أعتقد أنني لا اتجاوز عندما أصف أقوال و سلوكيات رئيس وزراء تركيا السيد رجب طيب أردوجان بأنها تقدم نموذجا فريدا ل الحماقة السياسية! فالرجل كان متعاطفا مع الحكم الإخواني في مصر, ليس فقط لأنه يرأس حزبا إسلاميا في تركيا( وإن كانت خصائصه وبيئته السياسية تختلف جذريا عن الإخوان في مصر, ولكن تلك قضية أخري!) وإنما الأهم من ذلك بكثير أنه كان يتصور نفسه وريثا للإمبراطورية العثمانية التي كانت مصر سوف تشكل بالطبع أحد اقاليمها! لذلك غضب أردوجان كثيرا لسقوط الحكم الإخواني, ووصف ماحدث في مصر بأنه انقلاب عسكري وكررذلك و أصر عليه, بشكل عصبي يعيد إلي الأذهان الصورة النمطية الشعبية السائدة في مصر للشخصية التركية منذ أيام الاحتلال العثماني البغيض! فهو- علي عكس كل الساسة و الدبلوماسيين الثقاة في العالم, الذين اطلعوا عن قرب علي مجريات الأوضاع في مصر وعرفوا حقيقة ما جري فيها- لم يستمر فقط في تصريحاته الخرقاء, ولكنه كان الذي بادر برفع إشارة الأصابع الأربعة إياها, علامة علي اعتصام مسجد رابعة العدوية! لذلك, فإن قرار الحكومة المصرية بطرد السفير التركي( وهو بالمناسبة كان من الدبلوماسيين النشيطين الأكفاء ذوي العلاقات الطيبة بالقاهرة) يمثل رد فعل منطقيا ومشروعا تماما إزاء تصريحات و تصرفات السيد أردوجان!. وحسنا قال السفير د. بدر عبد العاطي المتحدث باسم الخارجية المصرية فإن تصريحات أردوجان... تمثل إهانة لإرادة الشعب المصري, وتكرار هذه التصريحات هو ما دفع مصر لاتخاذ خطوات ضد تركيا في هذا التوقيت. غير أنني أضيف هنا أيضا الإشارة إلي أن تجاوزات و سخافات أردوجان بلغت حد أنه ادعي أن إسرائيل ساندت ثورة30 يونيو؟! ويبقي القول في النهاية- أن تركيا سوف تكون الخاسرة بتلك التطورات, بعد أن وصلت استثماراتها في السوق المصرية إلي نحو مليار ونصف مليار دولار, ولكن الحماقة كما يقول التعبير الشائع- أعيت من يداويها! لمزيد من مقالات د.أسامة الغزالى حرب