هل تعود الزراعة لتكون صاحبة الدور الحيوي كقاطرة للتنمية في مصر؟! وهل يمكن ان تصبح مصر واحدة من الدول الرائدة في مجال تصدير الحاصلات الزراعية الي دول الاتحاد الاوروبي باستثمارات قليلة في اطار اتفاقية الشراكة المصرية الاوروبية التي دخلت حيز التنفيذ في عام2004 ؟ وهل يمكن ان تكون الصوب الزراعية هي الطريق لتحقيق هذا الهدف؟! وما هي المعوقات التي تعترض تنفيذ مشروع زراعة المنطقة الخضراء علي مساحة100 الف فدان بطول50 كيلومترا طوليا جنوب الطريق الساحلي الدولي بمحافظات الدقهليةودمياط وكفر الشيخ والبحيرة؟! وهل تصبح هذه المحميات احدي الوسائل للحد من البطالة في مصر ومنع الهجرة غير الشرعية الي دول اوروبا؟! الاجابة عن هذه التساؤلات في هذا التقرير.. في البداية كان لابد لمحافظ الدقهلية اللواء مهندس عمر الشوادفي من زيارة عدد من المحميات الواقعة بطريق رافد جمصة بصحبة المهندس انور احمد سالم وكيل وزارة الزراعة بالمحافظة والمهندس علي عبد العزيز رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة بلقاس حيث قام المحافظ بالفعل برحلة الي ارض الواقع وبعيدا عن الخيال بزيارة هذه المنطقة للوقوف علي حجم العمل والانتاج الذي يتم هناك علي قدم وساق بعقول واياد مصرية بنسبة100% وبالجهود الذاتية للمزارعين وبمجرد الوصول رحب اصحاب هذه الصوب بالمحافظ الذي اكد ان الهدف من هذه الزيارة هو الوقوف علي حجم العمل الذي يتم في هذه المنطقة لامكانية التوسع في انشاء الالاف من الصوب الجديدة الي جانب القائم منها لتوفير فرص عمل جديدة للشباب مشيرا الي ان الفدان الواحد يقام عليه من10 الي12 صوبة ويوفر7 فرص عمل.. وقال ان القوات المسلحة ممثلة في جهاز الخدمة الوطنية سوف تتولي عملية تسويق الخضر التي تنتجها هذه الصوب الي الدول العربية المحبة لمصر بداية ثم الي دول الاتحاد الاوروبي في اطار تفعيل اتفاقية الشراكة المصرية الاوروبية وان الهدف من هذا المشروع هو زيادة دخل صغار المزارعين من العمل في الانشطة الزراعية من خلال زراعة محاصيل عالية القيمة في مساحة صغيرة بغرض التصدير وجني مكاسب مرتفعة تؤدي لرفع مستوي معيشة هؤلاء المزارعين بالاضافة التي توفير فرص عمل جديدة وحقيقية لشباب الخريجين وتحسين انتاجية الحاصلات الزراعية ورفع وتنمية مهارات العمالة في هذا المجال وتنمية الصناعات المرتبطة بنشاط تصدير الحاصلات الزراعية مثل شركات التعبئة والتغليف والنقل والشحن والتخليص الجمركي وتوفير النقد الاجنبي اللازم لتغطية الواردات وتمويل خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعمل علي فتح اسواق جديدة للحاصلات الزراعية وقال انه من المتوقع نجاح هذا المشروع تسويقيا حيث تجري مخاطبة جهاز الخدمة الوطني للقوات المسلحة لتسويق المنتج بعد تجميع كميات المحاصيل واعادة فرزها وتعبئتها عن طريق التعاقد المباشر بين المزارعين وجهاز الخدمة الوطني الذي سيتولي البيع بأسواق الدول العربية المحلية لمصر ودول الاتحاد الاوروبي. وقالت هدي منصور الشربيني رئيس الوحدة المحلية لقرية الجزائر التابعة لمركز بلقاس انه تمت اقامة29 الف صوبة زراعية علي مساحة3 الاف فدان في نطاق الوحدة المحلية للجزائر خاصة بقري الجزائر ومنشأة عبد القادر ومنشأة شومان وقراش والغيط الكبير وابو بصل وابو نور الدين والسبخاوية. فيما قال الحاج شكري المنشاوي صاحب مجموعة من الصوب الزراعية التي زارها المحافظ ان فدان الصوب يتكلف نحو40 الف جنيه منها15 الف جنيه تكلفة البلاستيك و15 الفا اخري تكلفة الحديد و5 الاف تكلفة شبكة المياه و5 آلاف اخري تكلفة التقاوي والبذور.. واضاف شكري المنشاوي ان مزارعي المنطقة يعانون من مشكلة نقص الاسمدة الكيماوية اللازمة للزراعات المحمية حيث يتم صرف3 شكاير فقط لفدان الصوب وطالب بالحد من اسعار المبيدات وتوفيرها بالجمعيات الزراعية لتكون في متناول ايدي المزارعين علاوة علي زيادة قرض بنك التنمية والائتمان الزراعي خاصة بالنسبة للشباب حتي يتمكنوا من اقامة مشروعات صغيرة خاصة بهم كما طالب بضرورة وجود محطة فرز وتجميع للمنتجات الزراعية بمنطقة جمصة وهو الامر الذي ايده المحافظ بشدة ولفت الي ان القوات المسلحة في طريقها الي اقامة ممر بمطار شاوة القريب من المنصورة يسمح بتصدير المنتجات الزراعية الي دول اوروبا والدول العربية كما ان هناك اتصالات مكثفة لاقامة مطار مدني دولي بمنطقة جمصة يخدم المواطنين والمستثمرين. وكشف الدكتور سيد الباز الخبير الاقتصادي رئيس المشروع القومي للزراعة العضوية عن ان المادة50 من اتفاقية الشراكة المصرية الاوروبية الخاصة بالزراعة تنص علي تحديث واعادة هيكلة الزراعة بما في ذلك تحديث البنية الاساسية والمعدات وتطوير تقنيات التعبئة والتخزين والتسويق وتحسين قنوات التوزيع وقال ان هذه الاتفاقية قد كشفت عن وجهها الحقيقي وهو تخفيف ضغوط الهجرة غير الشرعية الي دول الاتحاد الاوروبي من محافظات الدقهليةودمياط وكفر الشيخ والبحيرة وهي المنطقة الواقعة بين فرعي رشيد ودمياط وذلك عن طريق تحسين ظروف المعيشة وخلق الوظائف وانشطة توليد الدخل وتنمية التدرج لابناء هذه المنطقة واشار الي ان لجنة التنمية المستدامة التابعة للامم المتحدة اكدت ان الزراعة هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق التنمية المستدامة فهي ام كل الانشطة الاقتصادية كما انها العلاج الشافي للتغيرات المناخية لاستهلاكها الكربون بمعدل40% من غازات الاحتباس الحراري كما انها الحرفة الجاذبة للاستقرار المانعة للهجرة ومخاطرها الامنية وقال ان اللجنة ركزت علي ضرورة مضاعفة اعداد صغار المزارعين باعتبارهم اداة التنمية المستدامة وذلك بتشجيع الشباب علي ممارسة حرفة الزراعة وتفادي مخاطر تدهورها وقال ان ثمن خلق فرصة عمل في القطاع الزراعي تعد اقل الفرص تكلفة بالمقارنة بصناعة الاسمنت مثلا حيث ان فرصة تكلفتها تساوي50 فرصة عمل في الزراعة.. واضاف الدكتور الباز انه يتوقع ان يصل حجم التصدير من المنطقة الخضراء الواقعة بين فرعي نهر النيل والملاصقة للطريق الساحلي الدولي الي15 مليار جنيه مصري لافتا الي ان حجم التصدير للسلع الزراعية المصرية عام2010 بلغ12 مليار جنيه.. كما كشف الباز عن ان مصر تصدر بما قيمته800 مليون جنيه منتجات زراعية لدول الاتحاد الاوروبي علي الرغم من ان اتفاقية الشراكة تسمح بتصدير بما قيمته10 مليارات جنيه سنويا مشيرا الي ان اسباب اختيار اسلوب الزراعة داخل الصوب لانتاج محاصيل التصدير في موقع المنطقة الخضراء هو قربها جغرافيا من دول الاتحاد الاوروبي ومواني التصدير في مصر مما يقلل من مصاريف الشحن والنقل بالاضافة الي وجود عدد كبير من العمالة المدربة علي العمل بداخل الصوب خاصة ان محافظة الدقهلية واحدة من المحافظات الاربع وهي دمياطوالدقهلية وكفر الشيخ والبحيرة التي يتم فيها اقامة صوب المحميات الزراعية والمتوقع زيادة عدد الصوب بها علاوة علي وجود ترعة النيل علي بعد500 متر من ساحل البحر الابيض المتوسط وهو مصدر غير مستغل للمياه العذبة لري هذه المساحات كما ان معظم اراضي تلك المنطقة اراض جديدة لم تزرع من قبل الي جانب ان انتاج خضر التصدير في الصوب يعد افضل من الارض المكشوفة لأن الزراعة الكثيفة داخل الصوب تمكن المزارع من التحكم في جميع العوامل البيئية المؤثرة في الانتاج.. واضاف الباز اننا نستهدف الوصول الي اقامة100 الف صوبة في المنطقة الخضراء بهدف تصدير كميات كبيرة من الخضراوات ذات المواصفات العالية وتوفير نحو200 الف فرصة عمل حقيقية للشباب مشيرا الي وجود نحو40 الف صوبة مقامة حاليا بهذه المنطقة.. وقال الباز ان الصوبة البلاستيكية تبلغ مساحتها270 مترا مربعا وان حجم الانتاج الحالي للصوبة يتراوح بين3 الي5 الاف جنيه في الموسم وان حجم الانتاج المتوقع في ظل تفعيل اتفاقية الشراكة المصرية الاوروبية سوف يتراوح بين25 الي30 الف جنيه للصوبة الواحدة سنويا ولفت الي ان مساحة الارض المستهدفة الواقعة جنوب الطريق الساحلي الدولي تبلغ100 الف فدان يتم استغلالها حاليا في انشاء مزارع سمكية بدائية لا يزيد انتاج الفدان بها علي15 طن اسماك بما يعادل3 الاف جنيه صافي وان تفعيل اتفاقية الشراكة سيؤدي الي زراعتها زراعة مستدامة بخضر التصدير مثل الفاصوليا الخضراء والفلفل بانواعه والكرنب والقرنبيط والخس والخيار والقثاء واللوبيا والبطاطس والبطاطا والبطيخ والشمام.
