أثار قانون التظاهر ومازال يثير كثيرا من الجدل حتي بعد التعديلات التي أجراها عليه مجلس الدولة.. القانون اعتبرته الحكومة الملاذ الأخير لإنقاذ البلاد من الفوضي والعنف خاصة مع إلغاء أو عدم تجديد الطوارئ اعتبارا من14 نوفمبر الحالي.. غير أن القانون الجديد يواجه معارضة علي اعتبار انه سوف يؤدي إلي حظر كل المظاهرات بما فيها السلمية والفئوية استنادا للظروف الطارئة الحالية وهو ما ادي إلي ادخال تعديلات علي المشروع بالغاء عقوبة الحبس في حالة عدم حدوث الاخطاء والاكتفاء بغرامة لاتزيد علي5 آلاف جنيه. كما ابقي مجلس الدولة علي حق وزارة الداخلية في رفض المظاهرة دون اللجوء للقضاء, وجعل الاختصاص للقضاء الإداري جغرافيا لمنطقة المظاهرة ويلجأ إليه المتضرر وليس الداخلية, مع الابقاء علي قانون التجمهر رقم10 لسنة1914 باعتباره ليس بديلا لقانون التظاهر, وبررت الحكومة ذلك بأن القانون الجديد يهدف للخروج الآمن من الحالة المتردية الحالية, وتنظيم حق التظاهر. الدكتور جمال زهران استاذ العلوم السياسية أكد أن قانون الأرهاب مطلوب بالفعل اما قانون التظاهر فيحوي عوامل هادمة للعمل الثوري فالدولة حاليا في حالة حرب مع الإرهاب المحلي والدولي خاصة في منطقة سيناء وهي مكرسة بالشعب المصري وجيشه وشرطته ومؤسساته لمحاربة اعداء الوطن والمخربين, لذلك فان هناك ضرورة حتمية لتغليظ العقوبات في قانون الإرهاب حتي ولو اصدرت قانونا جديدا يضاف لقانون العقوبات بالسجن المشدد ما بين15 و25 عاما إلا اذا كانت هناك جرائم ترتبط بالاعدام الحتمي فهذا يترجمه القانون بما يناسب الوضع الحالي, وفي نفس الوقت فإن قانون التظاهر ليس مطلوبا الآن لانه من المعروف ان من يخرج علي حدود المظاهرات السلمية يصبح خاضعا لقانون الارهاب وهذا الوضع بالتأكيد لاينسحب علي الأعمال الثورية فالذي يقطع الطريق أو يعتدي لايكون ثوريا أو وطنيا فالثوري لايروع المواطنين الآمنين ولايضرب مؤسسات الدولة أو أي مواطن اما مشروع قانون التظاهر فهو ينص علي تقييد كل انواع التظاهر فهو يخلط بين قطع الطرق, والمظاهرات الفئوية, وبذلك فهو يقيد الحريات والمقصود منه الاخوان إلا انه سيكون قيدا علي الثوار بعد ذلك. وأشار إلي ان هذه المشكلة كان يمكن معالجتها بقانون الطوارئ وعلي مدي3 أشهر إلا ان الحكومة لم تبادر بعمل ايجابي حقيقي باستخدام الطوارئ لمنع مظاهرات العنف التي وصلت إلي القتل وهي لاتحتاج قانونا ولاحتي طوارئ, فالخلط هنا غير مفهوم كما ان هناك خمس مواد في مشروع القانون تعتبر اساسية وليس21 مادة بالمشروع بان تتظيم المظاهرات باخطار الأمن فقط ولايكون له حق الرفض أو القبول ولكن ليحميني من اي اخطار قد اتعرض لها في المظاهرات السلمية فقد تكون المظاهرة ضد صاحب العمل الذي قد يحاول الاعتداء علي العمال باستخدامه بلطجية مثلا وان يكون تحديد المكان قبلها بأربع وعشرين ساعة وان محاولة, التطبيق بالطريقة المقترحة ستثير الناس وتوجد عداوات جديدة مع الدولة ومؤسساتها الأمنية دون داع, كما يجب ان تكون هناك حماية للمبلغين عن التظاهر, وان تكون الغرامات علي المخالفين بحسن النية بما لايتساوي مع المجرمين. وأشار إلي ان مشروع قانون التظاهر يضع قيودا كثيرة علي التظاهر وعقوبات مجحفة غير مقنعة مع السلمية صحيح انه يمنع المظاهرات في دور العبادة أو حمل اسلحة أو ارتداء اقنعة تخفي الملامح أو تعطيل المصالح للمواطنين أو المرور وهذه كلها لاخلاف عليها اما فكرة ان يكون للداخلية دور في الغاء الاحتجاج أو المظاهرة أو تأجيلها فهذه ليست ذات ترحيب لانه تدخل واضح لمنع مسار المظاهرة واهدافها, وانه برغم ان المظاهرة سلمية فرضا فان القانون يضع تسلسلا في مواجهة المظاهرة بالانذار الشفهي ثم بالمياه المتدفقة ثم الغازات المسيلة للدموع فالهراوات, وهذا ممكن اذا خالف المتظاهرون شروط التظاهر اما في حالة الدفاع عن النفس فالأمن يمكنه استخدام السلاح, وكذلك فان تحديد مساحة50 و100 متر امام مقار الرئاسة ومجلس الشعب والوزارات والمحافظات والشركات والسجون تعني ان المسئولين يريدون ان يريحوا رءوسهم ولكنها معقوله ايضا اما غير المعقول, فالذي حددته الصيغة الأولي بالغرامة والسجن للمخالف في المظاهرات فهو يساوي هنا بين المخالفة والجريمة, ذلك برغم اعتراض بعض الاحزاب التي تصف مشروع القانون بأنه يحوي عبارات مطاطة غير واضحة ويمكن استخدامه باشكال قاسية غير مناسبة مع المظاهرة, وان ذلك سيتيح المظاهرات ضد القانون نفسه من كل القوي, خاصة ان عقوباته مغلظة بشكل لافت للانتباه وهو ما سوف يصيبه بفشل مؤكد. وأشار أستاذ العلوم السياسية إلي أن القانون لو اعتبرناه استثنائيا فإنه يواجه الأوضاع الحالية المرتبطة, بالعنف من الاخوان وحلفائهم من الجماعات الارهابية ممن يرفعون شعار الدين ثم يدمرون منشآت الدولة, ويعطلون مصالح المواطنين والممارسات الخاطئة العدوانية, فالقانون العادي يمكنه ضبط كل ذلك مع حكومة قوية لأن هذه الجرائم فيها إخلال بالسلام الاجتماعي, ويمس حرية وحقوق الاخرين فليس معقولا أن يشتمل علي مذكرة مكتوبة في إخطار مسبق مع تحديد أسباب التظاهر مرتبط بإقتناع سلطة وزارة الداخلية أو المحافظة, ولو كانت الثورة في25 يناير أو30 يونيو التزمت بمثل هذا القانون لأصبحت جريمة وليست ثورة, فما دامت هناك سلمية فلا يجب أن تغفل الدولة كل تلك الشروط. ويري إسلام الكتاتني عضو جماعة إخوان بلا عنف باعتباره منشقا عن حزب الحرية والعدالة أن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية في الاماكن العامة هو حق أصيل للمواطن لذلك فإن مشروع القانون الجديد يجب أن يراعي كل ذلك لأن مفهومه الحالي يعني حظر الاجتماج نهائيا وبتحديد المسافة إلي100 متر أمام المنشأة المقصودة واستخدام أدوات تصل للضرب فضلا عن الحبس والغرامة حتي نصف مليون جنيه فإننا نفهم أن الدولة في حاجة مؤقتا للاستقرار علي الأقل لدفع التنمية من خلال السياحة والانتاج وغيرها لذلك فإذا كان وقتيا فنحن نرحب به, أما في غيره فلا يكون ذلك من ثورة أو من أجل الثوار, خاصة وأن الثورة لم تحقق أهدافها فالانشغال بمثل هذه القوانين في هذه الظروف يعتبر نوعا من الاستفزاز وإضاعة الوقت بل يكشف الضعف الشديد الذي تعانيه الدولة أو الحكومة, فالغريب أن الجديد في هذا القانون أنه سيسري علي طلاب الجامعة وداخل حرمها وبه يدخل رجال الشرطة لفض المظاهرات إذا حدث فيها تجاوز لأنه ينص علي المنشآت العامة بل وكل أنواع الاجتماعات فيما عدا تلك التي ترتبط بالدعوات الشخصية فقط مع الاخطار قبلها بثلاثة أيام, حتي مع عقد الندوات والمؤتمرات لأن الدعوة فيها تكون شاملة وليست خاصة. وفي تعليقه علي مشروع قانون التظاهر أكد اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية لشمال الصعيد السابق أن صدور هذا القانون يحتاج توافقا مجتمعيا لأن ظروفنا لا تحتمل الصدمات فإنه حتي حركة( تمرد) معترضة عليه برغم أنها من أسباب الثورة, لذلك فإن عدم التوافق كاملا سيكون مشكلة توجد أمام الشرطة صدامات لا لزوم لها من حيث الخلاف والاختلاف لأن هذه مرحلة ثورة يتوقع فيها بعض التجاوزات غير المقصودة أحيانا, فتكون لها عقوبات مقنعة لا تصل أبدا إلي نصف مليون جنيه, كما لو أن المتظاهر مجرم, وفي الوقت نفسه يجب أن تعطي الفرصة للآخرين للرجوع عن توجههم العدواني والدخول لطريق الاصلاح في البلد بعد أن يعودوا لرشدهم.