الأسود الأربعة الرابضة على كوبرى قصر النيل أكبر شاهد على تاريخ مصر الحديث منذ انشائه عام 1871 وحتى الآن ومن أبرز الأحداث التى شهدتها الأسود وصول قوات الاحتلال البريطانى إلى القاهرة يوم 14 سبتمبر 1882م بعد هزيمة العرابيين فى معركة التل الكبير . واحتلالها ثكنات الجيش المصرى فى قصر النيل كرمز لاحتلالهم للقاهرة.. والمؤسف أن الخديو توفيق استجاب لمطلب الإنجليز بحل الجيش المصرى فأصدر مرسوما بذلك بعد خمسة أيام من احتلالهم للقاهرة، أى فى 19 سبتمبر 1882م من مخبئه فى قصر رأس التين، بحل الجيش وتسريح الجنود. وجاء ذلك ردا على مقاومة الجيش للإنجليز . وهكذا لم ينس الخديوى توفيق واقعة قصر النيل فى أول فبراير 1881 عندما تجمع ضباط الجيش وقدموا عريضة لرئيس النظار.. وهى المظاهرة العسكرية التى سبقت مظاهرة قصر عابدين فى 9 سبتمبر 1881 . وفيهما تبلورت أفكار الجبهة الوطنية العرابية ضد القصر وضد الأجانب. وقد ظلت ثكنات قصر النيل تحت الاحتلال البريطانى.. حتى جاء يوم السابع والعشرين مارس 1947 عندما انسحبت منها القوات البريطانية لآخر مرة ووقف الملك فاروق لرفع علم مصر فوق ثكنات قصر النيل، وكان يرتدى بذلته العسكرية وبجواره محمود فهمى النقراشى رئيس وزراء مصر وكبار قادة الجيش المصرى.. وكان هذا اليوم مشهودا لأنه كان يعنى جلاء الإنجليز عن القاهرة. شهدت أيضاً أسود قصر النيل أول مظاهرة نسائية فى مصر عام 1919 بقيادة صفية زغلول بعد اعتقال زوجها سعد زغلول والوفد المصرى الذى شكله لاستقلال مصر حيث قام الإنجليز باعتقال سعد ووفده فى إنجلترا ونفيهم إلى جزيرة مالطة. شهدت أيضاً أسود قصر النيل مظاهرات الطلبة عام 1935م المطالبة بالعودة لدستور 1923م والتى خرجت من جامعة فؤاد الأول «جامعة القاهرة» وعبرت كوبرى الإنجليز «الجلاء» ثم كوبرى قصر النيل متجهة إلى ضريح سعد زغلول المتفرع من شارع قصر العينى ولكن قوات البوليس والجيش تصدت لها فى نهاية كوبرى قصر النيل قبل وصولها إلى ميدان الخديو اسماعيل «التحرير» وأطلقت الأعيرة لمحاولة تفريقها. وقد استمرت المظاهرات لمدة أسبوعين وانتهت بخضوع الحكومة الإنجليزية وإعادة العمل بدستور 1923م. أما أكبر حشد شهده أسود قصر النيل من خلال ثورة يوليو 1952 فكان المظاهرات التى خرجت يوم 14 نوفمبر 1951م فى أعقاب إلغاء معاهدة الصداقة المصرية البريطانية المعروفة باسم معاهدة 1936م. وكانت القوى الوطنية قد توحدت فى الدعوة إلى هذه المظاهرة التى تعلن عودة الكفاح المسلح ضد الوجود البريطانى فى منطقة القناة. وقد جاءت الاستجابة للدعوة بشكل يفوق كل توقع و شاركت كل طوائف المجتمع من طلبة وعمال ومشايخ وقضاة واساتذة الجامعة حتى الأطفال، فقارب عدد المتظاهرين المليونين تجمعوا فى ميدان الخديو إسماعيل وكوبرى قصر النيل ثم سلكوا شارع سليمان باشا ثم شارع فؤاد حتى وصلوا إلى ميدان عابدين حيث قصر الملك. وشهدت أيضاً الأسود الأربعة المظاهرات الضخمة عقب تنحى جمال عبد الناصر للمطالبة بعودته كما شهدت الأسود انتفاضة الخبر عام 1977 وتكرر الخروج من كوبرى قصر النيل إلى ميدان التحرير فى بداية الألفينية الثالثة احتجاجاً على الغزو الأمريكى للعراق ثم فى تجمعات محدودة من حركات عدة منها كفاية و6 أبريل خلال السنوات الماضية قبل أن يصبح الميدان بؤرة اهتمام العالم بأسره منذ جمعة الغضب فى 28 يناير الماضى وحتى يومنا هذا حيث تجمعت حشود المتظاهرين لإحياء الذكرى الأولى لشارع محمد محمود وأيضا المظاهرات المعارضة للجنة التأسيسة والإعلان الدستورى!!!. كوبرى قصر النيل يعد أول كوبرى انشأ فى مصر للعبور على النيل، ويتميز بتلك التماثيل الأربعة للأسود القابعة عند مدخلى الكوبرى المصنوعة من البرونز. بدء إنشائه عام 1869 فى عهد الخديوى إسماعيل حيث أصدر أمراً عالياً إلى نظارة الأشغال عام 1865 أثناء بناء سراى الجزيرة بإقامة كوبرى يصل بين القاهرة والجزيرة بتكلفة 113 ألف و850 جنيه مصرى وقامت شركة فرنسية ببناءه، ليكتمل بناؤه فى منتصف عام 1871 بطول «406 أمتار» وعرض «10,5 متر» منها «2,5 متر» للرصيفين الجانبيين وطريق بعرض «8 أمتار»، وبلغت تكاليف انشائه 110 آلاف جنيه. وتقرر فرض رسوم عبور حسب نوع المار بالجسر فالرجال والنساء ربع قرش والأطفال والغزلان معفيين من الرسوم والعربات المليئة بالبضائع قرشين والفارغة قرش، سمى الجسر بكوبرى قصر النيل نظراً لأنه كان يوجد قصر كبير على النيل من جهة ميدان التحرير يسمى قصر النيل أنشأه محمد على لإبنته زينب ولما تولى سعيد باشا الحكم قام بهدم القصر وتحويله لثكنات للجيش وقد احتلها الإنجليز بعد احتلالهم لمصر وبعد جلاءهم تم هدم الثكنات وبناء جامعة الدول العربية وفندق هيلتون وبعد 59 سنة من إنشاء الكوبرى تم عمل كوبرى جديد مكان الكوبرى القديم يفى بحاجة النقل المتزايدة والحمولات الحديثة ويتلائم مع ما وصلت إليه القاهرة من عمران فى عهد الملك فؤاد الأول حيث قد قام بوضع حجر أساس الكوبرى الجديد فى 4 فبراير عام 1932 إحياء لذكرى والده فقد أطلق عليه اسم «كوبرى الخديوى إسماعيل» ويبلغ طول الكوبرى «382 مترا» وعرض الكوبرى «20 مترا» بتكلفة بلغت 291,955 جنيها وقام الملك فؤاد الأول بافتتاحه فى مارس عام 1933.