مع أم من الأمهات, حاولت أن أجد فيها شيئًا ولو صغيرًا من أمى, وقد قرأت كثيرًا عن صور الملائكة, ولكننى أعتقد أن الله خلق الملائكة فى صورة أمهات, فلا يوجد فى الدنيا أجمل ولا أقدس من الأم، وكثيرا ما قرأت عن الأدوية التى تعيد الشباب, ولا أظن أن اكتشافا يستطيع أن يفعل فى الإنسان ما يفعله حنان الأم مع ولدها. كنت أشعر وأنا فى الأربعين من العمر, أننى عدت طفلاً أمام أمى، كان حنانها يطوى السنين من عمرى, ويعيدنى إلى مرح الشباب، كانت بسمتها تغسل من روحى أتربة الزمن وغبار المتاعب وأوساخ الحياة، كانت قبلتها أشبه بالبنج الذى يجعلك تحتمل مشرط الطبيب, ومشرط الزمن كثيرًا ما يؤلم أكثر مما يؤلم مشرط الطبيب, ومشرط الزمن كثيرًا ما يؤلم أكثر مما يؤلم مشرط الجراح. وقد أحسست بكل هذه الانفعالات وأنا أجلس إلى أم تحدثنى عن ولدها الذى ذهب ولا تعرف متى يعود، إن صدر الأم هو الباب المفتوح الذى لا يغلق أبدًا, حتى ولو أقفلت جميع أبواب الدنيا, ولهذا فإننى, فى كل خلاف بين أم وولدها, أجد نفسى أنضم أوتوماتيكيًا إلى الأم, ذلك لأننى أعتبرها مخلوقاً مقدسًا أعلى من مستوى البشر.. مخلوقًا أشبه بالملوك الأقدمين الذين لهم حق إلهى, فهى ذات مصونة لا تمس لأنها مصدر السلطات, بل مصدر الحياة كلها، ويبدو أن البعض منا لا يشعر بقيمة الأم إلا إذا فقدها, فالأم مثل الصحة, إنها تاج على رأس الابن لا يراه إلا اليتيم. ***************************************** قصة كوبرى قصر النيل.. أول كوبرى فوق النيل من منبعه حتى مصبه تكلف بناؤه أول مرة عام 1869 مبلغ 108 آلاف جنيه، وأعيد بناؤه عام 1931 بتكلفة بلغت 308 آلاف جنيه تسمية الكوبرى "قصر النيل" نسبة إلى قصر زينب هانم ابنة محمد على الذى كان مقامًا على النيل بجوار مدخله أسعار عبور الكوبرى: قرشان للجمل المحمل، وقرش واحد للجمل الفارغ، والخيول والبغال المحملة والأبقار والجاموس قرش و15 بارة، وعربات الكارو 3 قروش للمحملة، وقرش واحد للفارغة، والأغنام والماعز 10 بارات للرأس الواحدة قصة إنشاء كوبرى قصر النيل، ارتبطت بقصر الخديوى إسماعيل الذى ابتناه فى الضفة الغربية لنهر النيل (فندق ماريوت الآن)، ليستقبل فيه ضيوف حفل افتتاح قناة السويس من الملوك والأمراء، خاصة الإمبراطورة أوجينى زوجة نابليون الثالث ملك فرنسا. وكان تفكير الخديوى إسماعيل فى إنشاء جسر يربط بين ميدان الإسماعيلية (التحرير حالياً) والضفة الغربية من النيل بمنطقة الجزيرة، سببه تعلق إسماعيل بالحياة فى أوروبا، حيث رأى فى مدن أوروبا الجسور تربط بين ضفاف أنهارها، وكانت الفكرة مريحة وعمليةً مقارنة بطريقة انتقال الناس بين ضفتى النيل فى تلك الفترة، وهى المراكب الشراعية التى تصف بجوار بعضها البعض، وتمتد عليها ألواح من الخشب كى يسير الناس عليها. بدأ العمل بشكل جدى فى إنشاء الكوبرى عام 1869، حينما أصدر الخديوى إسماعيل الأمر العالى لتنفيذ البناء، وتم إسناد المشروع لشركة "فيف ليل" الفرنسية، وبلغت تكلفة المشروع حوالى مليونين و750 ألف فرنك، أو ما يعادل 108 آلاف جنيه مصري. استغرق البناء حوالى ثلاث سنوات وبلغ طول الكوبرى 406 أمتار وعرضه 10 أمتار ونصف المتر، شاملة الأرصفة الجانبية التى بلغ عرضها مترين ونصف. كان الكوبرى مكوناً من 8 أجزاء، منها جزء متحرك من ناحية ميدان الإسماعيلية طوله 64 مترا لعبور المراكب والسفن، ويتم فتحه يدوياً من خلال تروس، علاوة على جزأين نهائيين بطول 46 مترا و5 أجزاء متوسطة، بلغ طول كل منها 50 متراً. تم تأسيس دعائم الكوبرى من الدبش المحاط بطبقة من الحجر الجيرى الصلب، كما تم تنفيذ الأساسات بطريقة الهواء المضغوط، وصممت فتحات الكوبرى كى يمكنها حمل40 طناً والسماح بعبور عربات متتابعة، وزن كل منها 6 أطنان، وبلغ ارتفاع جسم الكوبرى عن سطح النيل حوالى عشرة أمتار تحسباً للفيضان. بعد الانتهاء من بناء الكوبرى، تم تشكيل لجنة من محمود باشا الفلكى رئيس ديوان الأشغال وبهجت باشا مفتش عموم قناطر وترع الوجه البحرى، وعلى باشا إبراهيم مهندس شوارع مصر، لاختبار متانة جسم الكوبري، وتم ذلك من خلال السماح بمرور طوبجية مدفعية راكبة مكونة من 6 مدافع مع كامل ذخيرتها، تم المرور فى البداية بالخطوة المعتادة ثم بالخطوة السريعة ثم مرور الطوبجية على قسمين، وبالفعل تم التأكد من صلابة جسم الكوبرى وصلاحيته للاستخدام. تسمية الكوبرى ب "قصر النيل" تعود إلى قصر أقيم على ضفة النيل لزينب هانم بنت محمد على باشا، أزيل فى عهد الخديوى سعيد، وأقيم مكانه ثكنات للجيش المصري، فصارت فيما بعد ثكنات قصر النيل، التى اتخذها الجيش الإنجليزى مقراً له، ويحتل موقعها اليوم فندق النيل هيلتون ومقر جامعة الدول العربية. لم يكن العبور على الكوبرى عند إنشائه مجانيًا، ففور إتمام البناء، أصدر الخديوى مرسوماً يقضى بوضع حواجز على مدخلى الكوبرى لدفع رسوم عبور نشرت تفاصيلها فى جريدة "الوقائع المصرية" بتاريخ 27 فبراير 1872 بعد مرور 17 يومًا من افتتاح الكوبري، وكان الهدف من فرض تلك الرسوم هو أن تستخدم لتغطية تكاليف الصيانة، وبلغت الرسوم قرشين للجمل المحمل، وقرشا واحدا للجمل الفارغ، والخيول والبغال المحملة قرشا و15 بارة، وكذلك الأبقار والجاموس (الباره تساوى ربع مليم)، وعربات الركوب قرشين للعربة المحملة، وقرشا للفارغة، وعربات الكارو 3 قروش للمحملة، وقرشا واحدا للفارغة، والأغنام والماعز 10 بارات للرأس الواحدة. أما البشر، فكانت رسوم العبور للرجال والنساء، فارغين وشايلين 100 فضة، أما الإعفاء الوحيد فكان للأطفال دون ست سنوات من المارين مع أقاربهم. أما أسود كوبرى قصر النيل الأربعة فلها قصة أخرى، حيث كلف الخديوى إسماعيل، شريف باشا ناظر، الداخلية فى إبريل 1871 بالاتصال بالخواجة جاكمار لعمل 4 تماثيل، واقترح جاكمار بدوره أن تكون تلك التماثيل متوسطة الحجم، وكلف لجنة من المثال أوجين جليوم والمصور جان ليون لتتولى مهمة الإشراف على صناعة التماثيل، وخصص مبلغ 198 ألف فرنك للإنفاق على المشروع، تم تصنيع التماثيل من البرونز فى فرنسا ونقلت إلى الإسكندرية، ومنها إلى موضعها الحالى على مدخلى كوبرى قصر النيل. وفى أواخر العشرينيات من القرن العشرين مع ظهور السيارات، لم يعد كوبرى قصر النيل ببنائه القديم قادراً على استيعاب حركة السيارات التى بدأت فى الظهور خلال تلك الفترة وزادت أعدادها، ولهذا بدأت دراسة توسيع الكوبرى أو إنشاء كوبرى بديل يمكنه مواكبة تطور المجتمع، وبدأ التفكير جدياً فى توسيع أو تغيير الكوبري، وعهدت وزارة المواصلات إلى قسم الكبارى بمصلحة السكك الحديدة لدراسة الأمر، وقامت المصلحة بالاستعانة بخبير بلجيكى وعدد من كبار مهندسى الكبارى فى مصر. انقسمت الآراء حيال الكوبرى القديم، حيث رأى البعض توسيع الكوبرى وتدعيم أساساته، بينما رأى فريق آخر إزالة الكوبرى بالكامل وإنشاء كوبرى جديد، وذهب رأى ثالث إلى الإبقاء على الكوبرى كما هو، وبناء كوبرى جديد بالقرب منه سواء فى جهة الجنوب أو الشمال، ورأى فريق رابع أن تتم إزالة الكوبرى وبناء كوبرى جديد فى جهة أخرى، وخلال تلك الفترة كان الرأى الأقرب إلى التنفيذ هو رفع الكوبرى وإنشاء كوبرى جديد مكانه، خاصةً أن مكانه هو الأقرب إلى قلب المدينة، لاسيما أن القاهرة كانت تستعد فى تلك الفترة لنقل المصالح والدواوين الحكومية إلى سراى الإسماعيلية فى ميدان التحرير الحالي. بدأت مصلحة الطرق والكبارى فى عهد الملك فؤاد الأول فى وضع مشروع لبناء الكوبرى من جديد بعد فك وحل الكوبرى القديم، وتكشف بعض الوثائق النادرة عن طريقة هدم وبناء الكوبرى بما يؤكد وجود تخطيط على درجة عالية من الرقي، حيث استخدمت المصلحة طريقة تقضى بفك كل قطعة من جسم الكوبرى ووضع رقم عليها، لتصبح كافة أجزاء الكوبرى مرقمة, مما يسهل الاستعانة بها فيما بعد، كما اشترطت المصلحة على مقاول البناء عدم استعمال النار مطلقا فى تقطيع أجزاء الكوبرى الحديدية. طرحت المصلحة كراسة مواصفات اشترطت على مقاول البناء أن يكون الكوبرى جميل الشكل، سواء نظر إليه الناس من ناحية النهر أو من أعلى الكوبري، مع اشتراط أن يحتفظ المقاول بالأسود الموجودة عند مداخل الكوبرى، كما هى دون تغيير، وأن يستعمل فيه مصابيح كهربائية للإنارة، واشترطت مواصفات دهان الكوبرى أن تدهن جميع الأجزاء المعدنية بأربع طبقات: الأولى من السلاقون، وتدهن بالمصنع، والثانية تدهن فى موقع العمل قبل التركيب، والثالثة والرابعة من بوية تقرها المصلحة والمعمل الكيماوي، على أن تكون الطبقتان من لونين مختلفين ليتمكن المهندس المشرف على صيانة الكوبرى مستقبلا من معرفة حالة الدهان ودرجة تأثره بالظروف الجوية والزمن. عند طرح كراسة الشروط تنافس على إعادة بناء كوبرى قصر النيل 13 بيتًا هندسيًا أوروبيًا عالميًا، منها خمس شركات إنجليزية وثلاث شركات إيطالية وشركتان ألمانيتان وشركة فرنسية، وشركة نمساوية، وشركة بلجيكية، فاستقر مشروع إعادة البناء على شركة دورمان لونج وشركاه المحدودة، وهى شركة إنجليزية شهيرة قامت ببناء جسر سيدنى فى نفس الفترة تقريباً، وبدأت الشركة عملية البناء بعد أن صدر لها التكليف من مصلحة الطرق والكبارى فى يناير من عام 1931. بلغت تكلفة المشروع حوالى 308 آلاف جنيه مصري، وكان مبلغاً كبيراً بأسعار تلك الفترة، ولأهمية المشروع، قامت الشركة بفتح مكتب مؤقت لها فى عمارة الخديوى بشارع عماد الدين، وقام بنك باركليز بإصدار خطابات ضمان للشركة ليبدأ العمل الفعلى فى المشروع، حيث قامت الشركة بتعيين فنيين مصريين وأجانب من عمال ومهندسين لإتمام المهمة، وبدأ العمل فى هدم الكوبرى وإنشاء البديل بعد أن وضع المصمم الشهير السير رالف فريمان مصمم جسر ميناء سيدنى بأستراليا، تصميم الكوبرى الجديد. بدأ العمل بشكل فعلى فى إبريل 1931، بإنشاء قيسون تتم عليه إقامة دعائم الكوبري، وأنشئ بعده قيسونان آخران، يتكون كل منهما من إطار مصنوع من الصلب توضع فيه الخرسانة المسلحة، وفى الأسفل توجد غرفة يباشر فيها العمال البناء تحت الأرض، وفى نهاية الجزء العلوى من القيسون كان يوجد ما يعرف هندسياً باسم "كباية الهواء"، وتتصل بها ماسورة تنتهى إلى غرفة العمال، وبواسطة تلك الماسورة كان العمال ينزلون إلى غرفة العمل ومنها تهبط وترتفع المواد المطلوبة أو المراد التخلص منها. كان ضغط الهواء داخل الماسورة وغرفة العمل يتم من خلال آلات خاصة لهذا الغرض، وكان الهدف من تلك العملية ضغط الماء المتسرب من قاع النهر إلى غرفة العمل، ثم يدخل العمال إلى كباية الهواء وتتم زيادة ضغط الهواء فيها، إلى أن يعادل ضغط الهواء فى القيسون، فيهبط العمال إلى الغرفة التى تكون خالية من الماء تقريباً بفضل ضغط الهواء المستمر، وكلما اتسع نطاق الحفر كانت القيسونات تهبط، إلى أن وصلت إلى العمق المطلوب وهو 23 متراً تحت سطح ماء النهر، وعند وصول القيسون إلى العمق المطلوب كان العمال يقومون بملء الغرفة بالخراسانة، ثم يتم رفع الماسورة وكباية الهواء، وبالتالى تتكون كتلة صلبة من الخرسانة تكون أساساً لإحدى الدعامات الجرانيتية التى يقوم عليها بناء الكوبري، وكانت الدعامة الجرانيتية تبنى داخل امتداد للقيسون مصنوع من الصاج يعلو سطح الماء فيحجزه، حتى إذا ما انتهى العمال من البناء، تُزال ألواح الصاج فلا تظهر الدعامة إلا عند انخفاض منسوب النيل. كان العمل فى إنشاء الكوبرى شاقاً للغاية، فتلك الطريقة تكررت عدة مرات لإنشاء دعائم الكوبري، أضف إلى ذلك المصاعب التى كانت تعترض البناء فى موسم الفيضان. تم الانتهاء من البناء فى يوم الثلاثاء الموافق السادس من يونيه عام 1933، وأطلق على الكوبرى الجديد اسم "كوبرى الخديوى إسماعيل"، تخليداً لذكرى والد الملك فؤاد الأول، وقام الأخير بافتتاح الكوبرى بنفسه بعد أن تابع عملية البناء شخصياً. تضاعف عرض الكوبرى إلى عشرين متراً، كما أنشى نفقان: الأول تحت ميدان التحرير، والآخر أسفل الكوبرى مباشرة لتسهيل حركة المرور. منذ ذلك التاريخ، صار الكوبرى أحد أهم شرايين القاهرة التى تربط بين القاهرة والجزيرة، وخلال السنوات التالية شهد الكوبرى الكثير من الأحداث التى لا تنسى، منها، حادث تعرض له الملك فاروق بسيارته مع لورى تابع للجيش البريطانى تعامل سائقه بوقاحة مع ملك مصر، كما شهد الكوبرى حادث السيارة الشهير الذى تعرض له أحمد حسانين رئيس الديوان الملكى فى عهد فاروق الأول، وكانت هناك الكثير من الإشارات بأن هذا الحادث كان مدبراً من الملك فاروق للتخلص من حسانين بسبب علاقته بالملكة نازلى والدة فاروق. بعد ثورة يوليو 1952، تغير اسم الكوبرى إلى "كوبرى قصر النيل"، وبعدها شهد الكوبرى أحد أهم الأحداث التى شهدتها، فلا يزال كثيرون يتذكرون جنازة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى سبتمبر 1970، عندما بثها التليفزيون المصرى وهى تعبر كوبرى قصر النيل طوال 15 دقيقة. ثم دخل الكوبرى التاريخ مرة أخرى بعدما ارتبط بيوم جمعة الغضب فى 28 يناير 2011، خلال أحداث ثورة 25 يناير، حينما قام المئات بأداء صلاة العصر فوقه جماعة، وتعرضوا لاعتداءات بشعة كانت سببًا رئيسيًا فى سقوط النظام الفاسد. ***************************************** زلزلة فى فيينا.. ومسيو ديليسبس غادر باريس قاصدًا لندرة ننقل هنا حرفيًا هذه الأخبار، كما نشرت فى الصفحتين الأولى والثانية من العدد الأول لجريدة الأهرام الصادر يوم السبت الموافق 5 أغسطس سنة 1876م تحت عنوان "حوادث مختلفة": ستحصل قريبًا محاورة رسمية فى مجلس نواب الأمة فى إنجلترا بخصوص الحوادث الحالية. لقد تشرف بالمثول أمام المرشال مكماهون، رئيس الجمهورية الفرنساوية الجنرال دوكده حانتا، وقدم إلى حضرته كتابًا من جلالة ملك إيطاليا يعلن تسميته سفيرًا لدى الحكومة الفرنساوية، وعند تقديمه الكتاب قال إننى باحترام أقدمه إلى عظمتكم حيث يقلدنى بموجبه جلالة ملك إيطاليا مأمورية السفارة لديكم، أما الأوامر التى قيدنى بها، فهى بذل الجهد بدوام المحبة والاتفاق بين المملكتين، وإننى سعيد لحصولى على هذه المأمورية لدى مهابتكم، فأجابه حضرة المارشال بما ملخصه أن محبتى لدولة إيطاليا أكيدة واتفاق المملكتين عائد لخيرهما. وردت إفادة من قلم عموم الزراعة فى أمريكا، تعلن أن المزروعات القطنية إلى الوقت الحاضر فى نمو جيد، لكنها متأخرة بالنسبة إلى العام الماضى. إن مسيو ديليسبس سافر من باريس فى 9 الماضى قاصدا لندرة. قد حدثت زلزلة فى فيينا سببت بعض أضرار. إن مجلس الوكلاء فى حكومة رومانيا مصمم على دوام الصلح والسلام. إن حضرة ملك إسبانيا وبمعيته رئيس المجلس مزمع أن يتوجه سنتذر، ليلاقى والدته ملكة إسبانيا سابقًا. إن حضرة ملك بلجيكا تقدم إلى العافية نوعًا. قدم إلى الأستانة العلية السيد حسون وتشرف بمقابلة حضرة الصدر الأعظم ما فاده بأن الحضرة السلطانية ستأمر بإجراء العمل خلافا لما كان قبلاً. إن حضرة الدون ديكاز، وزير خارجية فرنسا سئل من مسيو لوى بلان، أحد أعضاء مجلس الوكلاء عن سياسة فرنسا بخصوص الأحوال الظاهرة، فأجاب بأن فرنسا لا تتدخل فعليًا بالحوادث الحاصلة، لكنها تتعاضد مع غيرها من الدول لمنع الحرب. الكراندوق قسطنطين قد بارح باريس وتوجه إلى روسيا. قد طلب بعض أعضاء الشورى الإنجليزى أصحاب دولة إنجلترا من اتفاقية باريس (فى 16 نيسان سنة 1856) بخصوص عدم ضبط المراكب التجارية والبضائع المشحونة فيها، ما خلا الذخائر الحربية عند وجود حرب بين دولة وأخرى، وقد بنوا مقالهم على هذا البرهان، وهو أن لإنجلترا 27000 مركب تجاري محملة بنحو 8 ملايين طن، فمراعاة الاتفاقية تلزمها بعدم الخروج عن شطوطها البحرية وقت الحرب خوفا من أن تصادفها مراكب العدو الحربية وتضبطها، فتحتاج حينئذ أصحابها إلى بيعها، لئلا تفقدها كلها، وإذ ذاك تمسى إنجلترا بدون مراكب تجارية فتعدم قوتها البحرية، أما التيمس فيضاد ذلك كل المضادة، ويقول إن هذا الطلب مخالف لصالح إنجلترا التى لا تعانى الحروب إلا نادرا. قد قوبل حضرة ملك اليونان وقرينته عند وصولهما.