يبدو أن الضربة الأمريكية لسوريا التي أعلن أوباما فجأة تأجيل موعدها, رغم أن الدستور الأمريكي يفوضه مستقلا في حق استخدام القوة, انتظارا لقرار يصدر عن الكونجرس يدعم قرار الرئيس سوف يتبدد دخانا في الهواء. لأن الكونجرس رغم كثرة صقوره يعزف عن اصدار قرار تعارضه أغلبية الشعب الأمريكي, التي ضاقت ذرعا بتورط البلاد في حربين خاسرتين في العراق وافغانستان, أزهقتا أرواح كثيرين وضربتا الاقتصاد الأمريكي, ولم تنته أي منهما بالنصر الذي وعد به قادة البلاد! ومازاد من كراهية الأمريكيين لأي حرب جديدة وأضعف ثقتهم في قرارات الحرب, الاستخدام السياسي السييء لقرار الحرب كما حدث في حرب العراق, وزيف الذرائع والأسباب التي ساقها الرئيس بوش الابن لتبرير حربه تحت دعاوي تقارير مخابراتية زائفة تدعي أن العراق يملك أسلحة دمار شامل! ومن المؤكد أن أوباما الذي يعاني من غياب القدرة علي الحسم لن يقدم علي ضرب سوريا إذا رفض الكونجرس الأمريكي قرار الحرب, إلا إذا انتهت تقارير المفتشين الدوليين الذين زاروا المواقع في غوطة دمشق وحققوا الحادث إلي وجود أدلة يقينية بأن بشار استخدم بالفعل الأسلحة الكيماوية ضد شعبه, خاصة أن مجلس العموم البريطاني خذل رئيس الوزراء كاميرون أقرب حلفاء أمريكا, ورفض قرار الحرب بأغلبية شارك فيها31 عضوا من المحافظين, فيما اعتبرته الصحافة البريطانية هزيمة مهنية لرئيس الوزراء, لم يحدث مثلها منذ عام1762! ولا يتحمس غالبية المجتمع الدولي لضرب سوريا ليس حبا في الرئيس بشار, ولكن لأن قرار الحرب حتي إن التزم المواصفات التي أعلن عنها أوباما ضربة محدودة الزمن ضيقة المدي محددة الأهداف سوف يكون له مضاعفات خطيرة علي دول الشرق الأوسط, خاصة لبنان والعراق اللتين تتعرضان لمخاطر تجدد الحرب الأهلية, يليهما الأردن حيث تتربص جماعة الإخوان المسلمين شرا بالحكم, فضلا عن اشعال نار الفتنة بين السنة والشيعة, وسقط مائة ألف سوري لقوا مصرعهم في حرب مجنونة يحكمها توازن القوة بين الحكم والمعارضة. لمزيد من مقالات مكرم محمد أحمد